هل سيفصل الجنوب أم سينفصل؟ -7-
amindabo@hotmail.com
تاسع عشر:
إن الخوف من الآخر اصبح فوبيا حتمية داخل المؤتمر الوطنى كتنظيم سياسى قبل تعامله مع الاخرين ، لان تكوينه قام اساسا على الاقصاء و تخوين الآخرين كمبرر لابعادهم سياسيا، واستقطاب المغشوشين و المطبلاتيه و الارزقجية لتحقيق الاستمرارية الزائفة، لذلك كثيرا ما تنكشف التنقاضات الداخلية و الصراعات و مراكز القوة داخل التنظيم التى تميل للاشخاص و ليس للايدولوجيا، و قد كان ذلك واقعا حقيقيا فى الاطاحة بشيخهم الترابى فى صراعهم المعروف بين القصر و المنشية. إذا مراكز القوة و السلطة فى المؤتمر الوطنى مبنية على الخوف الولائى و التكتلات القائمة على استمرار المصالح الذاتية ، لذلك يظل معظم المفكرين و المثقفين ديكورا و كمبارسا سياسيا يزين المتسيطرين فعلا على صنع القرار و توزيع الادوار، كما ستظل دائرة الفعل السياسى و التغيير الداخلى للمؤتمر الوطنى تدور فى حلقات مفرغة مما سينبئ بتقسيم و فركشة السودان الى دويلات فى المستقبل القريب و البعيد، وما تصريحات بعض الحركات المسلحة فى دارفور و كردفان اخيرا بالمطالبة بحق تقرير المصير الا انعكاسا حقيقيا لحالة اليأس التى بدأت تنتشر فى الهامش السودانى حول صعوبة وجود قواسم مشتركة للعيش فى دولة سودانية موحدة فى ظل عقلية الهيمنة و الاقصاء ونقض العهود التى يمارسها المؤتمر الوطنى. كل هذه الممارسات و غيرها ستكون سببا مبررا فى علو صوت الانفصاليين فى الجنوب بل و اقناع الوحدويين بضرورة الانفكاك من تلك الدولة التى تقصى و تحارب الذين يشاركونها قواسما مشتركة سواء كانت فى اصولهم الاثنية او العقائدية او الاثنين معا، فكيف لها ان تنصف من هو ابعد منها فى ذلك، اذا قضية التنوع الثقافى ستكون سببا اساسيا فى انفصال الجنوب و ربما اقاليم اخرى مستقبلا أكثر من العوامل الاخرى.
عشرون:
حينما تهزم البرامج المعززة لجاذبية الوحدة 10/0 فى خمسة سنوات لا يمكن ان يتحقق التعادل ناهيك عن النصر فى الزمن الضائع ( خمسة اشهر) حتى و لو كانت هنالك عصا موسى، وبمعادلة بسيطة فان الوحدة الجاذبة كانت = التطبيق الامثل و الصحيح للاتفاقية السلام و الدستور. و لقد صدق الطيب مصطفى مرة حينما قال بتعجب ان المنادين بالوحدة من الشماليين ويتشدقون بها فى لجان شعبية و رسمية و جولات ماكوكية داخليه و خارجيه ونثريات و بدلات كثيرين منهم كانوا معه فى منبره الداعى للانفصال، و لكنهم على ما يبدو آثاروا مجارات مراكز السلطة حتى ان لم تكن تلك هى قناعتهم و هو ما اشرنا إليه فى بداية هذا المقال، و إلا كيف للدبابيين و المجاهدين الذين سعوا لإراقة دماء الجنوبيين و غيرهم ان يقنعونهم بالوحدة ، و بالتالى فان اللجان التى تمول من خزينة الدولة ظنا منها انها تسعى لتحقيق الوحدة يجب ان يوجه صرفها لتنمية الاقاليم المهمشة و انصافها لضمان وحدة ما تبقى من سودان بأسس جديدة ، فسوف يذهب الجنوب الحالى و سيظهر جنوب قادم و هكذا. كما نقول لمدعى الوحدة من السودانيين فى كثير من الدول العربية إن ما يقومون به هو عملا لا يحسه انسان الجنوب البسيط الذى فيه من لم يسمع اصلا بالسعودية او ابوظبى كدول و البعض لا يعرف ان كان بها سودانيين ام لا و كيف ذهبوا و ماذا يفعلون هناك، لماذا لم يكون تواجد يذكر لابنائهم؟، وان كان ذاك النداء موجه لمثقفى الجنوب، فحسب قرآءة الراى العام فانهم قد حسموا امرهم و هم فى انتظار يوم 9/1/2011، فتبقى تلك الملمات الداعية للوحدة خارج اطارها الفعلى مجرد لمات شوفنية و علاقات عامة شمالية شمالية لايعترف بها المثقف الجنوبى و لا يحسها الانسان العادى فى جنوب السودان، و ما يقوم به وحدويوا الاعلام هو شبيه بدورى الجامعات هذه الايام فى ماليزيا الذى ينفذ برعاية السفارة السودانية فى كوالا لمبور، فالسؤال الذى يطرح نفسه من هم الطلاب الموجدين هناك و بتلك الاعداد الكبيرة كم منهم من المناطق المهمشة و كيف ذهبوا لماليزيا و من يقوم بالصرف عليهم و قس على ذلك فى العديد من البلدان الاخرى بما فيها الدول الغربية، اذا الخلل موجود ومع سابق الاصرار و الترصد، اضف الى ذلك القرارات التى تصدر يوميا بتعيين وزراء و مستشاريين و و كلاء وزرارت و سفراء و قيادات عسكريه و مديروا هيئات و بنوك و شركات و غيرها و جميعها لا تخرج من نطاق محدد، فكل هذه الاشياء وغيرها مؤشرات خلل فاضح و مفضوح وتحيز لا اخلاقى سيهدم ويهزم السودان و يجزئه عاجلا ام آجلا.
6/8/2010م