السودان جماله لا يشينه فقر ولا يزينه مال ، ولا يعكره غبار ولا زمهرير ، هذا السودان وضع جماله ، وضع رباني ، ينداح من فطرة إنسانه ،شلالات من الترحاب ، تقدم في طبق تقاطيع وجهه انسانه الجميل ، كالزواهر الجميلة ، وكحلوى الأعياد في قداح مذهبة للقادمين ، إفراح بالمجان وإسعاد بالمجان ، هذه هي بضاعتنا بين الشعوب ، بشر حقيقي ، بسمته الساحرة تنبعث من بين زحام الاشياء ، طلقة بريئة وساحرة ودافئة وحقيقية دافئة وأصيلة من الوجدان بلا حجاب ، وهي تحكي عن وجدان وعن حنايا إنسان حقيقية ايضا ، وهي كل مالنا وجمالنا وميزتنا التي تميز السودان وانسانه دون سائر خلق الله ، وهذا سر السودان الذي لا يشترى بنفط ولا يتوافر بدولار، وسر بين الشعوب سوف نلقى به الله مبتسمين .
عندما آتي السودان يدهشني في السودان ، البشر ... و هوايتي هي التسوق في وجوه الناس ، الأهل والصحاب والوجوه الجديدة . أقرأ بصماتها واصنفها واتفحصها وأدقق في قسماتها وألوانها وأقرأ معانيها الجميلة .. واتخيل شخوص الناس داخلها ، وجدانهم وتطلعاتهم وعالمهم الداخلي وذواتهم ، واتخيل تجاربهم وعلاقاتهم وأتنعم بألوانهم واشكالهم ... وجمهورهم في الشوارع ، مسرح مفتوح بلا ستائر ولا فواصل ، أنعم بتفاعلات الناس وتصرفاتها ، وأتحسس الجمال في الوجه وجوه الحسان والأطفال والرجال، ودفء أحضان الناس واستمتع جدا بالاطفال ، اشكالهم الدقيقة واشياءهم الرقيقة ونعومة وجههم الصغيرة والتصاقهم على امهاتهم .. واتحرى اهتمامات امهاتهم وحنونهن عليهم واتابع غنجهم وملكوتهم وتصنعهم واوامرهم على الامهات ... وتصبرهن وحنوهن واستجابهن لهؤلاء .
احب الاشياء الشعبية والاحياء الشعبية والشوارع والسوق الشعبية ،والاكلات الشعبية والازياء الشعبية ، أتعايش معها بلا تكلف وتعيش معي وداخلي وتسككني منها العفوية والفطرة النقية، واحب التفاعل الشعبي لا تصنع ، ولا تكلف ، نحن شعب شعبي المزاج والطباع ، ثقافة شعبية ، وتدين شعبي ، وجمال شعبي ، ونحن شعب لنا كتلة لا تشبه كتلة بقية شعوب الأرض ، ولنا اطار وكليات ومعنى عام ولنا سجية وسحنة وهوية لا تشبه هويات الشعوب ولا سحناتهم ، ولنا قسمات ونبرات في الحناجر وبصمات في الوجه لا تشبه بصمات القلوب ولنا وحدة في الجنان والوجدان تذوب بينها الحواجز وتتلاشى بيتنها التكاليف ، نحن شعب لا يعرف الحدود في التعامل ولا يعرف التوازي والتعايش في مربعات... الكلفة مرفوعة ، والأسوار معدومة والبيوت والابواب والضمائر مفتوحة والسجايا دانية بالعطايا الطيبات من الحنو والدنو والليم والتآخي والوداد.
نأتي لنتزود بهذا الزاد الجميل ونسافر لنروج له في غربتنا.
rafeibashir@gmail.com