من جديد: خليل وديبي. . . لقاء فوق العادة … تقرير: خالد البلوله ازيرق

 


 

 

في منفاه الذي غدا شبه اجباري بعد منعه من العبور الي قواته بدارفور، بدأ زعيم حركة العدل والمساواة الدكتور خليل ابراهيم ترتيب اوراقه السياسية عبر محور «الحوار السياسي» وليس التفاوض من علي منبر الدوحة الذي هجره بعيداً عن أعين الوسطاء، حيث التقي بطرابلس الليبية مقر اقامته بالمبعوث الأمريكي للسودان اسكود غرايشن، قبل أن يلتئم لقاؤه بالرئيس التشادي ادريس ديبي. لقاء ربما يحمل كثيرا من المؤشرات علي مستقبل العلاقة بين الرجلين التي ساءت مؤخراً لدرجة منعه من العبور عبر الاراضي التشادية الي العمق الدارفوري حيث قواته.

اذاً لقاء «خليل - ديبي» الذي اشير الي انه بحث قضايا السلام والتفاوض، يبدو أنه لم يكن مقتصرا علي تلك الملفات فقط، فهناك ملفات اكثر حساسية يبدو أنها كانت حاضرة بقوة فوق طاولة الجانبين خاصة ملف العلاقة المستقبلية بين نظام ادريس ديبي وحركة العدل والمساواة، التي يبدو ظاهرياً ان العلاقة بينهما قد ساءت مؤخراً بسبب التقارب بين الخرطوم وانجمينا، لتصل قمة تدهورها بعد الخطوة التي أقدمت عليها تشاد بطرد خليل ابراهيم من اراضيها، ومنعه من العبور الي دارفور، ولكن يبدو أن العلاقة الجديدة التي افرزها التقارب «السوداني التشادي» علي علاقة ادريس ديبي بحركة العدل والمساواة أنها في طريقها لتطور آخر، خاصة وأن هناك كثيرا من المؤشرات التي تشير الي صعوبة استغناء الرئيس التشادي ادريس ديبي عن خليفة خليل ابراهيم، فماهي التطورات الجديدة في علاقة «الرجلين» والتي قادت لاجتماع طرابلس أول امس!!

اللقاء بين ديبي وخليل الذي جري بطرابلس أول أمس يعد الأهم في لقاءات الرجلين في المرحلة الحالية، بعد ان كانت لقاءاتهما سابقاً روتينية ولا تحظي بكثير اهتمام للود وحالة التنسيق شبه الكاملة التي سادت العلاقة بينهما، وبعد حالة الجفاء ظاهرياً التي وقعت بين الرجلين نتيجة التقارب «السوداني التشادي» مؤخراً والذي قاد لتطبيع العلاقات بين البلدين بعد أن اتفقا علي طي صفحة «معارضة البلدين» من قبل الحكومتين، والذي دفع تشاد الي منع دكتور خليل ابراهيم من العبور عبر الاراضي التشادية الي دارفور بعد ان كان في زيارة الي القاهرة بحث من خلاله خطوات السلام في دارفور مع القيادة المصرية، ليحل به المقام بعدها بالعاصمة الليبية طرابلس. ورغم أن الاخبار الصحافية لم تحمل تفاصيل كثيرة حول لقاء الرئيس التشادي ادريس ديبي وزعيم حركة العدل والمساواة خليل ابراهيم، وطبيعة الملفات التي تم التباحث حولها، سوي ما أدلي به الناطق الرسمي باسم حركة العدل والمساواة أحمد حسين، الذي قال ان اللقاء ناقش قضايا السلام، وتأمين دكتور خليل علي موقف حركته الثابت من مفاوضات الدوحة وتجميد مشاركته فيها، وتحميله للحكومة مسؤولية ما يجري من تصعيد عسكري علي الأرض. ولكن الدكتور حسن الساعوري استاذ العلوم السياسية قال لـ«الصحافة» الراجح ان الاجتماع بغرض اقناع خليل بالذهاب للدوحة، ولكن الاشكالية في الاجتماع ليست خليل وانما ليبيا، لان الاجتماع ضم «القذافي وديبي وخليل» وهذا يرجح ان الاحتمالات الاخري فيه واردة، لأنه ليس هناك مايجعل ادريس ديبي يذهب لطرابلس لمقابلة خليل وهو الذي لم يقابله في انجمينا، وقال الساعوري ربما تكون هناك تسوية تمت بين العدل والمساواة وادريس ديبي بواسطة القذافي، واضاف «ان غموض التسوية يكمن في الوسيط الليبي الذي لن نستطيع ان نتنبأ بما يريد، فقط نتأكد انه ليس مع الخرطوم» ،وقال الساعوري اذا كانت التسوية علي خط ليبيا المعارض للخرطوم هذا معناه خط جديد، وربما تكون التسوية دفع خليل للذهاب لمفاوضات الدوحة بشروط تعجيزية لافشالها، أو ان يذهب للمفاوضات وان تنجح ليقوم خليل بعدها بدور كبير لتشاد وليبيا من داخل القصر، واضاف «يعني التسوية فيها مصلحة لليبيا وتشاد، وهذه لن تتم الا بوصول خليل للقصر»، واشار الساعوري الي ان المعارضة التشادية كذلك بدأت تتحالف من جديد واذا تمكنت من دخول تشاد قد لايستطيع ديبي مواجهتها لأنه كان يسخر حركة العدل والمساواة لحربها والآن صار مكشوفاً للمعارضة، ولكنه عاد وقال انها ليست مزعجة كثيرا لديبي لأن الجيش الفرنسي موجود».

وان كان الرئيس التشادي ادريس ديبي قد قال أول امس لقناة الجزيرة، انه تراجع عن مواقفه المؤيدة للمحكمة الجنائية الدولية بشأن السودان، واكد ان الرئيس عمر البشير اذا ما زار انجمينا سيحظى باستقبال كبير للغاية، واكد ان الاتفاق بين السودان وتشاد سيمضي للامام بلا اي انتكاسة، واضاف «لن نسمح لأي متمرد سوداني ان يدخل اراضي تشاد» ،وناشد المعارضة التشادية بالاستجابة لصوت العقل والعودة لاحضان بلادها للمساهمة في مسيرة الاعمار والتنمية، وامتدح ديبي، الدور الليبي في حل أزمة دارفور، ووصف دور طرابلس بالمحوري والمهم، واضاف ان قضية دارفور اثرت على كل دول الجوار «لذا نحن حريصون على حلها». التصريحات التي ادلي بها «ديبي» دفعت بعض المراقبين الي استنتاج أن لقاءه بخليل ربما يأتي في سياق دفع جهود السلام في دارفور بين الحكومة وحركة العدل والمساواة، وحث خليل علي الالتحاق بقطار التفاوض في الدوحة. فيما مضي اخرون الي أن اللقاء ربما يحمل مؤشر تحالف جديد بين الرجلين ان لم يكن علي ذات الطريقة السابقة، فبطريقة اخري، فالرئيس التشادي ادريس ديبي علاقته بحركة العدل والمساواة غدت شبه استراتيجية، وانه من المستبعد أن يضحي بتلك العلاقة دون احراز مكاسب أكبر من المصالح الاستراتيجية له مع حركة العدل والمساواة، لذا فان الرئيس ديبي ربما اراد أن يلطف بالغاء ما عكر صفو تلك العلاقة مؤخراً بعد ابعاده لخليل من تشاد، فيما يشير مراقبون الي أن ادريس ديبي ربما اراد ان يحتفظ بكرت حركة العدل والمساواة بيده، خاصة وان ملف طي صفحة المعارضة التشادية في الخارج لم ينته بعد، وربما راد ان يحتفظ بكرت «العدل والمساواة» واشهاره متي احتاج اليه، خاصة بعد ان اعلنت ثماني حركات تشادية متمردة أول أمس تحالفها، حيث اتحدت في تحالف جديد تحت مسمي «الحركة الوطنية لانقاذ الشعب» كما نشأ قبل شهر «الائتلاف الوطني للتغيير الديمقراطي» الذي يضم الجنرال محمد نوري، والذي انبثق من «اتحاد قوي المقاومة» الذي يضم ابرز الفصائل المتمردة، وقد وقعت الانشقاقات وسط المتمردين التشاديين علي خلفية تطبيع العلاقات السودانية التشادية، وهو التطبيع الذي كان من المفترض أن تنهي بموجبه الخرطوم وجود المتمردين التشاديين في اراضيها، وبالمقابل تفعل تشاد ذات الشئ. ولكن الدكتور ادم محمد أحمد عميد كلية الدراسات الاستراتيجية بجامعة الأزهري قال لـ«الصحافة»ان ابعاد خليل من تشاد كأنه سيناريو، وليس هناك عداء بين «ديبي وخليل» لأنه كانت هناك صعوبة واستحالة في دخول خليل لدارفور لأن الحكومة السودانية كانت علي علم بتحركات خليل من القاهرة الي تشاد وأعدت العدة لذلك، فالمسألة كأنها صعوبة في دخول خليل لتشاد، ولكن الاخراج جاء بهذا الشكل لتحقيق مكسب سياسي لتشاد، وقال ان تشاد تسعي للحفاظ علي كرت العدل والمساواة في يدها لأنها لو فقدت هذا الكرت تكون فقدت كل كروتها تجاه السودان، لأنها تسعي لتصفية وجود المعارضة التشادية بالسودان قبل تحقيق المصالحة في دارفور، لأنه اذا تحقق السلام في دارفور الذي يسعي له المجتمع الدولي والاقليمي دون تصفية المعارضة التشادية سيكون حينها موقف تشاد اكثر صعوبة، واضاف الدومة «مادامت المعارضة التشادية موجودة في السودان وبكل عتادها فان ادريس ديبي لن يحرق كل كروته، واذا فقد التشاديون خليل ابراهيم يكونون فقدوا كل كروتهم».

وكان الاتفاق السوداني التشادي قد نص علي اجلاء قوات المعارضة في البلدين من الحدود المشتركة حتى يسهل السيطرة عليها ومراقبتها من القوات المشتركة بين البلدين لمراقبة الحدود بابعاد المعارضة في البلدين الي بعد 500 كيلو متر داخل اراضي البلد المستضيف، وهو الاتفاق الذي نفذه الجانب السوداني الذي قام بابعاد المعارضة التشادية وقتها الي منطقة شرق ولاية شمال دارفور، فيما تقول تشاد ان قوات حركة العدل والمساواة ليست علي اراضيها وتقر بوجود بعض من قياداتها وانها قامت بطردهم من اراضيها بمن فيهم رئيس الحركة خليل ابراهيم.

 

khalid balola [dolib33@hotmail.com]

 

آراء