مواكب السادس من أبريل في السودان و أقوال الفلاسفة

 


 

طاهر عمر
7 April, 2022

 

يوم أمس السادس من أبريل عيد الشعب السوداني و إنجازه العظيم في تحقيقه لمفهوم جديد و هو أن من يقوم بالتغيير هو الشعب و ليس النخب و القادة و المثقفين و المفكرين و هذا ما كان يتوهمه مفكري السودان و منها تولدت وصاية النخبة على الشعب و كانت النتيجة الفشل المزمن و المصاحب لمسيرة النخب السودانية منذ أيام أتباع مؤتمر الخريجيين الى لحظة فشل إنقلاب البرهان يوم إعلانه ميت و هو يظن بأن للجيش وصاية على الشعب و هذا ليس بغريب على هامش النخب السودانية يوم إرتضت ان يكون العسكر جزء من النخب الفاشلة و لهذا لا يستحي أي عسكري بأن يظن أنه جزء من النخب و يحق له ان يقوم بمغامرة المغامرين في سبيل الوصول الى قمة السلطة التي لا تعني عند النخب غير مفهوم التسلط.
في وقت قد أصبحت السلطة وفقا للظواهر الاجتماعية ضمن مفهومها الحديث في عداد المنسي في عقل النخب السودانية إذا ما رأينا مقاربات كلود لوفرت لمفهوم السلطة و تتبعنا أفكار فلاسفة و مفكرين قد أضناهم تأخر المجتمعات التقليدية في أن يكون لها موعد مع الحضارات و موعد مع التاريخ و حقيقة أن الشعب السوداني في تقدمه على النخب الفاشلة قد وضح له موعده مع الحضارات و موعده مع التاريخ و للأسف في ظل غياب تام للنخب السودانية حيث غاب الحد الأدني لتكوين قيادة موحدة لتلحق بمواكب الشعب السوداني الذي قد عرف طريقه باتجاه مواكب البشرية في سيرها باتجاه التقدم و الازدهار المادي و حالة النخب السودانية في حيرتها و عدم الحيلة مع سيطرة الاستحالة المسيطرة على عقل النخب و خوفها المرضي لم تكن غير حالة تأهب النخب السودانية الفاشلة للخروج من التاريخ.
بعكس الشعب السوداني الذي قد أصبح على موعد مع التاريخ. بالمناسبة حالة السودان بعد مواكب السادس من أبريل بالأمس قد وضّحت حالة النخب السودانية و كشف مستوى ضحالتهم الفكرية حيث كانت النخب السودانية تتخفى تحت سقوف أحزاب وحل الفكر الديني الذي تمثله أحزاب الطائفية و أتباع الحركة الاسلامية و السلفيين و كذلك في الشق الآخر ينام أتباع النسخة المتخشبة من الشيوعية السودانية و أصدقاءهم في رحابة الفكرة المطلقة في زمن النسبي و العقلاني و غاب عن أفقهم بأننا في زمن الفرد و العقل و الحرية لا يضبط زمن الفلسفة و يقال بأن زمن الفلسفة لا يمسك بغير الفكر و لا فكر الآن يتخطى معادلة الحرية و العدالة و لا نجد هذه المعادلة في أحزابنا البائسة و لهذا قد عجزت أحزاب الطائفية و النسخة المتخشبة من الشيوعية السودانية أن تقدم شخصية تاريخية تخلصهم من أوهاهم بأن لا سبيل للتقدم بغير وجود برجوازية صغيرة تكافح فكر البرجوازي الثقيل الذي يمثله أتباع الحزب الشيوعي السوداني و قد نجحوا في تهديم قواعد الفكر في السودان بارتكازهم على أصنام ذهنية نحتاج لزمن طويل لكي يفهم هؤلاء بأنهم قد أصبحوا كجبار الصدف الذي يحول ما بيننا و موعدنا مع التاريخ و موعدنا مع الحضارة و لا يكون لنا موعد مع التاريخ و موعد مع الحضارة و ما زال بيننا من يروج لقراءة ماركس المشهوة لأهم أضلاع الثورة الفرنسية و هو الضلع الممثل لفكرة الأخاء كما يقول ريجيس دوبريه و هو يؤكد على ان الماركسية نظرة تفاؤلية مريضة و عمياء و ان بريقها يعمي و أنا أضيف بأن بريقها قد بان أنه يعمي في أتباع النسخة المتخشبة من الشيوعية السودانية.
مواكب سته ابريل بالأمس تؤكد من جديد بأن النخب السودانية ما زالت تجيد التخفي في لفتات لكي تخفي عجزها الفكري و عجز ميزان مدفوعاتها الفكري لذلك نجدهم يتخفون تحت رأية أحزاب الطائفية و أحزاب وحل الفكر الديني و النسخة الشيوعية السودانية كدين بشري أفشل من الأديان نفسها في جلب سلام المجتمع و هنا ينطرح السؤال لماذا لا يستطيع المفكر السوداني التفكير خارج خارج وحل الفكر الديني سواء كانت أفكار أحزاب الطائفية و الحركات الاسلامية أو اتباع الشيوعية السودانية كدين بشري؟ هل تتذكرون أيام حكومة حمدوك كيف كان النور حمد و ياسر عرمان نشطان في الترويج للمصالحة مع الكيزان؟ و تتذكرون كيف كان فيصل محمد صالح يقول بأنهم لم يأتوا للانتقام في ممحاكة لفكرة تفكيك التمكين؟
هل يتذكر القارئ مبادرة الشفيع خضر في مساومة تاريخية بين أحزاب اليمين الغارق في وحل الفكر الديني و يسار سوداني رث يجسده الحزب الشيوعي السوداني؟ هل تتذكرون لقاء نيروبي عندما خدع الكوز خالد التجاني النور كل من النور حمد و كمال الجزولي و رشا عوض و قد خرج منهم بشيك على بياض بأن يمكن المؤالفة ما بين العلمانية و الدين كما يزعم النور حمد؟ هل تتذكرون أن مقاربات محمد ابراهيم نقد قد أوصلته الى علمانية محابية للأديان في حوار الدولة المدنية و هي أمتداد لأفكار الاستاذ عبد الخالق محجوب منذ منتصف الستينيات؟ و هل تتذكرون مهادنة الحاج وراق للأحزاب الطائفية و النسخة المتخشبة من الشيوعية السودانية؟ و هل تتذكرون طرح حيدر ابراهيم علي لفكرة لاهوت التحرير كتقليد أعمى و هو يهادن وحل الفكر الديني؟ ما ذكرناه يوضح بان النخب السودانية قد عرفت الآن بان ضلالها القديم قد أصبح أمام الرياح هباء و الذي يقوم بالتغيير هو الشعب.
و يبقى الغائب هو من يمثل دور الشخصية التاريخية و هنا ينام كساد النخب السودانية لان الشخصية التاريخية تاتي بمعرفة تاريخ الذهنيات و كيف تنبثق الشخصية التاريخية و كيف تكون لحظات إنقلاب الزمان حيث لا يبقى للترقيع و التوفيق الكاذب الذي تقوم النخب السودانية مكان و على العموم قد أصبح حال النخب السودانية و هي عاجزة ان تقدم شخصية تاريخية كحال شعوب أوروبا من قبل قرن من الزمن و هي ترى بأن إكراهات من بعد الحرب العالمية الاولى لبعض الدول ستولد حرب عالمية ثانية و قد عرفت النخب الاوروبية بان حقبة ما بعد الحرب العالمية الاولى قد نهت حقبة الليبرالية التقليدية و قد أطلت اوروبا على حقبة الليبرالية الحديثة و أن فلسفة التاريخ التقليدية قد انتهت بغير رجعة و أن فلسفة التاريخ الحديثة قد أطلت من وراء القرون.
على العموم الفرق ما بين نخب أوربا و نخب السودان بان نخب اوربا هي ورثة لفلاسفة عقل الأنوار و أفكار الحداثة و النخب السودانية هي نتاج مجتمعات تقليدية و قد أثبت الشعب السوداني بانهم يتقدم عليهم بآلاف الأميال. المهم في الامر نرجع و نقول بان ريجيس دوبريه و مارسيل غوشيه قد قالا بأن مسألة دخول العالم العربي و الاسلامي الى الحداثة مسألة وقت ليس إلا لأن علاقة العالم العربي و الاسلامي مع التاريخ علاقة معكوسة و حتى يختفي إتباع النخب لوحل الفكر الديني و الشيوعية السودانية المتخشبة تحتاج لزمن و حالهم كحال أوروبا ما بعد الحرب العالمية الاولى و بعدها قد إكتشفت فلسفة التاريخ الحديثة التي يقاومها البرجوازي الثقيل الذي يمثله أتباع الحزب الشيوعي السوداني و بسببهم قد تأخر ميعاد قيادة موحدة.
الشعب السوداني هو الذي سيقوم بالتغيير و أول تغيير يقوم به الشعب السوداني يوم يجبر النخب السودانية بأن تقدم قيادة موحدة تمثلها شخصية تاريخية تعرف الطريق الى مكان موعد الشعب السوداني مع التاريخ و مكان موعده مع الحضارات و حينها يمكن للشعب السوداني تفادي فشل النخب كما رأينا تهافتهم على المحاصصة في غياب مفهوم السلطة كمفهوم حديث من أفقهم و بسببه غابت ملامح الدولة التي تقول التحول الاجتماعي و التحول الديمقراطي بفكر جديد يوجد في تراث الانسانية في نزعتها الانسانية و ليس في موروث أحزاب الطائفية و أحزاب وحل الفكر الديني من كل شاكلة و لون بما فيها موروث النسخة المتخشبة من الشيوعية السودانية.

taheromer86@yahoo.com
/////////////////////////

 

آراء