هل السفارة الأمريكية في الخرطوم أكبر مركز تنصت ومراقبة في افريقيا ؟
ثروت قاسم
4 November, 2013
4 November, 2013
Facebook.com/tharwat.gasim
Tharwat20042004@yahoo.com
1- تقرير برفسور ريفز ؟
في يوم الأربعاء 30 اكتوبر 2013 ، نشر الناشط الأمريكي المتابع لأحداث السودان البرفسور اريك ريفز مقالة عن مكافحة الإرهاب وسياسة أمريكا الخارجية في السودان . نختزل إنطباعاتنا عن هذه المقالة المهمة ( وليست ترجمتنا ) في عدة نقاط أدناه :
اولاً :
ذكر البرفسور ريفز أن إدارة أوباما قد صرفت مبلغ 172 مليون دولار على تشييد السفارة الأمريكية في سوبا جنوب الخرطوم ، وأكثر من ضعف هذا المبلغ لتركيب معدات تنصت ومراقبة لمنطقة شمال افريقيا والقرن الأفريقي والشرق الأوسط ، بالإضافة لدولتي السودان . تم ذلك في إطار صفقة بين إدارة أوباما وحكومة الخرطوم تسمح الخرطوم بموجبها إقامة محطة تنصت ومراقبة داخل السفارة الأمريكية في الخرطوم ، وتزويد الخرطوم واشنطون بمعلومات عن الإرهاب الإسلاموي ؛ مقابل تجميد واشنطون إي خطوات عدائية ضد الخرطوم ، إن كان بخصوص تجميد أمر القبض ، أو غض النظر عن الإبادات الجماعية في دارفور وولايتي النيل الأزرق وجنوب كردفان ، أو وضع العصي في دولاب الجبهة الثورية .
صارت السفارة الأمريكية في الخرطوم أكبر مركز للتنصت والمراقبة في افريقيا ، بفضل إنبراش حكومة الخرطوم للطلبات الأمريكية مقابل ضمان إستمرار حكومة الخرطوم في السلطة .
ثانياً :
في يوم الخميس 2 يونيو 2011 ، زار جون برنان ( المدير الحالي لوكالة الإستخبارات الأمريكية – السي آي أي ) الخرطوم للتنسيق المخابراتي مع الخرطوم في مكافحة الإرهاب الإسلاموي .
في يوم الاحد 5 يونيو 2011 ، بعد يومين من زيارة برنان للخرطوم ، بدأ هجوم الجيش السوداني على قوات الحركة الشعبية الشمالية في ولاية جنوب كردفان . الهجوم الذي تم ، حسب بروفسر ريفز ، بالتنسيق مع ، بل مباركة السيد برنان .
في يونيو 2011 ، فصلت
( de-couple )
إدارة اوباما ولايتي النيل الأزرق وجنوب كردفان من مشروع مكافحة الأرهاب المشترك بين واشنطون والخرطوم ، وصارت الخرطوم تفنجط في هاتين الولايتين كيفما شاءت ، وواشنطون عاملة أضان الحامل طرشة ؟
إستمرت الخرطوم في الأبادات الجماعية في ولايتي النيل الأزرق وجنوب كردفان مقابل تعاون الخرطوم مع واشنطون في مكافحة الإرهاب الإسلاموي ؟
ثالثاً :
فيلم دارفور يتكرر في ولايتي النيل الأزرق وجنوب كردفان ، عندما أعلنت واشنطون على رؤوس الأشهاد في نوفمبر 2010 ، فصل
( de – couple )
دارفور من مشروع مكافحة الأرهاب المشترك بين واشنطون والخرطوم ، مقابل موافقة الخرطوم عقد إستفتاء جنوب السودان في 9 يناير 2011 في سلاسة وهدؤ .
إستباحة دارفور بواسطة الخرطوم دون أي بغماية من واشنطون مقابل الإستفتاء ، في صفقة شيطانية ضمنت إنفصال الجنوب وإستمرار الكوارث في دارفور مقابل إستمرار حكومة الخرطوم في السلطة .
رابعاً :
قدمت إدارة أوباما دارفور وولايتي النيل الأزرق وجنوب كردفان قرابين تأكلها نار الخرطوم لضمان إستمرارها في السلطة ، مقابل تسهيل الخرطوم إنفصال الجنوب ومساعدتها في مكافحة الإرهاب الإسلاموي .
خامساً :
تنصتت واشنطون على تلفون المستشارة ميركل المحمول ، كما أظهرت تسريبات سنودن .
ربما كشف سنودن مكالمات الرئيس البشير ونكاته مع صديقه وزير الدفاع الفريق عبدالرحيم حسين . وهي تسريبات قيمتها الإستخباراتية صفر كبير على الشمال . ذلك أنه ولثقافة القوم المفتوحة الفاتحة في الخرطوم، يمكن لعميل المخابرات الأمريكية في الخرطوم أن يجلس لأقرب ست شاي على شاطئ النيل في الخرطوم ليعرف أدق تفاصيل القرارات المصيرية في الخرطوم . لا حاجة لمعدات تصنت السفارة الأمريكية المتقدمة في الخرطوم، لتعرف ادارة اوباما ما يطبخ القوم في الخرطوم ؟
سادساً :
لقراءة كامل تقرير برفسر ريفز يمكنك مراجعة الرابط أدناه :
http://sudantribune.com/spip.php?article48616
هل عرفت ، يا هذا ، كيف أضاعت سياسات حكومة الخرطوم الجنوب ، وفي طريقها لإضاعة دارفور وولايتي النيل الأزرق وجنوب كردفان ... فقط لضمان إستمرارها على كرسي السلطة في الخرطوم ؟
2 - غلوطية عبدالرحمن الصادق ؟
في مقالة سابقة ، ذكرنا أن الأمير عبدالرحمن الصادق قد إستقال من حزب الأمة ولا يمثل إلا نفسه في موقعه الجديد كمساعد لرئيس الجمهورية . وبالتالى لا يجب تحميل السيد الإمام وزر أبنه الذي شبهته في مقالة سابقة بيهوذا الأسخريوطي ، تلميذ السيد المسيح وأبنه الروحي ، الذي باع يسوع الناصرة لعسكر اليهود بثلاثين قطعة فضة في العشاء الأخير .
ولكن وصلتني رسائل من أناس يعقلون يخالفونني الرأي ويدمغون السيد الإمام بمباركة جريرة أبنه ، ويحملونه وزرها .
هؤلاء واؤلئك تسيطر عليهم ثقافة القبيلة المتجذرة في الوجدان والثقافة السودانية . ثقافة القبيلة مدابرة لثقافة الديمقراطية التي لم يبلغها بعد هؤلاء القوم ، وهم يطمعون .
ثقافة القبيلة تتناقض مع الديمقراطية، لأنها تؤسس على مبدأ المسؤولية الجماعية .
في هذه الثقافة القبلية يكون السيد الإمام مسوؤلاً عن خيارات وأعمال أبنه عبدالرحمن .
بينما تؤكد الثقافة الديمقراطية أن المسؤولية فردية ، بحيث يصبح كل مواطن مسؤولا فقط عن تصرفاته التى فعلها بإرادته الحرة . في هذه الثقافة الديمقراطية لا يكون السيد الإمام مسوؤلاً عن خيارات وأعمال أبنه عبدالرحمن .
وما دام الكل ينادي ليل نهار بالديمقراطية كمفهوم وطريقة حياة ، ويكافح من أجل ترسيخها ، فلا أقل من أن نكون ديمقراطيين فعلاً وقولاً ، ونطبقها في تقييمنا لسلوك السيد الإمام مع أبنه ، وإلا صرنا من الممحوقين .
وفي الإسلام الذي يدين به هؤلاء القوم ، المسؤولية فردية كما جاء في النص القراني القطعي بأن لا تزر وازرة وزر أخري . ويتكرر الأمر الرباني في الآية 31 في سورة الأنعام :
وَهُمْ يَحْمِلُونَ أَوْزَارهمْ عَلَى ظُهُورهمْ
وليس على ظهور آبائهم ؟
بالرغم من حصولهم على قسط راقٍ من التعليم لا يتصرف هؤلاء وهؤلاء باعتبارهم مواطنين أحرارا، وإنما باعتبارهم أعضاء فى قبيلة.
نعم ... انتشار التفكير القبلى فى مجتمعنا وثقافتنا يشكل عائقا حقيقيا أمام بناء الديمقراطية الحقة وممارستها .
فالديمقراطية في الغرب لم تستقر إلا بعد أن اختفت الصراعات القبلية الضيقة، وأصبحت الصراعات سياسية بإمتياز ، وبعد أن تحول الصراع داخل المجتمعات الغربية من صراع ‘مقدس′ إلى صراع سياسي غير مقدس! وصارت الدولة دولة المواطنة . بينما ما زال الصراع في العديد من بلادنا بين تيارات قبلية لا تعترف بحق بعضها البعض في الحكم والسيادة.
لن تنجز الثورة القادمة ( بإذنه تعالى ) أى تغيير مادام الفكر القبلى موجودا فى أذهاننا ووجداننا وثقافتنا . الفكر القبلي فكر ظلامي يشكل غشاوة تمنع رؤيتنا للمستقبل الواعد . لن نتمكن من بناء الدولة الديمقراطية الحديثة إلا إذا هجر السودانيون الفكر القبلي العتمي الذي يعتمد مبدأ المسؤولية الجماعية . وإلا فسوف يكون كفاحنا لإقامة نظام جديد ديمقراطي بمثابة ساقية جحا والنفخ في القرب المقدودة .
في سياق كراهية البعض للسيد الإمام ، وأكثر لبعضهم البعض ، رغم إدعائهم الكفاح لإحلال الديمقراطية ، نقول لهم إن الديمقراطية لا تمنع من كراهية الآخر المختلف ، بل هى فن إدارة الكراهية في تحضر .
التحضر لا يعنى حب السودانيين لبعضهم ، بل قدرتهم على التعايش مع بعضهم ، برغم كل ما بداخلهم من كراهية وتنافر.
أكرهوا السيد الأمام ، أكرهوا كيان الأنصار ، أكرهوا حزب الأمة ، أكرهوا بعضكم بعضاً ، ما شاء الله لكم من كراهية ، ولكن أحرصوا على التعايش السلمي المتحضر مع بعضكم البعض في وطن واحد حدادي ، وكان مدادي لولا نبلاء الإنقاذ !
هل يقر هؤلاء وهؤلاء بأن :
+ علاقة الأبوة والبنوة علاقة اجتماعية ثقافية بيولوجية، وليست لها علاقة بالسياسة؛
+ السيد الأمام لا يتدخل في الخيارات الشخصية لأبنائه وبناته في الدراسة ، وفي العمل العام والخاص ، وفي الزواج ، وفي الإنتماء للهلال أم المريخ ، في تربية اللحي للأبناء أو لبس الحجاب والشخبطة للبنات ؛
+ كل أبن وأبنة إلكترون حر لا تقيده إلا مرجعياته الأخلاقية والدينية والإجتماعية ... السيد الإمام خارج الشبكة طواعية ؛
+ عبدالرحمن يختلف عن بقية أخوانه واخواته في أكثر من مجال إجتماعي وسياسي وغيرهما :
• هو المريخابي الوحد والباقين كلهم هلالاب ؟
* هو الوحيد الذي لم يتزوج من أخوانه وأخواته بعد ، بإستثناء بشرى ؟
• هو الوحيد حليق الذقن بين أخوانه ؟
• هو الوحيد الطائفي بين اخوانه واخواته ، إذ تربطه طائفية عسكرية بالرئيس البشير ؛
• عبدالرحمن كان الوحيد من بين اخوانه واخواته الأشرس في محاربة النظام ، وبالقوة الخشنة . ثم وصل إلى قناعة بأن القوة الناعمة ومن داخل النظام ربما أدت إلى التغيير الذي كان يرومه بالوسائل الخشنة ومن خارج النظام ، وبخسائر أقل ؟
• هو الوحيد الذي يحب تربية الخيول والتآلف معها كأنها أصدقائه ، خصوصاً الحصان الإثير لديه ( جيش ) وكذلك جماع والنصر وفضيلة ؛ في حين تنحصر هواية بقية أخوانه واخواته في الحمير ؟
• هو الوحيد الذي يعاف شرب لبن الحمير في حين يستمتع به بقية اخوانه واخواته ؟ في حين يشرب هو لبن الفرسة فضيلة ؟
• هو الوحيد الذي يحب السكريات ( الايس كريم ) والكوكيز والعصائر المثلجة ، في حين يفضل بقية اخوانه واخواته الساخن والمملح والمشمر ؟
• هو الوحيد الذي يؤمن بأن أبو تمام هو شاعر العرب بينما يؤمن بقية أخوانه وأخواته بأن المتنبي هو شاعر العرب ؛
• هو الوحيد الذي يعتبر سرور فنان السودان الأول في حين يعتبر بقية أخوانه واخواته كرومة فنان السودان الأول ؟
• هو الوحيد الذي لم يساعد أخته في البحث عن فردة سفنجتها الضائعة في زمن غابر ، ولا تزال الجفوة بينهما قائمة من وقتها ، وزادتها دعم أخته العنقالية لمظاهرات سبتمبر 2013 وإصطفافه هو مع الحكومة ؟
• أذن عبدالرحمن نسيج وحده !
هو الغراب الأسود وسط الغربان البيض . ولن يتدخل السيد الإمام في تغيير مرجعيات وقناعات ولون الغراب الأسود ، فكل نفس بما كسبت رهينة ، ولا تزر وازرة وزر أخرى ؟
الأمير عبد الرحمن مقتنع بأن هناك مصلحة تتحقق للسودان في مشاركته في الحكومة ( وليس في المؤتمر الوطني )، لترقية السلام بين دولتي السودان ضمن مهام وطنية أخرى ( نكرر هو مشارك في الحكومة وليس في حزب المؤتمر الوطني ) .
وكان أمام السيد الإمام خياران :
الخيار الأول أن يأمر عبد الرحمن بعدم المشاركة في الحكومة ؛
الخيار الثاني أن يترك عبدالرحمن لقناعاته وقراراته الشخصية ، فهو مواطن سوي ، رباه السيد الإمام ليكون عنده عقل نقدي غير متلقي ولا مطيع طاعة عمياء لأوامر والده ، بل يتخذ قراراته حسب مرجعياته وقناعاته وإجتهاداته الشخصية .
أختار السيد الإمام الخيار الثاني لانه يتسق مع مرجعياته الفكرية والثقافية والسياسية .
الوهم الذي يعيش فيه البعض بأن السيد الإمام يوزع الأدوار السياسية بين أبنائه وبناته كما يفعل غيره من الزعماء في تذاكي غير ذكي، يحاكي السراب بقيعة ، ببساطة لأن السيد الأمام يترك لأبنائه وبناته إتخاذ القرار الذي يناسب مرجعيات كل واحد منهم . وربما أختلفت المرجعيات وبالتالي القرارات من واحد لآخر .
إذا اجتهد عبدالرحمن فأصاب فله أجران. وإذا اجتهد فأخطأ فله أجر !
وفي الحالتين ليس للسيد الإمام من أجر ولا من وزر ؟
وقد حثنا الرسول ( صلعم ) على الإجتهاد .
العدول عن الاجتهاد الذي دعا إليه الرسول وشجع عليه .. ذلك كان علة أو سببا في الجمود الفكري عند المسلمين.. بل عند طوائف كثيرة من علمائهم!!
وعملاً بالتوجيه الرسولي ، فقد إجتهد عبدالرحمن !