مطلوب رعاة إبـل! … بقلم: د. احمد خير/ واشنطن

 


 

د. أحمد خير
20 March, 2010

 

 

فى مقال سابق فى التاسع من مارس الجارى كتبت تحت عنوان " المخ والأعصاب فى السودان " ذكرت فيه أنه فى وقتنا الراهن يتخرج الطبيب ويتم تعيينه فى وظيفة بدريهمات لاتسد الرمق ، فيتلفت شرقاً وغرباً فلايجد مخرجاَ إلا الهجرة !" وتساءلت : هل كانت وزارة الصحة أفضل حالاً من باقى مؤسسات الدولة التى تربع عليها أهل الثقة ؟!

حسبنا أننا نشارك فى لفت نظر المسئولين حيال مشكلة ظننا أنها تؤرق أهل الحل والعقد فى مؤسسات الدولة العاملة فى الحقل الصحى والمؤسسات الأخرى التى من شأنها رعاية الشباب من الخريجين الذين أعياهم المشوار بحثاً عن عمل يليق بمؤهلاتهم ! وما كنا نظن أن المشكلة ستتطور بتلك السرعة الجنونية التى يتدخل فيها السيد/ رئيس الجمهورية " حفظه الله وراعاه " وسيفه فى يده يقطع به الرقاب ، كما سبقه إلى موقفه هذا  الحجاج بن يوسف فى العراق عندما رأى الرؤوس قد أينعت وحان قطافها ! فيخرج على الملأ مهدداً أن كل من يضرب من الأطباء يوقع عليه جزاء الفصل !

تلفت يمنة ويسرة وفى تاريخنا القديم والحديث ماسمعت ولارايت أن يقابل رأس الدولة إضراباً " وهو حق مشروع " بفصل العامل أو الموظف الذى مالجأ للإضراب إلا بعد أن طالب وطالب ولم يستمع إليه أحد !

ماذا يفعل ياسيادة الرئيس من طحنه دولاب العمل ولم يجد منفذا لترقية أو علاوة أو بيئة صالحة يعمل فيها؟! هل له أن يستسلم ، وأن لاينطق بكلمة خشية الفصل والتشريد من وظيفة أولاً وأخيراً ليست ذات المردود الذى يجعله يقبل الضيم حفاظاً عليها ؟!

أين نحن ياسادة الرئيس وإلى أين أنتم سائرون ؟!

نعم ليذهب الأطباء إلى الجحيم وليموت المرضى بين أيدى أولئك القوم من شاكلة مادفعتم بهم من أهل الثقة إلى قطاع التعليم العام والعالى وكانت النتيجة خراباً مستطيرا  أعاد السودان إلى فترة ماقبل الإستعمار ! نعم ستدار المستشفيات برهط من قومكم فالأرض واسعة والحمد لله ولن ترد المقابر المزيد من الأموات ! ليحل أهل الثقة فى كل الميادين وليصبح السودان مرتعاً للجهل والفقر والمرض ! ألا يكفى السودان مافقده فى حروب الجنوب والغرب والشرق والشمال؟! أم لابد للإنقاذ من أن تتشفى من كل سودانى وقف فى طريقها منذ الإستقلال وإلى يومنا هذا ؟!

ياسيادة الرئيس المفدى ، أليس من السخرية أن تكون لجنة مشتركة لمحاسبة الأطباء المضربين عن العمل ؟! وما كان الأجدى أن تكون لجنة لدراسة العقبات التى تواجه أولئك الأطباء لمعرفة أس المشكلة والخروج بتوصيات بغية الحلول ؟! أم عملتم بمقولة " إضرب المربوط، يخاف السايب "؟!

ياسيادة الرئيس ، الوقت لازال أمامكم وأنتم تتأهلون لإنتخابات قادمة على الأبواب وتحتاجون لتحسين صورتكم أمام الناخب من خارج حزبكم ، عليكم بالنأى عن القرارات التى تعلمون قبل غيركم أنها مجحفة ولن تؤدى إلا إلى تأجيج الموقف وربما تخرج عليكم نقابات أخرى من المهنيين إما مطالبة أو مساندة للأطباء ويصبح الوطن عرضة للإنفلات!

أعلم ياسيادة الرئيس أن لديكم العديد من المستشارين ، وأعجب أن لم يخرج أحدهم ويشير عليكم بعدم التدخل فى الأمر وترك المشكلة فى أيدى المختصين بوزارة الصحة ليعملوا على إيجاد المخرج . وإن لم يوفقوا ، فعندها فقط كان يمكنكم التدخل بحل ناجع يحفظ كرامة الجميع .

أعلم ياسيادة الرئيس أن السيف فى يدكم ولاأشك لحظة أن باليد الأخرى هناك قلم ، رجاءاً أن تستخدموا القلم لتوجيه المسئولين فى وزارة الصحة والوزارات المعنية فى النظر إلى مطالب فئات هذا الشعب التى ظلت مرابضة فى الديار وماهاجرت  بالرغم من كثرة الإعلانات التى تشير إلى العديد من الوظائف الشاغرة وخاصة للأطباء المؤهلين للعمل كرعاة  ! وكما تعلمون أن العمل بكرامة مهما كان نوعه فلن يقلل من شأن صاحبه ، ولكن حتما سيقلل من شأن الدولة التى لم تتمكن من إستغلال ماعندها من كفاءات !

وأختم ياسيادة الرئيس بالقول " لاتسقنى كأس الحياة بذلة ، بل فاستقنى بالعز كأس الحنظل " ولنا ولكم الله

 

Ahmed Kheir [aikheir@yahoo.com]

 

آراء