من: الدايرة حكر لي تاج السر إلى مقام الدبة ضمان لي عثمان … بقلم: عمر الترابي
8 July, 2009
شواهد .. وعبر .. وجنود لم تروها!
الحِراك و التفاعل الراهن الذي يكتنف الساحة السياسية السودانية تفيؤاً بظلال الفتح الديمقراطي المرتقب و تقعيداً لأصول الممارسة السياسية المنضبطة و تأطيراً لها بما يخدم الشعب ويُسهم بإذن الله في تهيئة مناخ طيب أستطيع أن أدعي أن فيه ملامح مقومات معقولة لعافية مستقبلية و بشريات خير للوطن والمواطن، و الإستقراء المنطقي للأحداث يرشد المستعصم بمنطق الأسباب والمسببات أن هذا التفاعل الذي تشهده البلاد إنما هو أول مراحل المضي نحو المخارج السليمة للأزمات المتوالدة كلها بإذن الله، فهذا الحراك الداخلي والخارجي به تُستَعلى قيم الشورى والديمقراطية فتتلاقح به الأفكار لتنتج رأياً أحمل للصواب وأوعى للحق فيكون ادعى لأن تستهدي الناس به مما يُسهم في القرار الوطني العام سهم رُشد وحسن مآب، وبما أن الحزب الإتحادي الديمقراطي- الآصل في مواطن النضال- هو صوت الحركة الوطنية العلي الأصيل وهو أحد أهم الركائز العميدة للعملية السياسية في البلاد فإنه يعكس شيئاً من هذا التفاعل بحسبما يسمح الظرف، فلا بد من أن نتدبر شيئاً يسيرا من راهن حاله عل في ذلك تكون لنا عِبر وعظات.
اتخذ الحزب الإتحادي مواقف مبدئية واضحة راسماً أهم المعالم لخياراته في هذه المرحلة الدقيقة من تاريخ الوطن، وافترع عنها بعض المواقف التي اقتضتها الضرورة، فكان الموقف المبدئي للحزب أنه لا مجال لأي خطوة لا يُراعى فيها مصلحة و (مستقبل) الوطن، فكان الضابط الأقوى للطرح تختصره اللاءات الثلاث التي أُعلنت واضحةً عل لسان السيد رئيس الحزب مولانا السيد محمد عثمان الميرغني –حفظه الله- ، (أن لا للعداء لا للإقصاء لا للبغضاء)، فكان الخط العام هو أن تتمثل السياسات الوسطية منهجاً والوطنية شعاراً و العدالة والتنمية والسلام غاية .ولعل الجماهير الإتحادية المباركة التي انتظمت في ممارسة دورها في بناء الحزب من قواعده، تنسمت هذه المعاني، فخرجت المؤتمرات القاعدية للحزب بصورة باهية تسر الناظرين وتدل على وعي سياسي عميق، فتسارعت القلوب الوالهة إلى الوحدة والإتحاد واتقدت العقول التي أعملت الشورى و دراسة الخيارات و انتقاء الصواب، ومضت الإشارات المضيئة تباعاً فكان مؤتمر البحر الأحمر القاعدي وقد تزين بأبهي الحلل وأجمل الشعارات، وتسابقت الأفراح و فبدأت المناطق في تأكيد أهليتها للمارسة استحقاقها الديمقراطي، فكان مؤتمر الدبة الذي جمع الجموع الغفيرة، فملأت عواطف الفرح القلوب واشتاقت إلى هتافها العميد و إلى رابطها الأكيد فكانت اللحظات بديعة و المعاني فريدة فهتف الجمع أن الإستعداد هو بحشد كل مقتضيات الوطنية وبإعلاء كل القيم التي قام عليها هذا الحزب، وإجلالاً لأهل الفضل فقد تذكر الجمع نضالات قادة الحزب و خصو بالذكر جهود السيد رئيس الحزب و أعلنوا تقديرهم لها، وهو شأنهم فهم قومٌ يُنزِلون الرجال منازلهم وهم أهل تراث ثقافي وفكري وديني عظيم، لذلك بادروا وطمأنوا القيادة التي جاءتهم من العاصمة بقيادة الرجل الوقور الأستاذ ميرغني عبدالرحمن، أكدوا له أن (الدبة ضمان لي عثمان) و لكي يحمل الرسالة بصورة أوضح كان الشعار (الدبة أمان يا عثمان) ، وكان الهتاف الصادق "عاش أبو هاشم حوض العاشم" وأبو هاشم عند هؤلاء هو حوض عشمهم في حزب معافى منظم مؤسسي ديمقراطي، وأبو هاشم هو مدخلهم لوطن يسع الجميع يتعايش فيه الناس وتسمو فيه قيم المواطنة، وأبو هاشم هو شيخهم الذي يعلمهم أدب الطريق فينهي عن العداوات والحزازت ويسمو بهم فوق الصغائر و ينهى عن البغضاء وأبو هاشم هو أملهم في سودان آمن مطمئن يعيش أهله في ستر وعافية! فاضت حناجرهم من حيث لا يدرون ولا يعلمون .. قالوها بصوت خالجته كل الخواطر المكبوتة خلال السنين الماضية وأعلته كل آمال المستقبل، أفلا عاش أبو هاشم حوض عشم يبلغون به آمالهم في الدنيا، وشيخ طريق يبلغ بهم حوض جده –صلى الله عليه وسلم- في الآخرة؟! نعم عاش أبو هاشم حوض العاشم.وقد كان هذا الإحساس مدعاةً للتذكر والإتعاظ ، فكل الذين طالعوا الخبر تذكروا الدوائر الحكر واستحضروا مولانا تاج السر منوفلي عليه رحمة الله بحلة بهية وبوقاره المعهود وهو يتبدى بين هذه الهتافات براقاً كما عهدوه، فسبحان الذي جند هذه القلوب هناك وثبتها على الحق هنا هذا الثبات!
الركب الحادي يا نادي السر
الغاشي الماشي يا نادي السر
الطير في بلادوا يا نادي السر
الدايرة حكر لي تاج السر
الدايرة حكر لي تاج السر
إنها سطوة التاريخ وبريق الروح ! إنه المعنى الحقيقي لتشرب القيم حتى تصبح بهذه الوضاءة و ما أنبل لمحات الوفاء!، إنه الوفاء لطريق مات عليه أهليهم راضين رضيين، وصوهم به وعليه تركوهم وهم ثقوا أنه لا تنتهى حيات أولئك الراحليم بتوقف نبضات قلوبهم بل ستبقى أشياءهم حية فى العقول والقلوب –وقد كان- فسيبقى أملهم ماثلاً يستحق النضال من أجله، النضال من أجل وطن يسع الجميع من أجل حد أدنى من الوفاق والإجماع الوطني من أجل حلم وعشم لا حوض له إلا حوض أبو هاشم!
إنه ما بين هتافهم الدايرة حكر لي تاج السر .. والدبة ضمان لي عثمان، شواهد وعبر و جنود لم تروها!، أشياء يُقيضها الله ويسوقها بأمره ويغذيها بعونه وينميها، فبه الإعانة بدئاً وختماً سبحانه وحده له مِنح الإسناد الخفي واللطف العميم.
وهنا أتكئ على ما يقوله السيد ميرغني عبدالرحمن إلى أن العمل من أجل الوطن هو السبيل لتحقيق الخيارات الاتحادية ( فإذا ترجمنا حماسنا الدافق، ومشاعرنا الوطنية، وتقديرنا لزعيمنا ومشاربنا الصوفية) فإنه لا محالة سنكون قدمنا للوطن إضافة حقيقية، إن الخطاب الذي يتبناه الحزب اليوم يتحرى فيه في المقام الأول الوحدة الوطنية، فإننا المقام الذي نحن فيه مقام يستوجب العمل على خلق أرضية مشتركة وحد ادنى من الإجماع الوطني لتتبع المواقف التالية من بعده له.
إن مؤتمر الدبة يؤكد أن الرهان على اختلاف الإتحاديين رهان كاسد والسعي للإتجار بها هو عين البوار!، فلقد التأم الكثير منهم وسيمضون في هذا الدرب، فكلنا ثقة في أنهم لن يدعوا باباً للقاء إلا وطرقوه، ولن يتركوا فرصة للم الشمل إلا و اغتنوها، فإن الإتحاد والإئتلاف خير والشقاق و الإختلاف شر.
إن التحدي الإنتخابي على جسامته إلا أنه لم يشغل القيادة الحزبية من "الهم العام" ، و السعي الوطني الجاد نحو تحقيق الحد الأدنى من الإجماع الوطني الذي ظل الحزب ينادي به، فمن هنا كان من أبرز نتائج هذا التحرك ما بشر به السيد الناطق الرسمي بإسم الحزب حينما تحدث عن سفر السيد رئيس الحزب إلى مصر الحبيبة فكان أن أشار أنه –سفر مولانا السيد- سعيٌ نحو الوحدة الوطنية و تعضيدها ومحاولة لتوسيع أيدي المواثيق لتضمن الإجماع الوطني وتؤهل له، و بإذن الله تبُاَرك فكرة المؤتمر الذي سترعاه مصر ويعود بالخير على الوطن.
ونعود لنؤكد أن الغاية من كل هذا العمل وما سينتظمه إخوتنا في الأحزاب الأخرى من عمل إنما هو الوصول لما يُصلح البلاد والعباد، فلم تكن هذه الشعارات في يوم من الأيام مطية لإقصاء أحد أو ضد أحد، ولكنها من أجل معاني وطنية حبذا لو تشاركناها، لذلك نرى أن تغليب الخطاب الوطني بما يُصلح والنأي عن سياسات الإقصاء –لأي جماعة- هو أدعى لتحقيق الوحدة الوطنية و أقرب للسلوك الإيماني القويم.