هل انتهى الحلم العربى .. على يد اطفال الحجاره ؟! … بقلم: تاج السر حسين

 


 

تاج السر حسين
21 November, 2009

 

  royalprince33@yahoo.com

استدعاء لسفراء من هنا وهناك .. شجب وادانه وشتائم واساءات تفوق حد الوصف بين جميع الأطراف التى شاركت فى تلك المباراة الطرفين الأساسين أو الجهة التى احتضنت ذلك اللقاء.

يا خساره .. ويا الف خساره فمباراة فى كرة القدم هذا المجال الراقى الجميل كانت سببا فى اندلاع حرب سياسيه واعلاميه شعواء ضروس بين بلدين شقيقين تربط بينهما كثير من الأواصر هما الجزائر ومصر وجرت معها دولة ثالثه هى السودان المثقل بالهموم والمشاكل والأزمات وكما يقول المثل - (الفيهو مكفيهو) -  حتى وان زائد وكابر الأعلام السالب الضال.

كنت اتمنى ان يأتى هذا الحشد الضخم من الأعلاميين والفنانين والممثلين  الكبار من الشقيقه مصر، فى ظروف غير هذه الظروف التى جاءوا فيها  للسودان  مثلا  لمناشدة  النظام السودانى لسماع صوت العقل والأتجاه بكل جدية لحل مشكلة دارفور ولمحاكمة من ارتكبوا جرائم ومجازر فى ذلك الأقليم، ولبذل الجهد من أجل ان تصبح الوحده جاذبه فى هذا الزمن القليل المتبقى للأستفتاء، كنت اتمنى أن ياتوا لذلك الهدف حتى يجدوا دعما ومساندة من الجماهير السودانيه التى فؤجئوا بأنها لم تقف كلها مسانده لمنتخب مصر خلاف ما هو متوقع وذلك لما لمصر من صلات وعلاقات خاصه بالسودان مهما تنكر لها البعض ومهما زائدوا.

ولا اظنهم يعلموا السبب طالما لم يسعوا للمثقفين والمفكرين السودانيين بعيدا عن اجهزة النظام الحاكم فى السودان لكى يوضحوا لهم ذلك السبب !!

للأسف جاءوا لحضور مباراة فى كرة القدم أو فى الحقيقه مباراة فى تبادل الحقد و(الكراهية) مع اخوانهم الجزائريين والخروج منها منتصرين ثم البدء فى الأحتفالات وفى الآعلان عن اغنيات جديده ولذلك تعدى الغضب حدوده عند بعض المطربين وساهموا بكلماتهم وعباراتهم والفاظهم فى الجريمه والرشق الذى ماثل ما قام به اطفال الحجاره فى القاهرة والخرطوم.

ولهذا اقول بكل صراحه انا  لا يهمنى النظام السودانى ولا ادافع عنه  والوطنيه  ليست عباءة تفصل على مقاس البعض وترتدى عند المناسبات، والوطنيه  لا تعنى الصمت على الجرائم التى ارتكبت منذ يونيو 1989 وحتى اليوم، ما يهمنى هو الأنسان السودانى والشعب السودانى الصابر الأبى، فالنظام  هو المتسبب دائما فى جر المشاكل لهذا الشعب ولهذا الوطن وهو المتسبب فى جلب الأهانه لأهله بما  يتخذه من قرارات خرقاء وحمقاء دون مشاورتهم.

فحتى الأجلاء للأشقاء المصريين من مطار الخرطوم على وجه السرعه ودون مرور على سلطات الجوازات هذا الكرم الحاتمى تحول الى اساءة واهانه للسودان ولشعبه ووصف بأنه بلد فوضى وعدم انضباط، ومعهم الف حق فى ذلك فالصحفيه (لبنى) لأنها ارتدت بنطالا فى حفلة عامه منعت من الخروج ووضع اسمها فى كشف المحظورين من السفر حتى خرجت متخفيه وترتدى النقاب!

معهم الف حق فبلد افرغ من خبرائه فى جميع المجالات واهدرت امواله فى الجهاد والتجييش وتركز ما تبقى من اموال فى ايدى قله لا تزيد عن اصابع اليد الواحده، وبلد لا توجد فيه فنادق كافيه لأستضافة 1000 شخص يوافق نظامه على استضافة 20 الف شخص خلال 72 ساعه من بينهم شخصيات هامه ونجوم فن ورياضه يحتاجون الى حماية خاصة وخدمات خاصه، ودون شك لن يغنيهم عن ذلك كرم المواطن السودانى ومجهوداته ومساهماته الخاصة مهما بلغ حجمها، والخرطوم لا يمكن ان تكون مثل باريس أو لندن أو دبى.

كرة القدم يا سادتى الأفاضل مجال لجلب المتعه والبهجه ولا يعرفه الا من مارسه داخل الملعب وتخلى باخلاقياته التى تتمثل باخلاق الفرسان، الا نلاحظ للاعبين يتوقفون ويبعدون الكرة الى الخارج الملعب حينما يصاب احد منازليهم من الفريق الآخر حتى لو كانت هنالك هجمه خطره لصالحهم وحتى لو مثل المنازل وأدعى الأصابه ؟

 الا نلاحظ من جهة أخرى ان الفريق الذى اصيب  من بين صفوفه ذلك اللاعب يقومون على التو باعادة الكره الى الوضع الذى كانت فيه حينما يستأنف اللعب، فهل هناك سلوك جميل وراق أكثر من هذا؟

وهل مثل هؤلاء اللاعبين وجهازهم الفنى وبمثل هذه الأخلاقيات يمكن ان يتسببوا فيما يحدث من تراشق وتنابذ والفاظ خارجة على الفضائيات أو بتراشق بالحجاره تحطم الحافلات وتعرض الركاب للخطر؟

هل يعلم من جاءوا من هنا وهناك ولا يهمهم غير تحقيق الأنتصار بأن ابجديات لوائح كرة القدم تنص على حماية الخصم من الأذى؟

واذا اردناها معركة وانتصار بأى ثمن فلماذا لم  نكتف بتحويلها الى حلبة ملاكمه أو مصارعة ومن يحقق الفوز فيها ان يذهب ويمثل فى مونديال كرة القدم فى جنوب افريقيا!

أشعر بالخجل من نفسى فمباراة يفترض ان تكون سببا لجلب المتعه تحولت الى مهزله والى موقعه ومعركه أستخدمت فيها جميع أسلحة الدمار الشامل من اسلحة بيضاء  ومن الفاظ خارجه على الفضائيات وصفحات الصحف الرياضيه وتفنن البعض فى أنتقاء اشد العبارات ائلاما لكى توجه للطرف الآخر أو للرد عليه.

هذا المعركه فى غير معترك بدأت فى الأشتعال بين مصر والجزائر اولا .. ثم جرت معها السودان وشعبه دون اذن منه، وطبيعة النيران أن  يزداد لهيبها  وأن تنتشر اذا لم تسارع جهات فى اطفائها .. ولولا حكمة البعض لجرت تلك المعركه عدد اضافى من الدول العربيه ورد أسمها على نحو غير لائق خلال تلك المعركه الخاسر فيها الكل بلا أستثناء.

فهل فعلا فكر اى طرف من الجانبين المتبارين فى المتعه ام فى تحقيق الأنتصار بأى ثمن ؟

لا زلت اصر ان الأعلام السالب أو اعلام الكراهية من هنا وهناك لعب دورا كبيرا فى كلما حدث حيث لم يهتم اى اعلامى بابراز الحقائق بل انصب الأهتمام للأنتصار (للقبيله) والقبيله هذه المرة (قطر).

وحتى الأعلامى المحترم (شوبير) انتزعوا من يده (الورده) التى ابتدع فكرتها الصحفى الكبير (مجدى الجلاد) وأجبروه على حمل (ساطور) و(شومه) بدلا عن الورده!

لا يا شوبير .. لا تفقدنا الأمل ولا تجعل الأحباط  هو المسيطر علينا ولا تمكن ثقافة الكراهية والحقد من الأنتصار.

هل تعلم يا عزيزى حجم الحب الذى يكنه لك الرياضيون فى المنطقة العربيه؟ وهل تعلم لماذا كنت تتجه للتهدئة وللحب بدلا من التصعيد والبغض والكراهية؟

لأنك ببساطة كنت فارسا داخل الملعب تخوض المعارك الكرويه على طريقه الفرسان، لم يعرف عنك بأنك تعمدت ايذاء خصم،  مثلما كنت فارسا فى مجال الأعلام تبحث عن الحقيقه وتبرزها اينما كانت بكل حياديه ونزاهة، ولذلك سعى البعض لأغتيال شخصيتك ولتشويه سمعتك ولا اظنهم قادرين.

من اشعلوا تلك الحرب الشعواء ولا زالوا يزودنها بالحطب ويسكبون عليها الزيت من جميع الأطراف اذا كانوا مصريين  لم يهتموا لوجود اخوان لهم فى الجزائر ولم يهمهم ما يمكن أن  يحدث لهم من سوء فى ظل حرب الكراهية المشتعله ، واذا كانوا جزائريين كذلك لم يهتموا لما يمكن أن يحدث لأخوانهم فى مصر واذا كانوا سودانيين فعلوا نفس الشئ  فالوطنيه اضحت عندنا تعنى الدفاع عن الحق والباطل!!

ما هذا الذى اراءه وكأنه لا يوجد بينهم رجل رشيد أو امراة رشيده.

بعد ان تحولت المرأة هذا الكيان الأنسانى الراقى الجميل الى مشارك فى حرب الكراهية  وزجت بنفسها فى المعركه الكلاميه وفى التلويح باشارات خارجه تفوقت بها على شقيقها الرجل!

رحم الله أديبنا الطيب صالح الذى قال (الحضاره انثى) !!

قد يكون صحيحا ان الجزائر أرسلت (بلطجيه) وفتوات لمباراة السودان، وقد يكون صحيحا أن مصر اكتفت بارسال المثققين والفنانين والممثلين وصفوة المجتمع.

لكن السؤال الذى لابد ان يطرح لماذا لم يعتدى الجزائريون على اشقائهم المصريين فى المباراة الأولى فى الجزائر؟ ولماذا لم يحدث فى مصر ما حدث فى السودان؟

ما هو سبب هذا الحقد والغبن الذى فجر الأمور على هذا النحو؟

هل هى مباراة فى كرة القدم أم معركة حربيه؟

لماذا لم تترك تلك المباراة للرياضيين وحدهم؟

لماذا تدخل السياسيون على هذا النحو السافر من هنا وهناك  .. وحتى فى البلد المضيف (السودان)؟

وهل نجح السياسيون فى تحقيق توافق سياسى للأمة العربيه دعك عن الوحده السياسيه، وهل اتفقوا على حد أدنى فى القضايا المصيريه الهامه التى تهم الأمه حتى يحققوا نجاحا فى مجال الرياضه؟

دعونى اطلقها من هنا داويه للسياسيين ارفعوا اياديكم عن مجال كرة القدم وعن مجال الفنون والأبداع ، واتركوا الدعم يأتى عن طريق القنوات الشرعية، فالشعوب فى كل العالم العربى محبطه ولم تتبق لها سوى هذه المجالات كى تشعر بالمتعه والسعاده والفرحه.

مرة أخرى اكرر أن النظام السودانى لم يقوم الأمرعلى نحو جيد وكان همه كله  منصب فى المكسب والمغنم السياسى والأعلامى والدعائى الذى يجنيه من وراء تنظيم تلك المباراة، لكن من جانب آخر اقول هل تستطيع نخبة مرفهة ومدلله وناعمه مثل مجتمع الفنانين والفنانات والممثلين والممثلات ان يعكسوا انطباعا جيدا عن بلد مثل السودان أمضوا فيه  24 ساعه فقط وجاءوا من أجل أن يشاهدوا مباراة فى كرة القدم، والمشاركه فى الأحتفال بالأنتصار دون وضع اى احتمال فى بالهم للهزيمه التى لا يتوقعها الا رياضى لعب كرة داخل الميدان وسكب العرق والدم ويعرف بان الكره (مدوره) وغير مأمونة الجانب؟

واقول لأحبتى فى مصر العزيزه لا يوجد انسان شريف لا يحب وطنه، لكن من يستطيعون تقويم السودان ويعكسون حقيقته هم الذين يقصدونه لزيارة  اهله البسطاء  ويستمتعون بينهم بالعفوية  السودانيه وبمنظر النيل وهو يجرى من الجنوب فى شوق للشمال ومن يقومون بزيارة  لأضرحة الأولياء والصالحين ومن يستطيعون التحدث عنه هم شرفاء  مصر الذين يعرضون انفسهم للمخاطر من أجل أن يتعرفوا على حقيقة ما يجرى لأهل دارفور، ومن  يمضون بينهم الأيام والشهور من اطباء وممرضين وكوادر مساعده وصحفيين ومن ينتمون لمنظمات المجتمع المدنى  .. ولهؤلاء جميعا أرفع قبعتى.

 

آراء