مواكب 30 سبتمبر: الثورة مستمرة 

 


 

 

1

    جاء ت مواكب اليوم 30 سبتمبر في العاصمة والاقاليم، لتؤكد أن الثورة مستمرة وجذوتها متقدة ، وكما جاء في شعاراتها " في ساعة تلقي الرد ، كل الشوارع سد" ، وكانت ردا عمليا علي مخطط اللجنة الأمنية والفلول للانقلاب الكامل علي الثورة ، بعد أن كشفت الأحداث يقظة الجماهير في مواجهة الانقلاب العسكري ، والمعارضة الواسعة للجنة الأمنية بقيادة البرهان وحميدتي من الجماهير وحتى من داخل الجيش،مع استمرار الصراع  علي السلطة داخل شراكة الدم التي فشلت بشقيها المدني والعسكري في تحقيق أهداف الثورة وتحسين الأوضاع المعيشية، اضافة للتردي الأمني باستمرار القمع ووجود الارهابيين في البلاد الذي تحاول اللجنة الأمنية تبرير وجودها لحماية البلاد من الإرهاب ، وهي التي ارتكبت باعتراف الفريق كباشي أكبر عملية ارهابية في مجزرة فض الاعتصام!!!، التي لم ترهب الثوار بعد الانقلاب الدموي ، وكان الرد بالاضراب العام والعصيان المدني، وبمليونية 30 يونيو 2019 التي احبطت المؤامرة الدموية.

  اضافة الي تصدع مكونات الشراكة، نتيجة للفشل والرفض الجماهيري الواسع لها، وتهاون اللجنة الأمنية  في التخريب الذي قام به الفلول في الاقتصاد و في الشرق والغرب وجنوب وغرب كردفان والشمالية ونهر النيل وتخريب وحرق الممتلكات العامة ، واقتلاع خطوط السكة الحديد كما فعلوا لتعطيل وصول قطار عطبرة  في عمل اجرامي، رغم تخريب الفلول تحرك القطار، وتمت هزيمة  مخطط الفلول، وكان الشعار " تقفل شارع تمنع قطر.. تلقانا في الشارع مطر"، كما استطاعت لجان المقاومة بمحلية الدبة فتح الشارع ، وجاء قطار مدني ليهتف الثوار " من مدني ، دايرين حكم مدني"، ومن نيالا والفاشر أكد الثوار "كل البلد دارفور"، كما شملت المواكب مدن السودان مثل : العاصمة الخرطوم ، بورتسودان ، مدني ، المناقل، عطبرة ، القضارف ، كسلا، سنار ، كوستي، الفولة بكردفان. الخ.


2

  مارست السلطة القمع الوحشي للثوار بالهراوت والغاز المسيل للدموع ،كما حدث أمام لجنة التمكين مما ادي لاصابات خطيرة ، مما يتعارض مع حق التجمع السلمي والمواكب السلمية، مما يتطلب محاسبة ومحاكمة الذين مارسوا هذه الانتهاكات. .

  جاءت المليونية ردا علي استفزازات البرهان وحميدتي للجماهير والوصاية عليها ، كما فعل البشير في ايامه الأخيرة الذي طغي وقال: أنا ربكما الأعلي، وأن الجماهير لا تستطيع الخروج للشارع ، ونحن ذاتنا  كما قال حميدتي سنخرج للشارع!! ، كما خرجت الجماهير من تلقاء نفسها ، بلا دراجات وحافلات، لا كما في المسيرات بالبصات والعربات  مدفوعةالأجر.

 خرجت المواكب دفاعا عن الثورة ورفضا لشراكة الدم بمكونيها العسكري والمدني ، وليست دفاعا أو الدخول طرفا في صراعاتهم حول السلطة والمناصب والمحاصصات، بل طرحت شعارات " تسقط شراكة الدم "، وكما جاء في أحد الشعارات " لا بارينا ترك ، ولا حنباري سلك ، نحن الشعب المرق"، " لا وصاية علي الشعب ، ولا سلطة لغير الشعب"، " الشعب صانع الثورة ، والشعب صاحب السلطة".

    جاء موكب 30 يونيو بعد موكب الحزب الشيوعي بالعاصمة الأربعاء 29 / 9 الذي سلم فيه  مذكرة لوالي الخرطوم تطالب باصلاح الخدمات في العاصمة والغاء القوانين المعيبة الصادرة من النظام البائد ، ورفع المشاركون شعارات مثل : اسقاط شراكة الدم، الدولة المدنية ، حرية – سلام وعدالة الثورة خيار الشعب . الخ .


3

  كما جاءت مواكب 30 سبتمبر رفضا للتدخل الدولي والاقليمي الذي زادت كثافتة بعد أزمة الشراكة والمحاولة الانقلابية ، بهدف رأب الصدع في سلطة الشراكة بين المكون المدني والعسكري الذين صراعهما شكليا حول السلطة ، وليس حول " الهبوط الناعم" الذي يسير في سياسات النظام البائد  الاقتصادية والخضوع لشروط الصندوق والبنك الدوليين ، والقمع والتفريط في السيادة الوطنية ،والحلول الجزئية في السلام التي تعيد إنتاج الحرب وتهدد وحدة البلاد، علما بأن التدخل الدولي يهدف الي استمرار نهب موارد السودان الزراعية والمعدنية واراضيه ، الحفاظ علي المصالح والمكاسب التي تم تحقيقها من خلال حكومة الشراكة التي فرطت في السيادة الوطنية، ومنحت قاعدتين أمريكية وروسية في البحر الأحمر.

 التدخل الدولي نلحظه كما جاء في صحيفة الراكوبة : 29 /9  " توافد دول لتطويق الأزمة في السودان"، وتصريح الخارجية الأمريكية بالعودة للشراكة وفقا للوثيقة الدستورية!!، و " ودعوة أممية جديدة لحوار يطوي خلاقات السلطة في السودان". " واجتماع دولي بالامم المتحدة لدعم الانتقال في السودان، تنظيم ورعاية دولة النرويج والسكرتير العام للامم المتحدة تحت شعار " دعم الانتقال المدني في السودان"

و " البنك الدولي يمنح السودان ملياري دولار" ، وتصريح وزير الخارجية الالماني " سندعم السودان هذا العام بمبلغ 435 مليون يورو" ، " وإعادة جدولة ديون السودان لمدة 16 عاما" . الخ من الأكاذيب التي تنبل مع كل أزمة بدءا من بداية انقلاب اللجنة الأمنية  بمنح السعودية والامارات السودان مبلغ 3 مليار دولار ، للتسوية في السودان. كما طالبت كل من : بريطانيا وفرنسا والنرويج باستمرار الشراكة ، اضافة للتدخل المصري الاماراتي الذي ادانته وكشفته مواكب 30 سبتمبر بالزيارات المتواترة لمدير المخابرات المصرية للسودان، والوجود المصري و الإماراتي في الخرطوم. الخ.

   كل ذلك لمواصلة الجهود لتكوبن حكومة ضعيفة لاحكام قبضة هذه الدول علي السودان والحفاظ علي مصالحها ، علما بأن التدخل الدولي والاقليمي كان من سبب دمار السودان ونهب ثرواته والتفريط في اراضيه تحت ظل النظم العسكرية، كما حدث في التفريط في مدينة حلفا التاريخية أيام ديكتاتورية عبود ، والجنوب وحلايب وشلاتين والفشقة ايام ديكتاتورية البشير، وتأجير اراضي لمدة تصل الي 99 عاما!!.

 لذلك لم يكن غريبا تزامن الوقفة الاحتجاجية للشباب والثوار في 30 سبتمبر أمام محيط قاعة الصداقة بشعارات " لن يحكمنا البنك الدولي " الذي افقر البلاد برفع الدعم عن السلع والعليم والصحة والمحروقات والكهرباء والدواء،. الخ احتجاجا علي زيارة مدير البنك الدولي للخرطوم  وخطابه في القاعة.


 4

  وأخيرا ، من المهم أن يستفيد الثوار من تجربة اختطاف الثورة السابقة ، التي تم رفضها بموكب اليوم  30 سبتمبر ، بمواصلة المواكب والاعتصامات ، والوقفات الاحتجاجية والمذكرات والعرائض وكل اشكال النضال حتى الاضراب العام والعصيان المدني لاسقاط شراكة الدم و بشقيها العسكري والمدني ، وقيام الحكم المدني الديمقراطي والذي يحقق القصاص للشهداء والاسراع في تفكيك التمكين واستعادة كل الأموال المنهوبة ، وحل كل المليشيات وجيوش الحركات وقيام الجيش القومي المهني الموحد ، وعودة كل المفصولين العسكريين والمدنيين ، وضم شركات الجيش الأمن والدعم السريع والذهب والبترول والمحاصيل النقدية ، والماشية والاتصالات للدولة ، وقيام المجلس التشريعي والمفوضيات ، وغير ذلك من أهداف الثورة ومهام الفترة الانتقالية.





alsirbabo@yahoo.co.uk

 

آراء