نعم للحرب ..مازال من الأطفال بقية

 


 

ياسر سليم
5 January, 2024

 

yas_shalabi@yahoo.com

لسه بدري على وقف الحرب والدمار ..مازال هنالك عدد من الأطفال لم يدركهم الموت أو العذاب بعد ، تحروا أين موقعهم ..وزيدوهم موتاً و حرماناً وعذاباً حتى يصل عدد القتلى من الأطفال أكثر و أكثر..حتى يتم تدمير جيل كامل ويتشرد.. بل حتى فناء كل الأطفال ..طالما نحن و أطفالنا في أمان ..مازال عدد الضحايا قليل و قليل..نفوس مستمتعة و متعطشةٌ الى مزيد من دماء الأطفال ..وجوه باسمة ..الى تناثر أشلاء الأطفال ناظرة..نفوس لا ترويها الا دماء الأطفال .
لسه بدري..ما كفاية..طوال هذه الحرب و هذا العدد القليل من الأطفال الضحايا.. معقول لم يصل بعد العدد الذي تذكره اليونسيف للحد الذي نريده..ماذا يعني فرار فقط ثلاثة ملايين من الأطفال بس! من العنف وأن يكون هنالك 14 مليون طفل في السودان بحاجة ماسة إلى المساعدة الإنسانية المنقذة للحياة ويعيشون في حالة من الخوف الدائم من التعرض للقتل أو الإصابة أو التجنيد وأن يكون هناك 19 مليون طفل خارج الدراسة وأن يفتقر 7.4 مليون طفل إلى مياه الشرب الآمنة وأن يواجهون خطر الإصابة بالكوليرا.. أن يعاني 700 ألف طفل من سوء التغذية الحاد الشديد وهم معرضون لخطر الموت دون علاج...وأن يتعرض ألاف الأطفال للقتل وللانتهاك الجسيم و هذا بجانب انتشار وارتفاع العنف الجنسي المرتبط بالنزاع أو الحرب و الذي تُعرِّفه الأمم المتحدة على أنه اغتصاب، واستعباد جنسي، وبغاء قسري، وحمل قسري، وإجهاض قسري، وتعقيم قسري، وزواج قسري، وأي شكل آخر من أشكال العنف الجنسي ذو الخطورة المماثلة المرتكبة ضد النساء والرجال، والفتيات أو الفتيان المرتبطين بشكل مباشر أو غير مباشر بالصراع . أن يُعد السودان أكبر دولة تعاني أزمة نزوح أطفال في العالم..أن يضيع مستقبل جيل كامل بسبب الحرب..هذا لا يدعو للقلق!! كيف ندعو لوقف الحرب ...لسه بدري !.فهناك أطفال لم يقتلوا بعد..فتيات لم يُغتصبن بعد..ما زال بعض أطفالنا يتنفسون بعد..الطفل السوداني رخيص يا ناااس..و الله رخيص يا ناس...دعوه يذوق المزيد من العذاب ثم الجوع و المرض و الموت،فتأكله الصقور و الكلاب..و يا لمتعة ذلك حين تصويرها واستغلالها في اتهام كل طرف لاخر...يا سلااام!! ماذا يضيرنا لو استمرت عام بل أعوام طالما نحن و أطفالنا في أمان و سلام ..ننظر لها و نشاهدها كما نشاهد الأفلام الأجنبية.
يقدم الشاعر زهير بن أبي سلمى صورة مرعبة تعبر عن خطورة و وحشية الحرب بقوله :
فتعرككم عرك الرحى بثقالــهـا وتلقح كشافا ثم تنتبح فتتئــــم
هذه الحرب الطاحنة تعرك الناسَ بلا هوادة ولا رحمة. إنها تطحنهم كما تطحن الرَّحى الحَبَّ مع ثِفاله . فالحربُ رَحى طاحنة لا تكفُّ عن الدوران والطحن . إنها تَهْرس أجساد البشرِ، وتحيل الأحلامَ البشرية إلى غبار متطاير في الهواء .
الحرب رَحى طاحنة ، تطحن كل شيء ، تُفني الناسَ، المنطق الإنساني يرفض و يذم الحرب ، والعقل القادرعلى التحسين والتقبيح يدرِك قبح الحرب، وآثارها الكارثية على الأطفال .لا يذكر البعض أثارالحرب وتداعياتها المدمرة على الأطفال و أنها تعد تهديدًا كبيرًا لضياع الأجيال .
لا نريد أن يطلق على أطفالنا ضحايا هذه الحرب العبثية، مصطلح الجيل الضائع(Lost Generation)‏ والذي كان قد أطلق للأطفال الذين بلغوا مرحلة النضج خلال الحرب العالمية الأولى، الذين دمرت الحرب آمالهم وتطلعاتهم .ضياع الأجيال هو ضياع الحياة التي وجدنا لأجلها، أطفالناهم جيل المستقبل هم بناة الحياة و مطوروها إذ أن سبب وجودنا و وجودهم في هذه الأرض هو إعمارها، كما قال تعالى للملائكة إني جاعل في الأرض خليفة، فهو الخليفة المسؤول عن إعمار الأرض، وإصلاحها بالعمل، وصف الله تعالى الإنسان بالخليفة عندما أخبر ملائكته أنه أصبح مسؤلا عن تعمير الأرض، ليكون هذا الهدف الذي خلق الله الإنسان من أجله.لقد حرص فرعون على قتل وذبح الأطفال خوفا على ملكه ومن أي مستقبل للتغييروكما قال تعالى ( ويذبحون أبناءكم) وحتى أخوة يوسف كان هدفهم من قتل الطفل يوسف أن لا يزاحمهم و يخلو لهم الأمر و كما قال تعالى (اقتلوا يوسف أو اطرحوه أرضا يخل لكم وجه أبيكم ) . و يوضح لنا الكتاب الكريم بأنه لم تفلح كل محاولات قتل أي طفل بدوافع الأنانية و التسلط و منع التغيير.
لو تعرف عذابات الأطفال و لهفة الأطفال في العيش بسلام ..كنت قلت نعم للسلام ..لكن المشكلة و كل المشكلة عندما يفقد السوداني الإحساس بحياة الأطفال..ولا ينظر لكل الأطفال على أنهم أطفاله . إذا كنت تناصر حقوق وحماية الأطفال ،فلا خيار لك إلا مع السلام من أجل الأطفال

*ياسر سليم*
ناشط في حقوق الطفل
yas_shalabi@yahoo.com

 

آراء