مياه النيل … التمادي في إستدعاء الموت!! … تقرير: حسن بركية

 


 

 

في يوم 7-2- 2005م أدلي الرئيس الأثيوبي بتصريحات وصفت بالعنيفة والقوية لbbc وأعرب عن غضبه مماوصفه بإستمرار تحفظ السلطات المصرية علي طلب دول حوض النيل بإعادة التفاوض حول حصة كل دولة وقال زيناوي إن التوزيع الحالي لمياه النهر بين الدول المتشاطئة هو أي شئ غير العدل وأضاف زيناوي بينما تأخذ مصر مياه النيل لتحويل الصحراء إلي رقعة خضراء فأثيوبيا ليس لها الحق في إستخدام المياه لإطعام شعبها وبعد خمس سنوات أعادت أثيوبيا القضية إلي ذات المربع ووجهت إنتقادات جديدة إلي مصر وقالت علي لسان المتحدث الرسمي بإسم الحكومة الأثيوبية شيميليس كمال: ان "اثيوبيا وست دول أخرى من شرق ووسط افريقيا، هي بوروندي وجمهورية الكونغو الديموقراطية وكينيا ورواندا وتنزانيا وأوغندا، ستوقع في 14 مايو/ ايار اتفاقا حول الاستخدام العادل لمياه النيل

"وأضاف أن الاتفاق "يقوم على الممارسات المدرجة في القانون الدولي، لكن مصر تماطل".وبالتالي بدا الصراع علي مياه النيل مرشحا لمزيد من التصعيد وبدأت كل الدول المتشاطئة علي نهر النيل تتحسس قدراتها التفاوضية والعسكرية لمواجهة عواصف الأيام والشهور القادمة وتتخذ دول حوض النيل بإستثناء مصر والسودان مواقف موحدة و تطالب بفتح التفاوض حول الإتفاقيات القديمة بحجة أنها غير ملزمة لها لأنها وقعت في زمن الإستعمار في حين ترفض مصر أي تعديلات تمس حصتها في مياه النيل وتقترح إنشاء مفوضية لدول الحوض تكون مهمتها تطوير العلاقات بين هذه الدول، وتمويل المشروعات المشتركة، لكن دول المنبع قررت في المقابل التوقيع منفردة على الاتفاق الإطاري بينهم، واعتبرت مصر والسودان أنه اتفاق غير ملزم لهما، ويخالف قواعد القانون والعرف الدولي

وعلي خلاف الموقف السوداني المصري تري دول حوض النيل أن قواعد العدالة تقتضيإعادة التفاوض في الإتفاقيات القديمة وتعتقد أن الاتفاقية الجديدة تضمن قدرا أكبر من المساواة بين دول حوض النيل دون أن تنتقص من حصة مصر الحالية من مياه النيل التي تبلغ 55.5 مليار متر مكعب سنويا تمثل نحو 87% من مياه النهر.ولكن مصر ترفض بإستمرار الحديث عن أي إتفاقية جديدة لتقاسم مياه النهر وقال مسئول مصري كبير لوكالة الشرق الأوسط للأنباء في حال إقدام دول المنبع على التوقيع منفردة على الاتفاق فإن "مصر تحتفظ بحقها في اتخاذ ما تراه مناسبا لحماية مصالحها القومية وهذا التصريح يمكن تفسيره في سياقات مختلفة  وفيه تلويح بإستخدام القوة.

و تتمثل نقطة الخلاف بين مصر والسودان من جهة وبقية دول حوض النيل من جهة ثانية في الاتفاق الموقع عام 1929 بين مصر وبريطانيا ممثلة لمستعمراتها الإفريقية ويعطي مصر حق الاعتراض على المشروعات التي تقام أعالي النهر والتي يمكن أن تؤثر على حصتها في المياه.

وتحصل مصر بموجب اتفاق تم توقيعه بين القاهرة والخرطوم في 1959 على 55.5 مليار متر مكعب من مياه النيل اي نحو87 % من منسوب مياه النيل فيما يحصل السودان على 18.5 مليار متر مكعب.

وتعترض أثيوبيا وتنزانيا وأوغندا وكينيا وجمهورية الكونغو على الاتفاقيات السابقة وتطالب بما وصفته بتقاسم اكثر عدلاً لمياه النهر.

يقول البروفيسور صلاح الدومة أستاذ العلاقات الدولية التصريحات الأثيوبية الأخيرة في الغالب محملة بأجندة سياسية ورسائل محددة تريد أثيوبيا توصيلها  لمصر ولعدد من دول المنطقة بسبب الظروف الإقتصادية الضاغطة عليها وإقامة سدود علي النيل في الهضبة الأثيوبية من ناحية هندسية مكلف جدا وفي النهاية المياه محكومة بإتفاقيات دولية ملزمة تؤمن حقوق كل الدول في حوض النيل والخيار العسكري مستبعد في الوقت لأن الحصول علي الماء بالحرب أكثر تكلفة من الحصول عليها بالتفاوض السياسي وما يصرف علي صاروخ واحد كفيل بتحلية كمية كبيرة من مياه البحر وعلي ذلك قس.

وقال مصد ر في وزارة الري فضل حجب إسمه ل(الحقيقة)الأنهار الدولية محكومة بإتفاقيات دولية وأثيوبيا لم تكن في يوم من الأيام راضية عن إتفاقية مياه النيل ومهما فعلت وأقامت من خزانات وسدود فإنها لن تستطيع  إستخدامها إلا لأغراض الطاقة الكهربائية وذلك لطبيعة الأرض في أثيوبيا التي تجعل من الصعوبة بماكان إقامة خزانات للري وكلما أقامت أثيوبيا سدودا فإن ذلك من مصلحة مصر والسودان والصراع الحالي زوبعة في فنجان.

ولكن المتابع لما يجري في العالم من صراعات حول المياه بين الدول المتشاطئة علي الأنهار يلحظ بوضوح الخلافات والمشاكل المعقدة بين هذه الدول .

ومن الأمثلة الصارخة على ذلك أن 14 دولة تتقاسم نهر الدانوب الأوروبي. و11 دولة تشترك في كل من نهري النيل والنيجر. و9 دول تشترك في الأمازون، وثلاث دول في نهري دجلة والفرات، ومثلها لنهر الأردن. وفي أغلب الأحوال فان أنصبة تلك الدول من المياه يتم التفاهم حولها بصورة ودية وسلمية، الا أن الأمر لا يخلو من خلافات تنشأ اما عن التوزيع غير العادل أو الخلافات السياسية. وهو الحاصل بين تركيا والعراق، واسرائيل والمناطق المحتلة. وبين مصر والسودان من ناحية ودول منابع النيل من ناحية ثانية.

يري عمر مهاجر الباحث في مركز دراسات الشرق الأوسط وشمال إفريقيا أن موقع مصر في مسار النيل يجعل منها دولة قاحلة جرداء تعتمد علي الخارج في توفير 97%من إحتياجاتها المائية وبالتالي وضعها المالي مهزوز جدا ولذلك هي علي إستعداد للدخول في حرب من أجل المياه. وهناك من يرجح الخيار العسكري في المرحلة القادمة وخاصة أن الحلول السلمية لمشكلة المياه في ظل الإمكانات المحدودة لتنمية الموارد المائية تبدو غير مجدية وهناك جغرافية جديدة تتشكل في العالم بهدف السيطرة علي الموارد الحيوية في العالم.

ويبدو المشهد السياسي في منطقة حوض النيل مفتوحا علي كل الإحتمالات  في ظل التوترات المتكررة في منطقة القرن الأفريقي وخاصة مع تزايد فرص بروز دولة جديدة في جنوب السودان تشكل تهديدا إضافيا لحصص السودان الشمالي ومصر غير أن البروفيسور صلاح الدومة يقلل من مخاطر دولة جنوب السودان علي مصر ويقول:مصر لها علاقة جيدة مع الحركة الشعبية وفي حالة إنفصال الجنوب تستطيع مصر خلق علاقة جيدة مع الدولة الوليدة.

وقال أكثر من مسئول مصري أن مصر مستعدة للدخول في حرب من اجل المياه والقضية بالنسبة للدولة المصرية خط أحمر وكان الرئيس الأثيوبي ملس زيناوي قد أبدي إستغرابه لوجود قوات مصرية مدربة علي حرب الأدغال وقال(مصر لديها قوات خاصة مدربة علي حرب الأدغال ومصر ليست معروفة بالأدغال).

hassan mohmmed [hsn455@hotmail.com]

 

آراء