نقابة المحامين.. الناس تلقي بالحجارة على الأشجار المثمرة؟

 


 

 

رغم اختلاف بعض المكونات حوله، حين صدوره، هناك من تنبأ بأن مشروع الدستور الانتقالي، المعّد من قبل نقابة المحاميين السودانيين، سيكون له ما بعده، وقد كان، ففي كلا الحالتين، وسوى كان التغير جذري راديكالي، أو عبر تسوية متفق عليها، لابد من توقيع وثيقة دستورية أخرى، تؤطر للانتقال المنشود، هذا هو منطق الأشياء، هذه الوثيقة المرتقبة، قد تكون جافة، في العلاقة مع العسكر وأعوانهم الانقلابيين، ومع الفلول والزواحف، أو حتى بدون وضعهم في الاعتبار، أو أن تكون وسطية، هنا مكمن اختلاف مكونات المشهد السياسي. ونعتقد أنّ مشروع نقابة المحامين، نتاج جهد قانوني وتشريعي مقّدر، يمكن البناء عليه.
الاستهداف الفكري العنيف للمشروع، من قبل الفلول والزواحف، والهجوم الميداني المتكرر، من قبلهم وأعوانهم مناصري انقلاب الـ 25 اكتوبر، لمقر نقابة المحاميين، لهو أبلغ برهان على قيمة وخطورة المشروع على حاضر ومستقبل هؤلاء المفلسين.
بدءاً، حاول أصحاب الطرح الأصولي والوصولي، العزف مرة أخرى على وتر النزعة الدينية، والعقدية، في محاولة لتنشيط التجارة بالنصوص الإسلامية، التي داسوا علي قدسيتها دون وجل، طيلة الثلاثة عقود الماضية، للقدح في أخلاقية نصوص مشروع الدستور، وللتهويل لدى البسطاء بفزاعة العلمانية، ومحاولة ربط نصوصه في عنق ميثاق "سيادو" الدولي، ولما لم تجدِ فتيلا، لجأوا إلى التنمر الهستيري، في محاولة لجر الشارع الثوري للمواجهات الدموية، مستفيدين من الغطاء الأمني المنحاز لأشواقهم، وبات هذا الغطاء الأمني يحول بينهم وأسود الشارع الثوري المسالم، فكلما ازداد التأييد لمشروع النقابة للدستور الانتقالي، ارتفعت وتيرة التشنج لدى الزواحف والفلول، سيما من لدى أعلى القيادات، أصحاب الامتيازات التمكينية!
تحت حماية السلطات الانقلابية، لم يتبقَ للفلول، إلاّ انتظار الدباب على كرتي أن يزودهم بالسيخ الملتوف، لتدشين هواياتهم العدوانية، في إراقة الدماء، ومحاولة فرض إرادتهم مرة أخرى بالقوة على الجميع، ولكن هيهات، فلا عاصم لهم اليوم من براكين ثورة ديسمبر المدمرة، ولا قِبل لهم بدوي حناجر الثوار العزل، الذين يتحدونهم بالصدور العارية، والعزيمة الفولاذية.
هم مخطئون حين ظنوا أنّ نقابة المحاميين مكشوفة الظهر، وبلا سند جماهيري، ومخطئون باعتقادهم، أنّ تدمير مقر النقابة، قد ينسف المشروع، ويوقف المد الثوري المتنامي، وبعد تقديراتهم الخاطئة أنّه قد همد وتراجع، فإذا به يتجدد بصورة أعنف وأشد، مع إشداد الاستفزازات الكيزانية والانقلابية، وكلما اتضحت ملامح المساومة بدماء الشهداء، أو التفاوض حول ثوابت الثورة.
بات مفضوحا، أنّ السلطات الانقلابية، تسابق الزمن، لإعادة تمكين منسوبي النظام البائد، عبر بوابة النقابات المهنية المحلولة بقانون الدستور الانتقالي، وهي ذات الكيانات التي انعتقت باكرة من قبضة الاستبداد، وسارعت بتسديد الطعنات النجلاء والحاسمة في خاصرة النظام البائد، فليعلم الفلول واتباعهم من الزواحف، أن الضمان الوحيد لعودتهم وبقائهم في المشهد السياسي، هو استمرار انقلاب الـ 25 من اكتوبر المترنح حالياً، فهم يرون بأم أعينهم، أن العسكر معاصرون، حصار اليهود في خيبر، وأنّ كافة الأبواب قد سدت في وجوههم، ومن الأفضل لهم، تحسين سلوكهم، تحسباً لما تخبئها قادمات الأيام من مفاجآت سياسية، وأن التفكير في تكرار سيناريو الـ 30 من يونيو، يعتبر انتحار جنوني، يربأ عنه الجهلاء قبل العقلاء من البشر.
نقابة المحامين ليست حاجة للنصح بمخاطبة رئاسة جهاز الشرطة، بأن تضطلع بواجباتها الدستورية في توفير الحماية الدائمة لدارها، وليس إغلاقه، لتحقيق رغبة العدوانين، لوضع هذا الجهاز أمام مسئولياتها أمام الشعب وللتاريخ، وفتح بلاغات جنائية ضد كل من حرّض على العنف ضد مقرها ومنسوبيها، وكل من هدد السلم الاجتماعي أمثال المهرج د. ربيع عبدالعاطي، والاحتفاظ بهذه البلاغات إلى حين أن يأتي وقتها، بتحرير القضاء والنيابة العامة من قبضة الانقلابيين والفلول.
ماذا يجني هؤلاء الإرهابين من تصرفاتهم الرعناء هذه؟ فقد سارع كافة قطاعات المجتمع السوداني والدولي إلى إدانة سلوكهم الهمجي، الدال على منهجهم العنيف والمتطرف، وما ازدادت النقابة إلى منعةً وثقةً وإصرارا، وما ازدادوا هم إلاّ الخزي والتخسير.
لا شك أن نقابة المحامين السودانيين، شجرة مثمرة، لذلك من الطبيعي أن يقذفها الأشرار والحاقدين بالحجارة، لإجهاض ثمارها قبل أن تأتي أكلها، لكن قد فات الأوان.
نصيحتنا المخلصة للأساتذة في نقابة المحامين، وجمع الثوار الأشاوس، الالتزام بالسلمية نهجا ومبدأ، في حدود الدفاع عن النفس، مهما تمادت الفئة الباغية في الاستفزاز، فالكيزان معروفين بتعطشهم لإراقة الدماء، والثورة متعطشة للسلام والعدالة والحرية، وهم دائما على باطل، و"أنّ الباطل كان زهوقا".
ebraheemsu@gmail.com

 

آراء