ملحمة 30 يونيو .. ومصير البرهان!!

 


 

 

(وَقَالَ الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّ الْخَاسِرِينَ الَّذِينَ خَسِرُوا أَنفُسَهُمْ وَأَهْلِيهِمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ ۗ أَلَا إِنَّ الظَّالِمِينَ فِي عَذَابٍ مُّقِيمٍ) صدق الله العظيم ،،
المجد للآلاف تهدر في الشوارع كالسيول. العز والاجلال للشهداء الكرام. وعاجل الشفاء للجرحى والمصابين. التحية لشهيد بري، الذي مات تحت التعذيب، واظهرت الصور مستوى بشاعة الجريمة، التي ارتكبها رجال الأمن بحقه. التحية لتنسيقيات لجان المقاومة، التي نظمت المسيرات الهادرة، التي غمرت فضاءات الأرض، وملأت هتافاتها المدوية عنان السماء في جميع مدن وقرى السودان. التحية لتنسيقيات لجان مقاومة الخرطوم، التي أعلنت التصعيد، والإضراب السياسي، والعصيان المدني، حتى سقوط النظام. التحية لجموع الثائرات والثوار الذين كسروا الحواجز الأمنية، وابعدوا الحاويات، وعبروا الجسور، وقفزوا من اعلى الكباري والتحموا مع بعضهم !! التحية للآلاف الذين شيعوا الشهيد محمد أحمد (سيزر) من المستشفى حتى المقابر. التحية للثوار الذين اعتصموا امام مستشفى الجودة، يحرسون المصابين، ويحمونهم من الاعتقال. التحية لشباب الجنينة، الذين هتفوا في وجه حميدتي (تسقط بس). التحية للحاجة بخيتة العوض، المرأة المسنة، التي قادت مظاهرة الكلاكلة!! التحية لرجل جاء من اقصى المدينة يسعى، وهو يحمل كفنه فوق كتفه، ويقول إنه جاء من سنجة، ليقول للبرهان إما ان تقتلنا أو تذهب !! التحية للكنداكة لبنى محمد الأمين التوم، التي رحلت فجر الجمعة من القسم الاوسط الى سجن أمدرمان للنساء، وهي لم تبلغ الثامنة عشر بعد !! التحية لأكثر من ثلاثين فتاة اخرى، اعتقلن، ورحلن الى سجن النساء بأمدرمان يوم الجمعة، حيث لا مسؤول موجود ليطلق سراحهن!!
العار والشنار وسوء الخاتمة على البرهان، الذي ليشغل الناس عن ملحمة 30 يونيو، أصدر بياناً رسمياً باسم القوات المسلحة، كذب فيه على الشعب. إذ أعلن أن القوات الأثيوبية قتلت 7 سودانيين، ونقل اعلامه صور لصرعى من الاثيوبيين أنفسهم، وليس فيهم سوداني واحد. ولم يذكر اسم سوداني واحد، أو منطقته، حتى يعرف الناس أهله ويعزونهم في مصابهم. ألا يستحي البرهان أن يدعي أنه سوف يشتكي لمجلس الأمن، بعد أن كذبت إثيوبيا ومصر الخبر؟! وحين حرك قواته الى الفشقة، لم ينتقم من الأثيوبيين، وإنما قتل 7 شبان في أمدرمان خرجوا في مظاهرة عزلاً يطالبون بالحرية !!
يكفي البرهان خيبة، وضعة، أن يصم آذانه عن سماع هتاف الملايين، ويستمع الى بعض الأصوات الخائرة، البائسة، التعيسة، التي تظهر في كتابات الارزقية من الاخوان المسلمين، الذين ينصحونه بقتل ثلاثمائة من المتظاهرين في ساعة، حتى يخاف بقية الثوار!! ويقولون له هذه الصدمة مجربة ونجحت مع شعوب أخرى، والذي لايعرفه هؤلاء الفاسدون، هو أن الشعب السوداني ليس كمثله شعب!!
لقد صرح البرهان الكذاب، أكثر من مرة، بأنهم يمكن أن يسلموا السلطة، إذا تم توافق شعبي، أو اذا تمت انتخابات حرة نزيهة. وهو يعلم إن الانتخابات مستحيلة، في حالة عدم الاستقرار، ووجود النازحين واللاجئين، وعدم تنفيذ متطلبات السلام. كما إنها تحتاج الى تعداد سكاني شامل، ووضع قانون انتخابات، واجازته بواسطة برلمان، وصرف من حكومة قادرة ومستقرة، وكل هذا لا يوجد الآن. أما الاجماع الشعبي، فقد تحقق بملحمة ثلاثين يونيو التاريخية، إذ اتفق الشعب في جميع مدن السودان، بأغلبية ساحقة، على الحكم المدني وابعاد العسكر من السياسة .. فأي اجماع أكبر من هذا يريد البرهان ؟! هل اذا جمعت الاحزاب السودانية كلها كل عضويتها هل ستصل الى ربع عدد الذين خرجوا يوم 30 يونيو ؟! أم يريد البرهان أن يجتمع بمجموعة من فلول النظام السابق، وبعض الانتهازيين الجدد، ويعتبره إجماع الشعب ؟! ألا يكفي أن الآلية الثلاثية اجتمعت بهم في قاعة الصداقة، وقالت أنهم لا يمثلون السودانيين، واوقفت مشاوراتها معهم؟!
العار على رجال الأمن، الذين عذبوا شهيد بري، حتى مات بين ايديهم وهو فرد اعزل، إلا من شجاعته وصمامته، وهم جماعة كل فرد منهم، مجرد من كل قيمة انسانية. العار على فاقدي الرجولة، من رجال الشرطة، والأمن الذين عذبوا فتيات في عمر بناتهم، حتى ظهرت آثار التعذيب التي فضحتها الصور!! العار على قوات الشرطة المطيعة للانقلاب، والتي قامت حسب تصريح وزارة الصحة بولاية الخرطوم، برش المتظاهرين بمواد كيمائية حارقة، اتلفت اجسادهم، كما اوضحت الصور، وكما اوضح بيان لجنة الصيادلة التي كشفت تلك المواد.
إن الجرائم البشعة التي حدثت يوم 30 يونيو ضد أبناء هذا الشعب، لم تترك منطقة وسطى، ولا مساحة مساومة، أو اعتذار باستقرار.. فما ابانته الملحمة الخالدة، هو إما أن تكون مع الثوار، تتبع خطاهم ولا تحاول ان تتقدم عليهم، حتى يخرجوا بالبلد الى بر الأمان، أو أنت مع القتلة السفاحين، معذبي الأبرياء، ومعتقلي النساء، من فلول النظام السابق، وكتائب ظل الاخوان المسلمين ومرتزقة السياسة ولوردات الحرب الأهلية.
لقد قرأنا عدة بيانات، تصدر باسم شرفاء القوات المسلحة، يدينون ما فعله البرهان بالمؤسسة العسكرية. ولكننا لا نكتفي من حملة السلاح بمجرد البيانات. إن أمامهم الآن فرصة تاريخية لينحازوا الى شعبهم فيصححوا وضع مؤسستهم، ويرفعوا عن كاهلهم الحرج، الذي يحسونه عندما يقتل اخوانهم وتعتقل اخواتهم. إن عليهم التمرد على طاعة لجنة البشير الأمنية وإعلان العصيان عليها .. فإذا لم يخف الشابات والشبان العزل فمن الذي يعذر الجندي إذا جبن؟!
على منظمات المجتمع المدني، وتجمع المهنيين، ولجان المعلمين، وأساتذة الجامعات والمعاهد العليا، والمراكز الفكرية والثقافية، أن تدعم ميثاق لجان المقاومة. وعلى لجان المقاومة اعلانه وبدء تكوين المؤسسات على اساسه، ولو لم توقع عليه كل لجان المقاومة، أو بعض النقابات، لأن الاجماع التام مستحيل وانتظاره تعطيل لاكمال الثورة.
على البرهان أن يفكر في مصيره. فإن وضعه يشبه وضع القذافي، الذي خرج عليه معظم شعبه، يطالبونه بالتنحي، فشتمهم، ووصفهم بالجرذان، واستقوى بمن يؤيده من رجال أمنه وشرطته، على الجموع الهادرة، التي خرجت ضده. لقد أجمع هذا الشعب على زوال البرهان، فإن لم يستجب لنداء الشعب، فليذكر ماذا حدث للقذافي!!
1 يوليو 2022م

 

آراء