هذا البرنامج التلفزيوني .. وكيف وافق شن طبقة!.

 


 

حسن الجزولي
16 October, 2011

 


لم يعد خافياً اختطاف الحركة الاسلامية في السودان – ضمن اختطافاتها –  الاعلام السوداني بشكل عام، ومصادرتها للاذاعة والتلفزة المملوكة أصلاً للشعب، ثم إلحاق هذه الأجهزة لتصير ضمن الشُعب والأقسام التابعة لأروقة "حزب المؤتمر الوطني". وبذلك صار البرنامج العام في هذه الأجهزة الاعلامية، وكافة موادها الأخرى تخدم الأهداف والرؤى العامة والخاصة لهذا الحزب تحديداً.
وهكذا تتم في السياق أحد أكبر عمليات تغبيش الوعي وتشويه الحقيقة، بالكذب وتضليل الرأي العام ولي عنق الحقائق والوقائع، وتلبيس الأسود لباس الأبيض والأبيض لباس الأسود، تماماً كما خبرتهم الجماهير عبر خطابهم وخطبهم وتصريحاتهم المتناقضة والمتضاربة والتي تغالط الواقع وحقائق الأمور، وهم يسيًرون دفة الحكم ودولاب الدولة في السودان، وذلك بعد أن دالت لهم الأمور، بذات الوسائل التي يتوسلونها كالخداع والفهلوة والمكر ونقض العهود والتقلب ما بين مربع وآخر في كل حين، متى ما أملت عليهم المصالح وأغراض الدنيا، وما تسريبات " ويكيليكس" الآخيرة إلا "أحد" النماذج لما نحكي!، وقد استنوا مقولات دينية صنعوها صنعاً لتبرير هذه الأفعال، من شاكلة " الكذب من أجل الدعوة حلال"!، وهم ينقلبون حتى على النصوص الدينية القطعية التي ما فتئوا يصرحون بأنهم ما أتوا إلا للذود عنها ونصرة دين الله الذي أوصى بركل كل عروض الدنيا والجاه، وإن هي إلا لله!.
ولتوضيح ما نرمي إليه دعونا نأخذ برنامجاً توثيقياً واحداً، من بين الكم الهائل من مثل تلك البرامج ونتخذه نموذجاً، كبرنامج "أسماء في حياتنا" مثلاً، والذي أصبح يكرس بكامله للتوثيق لرموز وكوادر هذه الحركة، بحيث تبدو الأوضاع وحال البلاد والعباد، بالنسبة لأجيال البلاد القادمة، وكأن تاريخ السودان يبدأ بهؤلاء ولا ينتهي إلا بهم، وحدهم لا شريك لهم في صنع أحداثه!. وتكمن خطورة  مثل هذا البرنامج في هذا التوجه، الذي يهدف لغسيل عقول وأدمغة ما زالت نضرة!، بحيث يخاطب ضمن من يخاطب، قطاعات واسعة من الأجيال الجديدة، من تلك التي يغذيها بكم وافر من المعلومات غير الصحيحة،
هذا فيما يخص شخوص البرنامج المستضافة، وأما فيما يخص "المضيف" كمقدم لهذا البرنامج فحدث ولا حرج، وسنضطر للتوقف عند "هناته" في حينها!.
إن أبلغ نموذج يمكن أن نؤكد به ما سقناه، عن الضيوف ومستضيفهم في البرنامج التلفزيوني المعني، هو إحدى حلقات البرنامج والذي تمت فيه استضافة، السيد علي عبد الله يعقوب، أحد أبرز القيادات التاريخية للانقاذ والحركة الاسلامية السياسية في السودان.
ففي هذا البرنامج طرح السيد يعقوب، عدة أفكار من التي تتعارض جملة وتفصيلاً مع التاريخ والوقائع، وكمثال لذلك فإنه وفي معرض تداعيات أحداث ثورة أكتوبر الشعبية، التي أطاحت بحكم الفريق إبراهيم عبود وجنرالاته، الذين انقلبوا على النظام الديمقراطي في 17 نوفمبر 1958، ذكر أن تلك الأحداث ليست بثورة وليست بانتفاضة، إنما كل الذي حدث هو تفجر لأحداث، هكذا.. فجأة وصدفة بسبب "إغتيال أحد الطلاب"!.
ليست هذه هي المغالطة الوحيدة التي ساقها سيادته، بل أنه أنكر في الأساس وجود شهداء آخرين في تلك الأحداث، سوى الشهيد أحمد القرشي طه، الذي استشهد عن طريق "الصدفة"!، وبذا فلربما أن كل من بابكر عبد الحفيظ وعبد الرحيم حران ونصار وبخيتة الحفيان ويوسف خالد وكافة أرتال الشهداء الآخرين في ثورة 21 أكتوبر، قد سقطوا جميعهم صرعى، نتيجة لانقلاب لوري ما، كان يقلهم في الطريق العام!.
ثم أشار سيادته – واتفق معه كالعادة مقدم البرنامج – إلى أن سياسات نظام عبود لم تكن تشوبها شائبة، ولم يأتي بأي أفعال تبرر لها الثورة التي إقتلعته في أكتوبر!. وهو ما يمكن أن يكون نموذجاً حياً لما أشرنا إليه بتشويه الوقائع، ولي أعناق الحقائق لدى أجيال يهمها أن تتعرف على وقائع التاريخ!.
فالنظام العسكري الذي استلم السلطة في صبيحة السابع عشر من نوفمبر، قد قوض حكماً ديمقراطياً وشرعياً بتعديه على الدستور، ولم يتح فرصة لتثبيت التجربة الوليدة للحكم المدني الذي تأسس في أعقاب خروج المستعمر من البلاد في يناير 1956، بحيث أسس لما سيسمى لاحقاً بالحلقة الشريرة التي أدخلت البلاد في دوامة " انقلاب – إنتفاضة – انقلاب" فضلاً عن أنه سن قوانيناً قمعية صادر بها الحريات العامة، وكمم الأفواه والغى الأحزاب السياسية وحدً من حريات الصحافة ومنظمات المجتمع المدني، وتسميمه للأجواء الاجتماعية بتلك القصص والروايات الغريبة على الأعراف والتقاليد السودانية والتي تناقلتها مجتمعات العاصمة والأقاليم همساً وجهراً!، وانفراده وحده بالنظر في حل مشكلة الجنوب، وذلك بلجوءه للحل العسكري الذي فاقم من المشكلة وزادها تعقيداً، ثم تمهيده لسياسات التبعية الاقتصادية بقبوله للمعونة الأمريكية، وتعريض سيادة البلاد للمخاطر عندما أصبح مخلباً للسياسات الاستعمارية في أفريقيا، درجة إتهامه صراحة بالدور القذر الذي لعبه في اغتيال المناضل الأفريقي باتريس لوممبا، ثم سياساته في مصادرة ما تبقى من حريات الجماهير، بزج مئات المواطنين من مختلف الأحزاب والقوى السياسية في المعتقلات والسجون، وكان أول من سنً ظاهرة النفي السياسي في أصقاع البلاد النائية، عندما بعث بقادة أحزاب المعارضة إلى الجنوب، في محاولة منه لشل نضال الحركة الجماهيرية المتنامية في مواجهته واسقاطه، وتقديم المناضلين المدنيين لمحاكم إيجازية عسكرية، هذا فضلاً عن لجوءه لأحكام الاعدام على عدد من الضباط الوطنيين المعارضين لحكمه، في محاولة للحد من النشاط المعارض له داخل القوات المسلحة، وآخيراً تتويجه لوتيرة قمعه للحركة الجماهيرية بمواجهته لمواكب وتظاهرات الجماهير الرافضة لحكمه خلال ثورة أكتوبر، بالرصاص الذي حصدهم على شوارع الخرطوم مما عجل بزواله، وبعد كل ذلك يفتينا السيد علي عبد الله يعقوب أحد زعامات المتأسلمين السياسيين بأن ليس في سجل عبود ونظامه ما يشين!.
ثم يمضى السيد يعقوب في لي عنق الحقائق بأكثر من ذلك، بادعائه الواضح الذي صرح فيه بأن "ثورة" 21 أكتوبر كانت " بقيادة الاسلاميين"!، مع أنه أفاد قبل قليل بأنه ليس في سجل نظام عبود ما يشين، ولا ندري لمً أقدم تنظيمه إذن على "قيادة" ثورة ضد نظام ليس فيه ما يشين!، وفي هذا المنحى أفاد أيضاً بأن "الشيوعيين" كانوا من المؤيدين لنظام عبود، ولذلك فلم يشاركوا في تلك الأحداث!، وانتقد من جانب آخر مواقفهم وتمسكهم باسمهم القديم، "على الرغم من سقوط التجربة في روسيا"، حيث كان من المفترض أن "يحلوا أنفسهم لمواجهة الواقع الجديد"، وفي المنحى تباهى مستهدياً بتجربة "الاسلاميين" الذين قال أنهم قد "غيروا" أسمهم لأكثر من أربعة مرات خلال عقود متعددة!، فمن الأخوان المسلمين إلى جبهة الميثاق الاسلامي إلى الاتجاه الاسلامي إلى الجبهة الاسلامية القومية وحتى المؤتمر الوطني في ظل نظام الانقاذ، ولا ندري ما إن كان السيد يعقوب وكافة الذين "يناصحون" الحزب الشيوعي بتغيير إسمه، قد انتبهوا إلى أن "الاسلاميين" وعلى الرغم من أنهم قد لجأوا لتغيير اسمهم لأكثر من مرة، إلا أن  الناس ظلت تناديهم، خلال كل هذه العقود التي غيروا فيها "جلودهم"  بالـ "كيزان"!.
علماً بأن سيادة القيادي الأخواني يعقوب هو المحرك الأول لفتنة منتصف ستينات القرن الماضي عندما قادت غوغائية جبهة الميثاق الاسلاي وقتها حملة حلً الحزب الشيوعي!، وقد شهد له "أخاه في الفكرة" د. حمدي بذلك وهو يتبسم متباهياً!، فيأتي اليوم علي عبد الله يعقوب "بعدما فتر" ليناصح الحزب الشيوعي بتغيير اسمه!.
ثم قدم شرحاً لمواقف الأحزاب في السودان، العقائدي منها والطائفي، حيث الولاء في الأحزاب الطائفية حسب رأيه للزعيم، كما في حزبي الأمة والاتحادي، أما لدى الأحزاب العقائدية، فإن الولاء في عُرف سيادته هو للفكرة، كما لدى الشيوعيين والبعثيين، وأما فيما يخص "الاسلاميين" فإن سيادته لم يبين لنا إلى أين يتجه "ولائهم"!. ولكنه نفى أن يكون "الأخوان" ضمن هذه الأحزاب، وذلك عندما أشار إلى أن حزبي الأمة والاتحادي ظلا يصطرعان في كل حين حول وزارة التجارة تحديداً، ولم ينتبه سيادته إلى أن كل مجموع الحركة الاسلامية السياسية في السودان ظلت "تصطرع" حول "كامل السلطة" منذ إنقلابها المشئوم وليس على وزارة أو اثنتين!، حداً أوصلها للمفاصلة الشهيرة التي كشفت الغطاء عن " تلهفهم" للسلطان والسلاطين، مما جعلهم يلفظون "كبيرهم" بهذا السبب!.
وأشار إلى إستثنائية "الاسلاميين" حينما أشار إلى أنهم خلافاً للأحزاب الطائفية، التي تلجأ إلى بناء مساجد لها بإسمها كمساجد "الأنصار والختمية"، فإنهم في "الحركة الاسلامية" لم يستنوا هذه السنة غير الحميدة، ولا نعلم لمً أسقط سيادة العاقب تجربتي " مسجد الشهداء " و الآخر"كافوري" .. الذي أطلقت عليه الجماهير تهكماً اسم " مسجد خمسة نجوم "؟!.
وحول الديمقراطية قال إن النظام الشوري هو الذي يوفرها لأن الشورى تتم على نطاق ضيق وبالتالي تنجح في تحديد الحاكم، عكس ما هو في النظام "الديمقراطي" الذي يختار الأكثر صوتاً!. ومرة أخرى يطلق السيد يعقوب سهام النقد على عواهنها، بحيث لم ينتبه لدور "مكتب الشورى" داخل حركته المتأسلمة في تلك المفاصلة الشهيرة!.
وقد أشار في الحوار إلى جزئية قد تبدو الأكثر غرابة، في كل ما طرح!. والمتعلقة باعتراضهم في المبتدأ، على محاكمة رموز إنقلاب 17 نوفمبر من العسكريين بعد انتصار ثورة 21 أكتوبر، وقال أن مرد ذلك هو موافقتهم ضمن القوى السياسية الأخرى، واعطائهم "كلمة" على عدم المسائلة الجنائية لأولئك العسكريين، في تعديهم على الشرعية الدستورية حين تنفيذهم للانقلاب، وذلك حسب شروط المجلس الأعلى للقوات المسلحة قبل تسليمه السلطة لممثلي القوى السياسية، مشيراً إلى تمسك الاسلاميين بالعهود والوفاء لكلمتهم التي قطعوها، وبالتالي فهم لا يغدرون بمن اتفقوا معهم ولا "يلحسون" كلمتهم!، وللوهلة الأولى يبدو لغير المتابعين، الأخلاقية السامية والمبدئية العالية القيمة في هذا الطرح، إلا أن وجه الغرابة يتجلى هنا، في التناقض البيًن بكيل هؤلاء الاسلاميين بأكثر من مكيال، في مثل هذه المسائل المبدئية التي أشار إلى أنهم يتعشقوها،  والمتعلقة بالوفاء لعهودهم وعدم نقضها، حيث شهدت البلاد إبرام نفس هؤلاء الاسلاميين مع القوى السياسية الأخرى وهم في قمة السلطة، لأكثر من إتفاق وعهد بامضاءاتهم والتزاماتهم، ثم قاموا وقبل أن يجف الحبر الذي وقعوا به على تلك الاتفاقات، بنقدها بل ركضها والاستهانة بها، وهم يمدون لسانهم للقوى التي وقعوا معها، وليس أخطرها ما آلت إليه الأمور بسبب ذلك في جنوب البلاد!، هذا دون الحديث عن إتفاقيات مثل "القاهرة" و"جده" و"الشرق" و" المشورة الشعبية" وخلافها، ثم يأتي سيادة علي عبد الله يعقوب "ليحجينا" اليوم عن العهود التي لا يرضى الاسلاميون نقضها!. 
وحتى نكون موضوعيين في نقدنا للسيد علي عبد الله يعقوب، فإننا وإضافة لشهادتنا له بأنه كان يطرح أفكاره تلك بتصالح تام، ودون "مرارات" في ثنايا طروحاته، خلافاً لغالبية رصفائه من الحركة الاسلامية السياسية بالسودان،  فإننا نشهد للرجل أيضاً تصريحه الايجابي النادر، الذي يؤكد فيه بأن " المسلم ليس بكافر إذا ارتكب معصية" وهي شهادة جد ثمينة في ظل تلك "الفتاوى" بتكفير المخالفين في الآراء السياسية، والتي أصبحت تترى في الفترة الآخيرة من مجالس " سياسية" متعددة تخصصت في مثل هذه الفتاوى باسم "الاسلام"!.
وأما فيما يخص مستضيفه في البرنامج التلفزيوني المعني، فقد جرً على نفسه سهام النقد بنفسه، حيث كان من الممكن تجاوز "هفوات"، قد تحدث من "إعلامي" بحسن نية، إلا أن ما يقوم به مقدم هذا البرنامج في حواراته، يتجاوز حسن النوايا، ليعبر عن وجهات نظر سياسية وفكرية متكاملة، بوعي منه أو بدونه!، وتتم بالتوازي مع طروحات ضيوفه الأيدولوجية، وعليه لم يكن في مقدورنا حيال هذه المواقف بتجاوز كل ذلك، حيث تستوجب الانتقاد بحسم وحزم وصرامة!.
إن فن تقديم البرامج الحوارية، له شروطه الصارمة، التي لابد من توفرها، ومن أهمها تمكن مقدم البرنامج، من ناهية التأهيل والثقافة والالمام التام بمادة الحوار، ولكن نجد بالعكس من ذلك أن مقدم هذا البرنامج الحواري والتوثيقي، قد عُرف في أجهزة الاعلام المسموع منها والمرئي ولدى المشاهد والمستمع، بأنه يفتقر تماماً للكثير من تلك الشروط التي سقناها، وبالتالي غياب أبسط المعايير التي يجب توفرها لدى هذا "الاعلامي"!، رغماً عن الفترة الطويلة نسبياً التي قضاها في هذه الأجهزة، والتي كانت من المفترض أن تصقل قدراته!،  ففضلاً عن كل ذلك، فإنه في برنامجه المعني يتحول لكي يلعب هو دور المستضاف بجانب دوره كمضيف في آن معاً! وبالتالي يفسد على المشاهد إمكانية متابعة المعلومة وتداعيها من مصدرها الموثق، بالمقاطعة والاطالة والوصف الساذج والممل، والركض خلف إستعراض معلومات متواضعة وتلميع ممجوج لنفسه!، ثم تجده وفي أخطر القضايا الفكرية يشايع بتسطيح وتملق مفضوح طروحات ضيوفه بالبرنامج متبنياً كافة أفكارهم وسياساتهم، ما ظهر منها وما بطن، وفي ذلك يكشف عن معارف جد متدنية، كشروحاته الدائمة للمشاهد في كل برنامج وفي كل مناسبة ودونها، للفروق اللفظية بين " الكفء والكفيف"!، حتى ملً المشاهد مثل هذه "الحذلقة"، هذا بجانب المام متواضع بالمفاهيم التي يدعي الذود عنها!.
فقد غازل نظام "الانقاذ" في ذلك البرنامج، معلناً عن مناصرته صراحة للنظم الديكتاتورية، ذات التركيبة العسكرية تحديداً، بادعائه أن "العسكريين تربيتهم قومية"!، مهاجماً في الوقت نفسه النظم الديمقراطية والتعددية، متسائلاً كيف أن مثل هذه النظم "الديمقراطية" تلجأ دائماً " إلى سياسة الابعاد عن الخدمة"! مصرحاً بأن الراحل إبراهيم عبود ونظامه قدم الكثير للسودان من " مصانع وشوارع وكده" حسب تعبيره، كما أشار إلى أن الراحل جعفر النميري كان "رجلاً قومياً لأنه كان دائماً مع الحق" وأنه أفاد البلاد كثيراً!، وقال " والله العظيم الحكم الديمقراطي مرحباً به إذا كان منظماً"! وكمن يستدرك فقد أشار إلى أن ذلك " يمثل رأيه الشخصي"!.. فحمداً لله أن كل ذلك كان يمثل رأي سيادته الشخصي!.
________
عن صحيفة الميدان
hassan elgizuli [elgizuli@hotmail.com]

 

آراء