هل من إنحطاط بعد هذا !!

 


 

هيثم الفضل
30 March, 2023

 

haythamalfadl@gmail.com

صحيفة الجريدة
سفينة بَوْح -
هشام عثمان الشوَّاني المتحدِّث الرسمي بإسم كتلة نداء السودن التي وُلدت ميتة ثم ماتت بعد موتها (موتتها الأخيرة) عقب عودة قادتها من مؤتمر العمالة الذي إنعقد في مصر بهدف مُناهضة الإتفاق الإطاري وإفشال العملية السياسية الجارية الآن على قدم وساق ، يقول الشوَّاني في تصريح تناقلتهُ وسائل التواصل الإجتماعي قبل يومين ما يلي (لم يمُر على تاريخ الدولة السودانية يوماً كانت فيه تحت إرادة المشروع الغربي لحصار السودان مثل ما هي عليه اليوم ، نحن أمام واقع مُنحط تمثلهُ قيادة عسكرية بلا مشروع ولا أٌفق وطني ، وقوى سياسية غير وطنية مموَّلة ومدعومة من الخارج ، ومؤثِّرات ثقافية عولمية تغسل الأدمغة وتُبرِّر للمشروع الغربي ، وسياسات إقتصادية تُفقر الشعب وتحرمهُ من دائرة التأثير) ، إنتهى تصريح الشاب الوسيم الأنيق هشام الشوَّاني والذي أخرج عبرهُ ما في جُعبتهُ من أوجاع يعانيها معظم الكيزان هذه الأيام ، وهذا شيء طبيعي لا نُنكرهُ عليه فالصراخُ والعويلُ آناء الوجع والهزيمة من وجهة نظري مُباح لأنهُ من طبيعة الأشياء وما جبل الله عليه الكون.
لكن ما يجعلني أقف مُتأمِّلاً عند حماس هذا الشاب الذي ما زل في مُقتبَّل عمرهُ الحقيقي والسياسي ، وما يبذلهُ من جُهود مُضنية ليُكرِّر ويعيد تلك (السيمفونية) الهزلية الركيكة التي طالما رددَّتها قياداتهُ التي علَّمته السحر في أزمانٍ سابقة ساد فيها الجورُ والضلال والإذلال ، انهُ أيي الشوَّاني لم يزل شاباً يُماثِل عُمرهُ أعمار شباب ثورة ديسمبر المجيدة الذين كانوا وما زالوا وسيظلون يقدِّمون أرواحهم وأجسادهم وتضحياتهم الجسام من أجل مثول السلام والعدالة والحرية ودولة المؤسسات والقانون في واقعنا المرير هذا ، يؤلمني جداً أن لا ينخرط شاب في عمره ثائراً في قافلة الكرامة الوطنية وحُلم بناء السودان الجديد ، كيف لمن في عُمره أن يُزايد ويُراهن على جرائم وموبقات كهول الأمس الذين صنعوا وقادوا دولة الفساد والظلم والإستعمار الفكري والثقافي ؟ ، لتكون دليلاً سياسياً لهُ ، يدفعهُ للسير في درب مَنْ لا يتعلَّم من أخطاء غيره ، وإن أوقع ذلك وطناً وأُمةً بأكملها في ذات المُستنقع من جديد.
كيف لمن في عمرهِ أن لا يُناصر الحرية والسلام والعدالة ، بعد أن رأى مثل غيره ما رأى من (شواهد ودلائل ) فساد دولة الكيزان التي ردَّد قادتها ذات ما يرددهُ الآن تحت طائلة شعارين لا ثالث لهما (نُصرة الدين + مقاومة المشروع الإستعماري الغربي) ، وأقول للشوَّاني بوضوح تام : إن المشروع الديموقراطي الذي يجري تدشينهُ في السودان ، هو أسمى وأكرم ملحمة تاريخية تستهدف (التمكين) للعدالة والنماء وإحترام الدين والعبادة ، وأن المجتمع الغربي لو إستطاع عبر جهودهِ القائمة الآن أن ينقلنا إلى دولة ديموقراطية تديرها المؤسسات ويحكمها القانون ، لعفونا لهُ ما تقدَّم وما تأخَّر من مرارات الإستعمار والإسترقاق ونهب الموارد الوطنية ، فعلى الأقل يمكننا أن ننظر إلى ذلك من باب (الندم على فات) و(التعويضٌ المُستحق من ظالمٍ لمظلوم عن ما وقع من خسائر) ، ليبقى السؤال المطروح : متى سيعوِّض نظام الفساد الكيزاني الوطن والأمة عن ما حدث من كوارث ومظالم ومصائب طيلة ثلاثين عاماً من الفساد (المُتنامي) ؟ ، عجبي كيف يستطيع قادة الكيزان أن (يوَّرِّثوا) كوادرهم الشابة ذات الأساليب الرخيصة والنابية في مواجهة كل مشروع يسير في إتجاهٍ مُضاد لمشاريعهم المُدمِّرة لمُعارضيهم بالتعالي والكذب والمؤامرات ؟ ، أنظروا إلى تصريحهِ المبذول أعلاه حين يصف ما يجري الآن من إرساء لقيَّم ومباديء وأهداف ثورة ديسمبر المجيدة بمُفردة (مُنحط) ، فوفقاً لوصفهِ هذا فإن الشواني يتجاوز ويتعامى عن المنبع الإستراتيجي للإنحطاط على الأرض ، والذي تُمثِّلهُ منظومة قياداته التي حكمت البلاد على مدي ثلاثين عاماً ، أزهقت فيها بإنحطاطها الإنساني أرواحاً طاهرة وعوَّقت أجساداً مُثابرة ، وإعتقلت عقولاً وضمائراً وطاقات همها الزودُ عن الحق والحقيقة في زنازين السجون ومُعتقلات تجريم التنوُّع والإختلاف والتعبير عن الذات ، وشرَّدت أبناء الوطن في أصقاع العالم ، وأشانت سمعة السوادان وشعبهِ بالتحالُف مع شياطين التطرُّف والإرهاب ، ثم وفي هوجة دفاعها عن غيها المُستشري قتلت وسحلت عبر مجزرة القيادة العامة وما بعدها أزهى وأنقى شباب وشابات السودان ، هل من إنحطاط بعد هذا ؟.

 

آراء