هذا كلام غريب لم يسمع الناس بمثله..الكلام الذي تم نشره وإذاعته بالأمس باسم الجيش..هذا كلام ملئ بالتسييس و(العبارات النابية) والتصنيف العجيب! ولا ينبغي أن يصدر من أحد يتحدث بإسم الجيش..وهو كلام مفارق لا محل له من الإعراب! ولكنها تصريحات صدرت فعلاً منسوبة لوزير الدفاع ورئيس الأركان؛ فما هي المخططات والسيناريوهات التي تم إعدادها لاستغلال الظروف الاقتصادية؟ أليس من حق الشعب معرفة ما هي هذه المخططات؟ ومن الذين قاموا بإعدادها؟ ثم من هم (شذاذ الآفاق) ومن هم الذين ظلوا يشوهون صورة السودان؟ وما هو (السلوك غير المنطقي) الذي لن تنحاز له القوات المسلحة؟ هل يقصدون الاحتجاج المشروع وفق الدستور؟ أليس الجيش هو حامي الدستور؟ إن أي الحديث باسم الجيش يجب أن يكون موزوناً بـ(موازين الذهب) حتى يتفق مع طبيعة وأهمية الكيان الذي يصدر منه وهو الجيش السوداني؛ جيش الوطن لا جيش زيد أو عبيد؟! هذا كلام خارج سياقه وغير مفهوم ولا مقبول، وعلى الجيش أن يحزم أمره ويمنع حمل أو امتلاك السلاح لأية جهة غير نظامية غي مخوّلة قانوناً بامتلاكه واستخدامه.. وعلى منسوبيه ومن هم في قيادته ألا يتحدثوا بمثل هذه الأحاديث السياسية الغامضة، فالقوات المسلحة ينبغي أن تقف على مسافة واحدة من جميع المواطنين، ووظيفة الجيش واضحة في الدساتير وفي الأعراف في كل الدنيا، والجيش هو جيش البلاد وهو ليس فرقة تابعة لحزب أو فصيل سياسي، وعلى الذين أدلوا بهذه التصريحات باسم الجيش مراجعة ما قالوه، فمثل هذا الكلام يلقي بظلال خطيرة على المشهد الوطني، وأكثر الأمور خطورة أن يشعر الناس بان الجيش يلعب دوراً سياسياً لصالح فئة أو جماعة سياسية دون الآخرين، فالجيوش في كل العالم هي مؤسسات قومية تقف على مسافة واحدة من كل المواطنين، وليس لأحد حق الحديث باسم الجيش وهو يصف مواطنين بأنهم (شذاذ آفاق) فهذا التعبير لا معنى له في القانون، وإذا كان هناك مأخذ جنائي قانوني على تصرف أي مجموعة أو أي شخص فلا بد من توجيه الاتهام ثم الإحالة للقضاء للنظر في إدانته أو براءته! ثم ما معنى هذا النفي لشيء غير موجود؟ فمن قال إن على الجيش أن يسلم البلد لمجموعة من البشر أو مجموعة من شذاذ الآفاق؟ هذه كلام غريب يدين صاحبه إن كان يتحدث فعلاً باسم الجيش.. فالجيش كيان قومي له وظيفته المعلومة، والحديث باسمه يحتاج إلى درجة عالية من الاتزان وحساب الكلمات، وما سمعناه بالأمس حديث سياسي ملتوي ويحتوي على إشارات غامضة وجانحة و(تصنيفات غريبة) لـ(جهات مجهولة) وكل ذلك مما يولد طبقة كثيفة من الضباب، وواجب الجيش ومهمته المقدّمة على ما عداها هي حفظ أمن البلاد من أي عدوان خارجي، ولا علاقة له بتصنيف المواقف والأحزاب والتباينات السياسية، وما سمعه الناس بالأمس لم يسمعوا بمثله من قبل، ومنه الحديث المنسوب إلى رئيس الأركان والذي فحواه إن "الذين يتصدرون المشهد في المظاهرات هي ذات الوجوه التي ظلت تعادي السودان وتشوّه صورته" ثم حديثه الغامض عن (الخبيث والطيب).. خلاصة الأمر أن هناك معلومة ربما غابت عن بعض الناس؛ وهي أن الجيش هو جيش السودان.. وليس جيش المؤتمر الوطني..!