هكذا يستدام السلام ويحمى الوطن وترابه !؟
أدم خاطر
27 May, 2011
27 May, 2011
adam abakar [adamo56@hotmail.com]
كيف ومتى تعى الحركة الشعبية وحلفائها الدرس وهى تغالى فى تعظيم مطالبها وتعلى من أجندتها وتكثر المناورات وحملات الارباك والتشويش السياسى استنادا الى نصائح باقان وعرمان وألور ، وهى لم تفق بعد من صدمة الانتخابات التكميلية فى جنوب كردفان !. متى تدرك الأطراف الداعمة لها بالاقليم والخارج أن دولة السودان على عهد الانقاذ بها من النضج والرشد السياسى ما يجعلها على استعداد لخوض غمار الحرب اذا كتبت عليها بذات الروح التى أقدمت بها على السلام !؟. كيف لهؤلاء بهذا الفهم البئيس وسوء التقدير للمواقف والانقاذ لم تكن تناور بالسلام ومستحقاته عندما واثقت عليه وأرتضت بروتوكولاته على ما فيها من حيف وقسمة غير عادلة للثروة والسلطة ، بل كا ظنها أنها تشترى الدماء والأرواح لكامل أبناء البلاد وتحمى التراب وتصون السيادة ، وتحقق بعض ظلامات وتطلعات أبناء الجنوب على نحو خاص حتى يكتبوا مصيرهم بأيديهم اما وحدة أو انفصالا سلميا !. ولم يكن فى أجندتها المزايدة عليه رغم الضغوط الداخلية والتهم التى كالتها الأحزاب الشمالية فرادى ومجتمعين باتجاهها بدوافع الغيرة السياسية عندما تنادت هذه المجاميع بحق تقرير المصير للجنوب فى أسمرا وأديس ابابا والقاهرة وغيرها من العواصم ، وقعدت عن آليات تنفيذ هذا الوعد وهى على سدة الحكم !. أنجزت الانقاذ السلام وعملت على تطبيق بنوده فى مواقيتها وأوفت بوعدها مهما كلفها من رهق وعناء حتى الاستفتاء وما اسفر عنه من انفصال مزيف ودولة ستولد فى التاسع من يوليو 2011 أرادها الغرب والكنائس وأمريكا واسرائيل رغم أنف رغبة أمتنا ، ولكن نهم الحركة الشعبية ومن يقفون الى صفها بالداخل والخارج فى التوسع والهاب ظهر الشمال بالمتاعب والمنقصات ظل يكايد ويدس المؤامرات بين يدى اعلان الدولة الجديدة متسلقا صخرة أبيى العصية بنصائحهم لالتهامها قبيل انطلاقة جمهورية جنوب السودان من عاصمتها جوبا !. وعوضا عن انشغال قادة الدولة الوليدة بما يحتاجه مواطن الجنوب من أمور حياتية ملحة وتدابير خدمية لجهة الصحة والتعليم والمياه وتوفير الغذاء والكساء والجنوب يطحنه الجوع والعوز والغلاء ، آثر هؤلاء أن تكون أبيى هى أولى حلقات الفتنة القادمة لاستعادة الحرب بكل تبعاتها للمشهد مرة أخرى طالما فشلوا فى تحقيق الضروريات الملحة لوطنهم الوليد !. لقد كانت أبيى حاضرة فى السابق عندما تولى ادارتها ادوارد لينو و أراد أخذها عنوة فى 2008 فسقط هو وحركته وانزوى الى الأبدى وبقيت أبيى تنتظر الحلول ما بين محكمة العدل الدولية وجهود ثامو أمبيكى التى نسفتها الحركة الشعبية عندما جنحت للقوة العسكرية وآثرت فرض الأمر الواقع ضاربة بعرض الحائط كل المقترحات والحلول التى توافرت اقليميا ودوليا وقبلها مقررات كادوقلى الأخيرة !. فالتحرش الذى جرى ويجرى على يد الجيش الشعبى وحملات الاستفزاز والتشويش التى يلجأ اليها حملت القوات المسلحة لاتخاذ خطوة استباقية على النحو الذى تم لقطع الطريق أما أى اجراءات أحادية والحركة الشعبية كانت قد استبقت ذلك بتضمينها فى دستورها ولوحت بأكثر من اشارة ما كانت الدولة تملك خيارا أفضل من الذى تم خلال هذا الأسبوع !. ومهما تباينت آراء المحللين السياسيين حول الأسباب الحقيقية وراء سيطرة الجيش السوداني على منطقة أبيي في ظل تأكيد الخرطوم رغبتها بفرض حل سلمي للأزمة ودعوات أميركية خجلى بضرورة سحب الجيش السوادني من المنطقة، تبقى الحقيقة الماثلة أن السودان ما يزال دولة واحدة تدار من الخرطوم والحدود التى تعرف للسودان هى تلك التى رسمت وقت اعلان الاستقلال فى الأول من يناير عام 1956 م !!. ومسارعت الحكومة السودانية عبر أحد مسؤوليها إلى استبعاد رغبة القوات المسلحة في السيطرة على المنطقة لفرض أمر واقع فيها "كما كانت تريد الحركة الشعبية لتحرير السودان" ، هى لتطمين الأطراف كافة أن الدولة القائمة أبقت على حدودها المعلومة دوليا حتى يصار الى حل مقبول يضع نصب عينيه حقوق دينكا نقوك والمسيرية على قدم المساواة والأهمية دون مغالاة أو اعتساف أو تحيز لطرف دون الآخر !. وحديث وزير الدولة برئاسة الجمهورية أمين حسن عمر للصحفيين أن ما قامت به القوات المسلحة في أبيي يأتي في إطار توفير حماية للمدنيين وبسط الأمن في كل شبر تابع لشمال السودان، هو أمر طبيعى يفرضه سلطان الدولة وسيادتها التى كم انتقصها السلام ونال منها فى كل مراحله وقد آن الأوان أن توقف هذه التجاوزات والتسويف لأجل ارضاء أطراف لم تكن لترضى وهى ترى هذا الاستسلام والخنوع والتنازلات تقدم دونما تقدير ، ومطالبهم الجامحة لا تتوقف عند نقطة أو مسار بعينه طالما وجدت السند والدعم الدولى باشاراته المتعددة !.
لذا من حق الدولة وهى ترى هذا التربص الدولى فى ازدياد أن ترفض محاولات الجيش الشعبي الرامية لفرض واقع مخالف للقوانين والدساتير والاتفاقيات التي تحكم اتفاق السلام الشامل "وأن محاولته –أي الجيش الشعبي- للاستيلاء على أبيي بطريقة ملتوية أمر غير مقبول" وفيه من التحدى والاثارة والاستفزاز ما يكفى لدق طبول الحرب ، وقد جربتها الشعبية من قبل وهى تريد استباق أجل السلام بفتنة أعدت مسرحها وكان نتاجها مئات القتلى من الأبرياء فى كمين يشبه لغة الغابة والتمرد التى كم اقتاتت الحركة من بضاعتها وهى تظن أن هذا البيع سيظل رابحا أبدا حتى وميثاق السلام فى خواتيمه ولكن هيهات !.. والأيام القادمة كفيلة بكشف مستور ما وراء الخطوة التى أقدم عليها البشير باستعادة أبيى الى حرز الوطن وحل ادارية أبيى ، واليقين أن هناك أسراراُ ما زالت تفرض الكثير من الصمت على بعض المبررات الضرورية التي جعلت من القوات المسلحة السودانية للمسارعة بهكذا خطوة –وقبل أن تحصر خسائرها- ترد صاع الجيش الشعبي بصاعين مثله دون التفات للتبعات والعويل الدولى طالما أخطأت اطراف ادارة الصراع دوليا التقدير فى حجم وقدرة الشعبية عسكريا مقارنة بجيش نظامى لها عقود متطاولة وخبرة فى ميادين القتال والتسليح !.وبينما تتمسك الحكومة بذلك الموقف المعلن من قبل، اختلف المحللون في تفسيراتهم للموقف برمته وما إذا كان رد فعلها طبيعيا أو لقطع طريق كان ينوي الجيش الشعبي سلوكه أو لشيء كان يُخطط له مستقبلا. لكن أى محلل سياسى حصيف لا يفوت عليه ولا يستبعد حصول الجيش السوداني على معلومات تُنبئ أن الحركة الشعبية كانت تخطط لهجوم كاسح على أبيي ظلت شواهده ماثلة للعيان والتمرد الداخلى يطوقها والانشقاقات فى صفها فى توسع !.بل هنالك تقارير مضللة وغير دقيقة دبجت ورفعت لحكومة الجنوب تفيد بأن المؤتمر الوطني السوداني في أضعف حالاته، ويعاني من انقسامات حادة بداخله بين أجنحته من العسكريين والمدنيين على غرار ما حدث بين نافع وقوش مما يجعل انتهاز الفرصة بفرض الوجود العسكري في أبيي أمرا سهلا، وسرعان ما ابتعلت الشعبية هذا الطعم مما مكن الجيش السودانى من الاقدام والاستيلاء على أبيى وطرد الجيش الشعبى على هذا النحو المهين الأمر الذى كان بمثابة الطامة على المشهد السياسى الجنوبى واحراجهم أمام أصدقائهم وحلفائهم !..فالجيش السوداني أجبر على الخطوة الأخيرة بعدما ورده من تقارير تحذيرية ومخططات ماكرة تريد تمزيق الوطن بين يدى ميلاد الدولة الجديدة ، والجيش الشعبى يضع يده الآن عنوة فى كافيا كنجى ومنطقة جودة وجبل مقينص وكاكا التجارية رغم عدم أحقيته لهذه المناطق من حيث الأوراق والمستندات والخرائط وكل الوثائق التى تثبت تبعيتها للشمال ، وظللنا نقبل بالتفاض حولها ضمن ملف الحدود لكن بصيرة قادة الشعبية دائما تخطى التقدير ولا تعترف بفضل للشمال لذلك ما كان من استيلاء جاء نتيجة طبيعية لممارسة السيادة على كامل تراب الوطن حتى يتم التراضى على تفاهمات فيما هو خلافى داخل حظيرة الوطن الأم !. ربما يرى البعض أن العملية لا تخرج عن نطاق العلاقة الجامعة بين الطرفين، فى اشارة إلى أن التحرك للسيطرة على أبيي أملته الاستجابة لرغبات الموالين للحكومة من أبناء المنطقة، ولكن الدولة تتعامل بكامل وعيها وأجهزتها بعد أن انشكف لها ما يضمره أعداء السلام والاستقرار للوطن من خطط قد أزف وقتها وأنطلقت صافرتها !.. فالجيش السوداني لا تحركه العواطف ولا يستعجل الحرب أو أن قيادة الدولة قد تراجعت عن التزاماتها ازاء مسيرة السلام وتنكبت طريقه ، وهى قد تلقت يقينا ما يفيد برغبة الحركة الشعبية لفرض الأمر الواقع من خلال الاستيلاء على أبيي وما حولها من قرى، ولم تكن تخوفات الحكومة من "وجود أبيي ضمن دستور دولة الجنوب"مجرد بالونة اختبار أطلقت لكنها جاءت ضمن مخطط كبير ليس من المصلحة القومية الآن أو الاستراتيجية كشف كل أبعاده !.
فالموقف الذى أتخذه رئيس البلاد بشأن أبيى فيه حكمة كبيرة وشجاعة مدخرة وتقدير فى مكانه له مبرراته ودوافعه التى تمليها عليه المسئولية الدستورية والتاريخية والوطنية ، وبذات الارادة التى كتبت السلام وأرست دعائمه وشيدت بنيانه بذات الجدية والصرامة ، وأن زيارته للقيادة العامة اليوم واطلاق يدها للرد على أية استفزازات من الجيش بقوة دون الرجوع الى الخرطوم لم تكن للاستهلاك السياسى أو اظهار قوة زائفة ومصطنعة كما يفعل الآخر ، حتى وان كانت بعثة مجلس الأمن موجودة بالخرطوم وجوبا والتقت من ألتقت ولوحت بالعديد من الاجراءات والقرارات كما هى الآن التلويحات الأمريكية وهى تقايضنا بالتطبيع واصلاح العلاقة والسودان قد مل الوعود الأمريكية وسبق بتقديم القرابين والتنازلات التى لم تحسب أو تعد بفهم هؤلاء الا ضعفا يستوجب المزيد من الضغط والاجراءات والقرارات التى كم أمطرتنا بها الأسرة الدولية (أمريكا )!. هنالك من سيخرج علينا غدا ويتوعدنا ويخيفنا بأن خطوة استعادة أبيى من قبضة الجيش الشعبى ستكون وخيمة العواقب والمآلات وأنها ستجلب خسارة للحكومة فى الشمال ستبدأ عقب عودة وفد مجلس الأمن الدولي لواشنطن، بظنهم أن كثيرا من الدول تضع الحكومة السودانية بامتحان دائم "وبالتالي لن تجد الحكومة (السودانية) أي مبررات يمكن أن تقنع بها تلك الدول ، وردنا أننا لا حاجة لنا باقناع دول أصمت أذانها عن سماع الحق وجيرت صفها لصالح أعدائنا ووقفت الى جانبهم فى زمن الحرب والسلم وهى غير مستعدة للوقوف الى جانبنا ولن تسمع لنا وما بلغنا منها يكفى و لا نحتاج للمزيد !. من ينتظر نصرة أو حيادا أو موقف ايجابى من واشنطون وكافة العواصم الغربية فهو حالم وساذج وبه غباء السياسى مركون وبلادنا قد ملت الضغوط والمساومات وهى فى طريقها للتشظى والانشطار بتدابير هؤلاء العصابة التى تتحكم فى مجلس الأمن وتفرض الفيتو والقرارات والاحالة الى الفصل السابع،كما ظلت تطوقنا بدارفور والجنائية الدولية والعقوبات الاقتصادية ورعاية الارهاب ولا سبيل لاسقاط أى من هذه الوصمات عنا مهما فعلنا وتجملنا !. فليمض بنا البشير الى نهاية المطاف باستعادة كافة المواقع التى استولت عليها الحركة الشعبيىة حتى نصل الى حلول مرضية وعادلة بشأنها بقناعات وطنية وحوار داخلى عميق وجاد ، أو نعود الى مربع الحرب التى أرادتها الحركة الشعبية وحلفائها بسوء تقدير وتخطيط لم يسعفها فيه الوقت ولا المكان ولا القدرات العسكرية والسياسية !. على رئيس البلاد أن لا يلتفت الى المخذلين فى صفوفنا والمخادعين من فشلة السياسة وعطلة المواهب حتى يعز سلام البلاد ويستعاد ما أهدر من حق كدنا أن نضيعه بالغفلة وحسن الظن والمجاملات التى كم أضرت بسمعة الدولة وحزبها !. لم يسبق للدولة أن أقدمت على قرار شجاع ومحترم له انعكاساته الايجابية على الواقع الداخلى كما هو الحال فى خطوتها باستعادة أبيى ، ورفضها لقاء بعثة مجلس الأمن وتمسكها بموقفها والاصرار عليه فى اقدام وشجاعة تشبه البشير وقيادته التى نتطلع الى تخرجنا من مهالك السلام الذى أريد له أن يزلنا وشعبنا عزيز !. أى تراجع فى هذا الموقف سيهد ما بقى من اركان السلام ويسقط هيبة الدولة وسلطانها على ترابها وسيادتها ويغرى بأعدائنا الى التمادى فى ابتزازنا واضاعة مكاسب أمتنا التى ملت المحاصرة والتضييق من قبل الخارج والاقليم !. هذه الخطوة المقدامة سيكون لها ما بعدها على صعيد الأزمة فى دارفور وهى تحمل من البشارات ما ستقر به الأعين ويؤمن وحدة قوية لما بقى من ترابنا ستظل أبدا عزيزة وعصية على الأعداء والمتآمرين بالداخل والخارج !!!..