هل تفشل مفاوضات أديس ابابا الشمالية والجنوبية والشمالية – جنوبية ؟
Facebook.com/tharwat.gasim
Tharwat20042004@yahoo.com
1- الموقف العام ؟
كان يوم الجمعة 14 فبراير 2014 يوم دولتي السودان في مجلس الأمن ، وبإمتياز . ولكنه كان يوماً عبوساً قمطريراً ، إنهالت فيه الإدانات على دولتي السودان ، وتواصلت فيه العقوبات الأقتصادية والدبلوماسية على دولة شمال السودان .
نختزل في عدة نقاط أدناه قرارات مجلس الأمن بخصوص دولتي السودان :
أولاً :
أدان المجلس إجتياح قوات الجيش الشعبي الجنوبي لمنطقة شمال أبيي ( الأثنين 3 فبراير 1014 ) ، وطالب المجلس جوبا بالإنسحاب الفوري من أبيي ، حسب إتفاقية يوم الأثنين 20 يونيو 2011 بين دولتي السودان والأمم المتحدةً ؛ الإتفاقية التي تُلزم دولتي السودان بالإنسحاب الكامل من أبيي ، لتكون تحت السيطرة الحصرية للقوات الأممية ( الأثيوبية ) .
حقاً هي عائرة في دولة جنوب السودان ، وأداها جيش الحركة سوطاً بإجتياحه لشمال أبيي . فشل جيش الحركة في السيطرة على ولايات جونقلي واعالي النيل والوحدة ، وإستنجد بالجيش اليوغندي . ورغم فشل جيش الحركة ، تراه يستفز الجيش السوداني ويجتاح ديار المسيرية في شمال أبيي ؛ الإجتياح غير المبرر الذي أدانه مجلس الأمن ، في أول سابقة لوقوف مجلس الأمن ضد دولة جنوب السودان ومع حكومة الخرطوم ، وإن كان بالمغتغت .
ثانياً :
دعا مجلس الأمن دولتي السودان الوصول إلى إتفاق ( من خلال وساطة مبيكي ) حول المسائل العالقة بينهما ، وخصوصاً إنسياب البترول عبر أنابيب الشمال ، وحول المناطق الحدودية المتنازع عليها ، وبالأخص منطقة أبيي ، في إطار مصفوفة أديس ابابا ( أديس ابابا – الخميس 27 سبتمبر 2012 ) الموقعة بين الرئيس البشير والرئيس سلفاكير ، وتحت إطار قرار مجلس الأمن 2046 بتاريخ يوم الأربعاء 2 مايو 2012 .
سوف يجد مبيكي أياديه ملأى بالمشاكل المُراد حلحلتها بين دولتي السودان وبين حكومة الخرطوم والحركة الشعبية الشمالية . دعنا ندعو له بالنجاح في مهمته السيزيفية ؟
ثالثاً :
أدان مجلس الأمن الجيش اليوغندي وجيش الحركة الشعبية لاستعمالهم قنابل عنقودية محرمة دولياً في إستعادة مدينة بور من قوات الدكتور رياك مشار ، وفي تأمين الطريق من بور إلى جوبا وصد قوات الدكتور رياك مشار التي كانت تتقدم على هذا الطريق نحو جوبا . زودها الجيش اليوغندي 3 حبات ، وبدأ في الإبادة الجماعية لشعوب النوير ، بأسلحة دمار شامل محرمة دولياً ، وبطلب من الرئيس سلفاكير .
هذا إنتصار للرئيس سلفاكير بطعم الحنظل ، في سعيه بمساعدة يوغندة ليحكم على الحجر بعد أن حرق البشر والحيوان والشجر ؟ يقول الفرنجة على هكذا إنتصار بأنه ( إنتصار بيريك ) ، الذي تصاحبه خسائر غير مقبولة ، وتتسبب في هلاك المنتصر .
رابعاً ً :
جدد مجلس الأمن لولاية اللجنة الأممية المنوطة بمراقبة تنفيذ العقوبات الأممية ( إقتصادية ودبلوماسية ) على دولة السودان لمدة 13 شهراً ، قابلة للتجديد ، على أن تقدم تقريراً للمجلس كل 3 أشهر . سوف تكون دولة السودان تحت المجهر الأممي حتى نهاية مارس 2015 ، وربما لما بعده ؟
خامساً ً :
دعا مجلس الأمن دولة السودان والحركة الشعبية الشمالية الوصول إلى أتفاقية سلام تحت إطار قرار مجلس الأمن 2046 بتاريخ الأربعاء 2 مايو 2012 ، والإتفاقية الإطارية نافع – عقار ( أديس ابابا – الثلاثاء 28 يونيو 2011 ) ، مؤكداً على أهمية وصول المفاوضات بين الطرفين إلى وقف لإطلاق النار ، وإتفاقية حول توصيل الإغاثات الدولية والمعونات الأنسانية ( خصوصاً الأمصال للأطفال ) للنازحين في مناطق سيطرة الحركة في ولايتي جنوب كردفان والنيل الأزرق .
أصدر مجلس الأمن دعوته يوم الجمعة 14 فبراير 2014 ، ولم يدر بخلده إن المفاوضات بين وفدي الحكومة والحركة سوف تنهار يوم الأحد 16 فبراير والمجلس في أجازة نهاية الأسبوع .
2- مفاوضات اديس ابابا بين وفدي حكومة الخرطوم والحركة الشعبية الشمالية ؟
في يوم الأحد 16 فبراير 2014، وصلت المفاوضات بين وفدي حكومة الخرطوم والحركة الشعبية الشمالية إلى طريق مسدود ، رغم إن الوسيط مبيكي قد هدد الوفدين بأنه سوف يحتفظ بمفاتيح الفندق في أديس أبابا أمانة عنده ، ولن يسمح لأي مشارك مغادرة الفندق قبل التوقيع على إتفاقية سلام كاملة الدسم بين الطرفين . ولكن جاءت الرياح بما لا تشتهي سفن الوسيط مبيكي ، ولم يمض على بدء المفاوضات أكثر من 48 ساعة ( الخميس 13 فبراير 2014 ) . تماماً كما حدث مع إتفاقية نافع – عقار التي راحت مع أمات طه بعد أقل من 48 ساعة على توقيعها ؟ شنو قصة ال 48 ساعة دي ؟
لو كنا نعلم الغيب لإستكثرنا من الخير ولما مسنا السؤ ، ولا نرجم بالغيب ، ولا نرمي الودع في رمال السودان المتحركة ، ولكن يمكن إختزال عدة سيناريوهات لما يمكن أن تتمخض عنه مفاوضات أديس ابابا بين وفدي الخرطوم والحركة في النقاط التالية :
اولاً :
يمكن لحكومة الخرطوم أن تغير موقفها وتقبل بتنفيذ مذكرة التفاهم الثلاثية ( الأمم المتحدة ، الأتحاد الأفريقي والجامعة العربية ) الموقعة في أغسطس 2012 بين هذه الأطراف الثلاثة وحكومة الخرطوم والحركة الشعبية الشمالية ، لضمان توصيل الإغاثات الدولية للنازحين في المناطق التي تسيطر عليها الحركة . ترفض حكومة الخرطوم تفعيل مذكرة التفاهم الثلاثية لأنها تخشى أن تستفيد قوات الحركة من الإغاثات الدولية .
في المحصلة ، الضحية هم النازحون المحرمون من الإغاثات وخصوصاً الأطفال المحرومون من الأمصال
ثانياً :
في السيناريو الثاني ، ربما قبل الطرفان بتوقيع أتفاقية مرحلية لوقف العدائيات ووقف إطلاق النار ، ريثما يتوصل الطرفان مستقبلاً إلى تسوية سياسية شاملة بينهما .
ثالثاً :
في السيناريو الثالث ، ربما رضخت الحركة لضغوط الوسطاء الدوليين وخصوصاً إدارة اوباما ، وقبلت أن يتم التفاوض في إطار قرار مجلس الأمن 2046 الذي يحصر التفاوض في ولايتي النيل الأزرق وجنوب كردفان ( جزئي ) ؛ وبين حكومة الخرطوم والحركة الشعبية الشمالية ( ثنائي ) . يستبعد قرار مجلس الأمن 2046 مناقشة أي مسائل بخلاف المنطقتين ... النيل الأزرق وجنوب كردفان ( لا لدارفور ، لا للتحول الديمقراطي في السودان ) ؛ كما يستبعد دخول أي أطراف في المفاوضات غير حكومة الخرطوم والحركة ( لا للجبهة الثورية ، لا لحركات دارفور الحاملة السلاح ، لا لتحالف قوى الإجماع الوطني ، لا للأحزاب السياسية ) .
رابعاً :
في السيناريو الرابع ، ربما فوض تحالف قوى الإجماع الوطني والأحزاب السياسية ، ربما فوضوا الحركة الشعبية الشمالية للتفاوض بأسم السودان مع حكومة الخرطوم للوصول إلى حل المسألة السودانية من جذورها ، وعقد مؤتمر قومي دستوري وتكوين حكومة قومية إنتقالية .
هذا سيناريو نظري غير قابل للتطبيق ، لأن حكومة الخرطوم سوف ترفضه من قولة تيك لأنه يعني تفكيكها ، كما سوف يرفضه المجتمع الدولي لأنه خارج إطار قرار مجلس الأمن 2046 ؟
تفضل حكومة الخرطوم الحوار مع حزب الأمة ، وحزب المؤتمر الشعبي وأحزاب البترول الأخرى ، ببساطة لانه سوف يكون حواراً صفرياً كما حوارات جيبوتي والتراضي والقاهرة وأبوجا وكنانة والخرطوم ، وما رحم ربك من حوارات عبثية يحدثكم عنها معالي الفريق صديق اسماعيل ( مستر 15% ) ؟
خامساً :
في السيناريو الخامس ، سوف تفشل هذه الجولة من المفاوضات كما فشلت ثلاثة جولات سابقة ، ويرجع القوم من اديس ابابا بخفي حنين .
في هذا السياق ، في يوم بدء المفاوضات ( الخميس 13 فبراير 2014 ) قصفت طائرات حكومة الخرطوم مناطق نفوذ الحركة في ولاية جنوب كردفان ، مما يؤكد عزم حكومة الخرطوم حل مشكلة المنطقتين عسكرياً بحلول صيف 2014 ، كما هدد قادة حكومة الخرطوم مراراً وتكراراً ، ولكل من القى السمع وهو شهيد ؟
أنتظروا ضحى الغد لنعرف السيناريو الفائز من هذه السيناريوهات الخمس ، إنا معكم منتظرون .
3 - مفاوضات منتجع دبرا زيت بين وفود الرئيس سلفاكير والدكتور رياك مشار والسيد دينق آلور ( مجموعة المعتقلين السبعة المُفرج عنهم ) ؟
بدأت في منتجع دبرا زيت الإثيوبي الجولة الثانية من المفاوضات بين وفود الرئيس سلفاكير والدكتور رياك مشار والسيد دينق آلور ( مجموعة المعتقلين السبعة المُفرج عنهم ) ، بهدف الوصول إلى إتفاقية سلام شامل ، وتسوية سياسية كاملة بين الأطراف الثلاثة المتشاكسة . ولكن كل الدلائل تُنذر بفشل الجولة الثانية من المفاوضات ، نذكر منها على سبيل المثال وليس الحصر المؤشرات التالية :
اولاً :
في يوم الثلاثاء 11 فبراير 2014 ، أجهض الرئيس سلفاكير أي بصيص أمل متبقي ، بإصداره أمراً تنفيذياً :
• طرد بموجبه الدكتور رياك مشار و2 من صحبه الكرام ( تعبان دينق رئيس وفد مجموعة الدكتور رياك مشار في مفاوضات اديس ابابا والفريد لادو وزير البيئة السابق ) من عضوية الحركة الشعبية ، ومن عضوية البرلمان ، ومن عضوية مجلس التحرير الوطني والمكتب السياسي .
• كما طرد بموجب امره التنفيذي باقان اموم من الامانة العامة للحركة الشعبية ، وقرر محاكمته بتهم فساد مالي ، ولمحاولته قلب نظام الحكم بإنقلاب عسكري .
رفض الرئيس سلفاكير إطلاق سراح باقان أموم وصحبه الثلاثة المعتقلين في جوبا ، كما إشترط الدكتور رياك مشار ومجموعة دينق آلور ، لمواصلة المشاركة في المفاوضات .
هذا الأمر التنفيذي المُستفز ، الذي يدابر دستور جنوب السودان ، نذير لمواجهات قادمة ، ولا يُبشر بقرب مصالحات وطنية في إطار المفاوضات الجارية حالياً ؟
في يوم السبت 15 فبراير 2014 ، دعا الرئيس سلفاكير إلى مصالحة وطنية ، وطلب من قبيلة الدينكا طي صفحة مراراتهم وذكرى قتلاهم على أيادي مليشيات النوير . ونسي ضحايا النوير ؟
قال مصالحة وطنية ، قال ؟
بالله ؟ عليك الله ؟
ثانياً :
لا يزال جنرالات الجيش الابيض وأمراء حرب المليشيات النويراوية الموالية للدكتور رياك مشار يصرون على إستقالة الرئيس سلفاكير قبل التوقيع على أي إتفاقية سلام ، الأمر الذي يرفضه الرئيس سلفاكير .
ثالثاً :
كون المعتقلون السبعة ( بقيادة دينق آلور ) بعد إطلاق سراحهم من نيروبي جناحاً ثالثاُ ، بالإضافة لجناح الرئيس سلفاكير وجناح الدكتور رياك مشار . نسى الجميع إن دينق آلور قد إعترف بإختلاس 8 مليون دولار لشراء خزائن وهمية بفواتير وهمية ، وارجع المبلغ المُختلس لخزانة الدولة، مما يوقعه تحت طائلة القانون الجنائي في دولة جنوب السودان . ولكن ربما تساوى المجرم والشريف في دولة جنوب السودان .
عدم محاسبة الفاسدين والإفلات من العقوبة عن جرائم مثبتة ، لن يساعدا في إعلاء دولة القانون ، وعودة السلام والوفاق الوطني في دولة جنوب السودان .
مشاركة دينق آلور كطرف ثالث في المفاوضات ، وهو المُعترف بإختلاسه لثمانية مليون دولار ، نذير بفشل هذه المفاوضات العبثية ، بالإضافة إلى أنه ومجموعته لا يملكون على أي قوات في الميدان ، ويشاركون كوفد ثالث ليضمن كل واحد منهم موقعاً وزارياً في أي تسوية مستقبلية ، حتى لا يتركوا عناقيد جوبا لنواطير الرئيس سلفاكير والدكتور رياك مشار .
رابعاً :
كما يقول المركز الكندي ، فقد أفرغت وساطة الإيقاد مفاوضات دبرا زيت من محتواها ، إذ صارت تعتمد على الحوار المباشر مع الرئيس سلفاكير والدكتور رياك مشار في دبلوماسية مكوكية جعلت وفديهما في دبرا زيت يحاكون جمال الطين .
ثم إن منظمة الإيقاد لا تملك على إي أوراق ضغط على طرفي النزاع ؛ هي كديسة بدون أسنان .
خامساً :
يسيطر جيش الحركة الشعبية حالياً ( يوم الأثنين 17 فبراير 2014 ) على بور وبانتيو وملكال . وتسيطر قوات الدكتور رياك مشار على الأرض الخلا بين هذه المدن . وحسب المركز الكندي لدراسات جنوب الصحراء تسيطر قوات حركة تحرير جنوب السودان النويراوية على آبار البترول في ولاية اعالي النيل وفي ولاية الوحدة .
حركة تحرير جنوب السودان النويراوية متحالفة مع الرئيس سلفاكير في إطار إتفاق بينهما تم عقده قبل تفجر احداث يوم الأحد 15 ديسمبر 2013 .
القادة العسكريون لحركة تحرير جنوب السودان ثلاثة هم :
+ الجنرال بابيني مانيليول وجان ( نوير ) ،
+ الجنرال جونسون اولانج ( شلك ) ،
+ الجنرال كارلو كول رواخ ( نوير ) .
والقادة السياسيون أثنان هما :
+ السيد غوردون بواي ( نوير ) ،
+ والسيد توت قاتلواك (نوير ) .
ولاء قادة حركة تحرير جنوب السودان للرئيس سلفاكير متأرجح ويعتمد حصرياً على تدفق جزراته ؛ وفي حالة تأخر وصول الجزرات أو تخفيضها ، فسوف نرى حركة تحرير جنوب السودان في خندق واحد مع الدكتور رياك مشار ، خصوصاً إذا كانت جزراته أكبر من جزرات الرئيس سلفاكير . فالرك من بعد ومن قبل وفي المبتدأ والخبر على الجزرات .
المستفيد الوحيد من مفاوضات منتجع دبرا زيت هم المشاركون فيها ، حيث يقيمون إقامة كاملة مدفوعة الأجر في منتجع دبرا زيت الفخم وهم يتجرعون البيرة الإثيوبية الساقطة ؟