مُطلّقة ورجعت لِطليقها، إيه الظيطه والزمبريطه

 


 

 

بسم الله الرحمن الرحيم

يقول سُبحانه وتعالي في مُحكم تنزيله (وقُل أعملوا فسيري الله عملكُم ورسولُه والمؤمنون ) ويقول عليه أفضل الصلاة والتسليم ( إن الله يُحِبُّ إذا عمل أحدكم عملا أن يُتقنهُ) .
إن تقديم الخدمات الصحية للمواطن يرتبط إرتباطا وثيقا  كما ونوعا بما توفره الدولة من إمكانيات وما يضعه المسئولون علي قمة إدارة الصحة من خطط وبرامج لفترات تطول وتقصر حسب المتاح والمتوفر، وما تقدمه السلطة السياسية من دعم.
جاءت  حكومة 30يونيو وفي جعبتها الثورة الصحية ، وكان المواطنون  يُمنّون أنفسهم  بإزدهارها وتقدمها كما ونوعا،ولكن خاب فألهم وبدلا من التقدم تدهورت الخدمات الصحية في جميع مستشفيات الدولة فوصلت هاوية السقوط مع ما يسمي برنامج توطين العلاج بالداخل، فقيض الله لها أبناءاً بررة حملوا قيم ومُثل  رسالة الإنسانية ، وخططوا ونفذوا برامجا ، نعتقد أنها كانت طموحة من أجل تقدم وتطوير  الخدمات الصحية علي مستوي الوطن تعليما وتدريبا ووقاية  وعلاجا، ولكن ومع ما قدموه من تضحيات وما إختطوه  ونفذوه من برامج كانت شاهدة علي تجردهم  ووطنيتهم، إلا أن يد السياسة  والشخصنة والحقد وتصفية الحسابات والشللية والنظرة الأنانية للمصلحة الشخصية ، أبعدتهم  قبل أن تكتمل فرحتهم بتنفيذ برامجهم التي كانت تصب في صالح حُمُد أحمد ود عبد الدافع.
المستشفي الجنوبي والذي هو جزء لايتجزأ من مستشفي الخرطوم التعليمي قديمه وجديده، كان قِبلة لكل أهل السودان وهم في أسوأ الظروف-المرض-،بل إن مُعظم إن لم يكن  كل قادة الخدمات الصحية هم من رضعوا ونهلوا من غزير علمه ، وكان حري بهم أن يرُدّوا الجميل لهذا الصرح وهو يئن ويتلوي من ألمٍ ألمّ به بسبب مصالحهم التي تضاربت مع تقدمه وتنميته وإزدهاره، بل يظل الجميع يتساءلون هل يمكن أن يُنكِر هؤلاء الأبناء  ذلك الفضل والعِلم الذي نهلوه بين عنابره وحوادثه وقاعاته؟ هل يحق لنا أن نتساءل من أين أتوا؟ هل أغرتهم تلك الوظيفة وذلك الكرسي الدوار؟ هل دروا أنها أمانة ويوم القيامة خزي وندامة؟ هل يعلمون أن السيرة الطيبة هي  أجمل ما يتركه الإنسان في قلوب الآخرين؟ هل نسوا فقط وعلي سبيل المثال لاحصرا، سيرة بروف داوود  وبروف بخيت وبروف أنيس الشامي وبروف علي خوجلي ود.عبد الحليم محمد ود. المغربي  وبروف الشيخ محجوب وبروف أحمد محمد الحسن ود.بشير أرباب وغيرهم كثر من فطاحلة العلم وغزير المعرفة ، أساتذة أجلاء كانوا نبراسا مُضيئا  سامقا من أجل العلم وطلابه والمريض وألمه والوطن وعزته وشموخه وكرامته،علي يديهم تخرجت أجيال وأجيال ربما كثير منهم هم اليوم قادة العمل الطبي في الوطن، ولكن !! وآخرون  اليوم تبوأوا مناصبا لم يكن ليحلموا بها لو سارت القيادة والريادة علي درب الكفاءة والمقدرة  والخبرات والتجارب والتجرد لخدمة الوطن والمواطن،ولكن هو تمكين لإهل ولاء تنقصهم الخبرة والدربة والكفاءة وحتي العمر،ولكن غدا يأتي الأكِفاء الأقوياء الذين لا يخشون في الحق لومة لائم ولا يخافون إلا الله الواحد الأحد، فهكذا سنة الله في خلقه.
تم تأجير المستشفي الجنوبي لمواطنين سودانيين لحما ودما وبمبلغ مهما إختلفنا في قيمته ، فإن ذلك العائد المادي قد أكمل كثير من إحتياجات  مستشفي الخرطوم، بل إن الإيجارة قد تمت وفق عطاءات كانت شفافة وتنافس من تنافس وفاز الأعلي عطاءاً، ويساوي أربعة أضعاف منافسه ، أليس كذلك وأنتم قد تقدمتم بقيمة 44 مليون جنيه لإيجارة الجنوبي  شهريا ، هنا تكمن العلة!!! تصفية حسابات ! ؟ هل فهمتم المسرحية وفصولها ؟
نعلم أن المستأجر قد قام بتأهيل المستشفي الجنوبي وأمده بكثير من المعدات والآلات الطبية الحديثة، وصارت تُجري فيه معظم العمليات الجراحية بمختلف التخصصات الطبية وبأسعار نعتقد أنها تُناسِب معظم الذين يتوقون للعلاج خارج السودان ،بل ربما كانت أقل من أسعار مستشفيات  خاصة ذات الخمسة نجوم بالعاصمة ، لأن من قام بالإيجارة لم يكن الربح والمادة هي  شغله الشاغل ، ولم يكن الإستثمار في صحة المواطنين جزء من تربيته وأخلاقه .
المستشفي الجنوبي قام بإفتتاحه وهو تحت إدارة  القطاع الخاص السيد نائب رئيس الجمهورية لقناعته بأنه يُقدم خدمات مُتميّزة للمريض السوداني و أشاد بدور القطاع الخاص وقيادة وزارة الصحة  ورؤيتها الثاقبة وحرصها من أجل توطين العلاج وتوفيره بالداخل عبر الشراكة مع القطاع الخاص في المستشفي الجنوبي.
إن عودة جميع الموءسسات العلاجية الحكومية لحضن وزارة الصحة  هو أمل ينشده الشعب السوداني الفضل ، ولكن الإنتقائية في عودة بعضها يترك كثير من علامات الإستفهام والتعجب، بل يحق للمواطن السوداني وهو صاحب المصلحة الحقيقية في  هذه الموءسسات ، بل هو من قام بتشييدها   ، ويحلم بأن ينعم بخدمات طبية متميزة داخلها،ولكن أن تصير تلك الموءسسات  ساحة لتصفية حسابات فهذا ما لايقبله الشعب السوداني، بل وحتي من يتخذ مثل تلك القرارات الفطيرة لغرض شخصي، هل يدرك أن الشعب هو الذي  دفع له  حتي صار وزيرا أوواليا أو بروفسيرا؟ لماذا هذا الجحود والنكران؟ أين رد الجميل لهذا الشعب؟هل يدركون أن الشعب هو الذي يُعيّن وهو الذي يعزل وهو الذي يُحاسب؟ وفوق ذلك  إرادة الله ( وما ربك بظلام للعبيد)
المستشفي الجنوبي وهي تحت إدارة القطاع الخاص إفتتحها  السيد علي عثمان محمد طه النائب الأول لرئيس الجمهورية  وفي معيته وزير الصحة الإتحادي  والسيد والي الخرطوم ،وهذه المرة السيد والي الخرطوم ووزير الصحة الولائي ، أليس في هذا الإفتتاح منقصة للمستشفي وقيادة وزارة الصحة وإدارة المستشفي مقارنة بذلك؟ ثم لنتساءل  مع إعادة إفتتاح المستشفي الجنوبي بالأمس وعقب تأهيله كما ذكرت الصحف، ماذا يقصد قادة الصحة بالتأهيل؟ ألم يكن هذا المستشفي مكتملا عدة وعتادا في عهد إدارة القطاع  الخاص له؟ ماهي المعدات الطبية والآلات والأجهزة المساعدة والكوادر البشرية التي جُلَبت لتأهيله؟ هل لنا أن نعرف كيف سيُدار هذا المرفق العام؟بل يحق لنا أن نتساءل إن كانت هنالك لجان تحقيق في إستثمارات مستشفي الخرطوم ، ألم يكن من الأولي أن تجد هذه التحقيقات طريقها إلي وزارة العدل بدلا من  الصحف والقرارات الإدارية؟
ثم ألا يحق للشعب أن يتساءل كم تكلفة إحتفالات إعادة إفتتاح المستشفي الجنوبي؟ أليس من الأولي  إن كان قد تم صرفها علي كهرباء مستشفي الخرطوم والتي تعرضت لإول مرة في تاريخها للقطع (بسبب الجمرة الخبيثة والمديونية) منذ إفتتاحها في عهد المستعمر؟ ثم وإن كانت المقارنة غير مطابقة ، ولكن نحن السودانيين عندما يتم  إرجاع المرأة المُطلّقة إلي طليقها ، هل تُقام الإحتفالات والظيته والظمبريته؟ أم يتم في هدوء وسكينة؟
مستشفي الخرطوم هو منارة علمية سامقة ومعلم بارز وتدرب فيه آلاف الأطباء   ولا يحتاج لنفير لتأهيله ، بل يحتاج لعزيمة وصدق الرجال وهمة لاتعرف الخنوع ولا الدسائس ولا الضرب تحت الحزام وتصفية الحسابات وشخصنتها، وحتي ماذكره السيد والي الخرطوم من أنه قد قام بتخصيص 2 مليون جنيه كدعم مبدئي إضافي لتطوير العمل بالأقسام المختلفة تدفع فورا، ولكن نسأل هل تم ذلك وِفق  دراسة وتخطيط وأسبقيات وأولويات؟ أم أنه قرار سياسي؟ وإن كان الأمر كذلك فلماذا أهملت  وزارة الصحة المستشفي حتي تم قطع الإمداد الكهربائي؟ أليس هذا خلل إداري يجب أن تُحاسب عليه  قيادة وزارة الصحة ؟ ونسأل السيد والي الخرطوم، متي يتم إفتتاح مستشفي الطواريء بجبرة؟ أليس هو ضمن أولويات الولاية من أجل توفير الخدمات الطبية وحوادثها ، وقطعا إن ذلك سيقود ضمنيا إلي إفراغ شارع حوادث مستشفي الخرطوم، ثم إن تأهيل جميع المستشفيات الطرفية  والمراكز الصحية سيقود أيضا إلي أن تصير مستشفي الخرطوم وبحري وأمدرمان مستشفيات مرجعية، أليس هذا هو الأصوب من أجل المواطن بدلا من الترقيع وإهدار أموال الشعب في الإفتتاحات المتكررة؟؟؟
في معرض حديثه في إعادة إفتتاح الجنوبية ذكر بروف مامون وزير صحة ولاية الخرطوم: فشل سياسة تأجير جزء من المستشفيات للقطاع الخاص لعدم إلتزامهم بسداد قيمة الإيجار، ولكن نقول له إن العقد شريعة المتعاقدين، أليس هنالك قانون ومحاكم يلجأ إليها المتخاصمون؟ أم أن القانون هو في يدكم  حلال علي بلابل الدوح  حرام علي الطير من كل جنس؟ ، أم أن هنالك خيار وفقوس؟، وإن كان الأمر كذلك فهل يمكن أن تكون شفافا لتوضح للشعب السوداني كم عقد إيجارة المستشفي الجنوبي الشهرية؟ من هم الذين تنافسوا علي الإيجارة؟ كم كانت عروضهم؟ وهل هنالك تأخير في الدفع من هذا المستأجر  ؟أليس إدارة مستشفي الخرطوم هي الأولي بالتدخل وحسم الأمر؟ أم أن قيادة وزارة الصحة لا تثق فيها؟؟ هل هنالك لجوء للمحاكم قد تم للفصل فيها بينكم والمستأجرين؟ ثم لنسألك  ونعتقد أنكم لن تجيبوا  إطلاقا: ما هي الجهة المُستأجرة لمستشفي البقعة أمدرمان؟ كم قيمة الإيجارة الشهرية ؟ هل هنالك تعثُّر في الدفع؟ كم يبلغ ذلك التَعثُّر؟ هل سنأتي غدا لنحتفل بإعادة تأهيل و إفتاح مستشفي البقعة أمدرمان؟
وكشف حميدة للجريدة أن إعادة تأهيل الجنوبي قد فاقت (2) مليار جنيه، ونسأله هل كان الجنوبي أرضا فضاءاً ؟  بماذا تم تأهيله ؟ كوادرا ومعدات وآلات؟ هل هنالك جرد حساب وفرش متاع من أجل هذا الشعب دافع ال(2) مليار شفافية لاتعرف المغتغت؟ ياخي دفعتوا إتنين مليار لتأهيل الجنوبي، وتغلبكم دفع فاتورة  رسوم كهرباء مستشفي الخرطوم ؟ هل هذه ال(2) مليار وفق خطط وإسترتيجيات في ميزانية 2012 من أجل  إعادة تأهيل الجنوبي؟ أم أنه عمل عشوائي دون برامج وخطط  وميزانيات ودراسات مسبقة؟  من قام بالدراسة إن وجدت؟ هل تم عرضها علي مجلس وزراء ولاية الخرطوم وتمت إجازتها؟
أما باقي مستشفيات وزارة الصحة ولاية الخرطوم فتوزيعها كما يلي: مستشفي البان جديد  والأكاديمي تحت إدارة كلية طب مامون حميدة، ونسأله متي يُرجِع الحق لإهله؟ ألا يكفي هذا الإستغلال لإمكانيات وأموال الشعب  ومقدراته  ، بل إلي متي؟ ألم تضع تلك المرأة  مولودها أمام بوابة مستشفي البان جديد؟ هل حرك ذلك الحدث  ضميركم ومسئوليتكم وأنت وزير صحة ؟؟ أم أن التحقيق في تأخير إيجارة الجنوبي هو أهم من حياة البشر؟أين مستشفي بشائر ؟ و مستشفي النو؟ و مستشفي  إبراهيم مالك ؟ وغيرها كثر من مستشفيات الولاية تُستغل بواسطة كليات طب خاصة علي سمع وبصر قيادة وزارة الصحة، أما  مستشفي أمبدة النموذجي  فحدث ولا حرج!! لماذا تم قفله وتوزيع كوادره علي باقي المستشفيات؟ أين الشفافية والحرص علي أموال ومقدرات الشعب السوداني؟ لماذا تبكون وتذرفون الدموع وتتحدثون عن فشل سياسة تأجير جزء من المستشفيات،وأمبدة النموذجي هو مثال صارخ للفساد! لماذا لم تتكرموا بإجراء تحقيق في ما آل إليه حال مستشفي أمبدة النموذجي للدرجة التي دعتكم لإغلاقه ؟ وبدلا من ذلك تقومون بإجراء تحقيق في تأخير إيجارة؟ هل تعلمون أن مستشفي أمبدة النموذجي قد إفتتحه السيد رئيس الجمهورية المشير عمر البشير في 21/1/2004م؟ كانت تكلفته وقتها 18.5 مليار جنيه سوداني ؟ لماذا وصل إلي هذه المرحلة أن يتم تجفيفه؟ ما هي الأسباب؟ هل قمتم بالتحقيق وأوصت لجنة التحقيق بقفله وتوزيع معداته وكوادره ؟ ألستم أنتم مسئولون أمام الله وأمام الشعب عن الخدمات الصحية بولاية الخرطوم؟ أليست هي أمانة ويوم القيامة خزي وندامة؟
نختم فنقول لكم : لاتنزعجوا عن هجرة آلاف الأطباء والكوادر ،فالمستشفيات قد إكتظت بجميع الكوادر ، إذا والصورة هكذا متي يتم تجفيف  كلية طبكم حتي تكونون قدوة لباقي  الجامعات؟
سؤال أخير هل إطلعتم علي آخر تقرير إحصائي صحي أصدرته وزارة الصحة الإتحادية في أبريل 2011م  وبه آخرإحصائية عن توزيع الأطباء في السودان ومن ضمنهم ولاية الخرطوم حتي تُلم  بالحقيقة دون هرطقة كاتب المقال، ونطلب منكم فقط أن تعرضوا هذا التقرير في برنامجكم التلفزيوني ليعلم الشعب السوداني ومن قبله ليعلم السيد  المشير عمر حسن أحمد البشير رئيس الجمهورية الحقيقة عن توزيع الأطباء والكوادر علي كل مستشفيات السودان وبالأخص ولاية الخرطوم.
هل من حلول:  نعم توجد الحلول وفي عقول كثير جدا من الأطباء الخُلّص الميامين، الذين  رضعوا من ثدي الوطنية وفُطموا علي التجرد والإخلاص والتفاني من أجل هذا الوطن والمواطن وهو في أسوأ الظروف – المرض-،
* أعطوهم الفرصة ليبدعوا وينجزوا ويخططوا وينفذوا ، فقط الكفاءة هي المعيار  لإي منصب  مهما علا أو تواضع ، أما أهل الولاء فلامكانة لهم إلا عبر الكفاءة والمقدرة والخبرات والتجارب،
* يحرم كل من إختلطت أعماله الخاصة بالعامة في مجال الصحة تعليما وتدريبا وعلاجا من تولي أي منصب في الصحة
*التدرج الوظيفي في قيادة وزارة الصحة وجميع موءسساتها التعليمية والعلاجية والتدريبية ،
* أن لايكون هنالك قفز بالعمود أو الزانة، بل الأقدمية مع الكفاءة والخبرات والتجارب
*محاسبة كل من أجرم في حق الوطن عبر صحة المواطن مهما علا شأنه ومركزه
*تهيئة بيئة ومناخ العمل  من أجل العمل والإبداع( مباني وتعليما وتدريبا وخدمة وحقوقا للمريض والكادرالطبي مع التوزيع العادل للكوادروالكفاءات)
يديكم دوام الصحة وتمام العافية والشكر علي العافية

sayed gannat [sayedgannat7@hotmail.com]

 

آراء