هذيان أشباه الفلول !!

 


 

هيثم الفضل
26 January, 2023

 

haythamalfadl@gmail.com

صحيفة الجريدة
سفينة بَوْح -
هذيان رقم (1) : مبارك أردول في تصريح على قناة الجزيرة القطرية ( لا نعتبِر المُبادرة المصرية تدَّخُلاً خارجياً في شئون السودان) ، أما على مستوى شخصي الضعيف فقد ظللتُ وكعادتي مع تصريحات أردول أبذل ما في وسعي من جهود ذهنية مُضنية (لأستوعب) المعايير والموازين التي يتَّبِعها أردول في تقييم (تفاعُلات) المُحيط الإقليمي والدولي تجاه الأزمة السودانية ، وبعد إرهاق لم أجد دليلاً أو مؤشِّراً من قريب أو بعيد يدفعني إلى التفريق بين (التدَّخُلين) الموجودين الآن في الساحة السياسية السودانية ، مما يُجبرني على طرح تساؤل منطقي يمكن أن يطرحهُ أقل الناس إلماماً بالسياسة ونصهُ كالآتي (ما الذي يجعل مجهودات المجتمع الدولي المُتضافرة مع مؤسسات الأمم المتحدة تدُّخلاً في الشئون الداخلية السودانية ، وفي ذات الوقت ما الذي ينفي صفة التدُّخل عن المبادرة المصرية ؟) ، وبالمناسبة لا يفوت علينا أن نلفت إنتباه القُراء إلى أن المحاولة المصرية المبذولة تحت شعار رأب الصدع وتحقيق التوافق السياسي الوطني في السودان ، هي في الأصل مُجرَّد (دعوة) لإجتماع وليست مُبادرة كما يعتقد أردول وزملائه من طغمة الإنقلابيين المدنيين ، فالمُبادرة لا بد أن يشتمل محتواها على برنامج وأجندة عمل ومناقشات مُسبقة بين الأطراف قبل الإعلان عنها ، ومن ناحية أخرى فإن المبادرات يجب أن تُطرح في (بدايات) إندلاع المشكلة أوالصراع ، لا في نهاياتها أو بعد وصول أطراف النزاع (الأصليين) فيها إلى إتفاقات مبدئية ، تسير بخطى ثابتة نحو تسوياتها النهائية ، ومن ناحيةٍ أخرى من الضروري أن نقول بوضوح (ليس كل التدُّخلات الدولية أو الخارجية) في شئون السودان الداخلية مرفوضة أو معيبة ، كما أنها لا تندرج في كل الأحوال تحت طائلة التعَّدي على القرار الوطني ، فهناك ما يمكن أن نُطلق عليه (التدُّخلات الحميدة) ، ومن أهم إشتراطات قبولها والتعامل معها بل دعمها أن تكون متوافقة ومُتجانسة مع (القرار الشعبي وأغلبية توجُّهات الجمهور في البلد المعني ) والأمثلة على ذلك كثيرة ونتائجها وثمارها ماثلة في شيلي وكمبوديا ورواندا والكثير من البلدان التي حقَّقت طفرات مُقدَّرة على مستوى النمو المُستدام والإستقرار السياسي الديموقراطي.
هذيان رقم (2) : جبريل إبراهيم في تصريح لوكالة سونا للأنباء (ندعو القطاع الخاص إلى المُشاركة بفعالية في تحقيق الإستقرار الإقتصادي) ، ويذَّكرني هذا التصريح بالصيادين في عرض البحر حين يدعون المارة على الشاطي لمشاركتهم طعامهم الذي يُطبخ على ظهر المُركب ، ومنها خرج المثل القائل (عزومة مراكبيه) ، جبريل الذي بنى ميزانيتي العامين 2022 و2023 على توسعة إيرادات الدولة بالإعتماد الكُلي على الجبايات الضريبية والجُمركية و(الحركاتية) و(الوهمية) حتى أعلن صغار التجار بما فيهم ماسحي الأحذية الإضراب عن العمل تذمُّراً من البطش الضريبي والجبائي ، يدعو منسوبي القطاع الخاص المُكبَّل بالضرائب والقوانين المُجحفه واللوائح التعجيزية والتراخيص التي لا تُحصى ولا تُعد ، في تكريس لسياسة عدائية بين القطاع الخاص والدولة لا هدف منطقي لها سوى إخراج رأس المال الخاص من دائرة الحراك الإقتصادي ، يدعوهم لأن يسهموا في بناء الإقتصاد الوطني وهم جميعاً وليس معظمهم خارج دائرة السوق والإقتصاد الوطني ، ومن إستطاع منهم أن يبقى ويصمُد فمصيرهُ عاجلاً أم عاجلاً الإستسلام والإنهيار أمام غول الكساد العام وإحجام دائرة الطلب عن الدخول في معاملات تجارية جديدة بسبب ضعف القوة الشرائية وإفلاس الدولة وتنصُلها عن توفير المُعينات الأساسية للإنتاج بما فيها مصادر الطاقة من بترول بسعر مناسب وطاقة كهربائية مُستمرة ومُستقرة ومعقولة الأسعار ، ليصبح أمر القطاع الخاص كمن أُلقي في اليَّم وأُمر بالسباحة وهو مُكبَّل اليدين والقدمين ، السؤال المطروح بإلحاح حتى يمكننا التعامل المبدئي مع هذيان وزير المالية (ماذا قدّم وزير المالية من إجراءات وإغراءات إستثمارية وتسهيلات ومُعينات إجرائية وضرائبية وجُمركية وخدمية وبِنى تحتية حتى يستطيع رجل الأعمال السوداني في أيي قطاعٍ خاص أن يُسهم في تحقيق الإستقرار الإقتصادي).

 

آراء