هزيمة الانقلاب
عبدالباسط شاطرابي
27 June, 2022
27 June, 2022
هل القصد من استمرار الثورة إزاحة الجنرال زيد أو عبيد من المشهد ؟ إن كانت الإجابة بـ(نعم) فهي خاطئة وتعطي تشخيصا بلا نصيب من الصحة.
ما جرى في 25 أكتوبر هو انقلاب، وهو التوصيف الذي لم يعد أحد ينكره سوى الفريق البرهان، وحين رفضت القوى الحية هذا الانقلاب كان القصد الأكبر هو هزيمة الفكرة .. فكرة الانقلاب .. وإزاحتها من القاموس السياسي السوداني.
الرفض ليس جديدا في دفتر ثورة ديسمبر، فعندما قامت لجنة البشير الأمنية بإعلان إنهائها لنظام الإنقاذ في أبريل 2019، كانت أول ردة فعل من القوى السياسية هي رفض وجود القيادة العسكرية في صدر الفعل السياسي القادم، تأكيدا على فكرة أشمل ذات شقين، الأول رفض اختزال الثورة في "انقلاب" يكرر الدائرة الجهنمية المعروفة، والثاني رفض أي وجود لقوى ظلت تمثل اليد الباطشة للنظام الساقط، حتى أن وزير دفاع البشير الفريق عوض ابنعوف، الذي تصدر المشهد العسكري يومها، بدا حائرا في أول مؤتمر صحفي .. وقال بوضوح إنهم لا يملكون برنامجا محددا، وإنهم سينفذون فقط ما يريده الثوار، لكن كلامه لم يجد أذنا صاغية، ولم تمر سوى ساعات حتى كان هو نفسه خارج المشهد.
صحيح أن السفينة تنكبت المسار وسط الأمواج، وأن شراكة قد حدثت في تجربة ستخضع لحكم التاريخ، لكن كيمياء الممارسة ظلت فاعلة في بوتقتها لإعادة السفينة إلى المسار السليم.
ما بني على باطل فهو باطل، والانقلابات، طال عمرها أو قصر، تظل نقاطا سوداء في وجه التجربة السياسية، حتى لو كان خلفها عناصر مدنية كما هو حال تجربتنا. وانقلاب 25 أكتوبر لم يكن خارج النص، شأنه شأن انقلاب الرابع من يونيو حين نفض البرهان يده عن التفاوض مع الحرية والتغيير بعد تداعيات فض الاعتصام. لتتصاعد الثورة من جديد رغم اختلاط الأوراق، وليعود قائد الانقلاب إلى الطاولة مرة أخرى لتوقيع الوثيقة المثخنة بالجراح.
رفض الانقلاب ليس قصده إزاحة فرد أو أفراد، لكنه إرادة ثورية وشعبية لهزيمة (الفكر الانقلابي) واجتثاثه من الممارسة تحت أي ذريعة.. فالتغاضي عن أي انقلاب مهما كانت لافتاته براقة، هو إسفين يتم دقه في نعش الديمقراطيات المستدامة التي تتطلع لها الشعوب.
الهدف هو هزيمة الفكرة .. وهذا ما ينبغي التنبه له.
shatarabi@hotmail.com
//////////////////////////////
ما جرى في 25 أكتوبر هو انقلاب، وهو التوصيف الذي لم يعد أحد ينكره سوى الفريق البرهان، وحين رفضت القوى الحية هذا الانقلاب كان القصد الأكبر هو هزيمة الفكرة .. فكرة الانقلاب .. وإزاحتها من القاموس السياسي السوداني.
الرفض ليس جديدا في دفتر ثورة ديسمبر، فعندما قامت لجنة البشير الأمنية بإعلان إنهائها لنظام الإنقاذ في أبريل 2019، كانت أول ردة فعل من القوى السياسية هي رفض وجود القيادة العسكرية في صدر الفعل السياسي القادم، تأكيدا على فكرة أشمل ذات شقين، الأول رفض اختزال الثورة في "انقلاب" يكرر الدائرة الجهنمية المعروفة، والثاني رفض أي وجود لقوى ظلت تمثل اليد الباطشة للنظام الساقط، حتى أن وزير دفاع البشير الفريق عوض ابنعوف، الذي تصدر المشهد العسكري يومها، بدا حائرا في أول مؤتمر صحفي .. وقال بوضوح إنهم لا يملكون برنامجا محددا، وإنهم سينفذون فقط ما يريده الثوار، لكن كلامه لم يجد أذنا صاغية، ولم تمر سوى ساعات حتى كان هو نفسه خارج المشهد.
صحيح أن السفينة تنكبت المسار وسط الأمواج، وأن شراكة قد حدثت في تجربة ستخضع لحكم التاريخ، لكن كيمياء الممارسة ظلت فاعلة في بوتقتها لإعادة السفينة إلى المسار السليم.
ما بني على باطل فهو باطل، والانقلابات، طال عمرها أو قصر، تظل نقاطا سوداء في وجه التجربة السياسية، حتى لو كان خلفها عناصر مدنية كما هو حال تجربتنا. وانقلاب 25 أكتوبر لم يكن خارج النص، شأنه شأن انقلاب الرابع من يونيو حين نفض البرهان يده عن التفاوض مع الحرية والتغيير بعد تداعيات فض الاعتصام. لتتصاعد الثورة من جديد رغم اختلاط الأوراق، وليعود قائد الانقلاب إلى الطاولة مرة أخرى لتوقيع الوثيقة المثخنة بالجراح.
رفض الانقلاب ليس قصده إزاحة فرد أو أفراد، لكنه إرادة ثورية وشعبية لهزيمة (الفكر الانقلابي) واجتثاثه من الممارسة تحت أي ذريعة.. فالتغاضي عن أي انقلاب مهما كانت لافتاته براقة، هو إسفين يتم دقه في نعش الديمقراطيات المستدامة التي تتطلع لها الشعوب.
الهدف هو هزيمة الفكرة .. وهذا ما ينبغي التنبه له.
shatarabi@hotmail.com
//////////////////////////////