نعم لمقاطعة بابا غنوج … بقلم: سارة عيسى
23 June, 2010
في إرثنا السياسي هناك من زعم أن لبنان رفض دخول السودان جامعة الدول العربية ، وذلك بحجة أنه لو تم ضم السودان لهذا الكيان فمن الممكن أن تطالب أثيوبيا بنفس الحقوق ، ويُقال أيضاً أنه لولا الضغط الخاص الذي مارسه جمال عبد الناصر لأصبح سكان السودان من أفارقة الدرجة الأولى عوضاً عن عرب الدرجة الثالثة ، وهذا كان فيه خير للسودان والسودانيين ، فنحن بالفعل ننتمي للأفارقة ، أما قصة زج السودان بين الدول العربية فهذه قضية كان فيها الكثير من المجاملة ، فالرئيس جمال عبد الناصر كان في حاجة إلى السودان حتى يقوي موقفه بين العرب ، أما عنصرية أهل لبنان فهي تجري في عروقهم ، بل أنني قرأت في الأخبار أن هناك لبناني " متأمرك " طعن في جنسية أوباما وطلب منه سحب ترشيحه لأنه ليس أمريكا ، وقد رفع هذا الأمر للمحكمة العليا ، لكن المحكمة العليا في أمريكا قابلت طلبه بالرفض ، فأمريكا ليست " الأشرفية " أو الضاحية الجنوبية حيث ينتمي هذا المأفون ، أمريكا هزمت العنصرية منذ زمن بعيد ، والناس هناك لا تنظر لأوباما من طبقة بشرته السوداء ، بل تنظر لسياساته ، وهذا لا يعني أن العنصرية معدومة في السودان ،فلم يذهب جنوب السودان نحو الإنفصال إلا بسبب العنصرية المقيتة ، وما حرب دارفور إلا نتاج للإستعلاء العرقي وحرمان الآخرين من حقوقهم ، وقد شاهدت الطيب مصطفى في قناة الجزيرة يقول : أن أهل الجنوب لا يشبهون أهل الشمال ..لذلك عليهم أن ينفصلوا ، وأمثال الكاتب إسحاق أحمد فضل الله كانوا يرون أن لقاء الحور العين والإقتران بهم لا يتم إلا في أرض الجنوب ، فحزب المؤتمر الوطني يجر قصبه في هيكل العنصرية البغيضة ، لذلك ليس علينا لوم اللبنانيين على ما فعلوه ببعض إخوتنا ، فهم قد خرجوا للتو من ربقة الإحتلال السوري الذي كان يتحكم حتى في خطب المساجد ، كان الجيش السوري يضبط الأمن ويتحكم في علاقاتهم الإجتماعية وكنا لا نسمع لهم صوتاً ، وبعد خروج السوريين من بلادهم لم يجدوا سوى بضعة مهاجرين رماهم الحظ العاثر ، فمارسوا فيهم الشتم والركل والشتائم ، إنها بلد تحكمها الطوائف وتقتات على المساعدات وتحرسها القوات الدولية من كل الجهات ، لكنها تملك شرطة تجنح للعنف وتكيل السباب والشتائم ، نعم من حقها أن تفعل ذلك ، فحكومتنا أيضاً تكره المهاجرين السودانيين الذين ينحدرون من دارفور أو جنوب السودان ، فهؤلاء في السودان أيضاً مواطنين من الدرجة الثانية ، لذلك أكتفى السفير السوداني برواية الأمن اللبناني ، ونحمد الله أنه لم يطلب منهم " أن يحسنوا القتلة " ، فسفيرنا في بيروت هو محلل سياسي في قناة العالم الإيرانية ، فهو يبشر سادته الإيرانيين بكميات اليورانيوم الخصب في دارفور ، لذلك لن تثير غضبه هذه الضجة التي حدثت ، وربما يكون قد فرح لهذه " الضربة " ، والسبب في ذلك أن حكومة المؤتمر الوطني تسوق في الخارج لصنف واحد من السودانيين ، ومن المستحيل أن تجد سفيراً في إحدى الدول العربية ينتمي للجنوب أو دارفور ، وانا لا ينقصني اليقين أن سفير لبنان في السودان وصل لمنصبه عن طريق المحاصصة ، في لبنان هناك مثل شائع ، " ما فيش حدا ..أحسن من حدا " . أما سفير السودان في بيروت ، فهو كان ينتمي لحزب المؤتمر الشعبي ثم تشرنق إلى مؤتمر وطني حتى ينال هذه الوظيفة ، أي أنه أحتاج لتغيير جلده لإكتساح المنصب ، وبيت الأسرار يقول أن الرجل كان من المخلصين للدكتور الأسير حسن عبد الله الترابي ، لكنهم ، إن تعاملوا مع شيخهم الوقور بهذا الشكل وسجنوه وهو قد بلغ الثمانين من السنوات .. فما الذي يدعوهم لنصرة مهاجرين من دارفور أو الجنوب ؟؟
نعود لأهل لبنان داخل السودان ، فقد أصبح من الصعب السيطرة عليهم ، فهم يعملون تحت مظلة حكومية ، ويخدمون المجتمع الأممي في الخرطوم ، يخدمونه من كل النواحي ويوفرون له أسباب الترفيه من حفلات وشرب ومجون ، وهم يعملون في مناطق محصنة وينعمون بحراسة تامة ، وهم لا يعملون في مجالات الإستثمار الشعبية التي تخدم كافة الناس ، فهم يحرصون على العمل في مجال الإستيراد والتصدير والخدمات حيث العمولات المغرية ، حالهم في السودان مثل حالهم في الكونغو في أيام الرئيس موبوتو ، فعندما وصل الثوار بقيادة كابيلا إلى العاصمة كنشاسا تأخر اللبنانيون عن الخروج ، وكان هذا من سوء حظهم ، فهم كانوا شركاء لعائلة موبوتو في تجارة الألماس ، لذلك طلب الثوار من كل لبناني قبضوا عليه مبلغ خمسة ملايين دولار ، وقد دفعوا كل ما طُلب منهم ، لأنهم شاركوا في سرقة ثروة البلاد ، يقول الصحفي كمال حامد أن جاره اللبناني قد دعاه لمنزله وشاركه الطعام والشراب ، وهو يستدل بهذه الحادثة لتخفيف الضغط عن مواطني هذه الدويلة العنصرية ، وكلنا نعرف أن بيوت اللبنانيين مفتوحة لمن يريدونه بشكل أو بآخر ، ولكن بلادهم تأذي من يآوي إليها وهو ينشد الأمان ، كمال حامد يريد أن يطل على الفضائيات اللبنانية في سبيل الشهرة على حساب المذعورين والمفزوعين من أهل السودان ، وهو صحفي خبأ نجمه وأفل بريقه ولا يملك من الحس السوداني سوى عامة تخفي الكثير من العيوب .
سارة عيسي
sara issa [sara_issa_1@yahoo.com]