مع السر قدور في عليائه . قصة اغنية زي القمر .. كتب: صلاح الباشا

 


 

 

كنت في زمان مضي اعمل بدولة قطر بوظيفة مراجعا ماليا لوزارة الخارجية القطرية لمدة خمس سنوات ( ١٩٩٨ الي ٢٠٠٣م) . وذات مرة في العام ٢٠٠٠م طرت الي القاهرة لطباعة كتابي ( اهل الابداع في بلادي ) الجزء الاول من اربعه اجزاء .. وشاورت الزملاء بصحيفة الخرطوم والتي كانت تصدر من القاهرة وتوزع بالسعودية ودول الخليج خلال سنوات المعارضة الشرسة في ذلك الزمان .. كي استعين بهم في امر طباعة الكتاب .. فدلوني الي مكتب الاخ الراحل السر قدور والذي تخصص في التعامل مع المطابع وفعلا ذهبت له وكانت هي البداية للتعرف عليه عن قرب.. واتفقنا علي امر الطباعة . علما بانه كان صحفيا منتظما بصحيفة الخرطوم بمقاله اليومي( اساتذة وتلاميذ) بمثلما كنت انشر كتاباتي الاسبوعية في الجريدة من الدوحة.
المهم في الامر ان الاستاذ قدور قد حكي لي قصة اغنية ( زي القمر ) فخرجت من مكتبه في نهاية شارع شريف واخذت تاكسي الي مكتب الصحيفة في حي قاردن سيتي بالقاهرة مقابل قسم شرطة قاردن سيتي واذكر ان عنوان العمارة هو ١٠ شارع عائشه التيمورية وذلك لكي اضيف حكاية زي القمر الي مقالي الاسبوعي وقد كان عن ( صلاح بن البادية) فأخذني الاخ الاستاذ فيصل محمد صالح مدير التحرير وقتها الي مكتب الجمع وطلب من الاخت( فاطمة) المسؤولة عن الجمع بالكمبيوتر ان تضيف ما اود اضافته الي المقال ... وقد وقف معي الاخ الاستاذ محمد مصطفي الحسن سكرتير التحرير والذي هاجر من القاهرة الي الولايات المتحدة .. في إجراء التعديل اللازم للمقال.. وكانت قصة الاغنية كالتالي:
كان حفلا غنائياً جميلاً مع بداية ستينات القرن الماضي، والمدينة هي الخرطوم بحري، والحي هو حلة خوجلي بجوار بيوت السادة المراغنة، وقد ظهر وقتها الفنان صلاح ابن البادية على الساحة الفنية حيث كانت (أغنية الأوصفوك) تتسيد الساحة وقد أداها صلاح بصوته الطروب ذاك (يبرق سناك في غيهب الليل الحلوك.. أغرب شمايل زاملوك .. وهم أكملوك .. وأدبك هبة وحسن الظباء .. وفيك موهبة وطبع الملوك) ورحم الله شاعرها عتيق ومؤديها الأول خضر بشير.

كان في ذلك الحفل عميد الفن احمد المصطفي يشرف على الإعداد للفرح، كانت له علاقة دم أو صداقة مع أصحاب الفرح وقد شارك أيضاُ في أحياء ذلك الحفل بالغناء.
المهم .. كان السر قدور حضوراً في ذلك الفرح بحلة خوجلي للمشاركة باسكتش فكاهي تمثيلي مع الراحل أحمد حميدة (تور الجر)، حيث كان من الطبيعي في ذلك الزمان أن تجد الفكاهة خلال فقرات حفل الزواج، او تجد منولوجيست يشارك في الفواصل بمنلوج فكاهي.
وفي أثناء الحفل أتت فتاة وقد كانت بازخة الجمال، وهي تعرف أن السر قدور قد تسيد ساحة الشعر الغنائي في ذلك الزمان مع الكاشف والعاقب محمد حسن بجميل أشعاره الطروبة حيث أطلت وقتها أغنياته مثل (الشوق والريد .. ويا صغير يا محيرني ومتحير .. واتلاقينا مرة .. واتدللي) إلى آخر الأغنيات الحسان للشاعرالسر قدور. فقد طلبت تلك الحسناء من السر قدور أن يؤلف فيها قصيدة ويعطيها للفنان الجديد ، وهي تقصد إبن البادية ، غير أن الأستاذ قدور لم يعر للأمر اهتماماً .. الى أن إنتهي الحفل، وقد كان العميد احمد المصطفي يشرف على توفير الترحيل للفنانين والموسيقيين المشاركين في حفل الفرح بعد إنتهاء الحفل .. وكان السر قدور واقفاً خارج المنزل، وإذا بتلك الفتاة وهي تمتلك جرأة عالية توجه عتاباً له عن طريق أحمد المصطفى قائلة له: تصدق يا أستاذ أحمد لقد طلبت من الأستاذ قدور أن يعمل لي قصيدة ويعطيها للفنان الجديد هذا (تقصد ابن البادية)، (لكنه طنش طلبي) وهنا ضحك أحمد المصطفى موجهاً اللوم للسر قدورقائلا له : شنو يا قدور .. يعني بنتنا دي ما عجبتك وللا شنو؟ فأجاب السر قدور، كيف لم تعجني، ثم أردف قائلاً: أدوني ورقة وقلم، فلم تصدق الفتاة وأحضرت كراسة وقلم من داخل المنزل على وجه السرعة.. وهنا قال السر قدور لأحمد المصطفى كيف يا عميد تقول البنت دي ما عجبتني .. مضيفاً (دي زي القمر والله) وقد انهمك في كتابة النص فوراً:
دي زي القمر … والله أحلى من القمر
يا حلوة يا ست البنات .. يا متعة للحب والنظر
طولتي بتخبي الغرام … الليلة في عيونك ظهر
في بسمتك في رقصتك .. في خدودك الحلوين زهر
خلاك أحلى من البنات .. والله أحلى من القمر
ثم قام بتسليمها للفنان ابن البادية، ولم يمض أسبوع واحد حتى كانت تبث من الإذاعة كأجمل أغنيات صلاح الخفيفة في ذلك الزمان .... وربما أصبحت تلك الفتاة الحسناء الآن (حبوبة) .. من يدري!!!!

رحم الله قدور وابن البادية.
bashco1950@gmail.com
/////////////////////////

 

آراء