مشروع قانون التعديلات المتنوعة لولاية المالية على المال العام .. جبريل والبرهان مؤمرات وخرق للقانون

 


 

مجاهد بشرى
25 February, 2023

 

قبل ان تقرأ , يجب ان تعلم بأن ما يحتويه هذا المقال , اخطر مما يمكن السكوت عليه او تمريره .
من اكبر الاخطاء التي وقعت فيها الحرية و التغيير قبل توقيع الوثيقة الدستورية في 2019م, كان عدم الغاء كل القرارات التي اتخذها و اصدرها المجلس العسكري بعد خلع النظام, مما أدى إلى سيطرة العسكر على السلطة , وتقزيم صلاحية المدنيين, وفتح باب المؤامرات , كما يحدث الان , و سنشرحه بالتفصيل.
تداولت الوسائط اليوم مشروع التعديلات المتنوعة لولاية المالية على المال العام لسنة 2023م, دون ان يوضح لنا أي احد عن كيفية صدور القانون, و من ناقشه , و من أجازه في ظل عدم وجود اي قاعدة قانونية او دستورية , او قبول شعبي او برلماني يستند عليه,و حتى لا نخوض في عدم مشروعيته بجدل لا يفضي إلى شيء , يجب ان تفهم بأن "تعديل" مشروع ولاية المالية على العام هو احد بنود الاهداف الهيكلية لصندوق النقد الدولي المفضية إلى الوصول إلى نقطة الاعفاء, مما يعني ان جبريل و البرهان يعلمان بأن هذا المشروع متوقف من صندوق النقد بسبب الانقلاب و عدم رقابته عليه , وبإعتراف جبريل نفسه, فما الهدف من استصدار تعديلات قانون لن تكون سارية ابدا ؟
وهو احد المشاريع المشتركة بين الحكومة الانتقالية و صندوق النقد الدولي التي توقفت بسبب الانقلاب.
فصندوق النقد الدولي الذي يشترط ان تتم عملية الاصلاح الهيكلي تحت رقابته للوصول إلى نقطة الاعفاء , له هدفين يجب احرازهما تحت رقابته , و تنفيذهما من قبل حكومة مدنية ذات قبول محلي و دولي , وهما ( الهدف الهيكلي و الهدف الكمي),
و الهدف الهيكلي يشترط تعديلات في قوانين مثل قانون مكافحة الفساد الذي اجيز في 2020م , وتعديل قانون البنك المركزي ليضمن استقلاليته , و التقييد بإجراءات مكافحة غسيل الاموال وتمويل الارهاب, وكل هذا يجب ان يتم تحت رقابة صندوق النقد الدولي, وهي ليس المرة الاولى , فقد اشرف الصندوق في العام 1979م على تكوين اول لجنة متابعة للديون , و استعانت به كل الانظمة التي حكمت السودان بمعدل 15 برنامجا اصلاحيا ، بمشورة فنية حول القضايا الاقتصادية الهيكلية .
في يونيو 2021م وصلت الحكومة الانتقالية إلى نقطة القرار , واعلن صندوق النقد الدولي نهاية المرحلة الاولى من البرنامج المراقب SMP و البدء في تطبيق برنامج الـ ECF برنامج التصنيف الإئتماني, و لكن تعطل في ديسمبر 2021م , و تعطلت معه اجراءات اكمال بعض القوانين المهمة , ومن ضمنها برنماج ولاية المالية على المال العام , و ايضا استكمال استخراج قانون بنك السودان بشكله النهائي, وعادة يمنح الصندوق الدولة عاما كاملا للعودة إلى المسار الصحيح , وإلا اضطرت الدولة لإعادة برنامج الاشراف و المراقبة من الصندوق نفسه من جديد, و التي سيتم استئناف النقطة التي توقف فيها البرنامج , حيث سيتم تعديل قانون ولاية المالية على المال العام تحت اشراف الصندوق , لضمان عدم تحيز مثل هذه القوانين إلى جهات سياسية ( حالة الانقلاب ) , مما يؤكد انه لا جدوى من القانون بدون وجود المشورة الفنية و المرافبة من صندوق النقد الدولي كما افاد الخبير الاقتصادي Ahmed Ben Omer .
🔴لكن السؤال كيف يتم اجازة تعديلات قانونية بهذه الخطورة , و جبريل لم يستطيع حتى الان اجازة قانون اقليم دارفور؟
الاجابة الخطيرة و الصادمة هي أن مشروع التعديلات قام بسحب سلطات واسعة و في غاية الحساسية من يد رئيس الوزراء القادم, بتتبيع ديوان المراجعة العامة لوزارة المالية , و المعلوم و الضروري هو ان يظل المراجع العام مستقلا , و ليس تحت إمرة الجهات التي يُفترض به مراجعتها, مما يغلق الباب امام مراجعة الفساد الذي حدث منذ الانقلاب .
مشروع التعديلات تدخل بصورة سياسية لصالح البرهان بتحجيم ميزانية مليشيا الجنجويد المعروفة بالدعم السريع , وهي ميزانية بالتأكيد ستؤثر على مشترواته و مرتباته , وحتى منصرفات تدريبه و بعثاته و صيانة آلياته في ظل الصراع المتصاعد بين قائدي الانقلاب, و لا احد يمكنه تقدير العواقب الوخيمة لهذه التدخلات في ظل تمسك الجنجويد بقانونهم , وهذه هي المرة الثانية التي يتدخل البرهان دون سند قانوني ليقوم بتعديل في قانون المليشيا دون سند قانوني او دستوري.
طالت التعديلات قانون الشركات للعام 2015م , وهو قانون مُعيب وطالب الكثير من القانونيين بإلغائه , و اصدار قانون جديد .
المشروع استثنى شركات و استثمارات الجيش من الخضوع لولاية المالية على المال العام , او المحاسبة او المساءلة , مما يجعلنا نتساءل حقيقة عن دوافع اصدار تشريعات قانونية لولاية المالية على المال العام , ويُمكن للشركات خارج ولاية المالية ان تظل اقتصادا موازيا,و بصورة غير قانونية ..!!!
ان ما يجب على الاطراف الموقعة على الاتفاق الاطاري الانتباه له هو الا تعير هذه التغييرات اي اهتمام , بل ان تظل عند شروطها بإلغاء كافة القرارات التي صدرت عقب الانقلاب , و العمل بجدية على ان تدخل كل شركات الجيش و الامن و الجنجويد تحت ولاية المالية على المال العام.
فمؤامرات البرهان و جبريل الرافض للاتفاق الاطاري لن تنتهي , و الصراع حول الاموال و كشف الفساد سيكون صراعا وحشيا ,لابد ان يُكسب بالحكمة و القانون

 

آراء