من أجل ابنائي (2) : عشة صغيرة
rafeibashir@gmail.com
من أجل أبنائي (2)
عشة صغيرة
الهوة في بعض بيوتنا شاسعة جدا في العلاقة اللصيقة بين الازواج والزوجات و الأبناء والآباء في التعامل الحياتي اليومي ، باسباب كثيرة منها ضيق الحياة ونكدها وشظفها وإقتارها ، مما يرمي على رب الأسرة ( الأب) هموما ثقيلة ، خصوصا إذا ظن رب الأسرة ان رزق اطفاله لا يأتي إلا بجده فقط ، وينسى (نحن نرزقكم وأياهم )، وينسى ، (وأمر أهلك بالصلاة وأصطبر عليها لا نسألك رزقا ، نحن نرزقك والعاقبة للتقوى )، ، (وفي السماء رزقكم وما توعدون) ، فيقل صبره ، وحيث أن كثيرا من الآباء يقومون بأدوراهم في إدارة أسرهم فقط خلال هذا المفهوم الضيق الذي ينعدم فيه الوعي بفضل الله أو إنكاره أو الجحود به ، او عدم الإلتفات له ، فيعتمد على نفس فقط ، دون الله ، هذا التفكير المجرد من بعض الايمانيات مع أبتلاءات الله في الرزق يحتم على الآباء ، أحيانا ، التعامل بجد وكد مفرطين ، فيصبح الأب في حال فشله في إيفائه بمتطلبات أسرته ، أكثر قسوة في بيته ، وينسى جانبا هاما من التعامل باللطف واللين والهون والتراحم مع أسرته ، فتقل الثقة وينقلب الحال.
كثير من الزوجات والأبناء يتخيلون أن هذا التغيير الذي طرأ على الوالد وعلى تصرفه معهم بعنف وبدون لطف ، انهم المعنيون وان تصرفاته موجهة إليهم ، و إنما حصل نتيجة ذلك نتيجة كره لهم ، وأنه قد كشف عن وجهه الحقيقي ، بعد أن كان جميلا ايام كان الزواج بكرا وعندما كانت الحياة لينة جميلة ايام الازاهير والوجه النضير ، فقسى ، وجفى ، ويفوت عليهم النظر للامر من الزاوية الاخرى ، بسبب العبء الكبير والهم الذي يحمله الأب في جلب لقمة العيش .
كثير من النساء يكرهن البيت لمجرد ان ترى ان تعامل زوجها قد تغير ، وترى وجهه عابسا ، ونفسه كابسا ، ونبرته قد تلونت ، فلا تعذره ولا تخفف عنه ولا تشاركه نفسيا ولا وجدانيا ، إفتراضا منها ديمومة الحب منه إليها ، وإستدامة النعومة عليها، واستمرار اللطف منه إليها ، بحكم عقلها العاطفي ، وبفعل الجمال الوجداني الذي حباها الله ، كيف لا وهي تخدم كالمكينة في البيت وتعمل كالمغزل في الأسرة ولا ترى سببا منها يجعل الزوج منقلبا عليها ، ربما تذهب بعيدا فتبدأ الوسوسات وانعدام الثقة ، فيجتمع عليها الخوف على ابنائا وأسرتها ، فينعكس ما على وجدانها على وجهها ، وعلى تصرفاتها و على أطفالها وعلى طباعهم وعلى حبهم للبيت وللأب ، ثم تطفو سحائب السأم والضجر على الأسرة .
لكن الأمر في غاية البساطة ، والسبب بسيط أذا قرأته ربة المنزل بما يستحق وأخذته بقدره ، وهو فقط أن تنظر للأب من زاوية اخرى ، وتقرأ ما تراه على وجهه على انه تراكم من عراك الحياة وتراكم من الهم على كسب لقمة العيش وأن ما تراه في وجهه هو عدم رضى من الزوج حتى على نفسه ، لتقصيره في إعمار بيته وعدم مقدرته الكفالة والإعالة والقوامة ، والإسعاد .
ولعلني أكشف سرا لإخواتي وبناتي النساء ولأبنائي وبناتي ، أن أكثر ما يحبط الأب ورب الأسرة الأ يفي بمتطلبات أسرته وتوفير حوجاتهم وإسعاد اولاده وزوجته وأعرف كيف يعكر هذا المزاج وكيف يزيد الهم وكيف ينهي سعادة الأب في دواخله ، وأعرف أن من الأباء من لا يفهم عدم التسخير والتسهيل من الله ، رغم جده وكده على انه ابتلاء من الله فيصبر ، ويعاود الكرة مرة تلو مرة فيصيب في هذه من رزق الله ويبتلى في تلك ، فينعكس ذلك على تصرفاته في بيته التي تنعكس بدورها على الصابرات في الخدور فيضجرن وعلى الحبيبات القوارير فيتحطمن في اليوم مئة مرة على وجوه ازواجهن المنفرة المتقدة بالنكد ، ثم يورث ذلك الابناء ، ثم تعم في البيت أجواء وسحائب الشقاء والجفاء.
وسرا آخر للرجال ولارباب الأسر ، أني لم أقابل أمرأة لم تحلم بزوج واقعي صبور جسور متقد الحياة ومتوقد الحراك يكبرها عقلا لين العريكة ، كريم ولو على عدم ، وأنيق في نفسه جميل في دواخله ، حكيم في ما ملك ، يديرها ويدير بيتها وعواطفها ، بلطف ويحنو عليها ويرحمها ويرحم ابناءئها ويحترمها ويقدر أهلها ، وزوج متق يعرف فيها وفي أسرتها الله ويوجههم إليه ، حتى وإن كان فقيرا او مسكينا ، سترضى معه بالقليل وتحبه وتبذل اليه النفس والنفيس، عن زوج غني إذا نطق جرح ، وإذا تكلم قرح ، وإذا دخل غضب وإذا خرج فرح ، واذا بذل فاعطى ، أعطى منا وأذى .
وسرا ثالثا أن بعض الاباء والله لا يستحقون نعمة الله في أسرة وزوجة وعيال ، بخيل قتور وفمه كالتنور ، لمجرد أنه يتوهم ان قوامة الرجال على النساء ، وملك يمينهن إنما هو ملك ودكتاتورية وسيطرة وفرعنة ، وأنه بذلك يكون السيد والرأس والكل والحاكم والمعطي والقابض والباسط والمسيطر على الهواء والأنفس والنفس، وللأسف هذا هو المفهوم السائد عند بعضنا لماهية الزوج والرجل ورب الأسرة .
إتقوا الله في النساء فإنهن عوان لديكم.
دعونا نتقي الله في الازاهير والقوارير اللاتي لدينا ، و ملكنا أيديهن بحق الله .
الرفيع بشير الشفيع
ثاني ايام رمضان 2016