هل تعيد زيارة حميدتي إلى روسيا السودان إلى مربع الحرب؟

 


 

 

تقرير – «القدس العربي»: في وقت عاد نائب رئيس المجلس السيادي، محمد حمدان دقلو، إلى البلاد، أمس الأربعاء بعد زيارة إلى روسيا امتدت لأسبوع، اتهمته الحركة الشعبية شمال بقيادة عبد العزيز الحلو، وحركة جيش تحرير السودان، بقيادة عبد الواحد النور، بتوظيف زيارته لأغراض التسليح والعدوان على مناطق سيطرتها.
وقال القيادي في الحركة الشعبية شمال بقيادة عبد العزيز الحلو، “محمد يوسف أحمد المصطفى” لـ”القدس العربي”: “نعتقد أن حميدتي يحاول بطريقة “انتهازية” أن يوظف زيارته لروسيا لأغراض التسليح، بقصد ترتيب أوضاعه على الأرض والاستعداد لحرب مع الحركة الشعبية في (المنطقتين) النيل الأزرق وجنوب كردفان”، مشيراً إلى وضوح مؤشرات ذلك من خلال تحركات مجموعة كبيرة من قواته في محيط مناطق سيطرة الحركة في الأشهر الماضية في مناطق الجبال الشرقية والغربية ومدينة الدمازين عاصمة ولاية النيل الأزرق، جنوب البلاد.
وأضاف: “الحركة تأخذ تحركات وتسريبات، حميدتي على محمل الجد ولا تستهين بها، وواجبها التحرك الكامل لحماية المدنيين في مناطقها”، مشيراً إلى شروعه في الترتيبات اللازمة للدفاع عن المدنيين في المناطق التابعة للحركة.
وتابع: “لدينا تجارب متكررة مع الجيش والدفاع الشعبي والدعم السريع لقرابة الـ40 عاماً من المواجهة والنزال والهزائم المتكررة التي ألحقناها بهم، وكسر الاعتداءات وكل محاولاتهم لاختراق مناطقنا وإهانة المواطنين هناك، وصولاً لاستخدامهم العدوان الجوي، بالمقابل استطعنا التعامل معها، إلا أنهم يريدون تعلم الدرس مرة أخرى.
وزاد: “حميدتي يريد الاستفادة من التقنية العسكرية الروسية ولو على حساب السيادة الوطنية ليقوى مجموعاته المسلحة لمواجهة الحركة الشعبية”.
وحسب المصطفى، ظلت الحركة الشعبية منذ اندلاع الثورة تجدد إعلان وقف إطلاق النار لتمكين جماهير الشعب الثائر من اقتلاع نظام الإنقاذ بهدوء دون منح النظام وقتها فرصة لإعلان حالة الطوارئ. ورغم تجديد قائد الجيش عبد الفتاح البرهان، لوقف إطلاق النار، إلا أن الحركة الشعبية لا تثق في العسكريين، يقول المصطفى. وأضاف: “لم نعهد من نظم وحكومات الخرطوم أن تفي بتعهداتها وتحرص على التزاماتها، لذا لا يوجد سبب يجعلنا نثق في إعلان من الحكومة”، مشيراً إلى أنه لا التجربة ولا الحصافة السياسية تدفع الحركة لتصديق العسكريين.
وتابع: “موقف الحركة كان واضحاً منذ اليوم الأول لانقلاب قائد الجيش في الخامس والعشرين من أكتوبر/تشرين الأول الماضي، واعتباره مهدداً للعملية السلمية وسبب لتوقفها”، مشيراً إلى أن العسكريين بنقضهم لاتفاقاتهم مع شركائهم الحكومة الانتقالية، فقدوا ثقة الحركة الشعبية في إبرام أي اتفاق معهم.
ويرى المصطفى أن الحكومة الحالية غير شرعية، وأنها حتى لو اكتسبت شيئاً من الشرعية بأي شكل كان لا ترى الحركة الشعبية ما يجعلها تثق في التزامهما. وقال النائب الأول لرئيس الحركة الشعبية لتحرير السودان، شمال، جوزيف توكا فى تصريحات نشرها الموقع الرسمي للحركة، إن زيارة حميدتي لموسكو ليست مجرد سوء تقدير سياسي، وإنما خطوة جسدت “الغباء السياسي” و”التهريج الدبلوماسي” لحكومة الإنقلاب. وأضاف: “يبدو أن حميدتى بزيارته لموسكو بالتزامن مع الغزو الروسي لأوكرانيا، ورط حكومته بتأييد ما تقوم به روسيا بحجة أن لروسيا الحق في الدفاع عن حدودها وسيادة أراضيها على حد قوله.
ووصف موقف حميدتي المتهور وغير المقبول أخلاقياً، مشيراً إلى أنه لا يتسق مع مراعاة توازن القوة على الأرض، مشيراً إلى أن قائد الدعم السريع غير مؤهل للقفز في لعبة المحاور التي ورط فيها البلاد والإقدام على هذه اللعبة الخطيرة في حلبة الكبار ليجلب على السودان سخط العالم ووعيد أمريكا وحلفائها، حسب التصريح.
وأكد توكا علمهم بطلب الدعم العسكري التعاون الاستخباراتي مع روسيا للقضاء على الحركة الشعبية، معتبراً ذلك دليلاً على أن الزيارة مدفوعة بأجندة حربية، وأن قادة الانقلاب يخططون لشن الحرب ضد الجيش الشعبي في جبال النوبة والنيل الأزرق. وأضاف: “هذا ما تؤكده التحركات والتعزيزات العسكرية على الأرض”.
وتابع: “يبدو أنهم يتوهمون إمكانية إجتياح الإقليمين وسحق قوات الجيش الشعبي والقضاء على الحركة الشعبية حتى يتسنى لهم توطين الانقلاب وفرضه كأمر واقع”.
وأكد، أن الجيش الشعبي قادر على الدفاع عن أراضي وشعب الإقليمين، ولن يتردد في ممارسة “حقه المشروع” في الدفاع عن النفس في حال التعرض لأى عدوان، وسيجعل من جبال النوبة “مقبرة لميليشيات الجنجويد والغزاة”.
وقال توكا، إن زيارة حميدتى لموسكو أكدت أن الموقف السياسي لقادة الانقلاب لا علاقة لها بمصالح السودان، وإنه بالنسبة لهم لا “سلعة تباع وتشترى في مزاد العمالة والارتزاق السياسي لمن يدفع أكثر”، مطالباً المجتمع الدولي بتصنيف قوات الدعم السريع كجماعة إرهابية.
إلى ذلك. قال المتحدث الرسمي باسم حركة جيش تحرير السودان، محمد الناير، لـ”القدس العربي” إن زيارة حميدتي لروسيا الغرض منها إيجاد دعم اقتصادي وسياسي وعسكري وأمني من روسيا لدعم واستمرارية الانقلاب، مشيراً إلى أن ذلك سيأتي بنتائج عكسية على قادة الانقلاب وربما تؤدي إلى اشتعال الاوضاع في السودان حال فكروا في الحلول الأمنية والعسكرية التي جربها نظام عمر البشير قبلهم.
وأضاف: “للأسف، إنهم يسيرون على ذات النهج، سواء بقمع المظاهرات وقتل المتظاهرين بالرصاص الحي أو عبر الحشود العسكرية في جنوب وغرب كرفان وولايات دارفور، مما ينبئ بوجود نوايا لدى قادة الانقلاب بشن عدوان عسكري علي مناطق سيطرة الحركة الشعبية لتحرير السودان شمال بقيادة عبد العزيز الحلو ومناطق سيطرة حركة/ جيش تحرير السودان بقيادة الأستاذ عبد الواحد محمد أحمد النور”.
وتابع: “إن زيارة حميدتي إلى روسيا، في هذا التوقيت، توضح عمق الأزمة والتخبط الذي يعيشه الانقلابيون في السودان، فضلاً عن غياب الرؤية والتحليل السليم للمتغيرات في السياسة الدولية”. واعتبر تصريحات حميدتي انحيازاً للغزو الروسي لأوكرانيا، متوقعاً عودة العقوبات الدولية على البلاد وفرض عقوبات شخصية على قادة الانقلاب في السودان واستثماراتهم، مما يجعلهم بين مطرقة الداخل وسندان الخارج، ويعجل برحيلهم عن السلطة.
وتعتبر الحركة الشعبية بقيادة عبد العزيز الحلو وحركة جيش تحرير السودان، الحركات الأكبر حجماً ونفوذاً في البلاد، ولم تنضما لاتفاق السلام، الذي وقعته الحكومة الانتقالية مع عدد من الحركات المسلحة والتنظيمات السياسية في أكتوبر/تشرين الأول 2020، فضلاً عن إعلانها موقفاً رافضاً لانقلاب العسكريين ومساندة التصعيد الشعبي المعارض.
لكن خبراء، استبعدوا نشوب حرب في دارفور والمنطقتين في الوقت الحالي.
ويرى الخبير الدبلوماسي، السفير السابق، الرشيد أبو شامة، أن فتح حميدتي جبهة حرب جديدة في النيل الأزرق وجنوب كردفان، أو اقليم دارفور، بدعم روسي، ضد الحركات غير الموقعة على اتفاق السلام، أمر مستبعد لجهة إعلان الجانبين وقف إطلاق النار. وأضاف: “في ظل الأزمة السياسية الراهنة في البلاد، لا يرجح أن تفتح السلطات جبهة حرب جديدة تزيد تعقيد المشهد”. وتابع: “حال إبرام نائب السيادي أي اتفاقات، أمنية أو سياسية أو أي شكل من أشكال اتفاقات التعاون المشترك، يمكن إذا تغير النظام الحالي أن تبطل عبر المجلس التشريعي”.
ولكن أستاذ العلوم السياسية في الجامعات السودانية، صلاح الدومة في حديثه لـ”القدس العربي” لم يستبعد أن يمد الروس حميدتي ببعض الاسلحة، فضلاً عن مساعدة مجموعة فاغنر العسكرية التابعة لروسيا، مشيراً إلى أن الدعم الروسي أو عدمه ليس المحدد الأساسي لاحتمالات الحرب بين الدعم السريع والحركة الشعبية. وأضاف: “طالما الحركة الشعبية رصدت حشد وتحركات لقوات تابعة للدعم السريع، في محيط مناطقها، لا يستبعد وجود نوايا سالبة عمل عدواني من قبل الدعم السريع”. واعتبر أن “الدعم السريع لا يتعامل بشكل استراتيجي مع إمكانية حدوث تداعيات حال عودة الحرب في ظل السيولة الأمنية والسياسية والاقتصادية الراهنة في البلاد، لذا لا يستبعد أن يفتح جبهة حرب داخلية جديدة”.
وهو لا يرجح إبرام روسيا أي اتفاقات مع قائد الدعم السريع، مشيراً إلى أنها تعلم أن حميدتي يمثل نظاماً غير شرعي وأن أي اتفاقات تبرمها معه ستكون معيبة تشريعياً وتنفيذياً ولا تمثل إرادة السلطة. وأضاف أن “أي اتفاقات توقعها جهة تنفيذية دون تصديق من سلطة تشريعية حتى لو تم توقيعها لا يعتد بها”.

 

آراء