{1} إن تنظيم "الإخوان المسلمين" اعتمد على مجموعة من التعليمات وأضفى عليها قداسة , تماماً كتنظيم " المافيا" . يرتكز على الأسرة أو العائلة الجديدة التي يبنيها التنظيم لتكون بديلاً عن الأسرة السلالية المعروفة . وتتكون تلك المجموعة من تابوهات مقدسة ، غير قابلة للتفكيك ولا النظر النقدي . وهي مجموعة من الصمديات ، أهمها : • النص القرآني الديني للنسخة العثمانية ، هو نص مقدس . • الأحاديث النبوية ، وفق منهاج الجماعة للتمييز بين الأحاديث ، واختيار مجموعة منها لتكون مقدسة . ويختارها قادة الجماعة وتصبح مقدسة ، ويُكذبون أحاديث أخرى ، بدعوى أنها " إسرائيليات . • بعض الصحابة وأقوالهم التي تُجيزها الجماعة ، هي مقدسة. • التابعين وتابعي التابعين وأقوالهم ، حسب المنتقى منها بواسطة الجماعة ، هي مقدسة. • طاعة أولي الأمر من قيادات الجماعة ، وليس من الضروري معرفة كيف يتم ترفيع قيادة الجماعة ، فهو أيضاً موضوع مقدس. • المجتهدون ، حسب تصنيف الجماعة ، هم وأقوالهم مقدسون. • انتقاء مقولات مختصرة من فهم الجماعة كما تصنفها القيادة ، وتصبح مقدسة. • التراتبية التي ترها الجماعة منهاجاً ، هي أيضاً مقدسة. • إباحة الممنوعات من أجل مصلحة التنظيم ، مهما كانت بعيدة عن أخلاق الدين ، أو الأعراف الاجتماعية. • الأسرة هي الوحدة الأولية لتكوين الجماعة ، يرأسها واحد ، تختاره الجماعة. وتصير الأسرة أمراً مقدساً. وهي البديل عن الأسرة السلالية الطبيعية . • طاعة القيادة ، أياً كانت ، هو أمر مقدس. • النقاش والرأي ، هي خاصية للقياديين ، ويتم استخدامها في أضيق الحدود. • Responsible, Accountable, Consult and Inform لها عند المتأسلمين شأن آخر !. • المسئولية والقابلية للمحاسبة وتبادل الآراء مع الآخرين والتناصُح : هي منهاج لا تتبعه قيادة الجماعة إلا وفق رؤاها : المسئولية لقيادة الجماعة والقابلية للمحاسبة تحددها القيادة . وغالباً ما يترك أمرها لله، وتبادل الآراء بين أعضاء القيادة وحدهم والتناصح بينهم ، بدون إطلاع من جانب غيرهم. • رأي الجماعة يأتي في صورة " فتوى " ، وهي خاصة بالقيادة العليا ، والفتوى أمر مقدس، ويتم تصحيح الفتوى بفتوى لاحقة ، تصدرها قيادة الجماعة . • المنافقون هم في الدرك الأسفل من النار ، وهم أشد بُغضاً للجماعة من الكفار . • القراءة تُلهي ، ولا يقرأ الفرد المنتمي للجماعة إلا بتوصية من القيادة ، مع تحديد القيادة لما يقرأ . • النقاش والشورى هو أمر مرفوض لعامة أهل التنظيم ، وهو حق حصري للصفوة من قيادة الجماعة. • المال لدى الآخرين من غير المنتمين للتنظيم ، حق مُكتسب للجماعة . تسعى للحصول عليه ما وسعها السعي ، وتوزيعه على الأعضاء مقبول وفق القسمة التي تراها قيادة التنظيم . • مال الدولة ، هو مال جماعة التنظيم ، ولا دولة شرعية سوى الدولة المسلمة التي يقودها التنظيم إلى غاياته. • الضرورات تبيح المحظورات ، هو مبدأ عام لمصلحة الجماعة ، حتى لو خالف العقيدة أو أعراف المجتمع. • تغيير الاسم والأهداف والأغراض من ضرورات التقيّة . • البيعة ضرورية عند الانتماء للجماعة ، وهو أمر مقدس لا يجوز الخروج عليه ، وتفتدي البيعة بالروح.
{2} أنظر ديباجة وأهداف دستور الحركة الإسلامية – فرع السودان 2012 ، فهي تفضح المفاهيم والقيم التي تناقض الواقع الذي يعيشه الناس :
(الديباجة )
نحن أعضاء المؤتمر العام للحركة الإسلامية السودانية نؤكد مواصلة الحركة الإسلامية السودانية لسعيها في نشر الدعوة الإسلامية ورد الحاكمية لله تعالى في الدولة والمجتمع لتحقيق النهضة الشاملة للأمة على مبادئ الإسلام. وقد كان من أهم أدوار الحركة الإسلامية تقديم الإسلام في كل مجالات الحياة، حقاً وهدى ومنفعةً. فنافحت الحركة الإسلامية الأطروحات والفلسفات التي أرادت أن تُخرج الدين من ساحة السياسة والاقتصاد والعلوم الكونية والاجتماعية والإنسانية. فكافحت بالإسلام العلمانية والماركسية واشتراكية هاربة من مضارب الدين وديمقراطية مستنكفة عن التسليم لرب العالمين . فكانت الحركة في دُور العلم بالحجة والمنطق وفي ساحة المجتمع بالعمل الطوعي الإنساني الإسلامي ،وفي ساحة الجهاد دفاعاً عن الدّين والوطن ،كما كان من أهم ما أنشأت الحركة هو بناؤها التنظيمي .
فبفضل الله وتوفيقه ثم بالنيات الصالحة لأعضاء الحركة وتخطيطهم المتجدد والمرن، تواصل بناء التنظيم مرحلة بعد مرحلة استفادةً من الأفكار الجديدة والخبرة المكتسبة من ساحة العمل، وبلغت الحركة الإسلامية مدىً بعيداً في تعدد وتنوع وانتشار مؤسساتها التنظيمية. فالحركة التي بدأت بعدد قليل في وسط طلاب الجامعات والثانويات في أربعينيات القرن العشرين الميلادي، وبعض الشعب الجغرافية في أحياء العاصمة والمدن الأخرى تطورت لتكون حضوراً في جميع مؤسسات التعليم العالي والعام، وتعمل مع فئات المجتمع وقطاعاته والفئات المهنية مشاركة في النقابات والاتحادات والمنظمات الأخرى. وتوسعت جغرافياً لتغطي كل أقاليم البلاد. فأنشأت في الولايات منظمات الطلاب والشباب و أولت المرأة اهتماماً خاصاً ومكنتها من أداء دورها في كافة شعب الحياة. و سياسياً نما تنظيمها من جماعة ضغط وتنظيم صفوي ليصبح كياناً جماهيرياً واسع الصف ،متنوع العضوية قومي التركيب وفي ذلك اتساق مع مكونات الوطن. ونضج العمل السياسي للحركة الإسلامية ليشكل حضوراً فاعلاً في مؤسسات الدولة لتمكين الإسلام فيها. هذا التنوع النافع والانتشار الواسع لمؤسسات الحركة أسفر عن تحديات جديدة أمام الحركة، من أهمها تحدي وحدة هذه المؤسسات وتناسق أدوارها . وقدرة التنظيم على التوفيق بين هذا الانتشار الواسع وضبط المؤسسات والقيادات في إطار
(الأهداف )
والرسالة. لكل ذلك اتجهت الحركة لتطوير نظامها الأساس ،إلى دستورٍ يهتم بالإطار الكلي ويصوب إلى الغايات والمهام الكبرى، ليترك لهذه المؤسسات المتنوعة مجالاً مرناً لوضع لوائحها ونظمها في هذا الإطار. وقد اتجهت وثيقة الدستور إلى جانب العناية بالكليات التي تضبط وجهة الحركة، إلى حسم موضوع وحدة القيادة.. فهذا الدستور جعل المؤسسات السياسية والتنفيذية والتنظيمية والاجتماعية للحركة مؤسسات مستقلة، مرجعياتها فيما تنشئ من نظم وقوانين ولوائح وآليات، ليعطيها مصداقية في العمل في محيطها العام من خارج عضوية الحركة. بهذا نعلن التزامنا التام بهذا الدستور ونتعهد باحترامه وحمايته والعمل وفق أحكامه. {3}
ننقل لكم نص المقال الذي كتبه " صديق محمد عثمان / لندن ، في صحيفة "سودانايل " قديماً ،بعنوان " حوار مع صديقي الوطني (1) كأنموذج خروج الواقع عن أبجديات الفكرة . وهو صورة واقعية عن الحركة الإسلامية وعصبتها ، وقد تشطروا أجزاء، ولا يزالون يتمسكون بحركتهم الإسلاموية ، التي لا يرون بها من عيب ، بل العيب كما يرون في التطبيق:
{4}
النص : بسم الله الرحمن الرحيم *من الذي أمر بالطائرات لضرب القرى الآمنة وسلّح مرتزقة القبائل لقتل الأبرياء؟!! *هل حضر أي واحد اجتماع أجاز مبدأ التخطيط لاغتيال الرئيس مبارك ؟!! *عجزت القيادة السياسية عن استثمار إنجاز صيف العبور فغرقنا في بحر من الدماء واستشهد إخواننا مدافعين عن ميل لعين اسمه اربعين. *البعض سابق الخطة لإعادة الحياة السياسية وأجرى بحرا من الدماء بين الحركة وخصومها. سألت صديقي "الوطني" ،نسبة إلى حزب الحكومة السودانية المؤتمر الوطني : هل لديكم سياسة تصفية العنصر الأسود أو الزرقة من دارفور ؟!! .واستمتعت بمشاهدة علامات الدهشة والاستغراب تتحول في وجهه إلى ضيق وحنق شديدين ولسان حاله يقول" حتى أنت يا... " .ولكني أشفقت عليه من ان تناله سكتة قلبية ، فقلت أنا أعلم أنك شخصيا لم تحضر اجتماعا واحدا يجيز مثل هذه السياسة. وإلا كنت خرجت عليها ، بل لربما التحقت بإحدى حركتي دارفور المقاتلتين، ولكن ذلك ما يعلمه عنك أيضا الذين خططوا لإحداث فتنة دارفور والفتن التي قبلها !!
نعم يا صاحبي لقد كنا جميعا هناك .مثلك الآن ونحن نستغرب من يفعل هذا بثورتنا؟ من يسرق حلمنا؟!! ،ولكن البعض لم يكن يمهلنا للإجابة على تساؤلاتنا فما أن تنتهي فتنة حتى تبدأ أخرى .ونحن مجرد حطب في حريق كبير لا يتوقف لأن ثمة من يصب الزيت !!. أجل يا صاحبي خرجت" الحركة الإسلامية" ذات ليل تحمل سلاحا ملجوما بتعليمات صارمة ألا يستخدم إلا عند الضرورة القصوى . وبلغ تعريف الضرورة القصوى بأحدهم أن جعل أحد أفراد مجموعته ينفذ ليلة الانقلاب بدون ذخيرة بعد أن انتزع خزنة سلاحه الذي لم يكن أكثر من مسدس عيار 9 ملم. والوصف الدقيق لانقلاب 30يونيو1989 هو عملية فوقية تؤمن مسارات التقدم الديمقراطي للخيار الإسلامي، من أن تسد بواسطة العسكر كما حدث في تركيا والجزائر وتونس وغيرها وكما بدأ يحدث في السودان بمذكرة القوات المسلحة في فبراير 1989 . والضرورة القصوى منضبطة التعريف في فقهنا الإسلامي لا يتجاوز حدها وإلا انقلبت إلى ضدها. لذلك فهمنا أن الإجراء الفوقي سينتهي بنا إلى إعادة الحياة السياسية بأسرع ما تيسر ، وأشهد أنني حضرت مع الشيخ "حسن الترابي" أولى لقاءاته فور خروجه من السجن بعد الانقلاب. وقد كان لقاءا طلابيا جامعا فحدث مكاتب الطلاب بضرورة ترك الحياة السياسية بالجامعات كما هي عليه. وأذكر في ما قاله أننا قد كممنا الأفواه لفترة ولكن نريد ترمومتر يذكرنا بأننا نفعل ذلك، ويعلمكم معايشة الآخر ، ويدلنا على اتجاهات سياستنا، فإن كانت مقبولة لدى الشعب ، فاز طلابنا في انتخابات الجامعات وإلا فينبغي مراجعتها .
هل حضرت معي اجتماعا واحدا أجاز مبدأ تزوير انتخابات الجامعات؟. بل تعطيل اتحادات الطلاب لأعوام ؟!! هل حضر أي شخص في "الحركة الإسلامية" اجتماعا أجاز مبدأ التخطيط لاغتيال الرئيس المصري" حسني مبارك" في " أديس أبابا" في العام 1995؟!!! يا صاحبي لقد كنا نستغرب طول أمد الحريق في الجنوب العزيز، ونحن الذين بدأنا عهدنا بوعي باكر بضرورة وقف الحرب ونادينا بالسلام لأول عهد التغيير. وتقسمنا بيننا مقررات ملتقي الحوار الأول فحمل البعض ما يليه إلى قاعات الحوار في " فرانكفورت " و"أديس ابابا" و" كمبالا" و"ابوجا". وحمل الآخر ما يليه إلى ساحات الفداء، وبينما سطر شباب "الحركة الإسلامية" أروع ملاحم الفداء في الجنوب. وكسروا شوكة "الحركة الشعبية "التي أعجبتها انتصاراتها لعهد انكسار الجيش الوطني، فلم تعد تسمع غير صوت نفسها، وأنجزوا صيف العبور إلى شاطئ السلام. عجزت القيادة السياسية عن استثمار تلك التضحيات، بل انقلب الحال فإذا نحن الذين لم نعد نسمع سوى أصوات أنفسنا الأمارة بسوء استمرار الحرب حتى دخول" نمولي "!!!. ناسين سنن الله في خلقه {ويوم حنين إذ أعجبتكم كثرتكم} حتى جرت علينا السنن فإذا إخواننا الذين فكوا حصار "ننقلا " ودخلوا "ليريا" وقهروا خرافة "خور إنجليز" ليدخلوا" توريت" منصورين، إذا بهم يستشهدوا مدافعين عن ميل لعين اسمه اربعين!!!!
وفي كل ذلك كنا نعزي أنفسنا أننا ندافع عن " الدولة الإسلامية"!! ،ولكن من قال أن تاريخ الحق كله أصحاب الأخدود؟!! .من الذي جعل الدولة الإسلامية مدافعة؟!!!، بل أنا لا أزال أقارن بين العمل الفني الدقيق الذي تم في 30يونيو بحرص شديد على عدم إراقة دماء، وبين دماء غزيرة أريقت ليلة 28 رمضان بلا مبرر .ولا أجد إجابة لسؤالي كيف انتهينا من التزام صارم بإحداث تغيير فني غير مسبوق بدون دماء، إلى سفاكين للدماء؟!! من الذي أجرى هذا البحر من الدماء بين "الحركة الإسلامية" وخصومها؟!! من الذي كان يسابق خطتها لإعادة الحياة السياسية ليجعلها مستحيلة؟.
نعم ليس هناك سياسة تطهير عرقي لساكني" دارفور "، ولكن من قال أن المتورطين يجيزون سياساتهم بالإجماع في اجتماعات؟ .من الذي أمر بالطائرات لتضرب القرى الآمنة ؟. وسلّح مرتزقة القبائل لقتال المسالمين ؟ يا صديقي، يسألنا الناس لم لا تتركوا الإنقاذ وشأنها. وقد خرجتم عليها وتبرأتم منها فنجيب: وما هو شأنها؟ . ويذكرني السؤال بلقائنا بوفد وساطة العلماء لأول الأزمة فقد جاءنا بعضهم وقد أعجبه فقه علماء السلطان بأن ثمة بيعة في رقبتنا لشخص!! وهو الذي بيديه " الشوكة"!! .وعليه وحفاظا على جماعة المسلمين من أن يستأصلها ذو الشوكة وجبت طاعته، وكل ذلك الذي تعلم من فقه عهود الانحطاط الذي يعلي قدر الفرد فوق الجماعة، خلافا لكل تعاليم الدين السمحاء وتدريباته العملية اليومية في الصلاة والصوم والحج والزكاة. وأصدقك القول أنني كنت قد نسيت ذلك النوع من الفقه داخل قاعات كلية القانون بجامعة الخرطوم. وقد آلمني أن يلحق بي إلى قاعة فندق " الهيلتون" تلك الليلة، وأنا الذي ظننت أنني غير ملاقيه مرة أخرى . المهم في الأمر أننا ما تركنا مجلس علمائنا الأجلاء إلا وقد صاح أحدهم لأخر : أرأيت فقه إخواننا السودانيين، هم يقولون لك أن شوكتهم ليست عند شخص وإنما لدى الجماعة. وبيعتهم ليست لفرد إنما بيعة على إقامة معاني إن تنكبها فرد أو مجموعة أو خالفوهم لم يضروهم ما داموا على الحق. وأعجب من ذلك قول أكثرهم تطرفا في دعوته لطاعة ولي الأمر، أنه لفرط ما سمع من شكوى من " صعوبة" الشيخ "حسن الترابي" ، فقد كان على وشك أن يطلب منه أن يخلي سبيل إخوانه ليقودوا الناس بفقه أيسرهم لا بفقه العزائم . فإذا به يسمع منا كيف أن الشيخ "الصعب" قد رضخ ووازن بالدرجة التي تجعله يقدم الدستور اجتماعا ، فإذا تظاهروا عليه أخّره اجتماعين. فعلم أن ذلك ليس من فقه العزائم في شيء.
يا صاحبي لقد خرجنا على أهلنا متمردين لوجه الله . نبتغي إقامة مثال دولة المدينة، ولكننا ما كدنا نبدأ حتى انحدر بنا البعض سريعا إلى دولة الأمويين. يخوفون الناس بفتاوى عهد إرهاب فقهي وفكري ، ما هو من الخلافة الراشدة في شيء .
صدقني إن قلت لك أنني أتعاطف معكم ، فأنتم تحملون وزركم ووزرنا ولكنكم أخترتم ذلك فلا تلوموا الأخرين على خياراتكم . لا تلوموا "أمريكا " فهي لم تتغير إلا بقدر وهم بعضكم أنه قد صار شريكها المدلل في الحرب على " الإرهاب" . أو سذاجة بعضكم أنه يمول الحملة الانتخابية للديمقراطيين ليهزموا الجمهوريين كأن الديمقراطيين ليسوا هم الذين قصفوا مصنع "الشفاء "، فقط من أجل إعطاء انفسهم سندا داخليا حتى يلتقطوا أنفاسهم ليلاحقوا " بن لادن " في أفغانستان . لا تلوموا "بريطانيا "، فهي لم تتغير إلا بمقدار أن تبعث لكم بالسفير الذي طردتموه ذات يوم مبعوثا للسلام !!!. لا تلوموا حركات التحرر في دارفور. فالذي أشعل الحريق هو الذي استفزهم ليحملوا السلاح إن كانوا رجالا.. هكذا !!! لا تلوموا التجمع فما أخرج التجمع من البلاد إلى معارضة المنافي إلا الذي أدمن إشعال الفتن وجرجرة "الحركة الإسلامية " بعيدا عن أهدافها الأصيلة . وضرب أسفين بينها ومنافسيها. وإن كنت لا تصدقني فقل لي أي سياسة تلك التي تفصل تعسفيا طبيبا عاملا في مستشفى الخرطوم لمجرد أنه متزوج من ابنة مدير المخابرات السابق ؟!!. لا تلوموا " الشعبي" ، فنحن خرجنا عليكم وتركنا لكم الجمل بما حمل. وفي نيتنا وسياستنا المعلنة أن نسترد بضاعتنا عند منعرج اللوى . وقد شرعنا فور خروجنا في استردادها وبعضكم مشغول بأموال وأصول أكلها ظلما ، وبدار يحسب أنها كل ما لنا عندكم . ولا يرى في مذكرة التفاهم مع "الحركة الشعبية" استردادا لأصل سياستنا في السلام ، حتى يجد نفسه مسوقا إلى السلام عنوة . ولا يظن أننا جادون في قسمة السلطة والثروة ، حتى يبدأ أهل " دارفور" أخذ ما لهم عنوة أيضا . ولا يصدق مقولتنا حول التداول السلمي للسلطة ، حتى يجد نفسه يهرول عنوة أيضا نحو السيد "محمد عثمان الميرغني" ، يجالسه ويبذل له من الوزارات ما لا يملك . وينسى أن السيد " الميرغني" قد تعلم من ما لقيه السيد " الصادق المهدي ". ولا أزال اذكر لقاءنا بالسيد الرئيس عشية سفر الشيخ إلى جنيف للقاء السيد "الصادق " .
فقد سألنا الرئيس ذلك المساء عن ما سيبحثه الشيخ مع السيد "الصادق"، فأجابنا بالحرف الواحد أنهم مطمئنون إلى ان الشيخ والصادق لن يتفقا أبدا ، لأن ما بينهما منافسة على زعامة جيل!! .. ولكن الشيخ منذ البداية يصر على هؤلاء القوم – يعني الصادق والميرغني – ويكاتبهم ، لذلك سمحنا له بالذهاب إلى "جنيف" حتى يقتنع بنفسه . وبدلا من أن يقتنع الشيخ ذهب الرئيس إلى "جيبوتي" للقاء السيد " الصادق" ، ووقع معه نداء الوطن، ولكن السيد "الصادق " كان يعلم أن من بين مرافقي الرئيس في " جيبوتي" من يضمر نداء آخر . فقال لبعض مرافقيه أن الذي يريد الالتزام بما يوقع يحرص على القراءة والتعديل لإدخال ما يراه ولكن الذي يوقع دون تعديل لا ينوي الالتزام ، لذلك لا يهمه إن كان رأيه قد ضُمن أم لا !!. هل عرفت الآن أن ليس للإنقاذ شأن نتركها وأياه؟!!.
يا أخي لا تنتظر من أحد أن يأتي معترفا بأنه ورط الدولة كلها في فتنة دارفور، بل الذي يفعل ذلك ، سيستغرب عليك لومه ، لأنه لم يلام من قبل حين ورطنا في دماء 28 رمضان وفي بحر دماء الجنوب بعد صيف العبور. وفي فتنة " أديس أبابا" . بل ارتفع بأعماله تلك مكانا عليا ليتسلط عليكم اليوم ، ويصبح حيث لا مكان لملامته أو جرحه وتعديله إلا ببتره وذاك آخر الدواء كما يقول أهلنا البسطاء .