بسم الله الرحمن الرحيم
مقدمة:
إن المتغيرات فى المجال السياسى كثيرة وعديدة وقد أصبح الواقع السياسى الراهن فى القارة الأفريقية يرفدنا بالعديد من المتغيرات بين كل لحظة وضحاها, والمتابع للمشهد السياسى الراهن فى القارة الأفريقية يجد العديد من المشكلات التى بدأت تشغل عقول الشعوب الأفريقية, وهذه المشاكل أصبحت تتشكل فى القارة الأفريقية نتيجة لعوامل خارجية وأخرى داخلية بيد أن العامل الخارجى أصبح يلعب دوراً رئيسياً فى تشكيل القارة الأفريقية بينما أصبحت العوامل الداخلية عوامل تابعة وليست أصيلة تخدم فى كلياتها العامل الخارجى أو بمعنى آخر هى عوامل ليست مستقلة بل تابعة لأخرى تعدل وتغير فيها لكى تحدث آثاراً تخدم مصالحها فى تشكيل القارة الأفريقية, كما أن من الملاحظ فى القارة الأفريقية أن البناء الإجتماعى فى داخلها كلما تحرك نحو تغيير الأوضاع الداخلية بصور تحقق تطلعاته النابعة من إحتياجاته الفعلية لتحقيق هذا التغيير خدمة لمصالحه ومصالح أجياله القادمة نجد أن القوى الخارجية تعمل على وقف هذه التغييرات عبر إستخدام كل الوسائل لأنها تتعارض مع مصالحها التى تسعى على الدوام لجعل القارة الأفريقية بمواردها البشرية والطبيعية خاضعة لخدمة مصالحها ورفاهية شعوبها, والقارة الأفريقية التى تمتلك ذلك المخزون الهائل من الموارد البشرية والطبيعية أصبحت الآن أهم قارات العالم التى تشهد تنافساً دولياً حميماً على مواردها ودخل العديد من الفاعلين الدوليين فى حلبة التنافس من أجل السيطرة على موارد القارة الأفريفية مما أدى إلى تحولات جوهرية فى ملامح النظم السياسية الأفريقية وتعديل نمط العلاقات بين الدول الأفريقية نفسها.
أفريقيا والتحولات العالمية:
نتيجة للتغيرات التى تشهدها الساحة الدولية منذ ظهور الولايات المتحدة الأمريكية كقطب أوحد يسيطر على مجريات الأمور العالمية بعد سقوط الإتحاد السوفيتى السابق فى بدايات تسعينات القرن الماضى وظهور قوى عالمية صاعدة أخرى مثل الصين والهند والبرازيل والإتحاد الأوربى أصبحت القارة الأفريقية تشكل بعداً إستراتيجياً لهذه القوى العالمية نتيجة لما تمتلكه من موارد بشرية وطبيعية هائلة تمكن إقتصاديات هذه الدول المتنافسة على مواردها من الماحفظة على كياناتها الإقتصادية قوية بشكل يحفظ لها بإسمترار رفاهية شعوبها وبالتالى تحقيق الإستقرار الداخلى لكياناتها,ويبدو أن كل المؤشرات الناتجة من تداعيات الأحداث فى القارة الأفريقية فى العام 2011 م وما قبله من أعوام تؤشر بصورة واضحة أن القارة الأفريقية مرشحة لأن تكون أحد البؤر المشتعلة على الصعيد العالمى نتيجة لتكالب القوى الطامحة فى مواردها مما يجعل الساحةالأفريقية خاضعة لإستراتيجيات وتكتيكات هذه القوى وما تفرزه من إحداث متغيرات تسهم فى تغيير خارطة القارة الأفريقية بشكل لا يتوافق مع متطلبات شعوبها وبنائاتها الإجتماعية,بينما تؤكد كل المؤشرات فى القارة الأفريقية خلال العام 2011 م أنه بالرغم من إلتزام بعض القادة الأفارقة من تحقيق الإستقرار داخل مجتمعاتهم وداخل القارة الأفريقية عبر الإلتزام ببرنامج الإتحاد الأفريقى الرامى لتوحيد القرار الأفريقى فى مواجهة التحديات القادمة من الخارج,إلا أن العديد من القادة الأفارقة أصبحوا غير قادرين على مجابهة الأخطار الخارجية وتحقيق مصالح شعوب بلدانهم وقارتهم بل أصبحوا أدوات تخدم مصالح القادمين من وراء البحار من أجل حماية نظم حكمهم,هذا أدى إلى التشتت الأفريقى وإضعاف قدرة الإتحاد الأفريقى فى تحقيق الإندماج القارى مما أثر على قدرته فى مجابهة التحديات القادمة للقارة الأفريقية,لقد أصبح واضحاً أن القارة الأفريقية فى خلال العام 2011 م قد بدأت تشهد تغيرات أخذت مظاهرها تتشكل فى أفق القارة الأفريقية,وعلى سبيل المثال نجد أن القارة الأفريقية قد شهدت فى هذا العام تغييراً مهماً تمثل فى إضمحلال المسألة القومية وتراجعها أمام تصاعد النزعات القبلية والإثنية والجهوية, وربما تشهد السنوات القادمة ظهور خارطة سياسية فى أفريقيا مبنية على الفكرة الإثنية والقبلية تؤدى إلى زوال الخارطة السياسية الحالية المبنية على فكرة النموذج القومى, ومن أهم الأحداث التى يمكن أن نلحظ تصاعدها فى القارة الأفريقية خلال العام 2011 م هو تصاعد شدة التنافس على موارد القارة الأفريقية وخاصة بين الولايات المتحدة الأمريكية والصين, وبالتحديد حول مصادر الطاقة فى منطقة الغرب الأفريقى,وبينما نجد الصين تعمل بمبدأ عدم التدخل فى الشؤون الداخلية للدول الأفريقية وتحقيق التنمية فى جميع دول القارة عبر وفائها بجميع إلتزاماتها نحو تحقيق التنمية فى القارة الأفريقية من أجل تحقيق مصالحها المتمثلة فى الحصول على ما تحتاجه من موارد خام وبترول وإيجاد أسواق لمنتجاتها وخدماتها فى القارة الأفريقية,نجد أن الولايات المتحدة الأمريكية تستخدم إسلوب التدخل فى السياسات الداخلية للدول الأفريقية وعسكرة سياساتها إتجاه أفريقيا من أجل إحكام سيطرتها على موارد القارة الأفريقية وخاصة النفط الأفريقى الذى يمثل أهمية قصوى فى سياسات أمنها القومى,وتعمل الولايات المتحدة بإستمرار لتحقيق سياستها فى أفريقيا عن طريق خلق بؤر للتوتر فى المناطق التى تستهدفها فى القارة الأفريقية عبر ضخ كميات من الأسلحة والعتاد الحربى لحلفائها فى القارة الأفريقية بدعوى محاربة ما يسمى بالإرهاب وتصوير أن الجماعات الإسلامية فى المغرب العربى (AQIM) وجماعة بوكو حرام فى نيجيريا على أنهم يمثلون خطراً على أمنها القومى عبر محاولاتها المستمرة لربطهم بتنظيم القاعدة,وتسعى الولايات المتحدة الأمريكية جادة لنقل معركة ما يسمى بالإرهاب لأفريقيا من أجل إحكام السيطرة على النفط الأفريقى وخلق مناخ غير آمن للإستثمارات الصينية وغيرها من إستثمارات القوى الصاعدة الأخرى لإبعادهم من المنافسة ومن ثم السيطرة على الموارد وتحكمها فيها,وقد شكل العام 2011 م أيضاً توجهاً أوربياً قوياً نحو إفريقيا,ومن المعروف أن أوربا الحالية التى تعانى من أزمات إقتصادية حادة ربما تعصف بوحدتها تحاول الإتجاه شرقاً إتجاه دول الإتحاد السوفيتى السابق كما تحاول الإتجاه جنوباً إتجاه القارة الأفريقية من أجل الخروج من أزماتها الإقتصادية التى أخذت تهدد جميع دولها,وسياسة الإتحاد الأوربى خلال العام 2011 م إتجاه أفريقيا عملت على ضخ أموال من أجل عمل دراسات وبحوث عن الإشكاليات التى تواجه القارة الأفريقية ومنظومة الدول المكونة لها من أجل تقرير سياسة أوربية تستند على توصيات نابعة من دراسات ميدانية إتجاه أفريقيا وربما كان للعامل الإقتصادى دوراً مهماً فى صياغة سياسات أوربية فعالة نحو أفريقيا بالرغم من أنها قد تختلف أحياناً أكثر مما تتفق مع سياسات الولايات المتحدة الأمريكية فى القارة الأفريقية والتى تجمعها مع أوربا وحدة حضارية واحدة تعمل على فرض نموذج الحضارة الغربى على القارة الأفريقية,وبنفس القدر شهد عام 2011 م والأعوام التى سبقته طفرة على صعيد العلاقات بين البرازيل والهند وتركيا من جهة والعديد من دول القارة الأفريقية من جهة أخرى وشكلت القارة أهمية إستراتيجية لكل من الهند والبرازيل وتركيا من ناحية أن القارة الأفريقية مصدراً هاماً للموارد الأولية وكونها سوقاً كبيراً لمنتجاتهما,بينما حاولت روسيا أيضاً التمدد جنوباً نحو الدول الأفريقية من أجل إنشاء قاعدة ضخمة من الإستثمارات الروسية فى أفريقيا تتيح لها تحقيق فائض كبير من الأموال ينشط إقتصادها ويساهم فى إعادة تنشيط نفوذها فى القارة الأفريقية.
الوجود العسكرى الأمريكى فى غرب أفريقيا:
تعد منطقة الغرب الأفريقى حاليا من أهم المناطق التى تهتم بها الإستراتيجية الأمريكية نظرا لما تمتلكه هذه المنطقة من ثروة بترولية هائلة حيث كثفت الولايات المتحدة الأمريكية من وجودها فى هذه المنطقة عبر تعاونها العسكرى مع دول هذه المنطقة حيث يعتبر التواجد العسكرى الأمريكى أحد أدوات الولايات المتحدة للتدخل فى المنطقة لتأمين منابع النفط الواعدة فى منطقة الغرب الإفريقى وضمان وصوله إليها , وقد ذكرت مؤسسة (Oxford Analytical ) للأبحاث والدراسات فى سبتمبر من العام 2003 أن الكاميرون والجابون وغينيا الإستوائية قد توصلت إلى إتفاق مع الولايات المتحدة الأمريكية يسمح للجيش الأمريكى بإستخدام مطارات هذه الدول هذا بالإضافة لإتفاقيات أمنية أخرى تم توقيعها بين الولايات المتحدة الأمريكية وغانا وساحل العاج والسنغال وزامبيا, كما تدرس الولايات المتحدة الأمريكية حاليا خيار إقامة قواعدد جوية فى كل من بنين وساحل العاج ونيجيريا, والجدير بالذكر أن أهم الدوافع التى تسوق الولايات المتحدة الأمريكية إلى إقامة قواعد فى منطقة الساحل الغربى لأفريقيا هو تأمين خط النفط الذى يربط تشاد بالكاميرون والذى يضخ حاليا ما يعادل 250 برميل من النفط الخام يوميا عبر الأطلسى ومنطقة خليج غينيا الذى يتعدى إنتاجها النفطى خمسة مليون برميل من النفط يوميا, كما قامت الولايات المتحدة الأمريكية ببناء مطار (Roberts Field) الدولى فى ليبريا ليتم إستخدامه من قبلها لتزويد الطائرات العابرة للأطلنطى بالوقود هذا بلإضافة لإنشاء محطة إلتقاط تابعة (CIA) للتجسس على كل ما يبث من القارة الإفريقية, كما أن هنالك قاعدة (Omega) البحرية التى تحسب ضمن أكبر ستة قواعد أمريكية خارج الولايات المتحدة الأمريكية, أما التوجه الأمريكى للتواجد فى دول الساحل والصحراء فالهدف الأساسى منه وجود مخزون نفطى عملاق فى كل من ليبيا والجزائر ونيجيريا كما يهدف التواجد الأمريكى فى تلك المنطقة على حسب زعم الولايات المتحدة الأمريكية إلى مراقبة الصحراء الكبرى وذلك لظهور جماعات إسلامية تنتمى لتنظيم القاعدة وأن بلدان تلك المنطقة تشكل بؤرا لإنطلاق الحركات الإسلامية الراديكالية على حسب تعبيرهم, بيد أن هذا التبرير لا يشكل سوى إيجاد مدخل للولايات المتحدة الأمريكية للإستحواذ على النفط فى المنطقة والذى يمثل الهدف الرئيسى والحيوى فى إستراتيجيتها الخارجية, فقد قامت الولايات المتحدة الأمريكية فى إطار سعيها للتواجد فى هذه المنطقة بطرح مبادرة من قبل وزارة الدفاع الأمريكية البنتاغون (BENTAGON) فى عام 2002 أطلق عليها إسم مبادرة الساحل (Pan Sahel Initiative) حيث تم من خلال هذه المبادرة تقديم مساعدات عسكرية وتدريب للقوات فى كل من مالى وموريتانيا وتشاد والنيجر وقد خصصت وزارة الدفاع الأمريكية مبلغ 500 مليون دولار لرفع الكفاءة العسكرية لقوات عبر التعاون العسكرى مع تلك الدول تحت إسم مكافحة الإرهاب ومراقبة الحدود لتلك الدول, وفى عام 2005 قامت الولايات المتحدة الأمريكية بتوسيع هذه المبادرة لتشمل دولا أخرى مثل تونس والجزائر ونيجيريا تحت إسم مكافحة الإرهاب فى الساحل الإفريقى (Trans-Sahara Counter Terrorism ) وتم فيها تخصيص مبالغ ضخمة لإجراء تدريبات عسكرية لقوات تلك الدول وإمدادها بالأسلحة والمعدات اللازمة, ولا تزال هذه المبادرة قائمة حتى الآن وإنضمت لها العديد من دول غرب أفريقيا.
المتغيرات الراهنة فى منطقة الغرب الأفريقى:
المتابع للصراع فى منطقة غرب أفريقيا, يجد أن الصراع فى هذه المنطقة أخذ أبعادا لا يتصورها إلا الضليعين بالجيوستراتيجية والصراع بالمنطقة, فالدول الغربية والولايات المتحدة الأمريكية تحاول نسف الإستقرار فى منطقة الساحل الإفريقى فى إطار تنافس هذه القوى على الاستحواذ على مواردها لتحقيق أهداف جيواستراتيجية تعمل على تصاعد وتيرة الصراع بالمنطقة, ويتوقع معظم الباحثين أن تكون منطقة غرب إفريقيا مرشحة للعديد من الصراعات القادمة نتيجة لإكتشاف إحتياطات نفطية ضخمة بها مما يؤدى لزيادة حدة التنافس الدولى على المنطقة, الشىء الذى ربما يعمل على ترتيب الأمور فى المنطقة والذى حتما سوف يتعارض مع بعض مصالح حكومات المنطقة الإفريقية, قد شهدت منطقة غرب أفريقيا فى نهايات العام 2011 م وبدايات العام 2012 م, العديد من الأحداث الهامة كان أبرزها صراع السلطة فى ساحل العاج فى غرب أفريقيا الذى أتى بالحسن أوتارا لسدة الحكم عبر تدخل خارجى والقبض على الرئيس المنتهية ولايته غوبابغو وتصاعد وتيرة العنف بين مؤيدى الحسن أوتارا وأنصار غبابغو الشىء الذى جعل الوضع فى ساحل العاج غير مستقر حتى الآن,كما تصاعدت أعمال القرصنة فى خليج غينيا مما أدى لزيارة الجنرال كارتر حام (Carter F Ham) قائد القوات الأمريكية بأفريقيا (AfRICOM) لزيارة نيجيريا فى أواخر أغسطس من العام الحالى لمناقشة التعاون العسكرى بين البلدين وتنسيق الجهود لمكافحة ما يسمى بالإرهاب المتمثل فى النشاط المتزايد لجماعة بكو حرام فى نيجيريا ومكافحة القرصنة البحرية فى سواحل خليج غينيا,ونتيجة لهذه الزيارة أهدت الولايات المتحدة الأمريكية لنيجيريا السفينة الحربية (NNS Thunder F 90), والتى تحركت من سواحل ولاية كارلفونيا الأمريكية الإسبوع الأول من نوفمبر لتصل للساحل النيجيرى فى أوائل يناير من العام 2012 م الحالى, بينما تعهدت إسرائيل بدعم نيجيريا بمساعدات عسكرية وطبية فى إطار مجابهة القوات الأمنية النيجيرية لجماعة بوكو حرام,كما أعلن الرئيس النيجيرى جونثان قودلك عن عجز قواته الأمنية فى إحتواء العنف المتزايد فى نيجيريا,وقد شكل تفجير مقر الأمم المتحدة فى العاصمة النيجيرية أبوجا فى السادس والعشرون من أغسطس من العام 2011 م تحدياً للحكومة النيجيرية ولدور المنظمة العالمية الغير مرضى فى المنطقة, كم شكل عدم الإستقرار السياسى فى نيجيريا الناتج من تزايد نشاط حركة بوكو حرام, وأزمة زيادة الوقود, تساؤلات كبيرة عن ما تسفر عنه تلك الأوضاع داخل نيجيريا وتأثيراتها على الإقليم بأثره,كما شكل إجتماع قادة جيش كل من مالى والجزائر ومورتانيا والنيجر فى أغسطس من العام 2011 م تنسيقاً دفاعياً عسكرياً لمكافحة ما يسمى بالإرهاب فى منطقة الصحراء والساحل بمباركة أمريكية وتدخل كندى لتدريب عناصر من الجيش المالى لكافحة ما يسمى بالإرهاب, والجدير بالذكر قائد القوات الكندية (CEFCOM) الجنرال (Steurt Beare) قام بزيارة القيادة الأمريكية لأفريقيا (AFRICOM) وقام بمناقشة العلاقات التعاونية بين (CEFCOM) و (AFRICOM) من أجل تنسيق سياستهما فى أفريقيا للعام 2012 م, بينما شكلت المحاولة الإنقلابية الفاشلة فى غينيا بيساو والتى قادها أحد جنرلات البحرية يدعى (Nacho Bubo) فى السادس عشر من ديسمبر 2011 م أحد المحاولات لإرجاع منطقة الغرب الأفريقى وأفريقيا بأثرها لمربع الإستيلاء على السلطة بواسطة الإنقلابات العسكرية والتى يرفضها الإتحاد الأفريقى, وشكلت الثورة التونسية فى الشمال الأفريقى العربى والتى قضت على نظام الرئيس التونسى الأسبق زين العابدين بن على فى الرابع عشر من يناير من العام 2011 م,والثورة المصرية التى اسقطت نظام الرئيس المصرى حسنى مبارك بعد سقوط نظام زين العابدين بن على بفترة قصير, وقيام الثورة الليبية وسقوط نظام العقيد معمر القذافى الداعم الرئيسى للإتحاد الأفريقى وكل دول الغرب الأفريقى, دور فى التأثير فى منطقة الغرب الأفريقى, وعلى سبيل المثال تبنت قمة الإتحاد الأفريقى رقم 17 المنعقدة فى غينيا الإستوائية فى يوليو من العام 2011 م شعار دمج الشباب فى مشاريع التنمية المستدامة واضعة فى الإعتبار دور الشباب فى إسقاط الأنظمة الشمولية فى الشمال الأفريقى, وشكل خطاب رئيس غينيا الإستوائية الرئيس أوبيان مباسوقو (Obiang Mbasogo) رئيس الإتحاد الأفريقى نقطة تحول كبيرة نحو الإهتمام بشباب القارة الأفريقية وإهتمام القارة بحل مشاكلها وليس حل مشاكل أوربا أو أسيا أو أمريكا, بينما لا زال السلاح الذى تسرب من النظام الليبى السابق إتجاه الغرب الأفريقى يشكل هاجساً أمنياً لكل دول المنطقة, بينما شكلت أيضاً تداعيات الثورات العربية فى الشمال الأفريقى أثراً فى إحداث تغيرات فى النظام المغربى أدى إلى قيام إصلاحات جوهرية أدت لقيام إنتخابات برلمانية فاز فيها حزب التنمية والعدالة الإسلامى بالإنتخابات البرلمانية الشىء الذى مكنه من تشكيل الحكومة فى المغرب.
الخاتمة:
نتيجة للتحولات فى نمط العلاقات الدولية فى عصر الأحادية القطبية, وظهور دول صاعدة أخرى, تأثرت النظم الإقليمية بهذه التحولات فى العلاقات الدولية نتيجة لإرتباط هذه النظم بشبكة العلاقات الدولية السائدة, وعليه شهدت منطقة الغرب الأفريقى فى نهايات العام الماضى وبدايات العام الحالى تحولات كبيرة بصعود الحسن أوتارا وتربعه على عرش البلاد, وقيام النظام المغربى بإصلاحات أتت بحزب التنمية والعدالة للحكم عبر إنتخابات برلمانية,وتوترات فى المنطقة نتيجة للتصعيد الإعلامى الأمريكى لخطر تنظيم القاعدة فى المغرب العربى وجماعة بوكو حرام فى نيجيريا وخطر ما يسمى بالجماعات الإرهابية فى الصحراء والساحل الأفريقى, وتصاعد عمليات القرصنة فى منطقة خليج غينيا وحدوث إنقلاب عسكرى فى غينيا بيساو مما يؤشر على أن منطقة الغرب تشهد تغيرات تستهدف إعادة هيكلتها عبر خلق توترات تساعد فى عملية إعادة صياغة البنائات الإجتماعية لخدمة مصالح أطراف دولية فاعلة فى المنطقة.
عاصم فتح الرحمن أحمد الحاج
باحث وخبير إستراتيجى فى شؤون القارة الأفريقية ومتخصص فى شؤون القرن الأفريقى
asimfathi@inbox.com