مع عرمان .. أحاديث لم تكتمل!

 


 

 


diaabilal@hotmail.com
ربما كان مفاجئاً - بالقطع ليس للكثيرين- الطريقة الحادة التي عبر بها والي جنوب كردفان أحمد هارون، وهو يتحدث عن نائبه السابق عبد العزيز الحلو وعن ياسر عرمان ويصفهما بالمتمردين ويتوعدهما بالملاحقة العسكرية والجنائية.
كان هارون وهو يتحدث معنا في برنامج (مؤتمر إذاعي) عن أحداث جنوب كردفان في أعلى درجات الغضب وأشد حالات الغيظ، وهو في العادة رجل شديد الحرص على الاحتفاظ بخطوط  مفتوحة، وخيوط ممدودة ،مع خصومه ومعارضيه. ولهارون مقدرة اكسبتها له منصات القضاء، في ضبط انفعالاته وأقواله، بصورة كانت ترهق محاوريه من الصحافيين ، حيث قلما يجود لهم بعبارات ذات خاصية (قلوية) تصلح كمانشيتات تجتذب أنظار القراء.
ولكن هارون في البرنامج الإذاعي  - المثير للجدل- كانت كل عباراته وتصريحاته تصلح كمانشيتات حتى للصحف الرياضية والاجتماعية!
لا أدعي إذا قلت إن لي علاقات مميزة مع عدد من القيادات السياسية في المؤتمر الوطني والحركة الشعبية ، من الذين صنعوا اتفاق نيفاشا أو الذين كان عليهم إنزالها على أرض الواقع ، وذلك بحكم ارتباطي بهذا الملف منذ بداياتي الصحفية ومشاركتي في تغطية مفاوضات نيفاشا بمنتجع (سمبا لودج) ومتابعة سيرها وتطبيقاتها التنفيذية.
أعرف تماماً طبيعة العلاقة التي كانت تربط بين (هارون والحلو وعرمان).. علاقة (هارون والحلو) اطلعت على تفاصيلها من زيارات متعددة لجنوب كردفان. وعلاقة (هارون وعرمان) من مصاحبتي لهما في الطائرات وعلى الأرض، وفي مكالمات هاتفية وجلسات مطولة كانت تدور عن الشراكة ومستقبلها.

هارون كان من أفضل الشخصيات في المؤتمر الوطني من حيث حسن العلاقة بأطراف الحركة الشعبية، وفي مقدمتهما الحلو وعرمان، وتناقلت المجالس ثناء ومدح منصور خالد لشخصية هارون، وتحدث عرمان كثيراً عن علاقة (هارون والحلو) كأفضل نموذج  للشراكة.
الغريب والمدهش أن علاقة أحمد هارون ببعض قيادات الحركة الشعبية وفي مقدمتهم الحلو وعرمان، كانت لا تجد استحساناً من بعض الأطراف المتشددة داخل المؤتمر الوطني. وفي المقابل كانت علاقة الحلو بهارون تستغل من قبل أعداء الحلو داخل الحركة بأن الأخير قد تم احتواؤه من قبل الوطني، وأنه قد وُضع بالجيب الخلفي لهارون!
من الواضح بالنسبة لي أن حالة التشكيك في المواقف التي أحاطت بعلاقة (هارون والحلو) لعبت الدور الأساسي في التمهيد لهذا الانفجار، الى درجة أن يفكر الحلو في القضاء على هارون عبر قصف منزله، ويمضي الأخير في مطاردة نائبه السابق في أعالي الجبال.
سألني الأخ خالد فضل بصحيفة (أجراس الحرية) وهو يعد (بروفايل) عن ياسر عرمان، سألني عن شخصية الرجل.. قلت له إن ياسر عرمان سياسي توفرت له عوامل وخبرات وتجارب كثيرة ليصبح قياديا بمواصفات استثنائية تؤهله للقيام بأدوار داعمة للوحدة والاستقرار في البلاد ولكن الرجل ظل دوماً يسير في الاتجاه المعاكس، والسبب ببساطة أن عرمان شديد التأثر بما يكتب عنه في أجهزة الإعلام، لذا كان كثيراً ما يستجيب لاستفزازات مناوئيه من الكتاب الصحافيين ويبني على تلك الاستفزازات مواقف سياسية شديدة التطرف تجاه الشريك، المؤتمر الوطني.
ومشكلة صديقنا عرمان أنه قليل الحساسية تجاه الرأي العام في الشمال، فقد استدرج لمعارك وضعته في الأماكن التي يسهل انتياشه منها، وأصبحت الضربات التي يريد توجيهها  للمؤتمر الوطني تفتح القوس على دائرة عداء،  تضم شرائح واسعة  من المجموعات غير المسيسة في الشمال الثقافي.
كانت هذه الملاحظات موضع نقاشات مستفيضة مع عرمان وقد كان يستمع إليها باهتمام ويرد عليها بهدوء..وكانت واحدة من تعليقاته التي أثارت انتباهي، قوله إن الصحافة السودانية عبر انتقائها لبعض عباراته وتركيزها على بعض مواقفه، قد قامت باعتقاله في صورة (صانع الأزمات).
الغريب أن الأخ ياسر وهو يقدم هذه المرافعة هادئة الصوت كان يطلب مني أن أستفسر أحمد هارون حول الأدوار التي كان يقوم بها في إطفاء الحرائق داخل ماكينات الشراكة وكيف أنه أسهم في إيجاد كثير من الحلول لأزمات وخلافات واجهت الشريكين.
بكل تأكيد لم يعد كل ذلك مجدياً في الراهن الآن. فهارون الذي طلب عرمان الاستعانة به كشاهد دفاع أصبح الأن هو شاهد الاتهام الأساسي، بعد أحداث كادقلي!!


 

آراء