نهاية المؤتمر الوطني وإعادة ترتيب البيت السوداني : (1) … بقلم: د.سعد عثمان مدني

 


 

 

saadosman2002@yahoo.com

 

كل الشواهد تقول إذا لم تستغل المعارضة هذه السانحة المقدمة في طبق من ذهب من اجل تكوين حكومة قومية و إنهاء سيطرة المؤتمر الوطني علي الوطن، فإنها بحسابات معقولة سوف لن تقوم لها قائمة بعد الآن. فالحكومة الحالية تفقد الشرعية يوم 9 يوليو 2009 و قد ناقش العديد من القانونيين السودانيين هذا الأمر و توصلوا ،علي حسب فهمهم القانوني، و بناءاً على المرجعية قانونية للدستور الانتقالي لسنة 2005م ، إن الحكومة الحالية تفقد صلاحيتها القانونية لإدارة حكم البلاد. فالمتطلع من قوي المعارضة لقيام انتخابات نزيهة، لابد انه يحرث في البحر ، او غارقا في أحلام اليقظة. فكل الشواهد تؤكد بلا يدع مجالا للشك أن المؤتمر الوطني يخطط علي كافة الجهات من اجل كسب الانتخابات بكل الطرق الملتوية و غير الديمقراطية. و هذه الطرق يعلمها القاصي و الداني،  الكبير و الصغير، و هي لا تفوت علي حتي اقل الناس فقها في قوانين العملية الديمقراطية.

 

فلتستجمع كل القوي المعارضة قواها من اجل الكفاح المدني الذي يفضي الي تكوين حكومة انتقالية تكون أهم مهامها تكوين جبهة عريضة من القوي المعارضة و منظمات المجتمع المدني و المستقلين و قواعد المعارضة من اجل المطالبة بالحكومة القومية، التي هي المخرج الوحيد نحو إضاءة هذا الممر المظلم الذي يمر فيه السودان الآن بفعل سياسات المؤتمر الوطني الشمولية. و علي كل القوي المعارضة من أن تجتمع بجوبا للتوقيع علي وثيقة تلتزم فيها بالعمل علي تطبيق بنود اتفاقية السلام الشامل تحت رعاية الشهود الدوليين. و التخطيط للقيام بالتظاهر السلمي الشامل في كل المدن و الأرياف، للمطالبة باستقالة الحكومة الحالية، و إحلالها بحكومة قومية انتقالية تقوم بعبء ( إعادة ترتيب البيت السوداني ). فالمؤتمر الوطني الآن في اضعف حالاته بكل الحسابات الموجودة الآن في الساحة الوطنية او الدولية، و لن تفيد القوة في اجهاض الإرادة الشعبية من اجل التغيير نحو الأفضل .

 

و علي الأحزاب و الجماعات المعارضة أن تعمل منذ الآن علي ترتيب أوضاعها و وضع خططها للفترة الانتقالية و نشرها بكل السبل وسط المواطنيين لإرساء وعى ديمقراطي نشط وسطهم  وتعريفهم بحقوقهم الأساسية فى الحريات العامة، ونظم الاقتراع والمسئولية الفردية فى بناء الوطن. و سوف تجدهم متلهفين الي أجواء الحرية و العدل. و ايضا الاتفاق على مبادئ عامة تمهد الطريق إلى الانتخابات المقبلة تهيئ أجواء الحرية السياسية و الاقتصادية و الاجتماعية.

 

لا يجب علي الأحزاب و الجماعات المعرضة الانتظار حتي يسلم المؤتمر الوطني السلطة لها الآن، فلتعمل من اجل إنشاء حكومتها و تعيين وزرائها و ولاتها و أعضاء برلمانها و ذلك بالاتفاق مع الحركة الشعبية و حركات الغرب و الشرق. و إبرام الاتفاقيات معهم علي تأسيس هذه الحكومة الانتقالية و تضمين مطالبهم الشرعية.

 

برنامج إعادة ترتيب البيت السوداني:

 

دعم الأحزاب السودانية المختلفة عن طريق إرجاع مقار عملها و توفير الفرص المتساوية لها في الإعلام و في عقد الموتمرات و اللقاءات الجماهيرية وإنهاء سيطرة الأجهزة الأمنية عليها و إعطائها الحرية الكاملة فى الاستقطاب السياسي . وإعداد قانون ينظم عمل الأحزاب وقانون للانتخابات عبر إجماع كل الأحزاب الموجودة فى الساحة السودانية. وتوقيف مؤامرات المؤتمر الوطني التى تعمل على التحكم فى هذه القوانين او مقدرته الحالية التى تعمل على إضعاف الأحزاب السودانية و الحط من قدرها و تهميشها و التضييق الأمني عليها. يتم اختيار الوزراء الاتحاديين على أساس تقديم السيرة الذاتية التى تحوى الكفاءة و الخبرة المطلوبة للوزارة المحددة و يقوم رؤساء اللجان المختلفة فى البرلمان باختيار الوزراء عبر جلسات خاصة تناقش فيها السيرة الذاتية للمتقدمين و برنامجهم الذين يطرحونه للقيام بأعباء الوزارة.

 

 تكوين مجلس رئاسي من رؤساء الأحزاب المعارضة و المؤثرة فى الساحة، على أن يقوم هذا المجلس باختيار شخصية وطنية لرئاسة الحكومة تستمر فترته حتى موعد قيام الانتخابات لاختيار رئيس جديد.تعيين أعضاء جدد بالبرلمان الوطني، يوزع  التمثيل فيه بصيغة مرضية للقوى الديمقراطية، بما فيها حركات الشرق و الغرب و الجنوب التى لديهم اتفاقيات  سلام مع الحكومة.

 

إعادة هيكلة جهاز الخدمة المدنية الحالي بكامله، و إحلاله بجهاز جديد تتم فيه الهيكلة بصورة تدريجية من مؤسسة لأخرى، وطرح الوظائف العامة للجميع للتقديم.إتاحة الفرصة للجميع للتقدم للوظيفة العامة عبر تقديم السيرة الذاتية للمتقدم، و تكون الشروط المطلوبة هي الكفاءة العلمية و الخبرة وحسن السير و السلوك، و يتم التعيين فيها بغض النظر عن الانتماء السياسي او الديني او اللون او العنصر او القبيلة.الالتزام بطرح كل الوظائف  فى الصحف العامة او الانترنت او إقامة صحيفة خاصة بذلك.تكوين لجان عامه للاختيار للخدمة العامة تتبع الشروط أعلاه فى اختيار ملء الوظائف  العامة، و لا يتم التعيين إلا بعد طرح الوظيفة فى وسائل الإعلام المختلفة.الفصل من الخدمة يكون فقط بشروط العقد الموقع بين طرفي المؤسسة العامة و الموظف. تطوير أقسام شئون العاملين بكل الوحدات الحكومية بأحدث البرنامج التى تنظم عملها، ومدها بالخبرات البشرية اللازمة التى تعمل على تطوير برامجها، على أن تتبع كل هذه الأقسام بالوحدات الحكومية المختلفة  لوزارة العمل القومية،  هي التى تحدد الإجراءات المستندية و تقوم بالإشراف عليها، مما يمنع التغول على هذه الأقسام من الأقسام الإدارية الأخرى فى نفس الوحدات الحكومية التى قد تفرض عليها التعيين المزاجي.

 

حل كل المليشيات والجماعات المسلحة  الموجودة حاليا، و التركيز فقط على القوات النظامية وتقويتها( الجيش، الشرطة، الأمن ) . المليشيات المسلحة التي تشمل  الدفاع الشعبي و الشرطة الشعبية و أجهزة الأمن الموجهة نحو المواطن مثل امن المجتمع و مليشيات القبائل و الجماعات الجهوية و الأحزاب السياسية. وضع القوانين الخاصة بالقوات النظامية المحددة أعلاه التي تجعلها بعيدة عن الأدلجة الدينية و الحزبية و القبلية أو توجيهها نحو قمع المواطن. دعم القوات النظامية و تقويتها، لتقوم بكامل مهامها على احدث و أكفأ الأساليب المتاحة للدولة. تكون المهام العريضة للقوات النظامية يجب أن تكون كما يلي:  الجيش :الدفاع عن الوطن من الأخطار الخارجية التى تهدد الوطن. الشرطة :   الدفاع عن المواطن في الداخل عبر مكافحة الجريمة و كل أشكال التعدي على المواطن. الأمن : المهمة الرئيسة هي جمع المعلومات عما يستهدف الوطن فى الخارج او من الأجانب  بالداخل وتقديم التقارير الي الجهات التنفيذية بالحكومة لدرء المخاطر عن الوطن.

 تحرير الاقتصاد القومي من سيطرة المؤتمر الوطني وذلك عبر فك الارتباط غير النزيه لشركات المؤتمر الوطني بالاقتصاد، ويشمل ذلك البنوك ، الشركات المملوكة للحزب و لأفراد التنظيم، وفك ارتباط الأجهزة النظامية بالاقتصاد مثل شركات الأمن و الشرطة و الجيش. ويكون نتاج ذلك فتح الاقتصاد بأكمله على الجميع بالوطن، كل يسعى حسب جدارته  ومقدرته الاقتصادية، وفق قانون المنافسة الحرة للجميع. وقف برنامج الخصخصة الحالية و بيع مؤسسات القطاع العام و الأراضي الزراعية لشركات المؤتمر الوطني او الشركات الأجنبية، حتى تتضح الرؤية فى أهداف الخصخصة و مآلاتها وما تم بيعه و كيفية البيع و من اشترى و أين ذهبت أموال البيع وما هي الجهات المستفيدة من البيع و أين هي حقوق الموظفين والعمال الذين تمت خصخصة مؤسساتهم التى كان يعملون بها. و إنشاء اقتصاد يعتمد على الشفافية الكاملة فى طرح القرارات الاقتصادية، و فتح الباب أمام المنافسة الحرة للقطاع الخاص  فى تنفيذ البرامج القومية . الضبط المالي فى توريد الإيرادات بالدولة من ضرائب و رسوم و جمارك وتوريدها مباشرة لوزارة المالية عبر خلق قوانين مالية تحكم ذلك وتمنع   فرض أي رسوم  على المواطن لا تقرر بقرار تشريعي او استلام أموال عن طريق إيصالات مالية غير تابعه لوزارة المالية ، على أن تتبع كل الوحدات الحسابية فى الداويين الحكومية المختلفة مباشرة لوزارة المالية، وليس للسلطة الإدارية بهذه الوحدات الحكومية اى سلطة عليها. كل العطاءات الحكومية يجب أن تطرح عبر وسائل الإعلام المختلفة بمنتهى الشفافية الممكنة، وان تكون لجان الفرز تابعة للوحدات الحسابية فى الوحدات الحكومية المختلفة. إيجاد صيغة اقتصادية تمكن صغار المنتجين و الحرفيين من تطوير أعمالهم و تثبيت أقدامهم فى الحياة الاقتصادية و تخصيص التمويل اللازم لإقامة مشاريع اقتصادية يستفيد منها صغار المنتجين و الحرفيين و إقامة المراكز المتخصصة لتدريبهم و تعليمهم أساليب الإنتاج الحديثة.

 

آراء