هدية للإمام فى عيد ميلاده !!
24 December, 2009
تراسيم .
alazafir@hotmail.com
يحتفل الإمام الصادق المهدي هذا الصباح بعيد ميلاده الرابع والسبعين ..والإمام يخرج على المألوف السوداني وهو يُشهر على الملأ تمدُّد الأيام والسنون .. ولكن الذي يراجع سيرة ومسيرة الإمام يجدها حافلة بالخروج الكثيف على النص.. وطارقة بعنف على أبواب التغيير.
وُلد الإمام في الفاتح من شوال .. ولكنه اختار أن يحتفي بعيد ميلاده في الخامس والعشرين من ديسمبر ..ذات اليوم الذي وُلد فيه المسيح عليه السلام .. كان يمكن للإمام أن يتكىء على شوال ويؤصِّل لفكرة الإحتفاء بعيد الميلاد المختلَف عليها شرعاً ..ولكنه لم يفعل.
بدأ الطفل الصادق سليل الأسرِ المتدينة دراسته بالخلوة .. ثم واصلها بمدرسة الأحفاد ..رحلته الدراسية أوصلته إلى مدارس (كمبوني)، حيث التعليم المدني الغربي .. لم يكمل الشاب القلِق دراسته فى (كمبوني) ..وهبط مصر طالباً بكلية فكتوريا ..ولكنه ضاق بها ذرعاً .. وعاد إلى التعليم الديني تحت كنف الشيخ الطيِّب السراج.
نال الصادق ما تيسَّر له من علوم اللغة والدين ..ودخل الى جامعة الخرطوم مستمعاً.. ولكنه غادرها على عجل..واستقر بلندن.. فى جامعة الخرطوم كان قريباً من الإسلاميين ..فقد اقترب من الترابي وبابكر كرار.
فى اُكسفورد كان مقرراً له دراسة الزراعة .. ولكنه تجاوزها ودرس الاقتصاد والسياسة .. ونشط في صفوف النادي الإشتراكي ..الذي كان يحمل توجُّهاتٍ يسارية .. في ذات الوقت أسَّس الإمام مع آخرين جمعية الاتحاد الإسلامي.
الصادق المهدي مسيرته مع السياسة هي رحلةُ التناقضات .. إنتزع رئاسة الوزارة وعمره لم يتجاوز الثلاثين ربيعاً .. داهمته مايو وهو أخضر العود ..وزجَّت به في السجون .. ورغم بحور الدماء وشلالات الإحن صالح مايو ودخل الى جوف اتحادها الإشتراكي .. ولكن لم يطب له المقام فخرج بذات السرعة التي دخل بها.
أدركت الإنتفاضة الصادق المهدي كهلاً .. فبدأ أولى معاركه ضد صهره حسن الترابي .. وتحالف مع الخصوم والأعداء ليسدَّ عليه الطريق إلى نيابة البرلمان ..ولكن الصادق المهدي رئيس الوزراء .. يعيد تنصيب صهره وخصمه ليس نائباً في البرلمان ..بل نائباً عاماً على كل السودان .
الصادق والإنقاذ قصةٌ طويلة ومثيرة .. خرج عليها في( تهتدون) .. وعاد إليها في (تفلحون).. اقترب من مشاطرتها مقاعد السلطان بعد اتفاق نداء الوطن ..ولكنه فرَّ بجلده في الساعات الأخيرة .. ثم فاجأ كل المراقبين وهو يوقِّع مع الإنقاذ اتفاق التراضي الوطني .. وقبل أن يجفَّ مداد الاتفاق المثير تركه الإمام إلى إعلان جوبا.
مواقف الإمام الصادق المهدي المتناقضة والمتصادمة .. هي أفضل هدية نقدِّمها له فى عيد ميلاده .. وعيدُ ميلاد الإمام الرابع والسبعين هي أفضل مناسبةٍ للسياسي المربك ليُعلن فيها خطته للإنسحاب النهائي.