من قتل رانيا..!!

 


 

كمال الهدي
7 January, 2023

 

تأمُلات
. قرأت الكثير عن مقتل مغنية الراب السودانية رانيا بدر الدين وسمعت روايات متباينة حول القاتل وشقة الإيجار وغيرها قبل أن تؤكد لي مصادر ذات ثقة عالية قريبة من أسرة المتهم الأول في قتلها معلومات أسمعها لأول مرة.

. تقول مصادري أن أسرة المتهم تسكن في بيتها بالقرب من محل المحاميد للأثاث بحي الأملاك ببحري، وأن لدى العائلة التي تنحدر من مناطق الشايقية شقة ملحقة بالمنزل خُصِصت لابنهم المتهم في مقتل رانيا.

. وتضيف المصادر أن المتهم يقضي أوقاتاً قصيرة من اليوم في شقته لكنه يسكن وينام بصفة دائمة داخل منزل أسرته وأنه عندما يخرج من شقته لا يغلق بابها بالمفتاح.

. وتضيف المصادر (حسب روايات والدة وشقيقة المتهم) أن ابنهم تربطه علاقة صداقة بابن أحد الوزراء، وفي ذات مرة زاره صديقه ابن الوزير برفقة القتيلة في شقته.

. ثم بعد ذلك بأيام دلف المتهم إلى شقته فوجد القتيلة وهي تقف أمام أحد الجدران وتضرب رأسها به بقوة فحاول إيقافها وقبل ذلك سألها عن سبب حضورها لشقته ودخولها في غيابه فتطور الأمر لشجار لفظي بينهما انتهى بضربه لها بطاولة بلاستيكية بقصد إيقافها عن ضرب رأسها بالجدران (حسب الرواية) لكنها سقطت مغشياً عليها فصُدِم المتهم وخرج من الشقة مغلقاً الباب وراءه، ولم يُعرف الأمر إلا بعد بلاغ والد المتهم.

. وحسب ذات المصادر فإن والدة القتيلة التقت بأسرة المتهم وقالت لهم بالحرف " ليتكم تواصلتم معي قبل الإبلاغ عن موت ابنتي حتى أمنعكم عن ذلك واحملها في أي عربة وأدفنها في صمت".

. فوالدة القتيلة كانت قد عالجت ابنتها من الإدمان حسب الرواية، لكن يبدو أنها ما شفيت منه تماماً حتى لحظة موتها.

. وهذا يقودني لأمر استغربته كثيراً من الإعلام والمجتمع وكل أحزابنا المناهضة للانقلاب وقادة الحراك، أعني التركيز على النتائج مع اغفال أصل المشكلة أو عدم منحها ما تستحقه من اهتمام.

. فالواضح أن المخدرات انتشرت وسط شبابنا انتشار النار في الهشيم.

. والأمر لم يعد مقتصراً على أماكن بعينها، فحتى في الأحياء القديمة التي يعرف أهلها بعضهم البعض يلاحظ أن الشباب وبعض الكبار يتعاطون المخدرات (على عينك يا تاجر) دون احترام للآخرين أو خجل منهم.

. مثل هذه المؤشرات الخطيرة على ما يريده لنا أعداء الوطن والإنسانية تمر مرور الكرام بينما يتناقش الناس ويتناقلون أخبار القتل والنهب والسلب.

. فما الذي نتوقعه مع مثل هذا التداول الواسع للمخدرات غير انتشار الجرائم الغريبة في البلد!

. قتلة الشباب يلجأون لمختلف الوسائل للتخلص من هذه الشريحة الهامة، والمخدرات بشكلها الحالي أشد هذه الوسائل فتكاً، وليتنا ننتبه لذلك ونجتهد ونبحث عن طرق مبتكرة لمحاربتها.

. لن يكون لهذا البلد أي مستقبل حتى لو أزحنا الطغمة الحاكمة غداً ما لم ننتبه ونقر بمشاكلنا المجتمعية التي استفحلت.

. حتى وقت قريب ظللنا ننبه لمساعي السلطات لاستغلال الكرة وتخدير الجماهير بها وها نحن نعيش مرحلة وجدت فيها أطراف عديدة الفرصة مواتية لترويج ونشر وتوزيع كافة أنواع المخدرات على أوسع نطاق.

. المخدرات صارت آفة شديدة الخطورة وأزمة عميقة تتطلب تضافر الجهود المخلصة لمحاربتها سواءً بالضغط الجماهيري على السلطات لإيقاف هذا العبث أو بالوعي المجتمعي وتعزيز دور الأسر السودانية التي تخلى معظمها عن دور التربية وتركوا أبناءهم وبناتهم لقمة سائغة لبعض الوحوش والمجرمين فكانت النتيجة الطبيعية ما نعيشه الآن.

. لن تنجح الثورة في تحقيق أهدافها، ولن تقوم لنا أي قائمة ما لم نقض على هذا الداء العضال ونوقف العابثين بمستقبل أجيالنا عند حدهم.

. فلا يمكن أن نحلم بمستقبل مشرق ونؤمل في تحقيق أحلامنا والكثير من شباب وأطفال الوطن يلهثون ليل نهار وراء المخدرات وحقن الأنسولين وأدوية الكحة القوية التي باتت إحدى وسائل التخدير لمن لا يملكون المال الكافي لشراء الآيس وبقية أنواع المخدرات.

. مستقبل شنو وثورة شنو الدايرنها تكتمل في مثل هذه الأجواء ومع مثل هذا الإهمال الأسري الذي لم نر له مثيلاً طوال حياتنا في هذا السودان!

. أفيقوا من سباتكم، وأصحوا من أحلامكم الوردية وواجهوا مثل هذه المشاكل بالغة الصعوبة قبل أن نفقد كل شيء.

kamalalhidai@hotmail.com

 

آراء