مصالحة على ماذا..؟!

 


 

 

لو فهمنا أن مبادرة رئيس الوزراء تعني المصالحة مع من يسموا أنفسهم تمويهاً بالإسلاميين لرفعنا أيدينا عنها..! فما الذي يجبرنا على التجول في (حي بني قريظة)..؟! هذا من (رابع المستحيلات) وهذه الدعوة المبغوضة للمصالحة مع الإنقاذيين المُجرمين الذين لم يتوبوا عن الإثم هي من صناعة وترويج الفلول أنفسهم.. ولكنهم يحاولون تسريبها وتمريرها عبر (بعض المنابر والحناجر) وهي أحلام أقرب إلى عشم إبليس في الجنة.. ولا نريد (تأدباً) أن نقول إنها أبعد من ذلك..!!. فهذا أمرٌ قضت فيه الثورة ولم تترك الباب فيه موارباً.. إنما حكمت بإقامة موازين الحساب ومنع الإفلات من العقاب وطرد المؤتمر الوطني و(التمكينيين المتاعيس) من وجه الحياة السياسية وفق أحكام ومقررات وثيقة الانتقال.. وحسب نداء الثورة التي دعت إلى الحرية وتنظيف الحياة من الرجس و(الدهانيس) وإقامة موازين العدل وإزالة تمكين الإنقاذ في السياسة والاقتصاد والخدمة المدنية وحتى في مجال الرياضة والثقافة والفنون..!
إنهم يشيعون أن رئيس الوزراء يدعو إلى تبديل الحاضنة المُمثلة في (قوى الحرية والتغيير) بخزعبلات تنسب نفسها للإسلام في احتكار بغيض غير مستحق.. فهناك قطاعات واسعة تضمها خيمة هذا التوصيف.. والثورة قضت بأن المواطنة هي شرط الانتماء وقسطاس التعامل بين الأفراد والجماعات والأحزاب.. وأنه لا مزيّة لأحد بأن يتسيّد على الآخرين أو أن يحصل على امتياز بسبب انه ينتمي إلى اعتقاد أو طائفة أو مذهب أو جهة.. أو بحجة أن (أضانو حمراء أو زرقاء).. فهذه من دعاوى العصور الغابرة.. ولا معيار أمامنا غير المواطنة المتساوية والعدالة الاجتماعية فدعونا نخرج من نفق الإنقاذ المظلم الذي أرادت أن تحشر السودان فيه، وتجعل من نفسها (نُخبة اوليغارشية) ترتدي مسوح الرهبنة وتحاول ان تحلق بنا في عوالم الضلال والشعوذة بعد أن دخلوا قي قفاطين الرهبوت الكاذبة وأرادوا أن يظهروا في صورة (إكليريكية لاهوتية) من مخلفات القرون الوسطى فامتطوا لحاهم وأطلقوا شعاراتهم الكاذبة وتكبيراتهم التي لا يُراد بها وجه الله.. وقلوبهم خاوية على عروشها ولكنها مليئة بالنزوات وحب الشهوات و(أكل السحت) وتجميع الثروات الحرام ونشر الرذيلة والتمسّح بمظاهر الدين وهم غُلف من كل معروف؛ لا يتنافسون إلا في اللصوصية وحيازة الأراضي والعيش في عوالم منقطعة عن حياة الناس.. وقد شهدنا تكالبهم على أوشاب الدنيا وإسراعهم إلى الرذائل البهيمية واختيالهم على العباد و(ركوبهم اليخوت) وسكناهم في مساكن الذين ظلموا أنفسهم واقتطاعهم عقارات الدولة وتأجيرها بالدولارات مع التغني بالتأصيل وتزكية المجتمع.. فتنكروا لفقر أهاليهم وللقمة الحلال وأيام (الرشوشة) وأرادوا أن ينافسوا أثرياء العالم بعد أن افسدوا حياة الناس بالمحاباة والرشوة وتقنين الفساد وإباحة التعدي على موارد الدولة والمال العام.. فإذا بهم دُقشة من بقايا عصابات المافيا التي تتاجر في المخدرات وتتنافس في غسيل الأموال وتجارة العملة..!
لا لا لا .. لا مصالحة مع الإنقاذيين والمتحالفين معهم الذين قصّروا الجلابيب وناموا عن الحق وزيّنوا للإنقاذ باطلها و(بلعوا الذمة) وصمتوا عن الدماء المهدورة..هذا طريق موصد (بالضبة والمفتاح) مهما تناعقت الفلول وتجاوبت ضفادع المستنقعات وهرّت كلاب الحي..! هل اقلع الانقاذيون عن الولوغ في الدماء..؟ وهل تراجعوا عن التآمر الواضح الفاضح حتى نفتح لهم أبواب العودة للحياة السياسية السويّة ونفوسهم لا تزال مشحونة بالحقد على الشعب والوطن..!! ليس في مقدور احد في صفوف الثورة أن يدعو إلى مصالحة القتلة قبل القصاص والإنابة والتوبة النصوح ورد الحقوق.. إلا إذا كان في وسع أحد تمرير الجمل عبر خرم الإبرة.. جفّت الأقلام وطويت الصحف..!!

 

آراء