مشكلتنا ..الأمور تقاس بمقاييس مختلفة
بسم الله الرحمن الرحيم
eidris2008@gmail.com
مشكلة البلاد الآن صنعناها بأنفسنا ولعب الساسة فيها دوراً كبيراً من أجل تثبيت أقدامهم وترسيخ امتداد سلطانهم ، نحن من القمة للقاعدة سلطة ومعارضة نصنع المشكلة ونروج لها ونسوقها بصورة قادت البلاد الى التفتت والتحزب . علام الشكوى وعلام الضجر مقاييس الأمور عندنا مختلفة بل مقلوبة ، لذلك مشكلتنا آتيه من ساستنا وقادتنا من كونهم يقيسون الأمور بمقاييس مختلفة كل منهم ينظر في الأمور من ناحيته الملائمة له ويستجهن ناحية غيره . السلطة لا تريد فهم الرأي الآخر بل هي نفسها لا ترغب في بني جنسها إن اراد اصلاحاً ناهيك عن المعارضة ، كل فريق ينظر للأمور من جانبه الخاص وكل له مقاييسه الخاصة به ، الساسة أنفسهم يمثلون جوانب متناقضة وبهذه الطريقة لا يلتقوا في امر فيه مصلحتنا وبالتالي تتسع الفجوة بينهم مما يوسع بذور الفتنة والشقاق بيننا .
قرأت لاحد الساسة مقوله " إذا سقط الزمام من يد النظام الحالي لسبب أو لآخر فإن السودان سيظل في فوضى عارمة " اتفق معه في رؤيته وكم كنت اتمني وهو صاحب الصوت العالي في محراب النظام أن يعمل على معالجة ذلك من الداخل ، فالأفضل معالجة الأخطاء والمناصحه والتشاور لتفادي المخاطر القادمة ، نعم ثبت النظام بعد الاخطاء التي يصعب معالجتها عند زواله وهو حتما زائل فالملك لله والشواهد كثيرة في كل المتسلطين الذي جالوا وصالوا وغادروا تاركين بذور الفتنه التي زرعوها تنمو وتكبر ، نعم السلطة شجعت القبلية واصبح المنصب السياسي مرهون بدعم القبيلة للنظام وهذه من اخطر المشاكل القادمة . ميزت السلطة المجتمع تميزيا اثنياً وبالتالي امتلأت القلوب بالضغائن والاحقاد . والدليل الحروب والتقسيمات العرقية والقبلية داخل الإقليم الواحد .
الأمور ذات مقاييس مختلفة قرأت حكماً قاضياً ضحكت منه كثيراً ، قضت محكمة جنايات الخرطوم شمال بالسجن والجلد لمتهم سرق خلاطاً من كافتيريا إحدى الوزارت ، أضحكتني السرقة التي أصبح المنظور اليها مختلف ايضاً ، مسكين سارق الخلاط لأنه لايعرفالطريق للتحلل باعتبار الخلاطة ملك للوزارة و الوزارة صالح عام وبالتالي يشمله فقه التحلل ، السرقة أيها السارق اصبحت متاحة تحميها القوانين ، نسمع ونقرأ بفساد ولاية الخرطوم فهي سرقة بينه واضحه ، وغيرها كثر فالفساد أصبح ثمة ملازمة في كل مرافق الدولة الكبيرة والصغيرة ، بدليل ما أظهره السارقون أنفسهم ، الفرق بينهم وبين سارق الخلاطة لايوجد شخص كبير يحميه وبالتالي سجن وجلد مسكين . المعايير مختلفة ومقاييس الامور مختلفة .
كذلك نقرأ ونسمع أقوال أصدقاء الأمس وفرقاء اليوم مساجلات صحيفة مضحكة ومحزنه مضحكة لأنهم جميعاً كانوا في موقف الجلاد ، ومحزنه لأنهم جميعاً في موقف الوطني الغيور لمصلحة المواطن بعد أن زالت عنهم السلطة ، والشعب عارف تعلم الكثير من جراء الويلات والمصائب والمحن ، واصبح لا يثق في الجميع ، ونقرأ لمن يقول أن هنالك سلوك حضاري أن يتحول جهاز الأمن الى مجرد شاك ومتظلم ، والسؤال متي كان هذا الجهاز معيناً ومساعداً للشعب ؟ بل هو دائماً يمثل عصا السلطة يبطش ويفعل ما يريد من أجل تثبيت السلطة وبالتالي ما يحدث هو مجرد محافظة لماء الوجه . علينا أن نعمل علي الوجه السليمة دون اطراء أو تمجيد أو تقرب أو تذلق لأحد فالمخاطر قادمة والثمن ضياع وطن .
كذلك من الأمور المختلة أن تقرأ قراراً بأن المجلس الوطني يراجع 40 قانوناً ويذكر المتحدث أن القصور في أجهزة الدولة الادارية والسياسية بسبب غياب الدور البرلماني ، ويتوعد الوزراء بالمحاسبة و الإقالة ، والسؤال الذي يطرح نفسه ، ما هو الدور الذي تم بموجبه وصول البرلماني للسلطة ؟ اعتقد أن دوره في السلطة المحترمة مراقبة مسار الدولة واصدار التشريعات التي تصون كرامتها وكرامة المواطن ، والعكس البرلماني الآن هو صاحب مساندة السلطة وعبره تمر وتوضع كل التشريعات والقوانين الداعمة للسلطة واحياناً الكل نيام ، والقرار واصل ، مقاييس الأمور مختلفة فالجميع يمثلون في مسرحية رتيبة لتحقيق المصالح الخاصة على مستوي الفرد ومستوي السلطة ، والثمن ضياع وطن.
هنالك مشكلة نعيشها ونصنعها بأنفسنا ونصدقها وتُصبح حقيقة ، وهي اطلاق الشائعات المضلة ، كلما ضاقت الحال وعجزت السلطة من القيام بدورها ظهرت مسائل المقصود منها صرف المواطن عما هو فيه ، البلاد تمر بظروف حرجة ، والبلاد لا تحتمل الخلاف ، وهنالك انقلاب بعناصر ضد السلطة والنتيجة صفر ، والسؤال علام نطلق هذه الشائعات ؟ وما هي الثمار التي نجنيها من جرائها ؟ دمار وخراب وفتن وسلطه مزيفة مصنوعة بعيده عن الواقع وعجلة البلاد تسير للوراء بسرعه مفزعه والنتيجة الجميع لا يحب الوطن وليس هنالك تفسير غير ذلك ، الوطن هو العزة والكرامة وهو البيت الآمن والمستودع الحقيقي الذي ينبغي المحافظة عليه لذلك علينا احترامه والمحافظة على وحدته والبعد عن المزايدة الحزبية التي اهلكت البلاد وقسمتها شمال وجنوب شرق وغرب والقادم أخطر .
آن الأوان أن نفيق من غفوتنا وعلينا أن نحدث انقلاباً في أسلوب تفكيرنا فقد ذهب زمان التسلط والاستبداد والظلم ، وحل محله زمان الفكر المستنير لقيادة الامة وتاريخنا الاسلامي يحدثنا عن الكثير من الثوابت التي بها سادت أمم ، بالعدل والمساواة نهضت أمم وسارت في طريق الحق ونبذت كل أساليب القمع والظلم والفساد ، وأصبح الكذب جريمة يستحي منها الانسان بمجرد سماعها ناهيك عن فعلها ، شتان بين الامس واليوم ، والله المستعان .