من يملك رؤية أفضل.. عليه أن يقدمها
زين العابدين صالح عبد الرحمن
8 October, 2023
8 October, 2023
أن الحرب سوف تستمر مادامت العملية السياسية قد عجزت أن تفتح أفاقا جديدة للحل، تتجاوز بها طريقة التفكير القديمة للنخب السياسية و المثقفين السودانيين، هناك العديد من طلبات المقابلة قدمت لرئيس مجلس السيادة من قبل القوى المدنية، و كل يريد أن يقدم رؤاه لقائد الجيش، بعد ما لاح خبر تشكيل حكومة طواريء، و البعض يسميها تصريف أعمال، و آخرين يطلقون عليها فترة إنتقالية، و غيرها من التسميات لكن الهدف واحد هو كل مجموعة تعتقد أنها هي الأجدر من الأخريات و يجب ان تسلم لها السلطة. أن عملية الجري وراء السلطة و الانفراد بها هي الفكرة التي قادت للحرب، و مادام النخب تفكر بذات الطريقة السالبة سوف تتمسك بذات العوامل التي تؤدي للفشل. و السؤال لماذا لا تريد النخب السياسية السودانية أن تغير طريقة تفكيرها؟ و الحرب يجب أن تكون خلقت واقعا جديدا للتفكير المنطقي، الأفضل لهذه النخب أن تقدم تصورات جديدة تتخطى بها كل رواسب الماضي. أن النتائج المغايرة لا يمكن أن تتأتى بذات الأفرضات السابقة، لابد من قراءة المشهد السياسي و نتائجه بمنهج جديد و افتراضات جديدة توسع فيها دائرة المشاركين في دراسة الواقع.
كل مجموعة تتوافق أفكارها يحق لها ديمقراطيا أن تقدم رؤيتها للحل، و لكن لابد أن يكون لها قناعة أن هذه الرؤية تعتبر جزءا من آراء أخرى سوف تقدم من مجموعات مختلفة، هذه القناعة بالأخر و دوره في تأسيس الدولة، تعتبر طريقة جديدة لفتح منافذ الحوار بين المجموعات جميعها. لكن اصرار كل مجموعة بأنها وحدها التي يحق لها أن تقود الآخريات، و على الآخرين أن يقدموا فروض الطاعة و الولاء، هي طريقة سوف تؤدي إلي صراع يتولد منه العنف. و يبقى السؤال: هل النخب تبحث عن تشكيل حكومة مدنية لفترة إنتقالية، أم أنها تبحث عن تأسيس لدولة على أسس جديدة، من خلال إعادة النظر في هياكلها و مؤسساتها و طريقة الحكم؟ هاذان طريقان مختلفان تماما، الطريق الأول سوف يؤدي لذات النتائج السابقة عدم الاستقرار السياسي و الاجتماعي، لأن المجموعات سوف تتقاتل من أجل السلطة و كل واحدة تعتقد أنها أحق من الأخريات. أما الثانية سوف تجعل الكل مشاركا في عملية التأسيس من خلال مائدة حوار تتناول الدستور و نظام الحكم و توزيع الثروة و السلطة، و غيرها من مطلوبات الدولة، و لا تشعر أي قوى سياسية أنها منبوذة و تتخذ ما تراه هي مناسبا، بل على الكل تهيئة بيئة الحوار، و بذلك سوف تتوقف حالات العداء و التأمر. و توكل السلطة لكفاءات مستقلة ذات خبرات إدارية و سياسية و نزاهة و شفافية. وفق المعايير التي يتفق عليها.
أن حالة الاحتقان السائدة الآن ناتجة عن صراع حول السلطة، و كل مجموعة تريد أحتكارها وفقا لتصورها، و إذا أوكلت السلطة لكفاءات مستقلة سوف تقل المناكفات بين القوى المدنية و خاصة الأحزاب، و يصيح دور الأحزاب و القوى المدنية سياسي في ساحة حوار تؤسس للدولة الجديدة. و لكن لابد أن يكون هناك تناغما بين السلطة المدنية و المؤسسات العسكرية، خاصة أن البلاد تحتاج لاستقرار أمني يتطلب نزع السلاح من كل المجموعات المسلحة و من الأفراد و القبائل حتى يصبح السلاح فقط عند القوات المسلحة. هذه العملية لا يمكن انجازها في حالة المناكفة بين الطرفين. العملية السياسية في حاجة لطريقة تفكير جديدة، تؤسس على الحوار و تقديم الرؤى و التصورات بدلا عن حالة الاستقطاب الحادة تؤسس على مع و ضد.
و التفكير الجديد يذكرني ما كتبه أدور سعيد في مقدمة كتابه " المثقف و السلطة" يقول في المقدمة ( من المهام المنوطة بالمثقف أو المفكر أن يحاول تحطيم قوالب الأنماط الثابتة و التعميمات " الأختزالية" التي تفرض قيودا شديدة على الفكر الإنساني و على التواصل ما بين البشر) أن واحدة من سلبيات السياسة في السودان الصراع الأيديولوجي، و هو ليس صراعا فكريا يؤسس على المعرفة و يغذي المكتبة السياسية و الثقافية بأدب سياسي يصحح المفاهيم الخاطئة، يخرج الناس من حدة الصراع بين الأيديولوجيات، إلي الحوار الفكري المفتوح بين التيارات المختلفة. لكن ما يشاهد اليوم هو صراع عدمي نتائجه سالبة، و قد تأثرت به سلبا القوى السياسية الأخرى غير المؤدلجة. و يجب على النخب السياسية و المثقفين الذين وجدوا انفسهم في دائرة الاستقطاب أن يعيدوا النظر في هذا المسار حتى يخرجوا العملية السياسية من دائرة الصراع الصفري إلي الحوارات الفكرية المفيدة، بهدف خلق وعي جديد في المجتمع، وعي بناء و ليس هادم. نسأل الله حسن البصيرة.
zainsalih@hotmail.com
///////////////////////////////
كل مجموعة تتوافق أفكارها يحق لها ديمقراطيا أن تقدم رؤيتها للحل، و لكن لابد أن يكون لها قناعة أن هذه الرؤية تعتبر جزءا من آراء أخرى سوف تقدم من مجموعات مختلفة، هذه القناعة بالأخر و دوره في تأسيس الدولة، تعتبر طريقة جديدة لفتح منافذ الحوار بين المجموعات جميعها. لكن اصرار كل مجموعة بأنها وحدها التي يحق لها أن تقود الآخريات، و على الآخرين أن يقدموا فروض الطاعة و الولاء، هي طريقة سوف تؤدي إلي صراع يتولد منه العنف. و يبقى السؤال: هل النخب تبحث عن تشكيل حكومة مدنية لفترة إنتقالية، أم أنها تبحث عن تأسيس لدولة على أسس جديدة، من خلال إعادة النظر في هياكلها و مؤسساتها و طريقة الحكم؟ هاذان طريقان مختلفان تماما، الطريق الأول سوف يؤدي لذات النتائج السابقة عدم الاستقرار السياسي و الاجتماعي، لأن المجموعات سوف تتقاتل من أجل السلطة و كل واحدة تعتقد أنها أحق من الأخريات. أما الثانية سوف تجعل الكل مشاركا في عملية التأسيس من خلال مائدة حوار تتناول الدستور و نظام الحكم و توزيع الثروة و السلطة، و غيرها من مطلوبات الدولة، و لا تشعر أي قوى سياسية أنها منبوذة و تتخذ ما تراه هي مناسبا، بل على الكل تهيئة بيئة الحوار، و بذلك سوف تتوقف حالات العداء و التأمر. و توكل السلطة لكفاءات مستقلة ذات خبرات إدارية و سياسية و نزاهة و شفافية. وفق المعايير التي يتفق عليها.
أن حالة الاحتقان السائدة الآن ناتجة عن صراع حول السلطة، و كل مجموعة تريد أحتكارها وفقا لتصورها، و إذا أوكلت السلطة لكفاءات مستقلة سوف تقل المناكفات بين القوى المدنية و خاصة الأحزاب، و يصيح دور الأحزاب و القوى المدنية سياسي في ساحة حوار تؤسس للدولة الجديدة. و لكن لابد أن يكون هناك تناغما بين السلطة المدنية و المؤسسات العسكرية، خاصة أن البلاد تحتاج لاستقرار أمني يتطلب نزع السلاح من كل المجموعات المسلحة و من الأفراد و القبائل حتى يصبح السلاح فقط عند القوات المسلحة. هذه العملية لا يمكن انجازها في حالة المناكفة بين الطرفين. العملية السياسية في حاجة لطريقة تفكير جديدة، تؤسس على الحوار و تقديم الرؤى و التصورات بدلا عن حالة الاستقطاب الحادة تؤسس على مع و ضد.
و التفكير الجديد يذكرني ما كتبه أدور سعيد في مقدمة كتابه " المثقف و السلطة" يقول في المقدمة ( من المهام المنوطة بالمثقف أو المفكر أن يحاول تحطيم قوالب الأنماط الثابتة و التعميمات " الأختزالية" التي تفرض قيودا شديدة على الفكر الإنساني و على التواصل ما بين البشر) أن واحدة من سلبيات السياسة في السودان الصراع الأيديولوجي، و هو ليس صراعا فكريا يؤسس على المعرفة و يغذي المكتبة السياسية و الثقافية بأدب سياسي يصحح المفاهيم الخاطئة، يخرج الناس من حدة الصراع بين الأيديولوجيات، إلي الحوار الفكري المفتوح بين التيارات المختلفة. لكن ما يشاهد اليوم هو صراع عدمي نتائجه سالبة، و قد تأثرت به سلبا القوى السياسية الأخرى غير المؤدلجة. و يجب على النخب السياسية و المثقفين الذين وجدوا انفسهم في دائرة الاستقطاب أن يعيدوا النظر في هذا المسار حتى يخرجوا العملية السياسية من دائرة الصراع الصفري إلي الحوارات الفكرية المفيدة، بهدف خلق وعي جديد في المجتمع، وعي بناء و ليس هادم. نسأل الله حسن البصيرة.
zainsalih@hotmail.com
///////////////////////////////