حينما أغلق العلماء باب الاجتهاد بعد الغزو التتاري المغولي لبغداد عزا الدكتور عبد الحليم عويس توقف الاجتهاد إلى خضوع الفكر الإسلامي لما خضعت له سائر العلوم من جمود وتحجر نتيجة الكسل العقلي الذي أصاب الأمة الإسلامية في صميم نشاطها العقلي والوجداني وبالتالي تخلف الفقه وتوقف الاجتهاد، (عبد الحليم عويس – دكتور – الفقه الاسلامي بين التطور والثبات – ص 37)!!..
حكمة الاغلاق كامنة في التلقي الكفاحي من الله: الاجتهاد بالرأي هو استفراغ الجهد – كما يقولون - للوصول إلى حكم ما ليس فيه نص، وعندما أعلن الأستاذ محمود محمد طه تطوير التشريع الاسلامي من نص فرعي خدم غرضه حتى استنفده إلى نص (النصوص المنسوخة في قرآن الأصول) مدخر لحياة الناس اليوم؛ وهو الرسالة الثانية من الاسلام، التي تعتمد تكليف النبي (صلى الله عليه وسلم) "سنته – عمله في خاصة نفسه ليكون تكليفاً للأمة"، في مقابل "شريعته – تكليف أمته في القرن السابع أوان البعثة – تكليفهم وسع طاقتهم"، وجاءت بشارته للبعث الجديد في حديثه: "بدأ الدين غريباً وسيعود غريباً كما بدا فطوبى للغرباء قالوا: من الغرباء يا رسول الله؟، قال: الذين يحيون سنتي بعد اندثارها"، والذي اندثر – فعلاً - هو سنته لا شريعته، وجاء في القرآن: "إن الذي فرض عليك القرآن لرادك إلى معاد"، وهنا نقول: الوقت ليس للاجتهاد بالرأي في ما ليس فيه نص، وقد توفرت النصوص الشافية الآن، باحكام أصول القرآن، والنهوض إلى "واتقوا الله ويعلمكم الله والله بكل شيئٍ عليم"، و"من عمل بما علم ورَّثه الله علم ما لم يعلم"، وقوله: "استفت قلبك وإن أفتاك الناس وأفتوك"، فالوقت الآن ليس للاجتهاد بالرأي وإنما للتلقي الكفاحي من الله بالاستماع والانصات والحضور في الصلاة!!..
مجمع فقه مفرِّح يفتي بحرمة التطبيع: اصدر مجمع الفقه الإسلامي الاربعاء 30 سبتمبر 2020 بالإجماع فتوى بعدم جواز التطبيع مع إسرائيل في كل المجالات باعتباره مساندة للظلم ومعاونة على الإثم والعدوان، وقال المجمع في بيان أمس الاربعاء اطلعت عليه (التغيير الإلكترونية) ان اسرائيل دولة محتلة ومعتدية على حقوق الشعب الفلسطيني ومغتصبة لارض ليست لها وهو امر تتفق الشرائع السماوية والإتفاقيات الدولية على إعتباره ظلما وعدوانا ، وشدد على حماية وتحرير المقدسات الاسلامية ومنها المسجد الاقصي اولى القبلتين، (الخرطوم – التغيير - مجمع الفقه الاسلامي” يفتي بحرمة التطبيع مع إسرائيل)..
إذا اتفقث الشرائع السماوية هل تتفق الاتفاقيات الدولية: * "في 29 نوفمبر 1947 اجرت الجمعية العامة للأمم المتحدة تصويتا حول قرار 181 متبنية مشروعا لتقسيم أرض الانتداب البريطاني بين دولتين، احداهما يهودية والاخرى عربية...وقد وافقت الجمعية العامة للامم المتحدة على القرار 181 في 29 نوفمبر 1947 بأصوات 33 دولة وافقت على القرار واعتراض 13 دولة عليه وامتناع 10 دول عن التصويت."، (بي بي سي عربية).. ** "قال ولي العهد السعودي محمد بن سلمان الاثنين ان الاسرائيليين لهم جق في ان يكون لهم وطن...واضاف: في تصريحات ادلى بها لمجلة اتلانتك الاخبارية الامريكية اؤمن بان لكل شعب في اي مكان الحق في العيش في سلام في بلاده... وتابع: اؤمن ايضا بان الفلسطينيين والاسرائيليين من حقهم ان تكون لهم اراضيهم الخاصة بهم"، ...فتحت السعودية المجال الجوي للطيران التجاري الاسرائيلي للمرة الاولى لتبدأ رحلات من اسرائيل الى الهند والعكس عبر المجال السعودي، (بي بي سي عربية 3 ابريل 2018 – ولي العهد السعودي: الاسرائيليون لهم الحق في العيش على ارضهم)..
الاجتهاد والرأي كان الصحابة رضوان الله عليهم يطلقون كلمة الرأي على إعمال الفكر في الوصول إلى الحكم فيما ليس فيه نص، والرأي عندهم هو مايراه القلب بعد فكر وتأمل وطلب لمعرفة وجه الصواب مما تتعارض فيه الامارات (محمد علي السايس- نشأة الفقه الاجتهادي واطواره- مجمع البحوث الإسلامية – شوال 1389- يناير 7- رقم الايداع 1571 لسنة 1970). يقول الدكتور عبد الحليم عويس: "يستعمل في مجال "الاجتهاد" غير "القياس" مصطلح الرأي ويقصد به الاصوليون مايقابل "الأثر" والأثر هو النص من الكتاب والسنة، والرأي هو الاجتهاد بالعقل على ضوء النص، وهو لا يختلف كثيراً عن الاجتهاد، وهو أعم من القياس والرأي معاً" ((3) عبد الحليم عويس- دكتور- الفقه الاسلامي- مرجع سابق.). ومع استعمال الصحابة للرأي فيما لم يرد فيه نص من قرآن أو سنة فلم يجرؤ أي منهم أن يجزم بأن ما وصل اليه هو حكم الله، وأنه الحق والصواب وما عداه خطأ (المرجع السابق) فسيدنا ابو بكر الصديق يقول: هذا رأيي فإن يكن صواباً فمن الله وإن يكن خطأ فمني واستغفر الله وقد روي فيما ورد أن كاتباً لسيدنا عمر بن الخطاب كتب في فتيا لعمر "هذا ما رأى الله ورأى عمر" فقال له: "بئسما قلت، هذا ما رأى عمر فإن يكن صواباً فمن الله وإن يكن خطأ فمن عمر" ثم قال" السنة ما سنه الله ورسوله لا تجعلوا خطأ الرأي سنة للأمة" وفي رواية عنه أخرى: "يأيها الناس إن الرأي كان مع رسول الله (صلى الله عليه وسلم) مصيباً لأن الله كان يريه، وانما هو من الظن والتكلف، السنة ما سنه الله ورسوله، لا تجعلوا خطأ الرأي سنة للأمة" (المرجع السابق). وروى الطبري أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه - وهو خليفة - لقي رجلاً له قضية فسأله: ماذا صنعت؟ فقال: قضي عليٌّ بكذا، قال عمر: لو كنت أنا لقضيت بكذا، قال الرجل: فما يمنعك والأمر اليك؟ فاجابه عمر: لو كنت أردك إلى كتاب الله أو سنة رسوله لفعلت، ولكني أردك إلى رأي، والرأي مشترك ولست أدري أي الرأيين أحق عند الله (محمد علي السايس- نشأة الفقه – مرجع سابق.).
الاجتهاد ليس على الحقيقة تشريعاً ليس للتشريع مصدر إلا الكتاب والسنة، يقول الشيخ محمد علي السايس: إن التشريع الإسلامي بمعنى سن الاحكام وانشائها لم يكن إلا في حياة الرسول (صلى الله عليه وسلم) ومنه هو فقط، اذ لم يجعل الله لأحد غير نبيه سلطة التشريع، وأن يعتمد فيه على الوحي المتلو وهو القرآن. وغير المتلو وهو السنة، أما اجتهاده (صلى الله عليه وسلم) فمرده إلى الوحي لأنه لا يُقر على الخطأ، فاقراره على اجتهاده وعدم تنبيهه إلى الخطأ تصويب له منزل منزلة الوحي (محمد علي السايس- نشأة الفقه الاجتهادي واطواره- مرجع سابق) ويقول أيضاً: فليس للتشريع مصدر إلا الكتاب والسنة، وأما الاجتهاد في عصر التنزيل فلا يصح أن يكون مصدراً مستقلاً من مصادر التشريع ((6) المرجع السابق.). ويقصد بذلك الاجتهاد ما تم بعد ارتفاق النبي (صلى الله عليه وسلم) بالرفيق الأعلى. يقول الشيخ علي السايس: "ومن ذلك يتضح أن النبي (صلى الله عليه وسلم) لم يفارق هذه الحياة إلا بعد أن تكامل بناء الشريعة، فما كان بعد وفاته مما ثبت باجتهاد الصحابة والتابعين فليس تشريعاً على الحقيقة، وانما هو توسيع في تبسيط القواعد الكلية وتطبيقها على الحوادث الجزئية المتجددة، واستنباط للأحكام بفهمها والقياس عليها فيما لم يرد فيه نص" ((7) محمد علي السايس- نشأة الفقه الاجتهادي – مرجع سابق.). اما اجتهاد الصحابة في حضرته الحياتية فهو تشريع لاحق بالسنة النبوية المطهرة، انظر اليه يقول: "واما اجتهادات الصحابة فما كانت تحصل منهم غالبا إلا في الحالات التي لا يتيسر لهم فيها رجوعهم إلى النبي (صلى الله عليه وسلم) لاستفتائه في الأمر بسبب بعد الشقة بينهم وبينه أو خوف فوات الفرصة وكان لابد لهم أن يرجعوا بعد ذلك اليه فيقف بهم على حقيقة الأمر ويصوبهم أو يخطئهم ويكون مرد هذا إلى السنة".
إسرائيل واقع معاش اليوم: هي دولة معترف بها دولياً واقليمياً وعربياً (مصر والأردن والامارات أخيراً) اليوم ولا يجدي جدل أنها - أي اليهودية - دين لا قومية لتعزيز أو الطعن في وجودها، وتم الاعتراف بها حتى من أصحاب الوجعة – الفلسطينيين – عبر ااتفاقية اوسلو وهي اتفاق سلام بين اسرائيل ومنظمة التحرير الفلسطينية في الولايات المتحدة الأمريكية في 13 سبتمبر 1993 بحضور الرئيس الامريكي بيل كلنتون ونسب الاتفاق الى مدينة اوسلو النرويجية التي جرت فيها المحادثات السرية في العام 1991 ووقع على الاتفاق شيمون بيريز عن دولة اسرائيل وياسر عرفات عن فلسطين؛ في الاتفاقية تنبذ منظمة التحرير الارهاب والعنف ضد اسرائيل وتعترف اسرائيل بمنظمة التحرير الفلسطينية على انها الممثل الوحيد للشعب الفلسطيني، وتعترف منظمة التحرير الفلسطينية بدولة اسرائيل على 78% من اراضي فلسطين اي كل فلسطين ما عدا الضفة الغربية وغزة (المصدر: ويكيبيديا)..
تحريم التطبيع ورفض الصلح خطل رأي لا يليق: لقد هزمت إسرائيل العرب في حرب 48 وفي حرب 67 لأنهم عرب، ولأنهم خاضوا حروبهم باسم القومية العربية وهي عنصرية، وهم كمسلمين اليوم في ذيل القافلة البشرية كما جاءت نذارة المعصوم: "يوشك أن تداعى عليكم الأمم كتداعي الأكلة على قصعتها قالوا: أو من قلة نحن يومئذٍ يا رسول الله؟، قال: بل أنتم يومئذٍ كثير ولكنكم غثاء كغثاء السيل لا يبالي الله بكم"، فعلى المسلمين أن يخرجوا من ضعفهم البادي إلى عزتهم وكرامتهم، فالصلح خير، والدخول في السلم كافة مطلوب، أما السير في اتجاه تعميق الخلافات واشعال الحروب فهو خطل رأي لا يليق بأمة طلب منها أن تكون وسطية لا متطرفة، "...وكذلك جعلناكم أمة وسطا لتكونوا شهداء على الناس ويكون الرسول عليكم شهيدا"!!..
التطبيع خشم بيوت: نشرت صحيفة التغيير الالكترونية على موقعها (www.altaghyeer.info) ثلاث دراسات عن العلاقات السودانية الاسرائيلية كانت الأولى عن حزب الأمة واسرائيل، والثانية عن النميري وجوزيف لاقو والدعم الاسرائيلي السخي، والثالثة عن اللقاءات السرية في عهد البشير، أعدها الأستاذ خالد إدريس أحمد محمد، أثبتت الدراسة هرولة المذكورين نحو اسرائيل "سراً" وشراء ودها وذهبها، وحسب مجمع فقه مفرح كل هؤلاء وقعوا في دائرة تحريم التطبيع المعلنة من هذا المجمع، و"يا ساتر من الدعاتر"، وهي حزبياً وعسكرياً وايدلوجياً – أحزاب وعساكر وآيدلوج - كاملة الدسم!!..