قادت الثورة شبابها من الجنسين، من الثلث الأول من ديسمبر 2018، وسقط الدكتاتور السابق فجر يوم 11 أبريل. رغم فداحة القتلى و الجرحى من الشهداء الذين زينوا لوحة نضال الشعب السوداني طوال ثلاثة عقود، فلم يحن الوقت بعد لنبش العدالة الغائبة، لتقوم بأعمالها العدلية.
وكلنا يعلم بسلمية التظاهرات، وقدّم الشباب نموذجاً حضارياً، لكيف يقدم الشعب التضحيات بسلمية، شهد بحضارية هذا المسلك الأعداء قبل الأصدقاء. وعلم به العالم الحر. تدخلت بعض الرتب العسكرية الأدنى، وفتحت أبواب القيادة للشعب، وهو ما جعل " اللجنة الأمنية " تُعجل بالخطة (ب). وتم تشكيل المجلس العسكري، ليأخذ التنظيم الجهنمي الفرصة ليعود من جديد. (2) تجمعت ذئاب الإخوان المسلمين، بكل تنظيماتها الجهنمية. والدولة الجارة والمحيط الإقليمي، لا يخفون عدائهم السافر ضد التنظيم. والبلدوزر الأمريكي لم يتخذ قراراً بإدراج تنظيمات الإخوان المسلمين في قائمة الإرهاب، فهنالك إرث ثقيل من دعم أمريكا بإداراتها جميعاً، من أعالي جبال آسيا إلى الشرق الأوسط والأدنى. وتوقف البلدوزر قبل أن يوقع القرار. اجتمعت أغلب الأطراف ضد التنظيم في السودان. وبدأ التنظيم الذي كان في السابق يحلم بحكم العالم، ها هو اليوم يهل، الذي كان ينتظره التنظيم، ولهم أن يتجمعوا بكل تنظيماتهم المختبئة، وكتائبهم الجهنمية، ليشيعوا الفوضى. منْ الذي يكسب المعركة ويخسر الحرب؟ كانت الفوضى هدف من أهداف التنظيم، فبه ستكون الأرض ممهدة لاستعادة المبادرة من جديد. وباستطالة وقت الانتظار، خططوا لمعركة فض الاعتصام بدموية مفرِطة. وخدعوا المجلس العسكري وقوات الدعم السريع، بأن القضية هي التخلص من ( جماعة كولونيا). ونفذوا المخطط بثلاثة قوات: قَدمتْ من منطقة "جياد" ومن الخرطوم بحري ومن كرري .وأطبقوا على المسالمين بقناصة يقفون فوق أسقف بنايات " مجمع البشير الطبية"، وبجنود على الأرض. وهجموا على معامل ومكاتب جامعة الخرطوم وقاموا بتدميرها. ونقلوا شباب مقيدين بأثقال إلى مياه النيل الأزرق. جريمة مكتملة الأركان. (3) ارتبك " المجلس العسكري"، فقد علم جزء منه بمخطط فض( جماعة كولمبيا)، ولم يكن في حسبانهم فض اعتصام القيادة العامة. ولم يكن يحسب حساب الجنود الذين قامت " مؤسسة الأمن والاستخبارات " بزرعهم ضمن " الدعم السريع". واختلف أعضاء المجلس العسكري، في نتائج فض الاعتصام الكارثية. وكان التنظيم يلعب بتفرقة المجلس العسكري، وتشتيت أعضائه. ونتج عن ذلك تضارب أقوال قادته، وفضحت تناقضاته المؤتمر الصحفي الذي عقده اثنين من أعضاء المجلس يوم 13 يونيو 2019. وانتشرت قوات "الدعم السريع" في الأحياء لتفعيل الفوضى وانعدام الأمن. صار الجنود يدخلون المحال التجارية، ويأخذون كل ما يريدون بلا ثمن. وصاروا يحلقون في المدنيين الذين يدخلون المحلات التجارية، يترقبون أي اعتراض. (4) انتظر التنظيم الجهنمي أن تعم الفوضى، ليأتي المخلص في المرحلة التالية، وكأنه سيخلص البلاد من شرور الفوضى. ويختفي التنظيم، في غبار الغموض الذي يحيط بالأزمة. وتنفتح أبواب الجحيم الأخرى، ويفتعلون قصة أخرى لعودتهم اللاحقة. نستغرب في الإعلان عن محاكمة الرئيس السابق في مخالفات مالية أو تملك أراض، ولديه وأعضاء مجلس ثورة الانقاذ والذين خططوا لعملية انقلاب 30 يونيو 1989، الذي يقضي بإعدام المشاركين: قانون قوات الشعب المسلحة الصادر في أبريل 1986، ينص في مادته رقم 47: التمرد: يعاقب بالإعدام أو بأي عقوبة أقل كل شخص خاضع لأحكام هذا القانون يرتكب أي من الأفعال الآتية: أ. الشروع أو التحريض أو تسبيب أو التآمر مع أشخاص آخرين لتسهيل أي تمرد على السلطة الشرعية. ب. المشاركة في أي تمرد. د. أن يكون حاضراً في أي تمرد ولا يبذل أقصى جهده لقمعه. هـ. أن يكون عالماً أو لديه سبب يدعو للاعتقاد بأن هناك تمرداً قائماً أو نية للقيام بتمرد أو مؤامرة ويتأخر في تبليغ ذلك إلى قائده أو أي ضابط أعلى. (5) كل محاولة لتغطية الفوضى من قبل المجلس العسكري، بذر الرماد في العيون الفاحصة من قبل الثوار، أو بذرها أمام عيون التنظيم الأسود الذي يخطط في مرحلته اللاحقة لاستعادة السلطة تحت مسمى آخر. ولم يبق لهذه الخطوة الثانية من قبل التنظيم إلا القليل من الوقت.