من وحي المقاطع والصور

 


 

محمد عتيق
28 January, 2019

 


خارج المتاهة / 

 

—————————-

‏على مدار الساعة واليوم تضج مواقع التواصل الاجتماعي السودانية بالصور ومقاطع الفيديو التي توثق لمجريات وأحداث الثورة الملتهبة علي امتداد المدن السودانية، ‏وهي على صنفين أو نوعين فيما أرى، الأول : يعكس المستقبل وما سيذخر ‏به من جدية، إخاء وتنمية، ‏عدل، اندماج وطني وصيانة ‏للحقوق ؛ ‏تراها في مناظر تعكس حجم المشاركة النسائية وعموم الشبابية من الاجيال الجديدة، تلمع فيها الوجوه المليئة بالعزم والبِشر، تضيئها الثقة في الغد، الغد الذي تفيض فيه ‏الحقول إنتاجاً بهياً، وتهدر المصانع ‏وينتشر التعليم الحديث كماً ونوعاً، وتنتصب ‏المؤسسات الصحية ‏المبذولة للجميع أينما ذهبت، وحياة تحكمها قوانين مستقيمة تحرس العدل والحرية والتسامح، يعيشها الناس ويستنشقونها في الغدو والرواح، ‏وتمتد فيها الطرق البرية والحديدية شباكاً تربط أجزاء القطر مبذولةً لأسباب الوحدة والاندماج كما هي للتجارة والتنمية، ‏وتضوع فيها الثقافات بألوان وأريج هي ألوان وأريج التعدد الثقافي والعرقي الذي نتميز به وترتسم في هذه الوجوه بديعة الألوان والسحنات .. ‏هو المستقبل الممهور بدماء وحيوات ابناء اعزاء بررة بذلوها ‏في صيانة سلمهم وسلميتهم، حمايةً ‏حتى لمن يقومون بدور الأعداء من أجهزة الأمن والشرطة، ‏واستردت الأديان هيبتها وحقائقها فتعود إلى دورها الأصيل في صيانة قيم الحق والفضيلة والأخلاق النبيلة، وفي نصرة الكادحين وحقهم في الحياة والصحة والتعليم والعمل .. ‏هنيئاً لكم أجيالنا الجديدة، وهنيئاً لوطنكم العملاق بكم وأنتم تشمخون به لذرى جديدة في تاريخه...

والثاني من نوعي مقاطع الفيديو : ‏هو المقاطع التي تصور عملية إلقاء القبض : تنهال مجموعة ملثمة من أفراد الأمن علي الشاب المعتقل ضرباً بالعصي وقطع الخرطوش الأسود ومؤخرات البنادق بكل قوة وعنف، لا يهم ‏مكان الضرب : في الظهر والرأس والعين، هي مناظر تعيد الذاكرة الي أيام الانقلاب الأولى، ايام بيت الأشباح الرئيسي سيئ الصيت في الخرطوم، انها نفس مناظر (حفلات الاستقبال) : الفريسة في الأرض والذئاب يصبون عليه ‏حقداً عجيباً تثير في ذهنك التساؤلات المندهشة ؛ ‏عن وحدة الفريسة والذئب في الوطن والدين (غالباً) والإنسانية ؟؟ ‏عن هل هي الثارات بينهما كما كانت بين الأقوام والقبائل في القرون الغابرة .. ثم عن ‏الممكنات المختلفة في النفس البشرية، عن حدود الطبيعي والمنحرف فيها، عن دوافع ومسببات ذلك الانحراف : شهوة التسلط ؟ حماية السيد ؟... إلى آخره من الاحتمالات المريضة ... ‏

هي نفس محاولات الإهانة والإذلال ‏تقابلها مناظر الصمود ‏والإصرار، فكما توارثوا الوسيلة المنحطة على مدى ثلاثين عاماً توارث الشعب قيم الثبات والصبر جيلاً بعد جيل ..

‏غير ان وحدة الطبيعة والمنهج بين (الاسلامويين) في كل مكان جاءت بارزةً في الجديد الذي ظهر في وسائلهم، فبجانب الضرب والتعذيب البدني والمعنوي جلب القوم وسيلة الدهس بالسيارات كما يمارسها رصفاءهم من (داعش والقاعدة) في بعض مدن فرنسا وألمانيا وبريطانيا منذ خمسة أعوام ...

أبت نفسي ان تخاطبهم بالإخوة او الأبناء، لكن مضمون المخاطبة هي ان منطق الواقع والتاريخ في مصائر الأنظمة والممالك يقول بحتمية سقوط هذا النظام، فما الذي ستكسبون بعد قتل شباب ممتلئ بالشجاعة وحب الوطن ؟؟ كيف حال ضمائركم وقد فقأتم عيناً لشاب وبترتم ساعداً لآخر من انبل ابناء هذه الارض ؟؟ هل ستضحكون مع أطفالكم وإخوتكم والواحد منكم قد (جلد) فتاةً لانها خرجت تهتف شوقاً لحياة حرة كريمة بديلاً لحياة الذل والملاحقة التي رسمها لها نظام قادم من عصور الظلام والانحطاط ؟؟ .. صدقوني ؛ من لديه منكم نتفةً من ضمير تصحو يوماً ما سيموت بها، والمحروم حتي من هذه سيعيش منبوذاً مسحوقاً ذليلاً حتي بين أهله وعشيرته ..

atieg@icloud.com
//////////////

 

آراء