khogali17@yahoo.com التسوية السياسية الشاملة من المفردات حديثة التداول بين بعض قيادات المعارضة الرسمية، دون الاشارة للمعنى. وعما اذا كان المقصود (المصالحة الوطنية) بين النخب المختلفة، أو أنها (بديل) للحوار الوطني الشامل (المشروط). ورأى الأمريكي (دونالد بوث)-سبتمبر 2014 ان القضية المركزية في السودان هي قضية: السلام والحكم الديموقراطي مؤكداً دعم بلاده للسلطة في التوصل الى (وفاق وطني) يشارك فيه جميع السودانيين. ودعا المجتمع الدولي لدعم هذه الاستراتيجية بما في ذلك الاتحاد الافريقي والجامعة العربية ودول الترويكا وجيران السودان. (للحزب الاتحادي تيار الميرغني مبادرة للوفاق الوطني 2011 من ثلاث كلمات: الحوار بلا شروط أو ممانعة) أما الأمريكي (برنستون ليمان) مدير برنامج السودانن بمعهد السلام الأمريكي فإن رؤيته (ديسمبر 2013) انه آن الأوان لدخول السودان في حوار داخلي وعملية اصلاح حقيقي تفضي الى حكومة ديموقراطية عريضة تسعى لتحقيق مصالحة وطنية ذات مغذى. وان الحلول الجزئية فشلت في السودان، ومن الضروري ايجاد نهج شامل لحل النزاعات وعلاج القضايا المهمة المتعلقة بالحكم وادارة التنوع والمصالحة. والرؤى والمبادرات الخارجية. تعتمد في التسوية على (السلام) و(الديموقراطية). وفي نوفمبر 2014 اقامت الوكالة الامريكية للتنمية الدولية (المعونة الامريكية) ورشة عمل ضمن برنامج (نحو سلام دائم في السودان) وكان مثيراً للدهشة حث معتمد جبل أولياء للمعونة الامريكية على معاملة (معتمديته) كما ولايات دارفور حيث تستوعب مئات الالاف من نازحي دارفور وجنوب كرفان والنيل الأزرق (او كما قال). ومعلوم ان وزارة المالية وقعت (ابريل 2014) على مذكرة تفاهم مع الوكالة الامريكية للتنمية الدولية كأكبر مؤسسة (دولية) تقدم العون الانساني والانمائي.. والمثير وصف رئيس بعثة الوكالة بالسودان لتوقيع المذكرة بالمناسبة التاريخية المهمة في علاقات التعاون وانها امتداد لوثيقة التعاون التي وقعت في 1958 وان الوكالة دفعت للسودان خلال اكتوبر 2012 سبتمبر 2013 اكثر من 270 مليون دولار امريكي. وفي ذات (نوفمبر) دفعت الحكومة البريطانية للسودان مساهمة مالية 11.300 مليون دولار امريكي للصندوق الانساني المشترك في السودان لمقابلة الاحتياجات الانسانية المتنامية في البلاد. وقالت القائم باعمال ادارة المملكة المتحدة للتنمية الدولية في السودان (المعونة البريطانية) ان الاحتياجات الانسانية تنامت خلال العام 2014 بسبب تدهور الاوضاع الامنية في دارفور والنزاع الدائر في جنوب كردفان والنيل الازرق وتدفق اللاجئين من دولة جنوب السودان فارتفع عدد المحتاجين من 6.1 مليون (2013) الى 6.9 مليون (2014). ان الذين يتلقون المنح والمساعدات الدولية في مناطق النزاع يشكلون حوالي 20% من سكان السودان (اتصور ان قوائم اسماء البالغين منهم اصبحت جزءاً من السجل الانتخابي!!) والفقراء والمحتاجين ومنهم العمال والمعاشيين وأولادهم والبطالة والخريجين غير المستوعبين منتشرون في ولايات السودان الاخرى وقد يتلقون مساعدات ومنح وطنية. لكنهم جميعاً خارج التسوية السياسية. واستعرض البنك الدولي تقرير التنمية البشرية 2014 الصادر عن البرنامج الانمائي للامم المتحدة حيث جاء تصنيف السودان (آخر الدول العربية) في المرتبة 166 من بين 168 دولة من دول العالم من حيث مؤشرات التنمية البشرية التي تشتمل عدة معايير منها الصحة والتعليم. وتوقفت 60% من المصانع بولاية الخرطوم من المنشآت الصناعية الصغيرة، وتلاشت صناعة الملبوسات الجاهزة والمشاغل المنزلية واعمال التريكو وتقلصت صناعة الجلود والمنتجات الجلدية وتراجع عدد الورش العاملة في صناعة الجلود من 4.600 (العام 2000) الى ثلاثين (2014). كما توقفت 90% من مصانع الزيوت في ولاية شمال كردفان و95% من المصانع بالنيل الابيض و43% من مصاننع ولاية الجزيرة (258) وبلغ عدد المشردين من مصانع الغزل والنسيج وحدها بأكثر من اثنى عشر الف بما يؤثر عليهم وأولادهم وافراد اسرهم وتمتد الآثار السالبة لعشرات الالاف. واتجه فاقدوا الوظائف والبطالة والعاملون تحت معاناة الاجور المتدنية وبيئة العمل الطاردة: اولاً: لخارج الوطن (أبان جهاز شؤون السودانيين العاملين بالخارج في نوفمبر 2014 ان اعدادهم بلغت أربعة ملايين. وتجاوزت هجرة العقول والكفاءات 33 الف خلال السنوات الاربعة الاخيرة وخلال العام 2014 هاجر حوالي الفين من الكفاءات منهم 750 طبيباً) والاحصائية جزئية ولا تتضمن الهجرة غير الشرعية. وثانياً: نحو التعدين الاهلي أو الالتحاق بالشركات الأجنبية والوطنية المنقبة، ولا حديث في هذا القطاع غير سوء الأوضاع الصحية وتفشي الأمراض المهنية.. (الموت جماعي والناس يكدحون) ودلالة الاوضاع المفزعة ما اقرت به وزارة الصحة الاتحادية (مايو 2014) بتعرض 95% من عمال السودان لمخاطر اصابات العمل والأمراض المهنية مع انعدام معامل للفحوصات الدقيقة (المؤكد ان النسبة لا تشمل العاملين في التعدين في ولايات السودان). لكن، في فبراير 2014 تم التوقيع على اتفاقية قرض بين حكومة السودان والصندوق الكويتي للتنمية الاقتصادية بمبلغ 47.2 مليون دولار امريكي للاسهام في تمويل انشاء وتجهيز معامل متكاملة بقطاع التعدين بالسودان. وهذه الاتفاقية هي الاتفاقية رقم (26) التي يقدم فيها الصندوق الكويتي قروضاً لتمويل مشاريع في قطاعات مختلفة بتكلفة اجمالية بأكثر من 700 مليون دولار امريكي (252 مليون دينار كويتي). ومن الشركات الجديده في التعدين شركة وول ستريت (قطاع البحرين) وهي أول شركه أمريكيه تكسر الحصار عن السودان بتوقيع عقد بمبلغ 1.6مليار دولار لاكتشاف المعادن (الذهب والحديد) ويستوعب المشروع حوالي خمسه ألف من العاملين (80%). ان خطوة الرئيس البشير نحو الحوار المجتمعي لم يهتم بها الكثيرون، ولذلك لم يتحول الحوار الى حبل حول عنق النظام (!) وتم التنازل عن الحق في حرية التعبير والمشاركة في اتخاذ القرار الذي اصبحت ساحته الوحيدة (الصحف اليومية المسكينة!!) وانتبهت الدوائر (الضيقة) المستفيدة من النظام والرافضة لمبدأ الحوار، ورتبت قتله في مهده وهذا ما كان. وصدر القرار الجمهوري رقم 368 لسنة 2014 (اكتوبر) بتشكيل اللجان القومية للحوار المجتمعي، وتخصنا (لجنة قطاع الانتاج ومعاش الناس) التي تكونت من خمسة عشر عضواً يمثلون الشراكة الثلاثية (الرسمية) فالرئيس من أصحاب العمل والرئيس المناوب من اتحاد العمال، وبذلكك تم تقييد الحوار المجتمعي وتحول من حوار (القواعد) و(الجمعيات العمومية) الى حوار بين ممثلين مفترضين ينوبون عن القواعد!! الحقيقة: ان جميع الأطراف داخل الحوار الوطني وخارجه اختارت (عدم الاقتراب) من القواعد ورفض الاستماع لآراء (الناس كل الناس) في قضاياهم وقضايا الوطن واغراقهم في مفردات وشعارات هلامية: التسويه السياسية الشاملة، المصالحة الوطنية، الوفاق الوطني الشامل، الحوار الوطني الشامل والهدف واحد وضعهم (خارج التسوية).. ونواصل