هل نبكي علي غزة الجريحة.. أم علي حالنا المتردي الأليم ؟

 


 

 

الإثنان علي سرج واحد ويستحقان البكاء،لما وصل به الحال من الزل والهوان وقلة الصديق عند الضيق ،والحبيب عند إشتداد المصائب.
لكن حسرة السودان أكبر وأعمق وأخطر لأنها جارية مع الأيام منذ فجر الاستقلال...فهي تكمن في شرور أنفسنا ،نحن السودانيين، والعدو المتربص بنا ،هو جزء من تكويننا البنائي، بل أشك بأنه( خلية)من مكونات ذراتنا نتوارثها جيل بعد جيل...هذه الخلية المدمرة (مندسة) في تفكيرنا ونمط حياتنا وسلوكنا واتجاهاتنا نحو الحياة ونحو الآخر من أبناء جلدتنا.
ونبكي علي حالنا،أكثر،في ضياع الفرص الثمينة ،التي كان يمكن أن يكون لها دورا عظيما تجعل من السودان بلدا آمنا بل وجنة الله في أرضه.
نبكي علي حالنا،وكل أحلام قادتنا وشبابنا(امل الأمة) محمولة في حقيبة..حقيبة السفر والترحال..وترك هذه الديار عند المحن والبحث عن الوطن البديل.. حتي النازحون من الريف نحو المدن فكل أفكارهم عن الوطن هي عصا الترحال وتلك الحقيبة .. هم لا يدرون بأنهم يهجرون ويهاجرون من الملاذ الآمن الأمين..لو صبروا...ولو أحسنوا استغلال ثرواته وإمكانيات كما تستثمر الشعوب الحرة مواردها البشرية و الطبيعية بالجهد والمثابرة والعلم الحديث.. لا يشكون حالهم لأحد.
كيف لا نبكي حالنا...وقد أضعنا فرصة تحقيق ثلاثة فترات من الديمقراطية،كاملة الدسم، الرابعة كان يمكن لها أن تكون نقطة تحول جذرية في حاضر ومستقبل السودان وأهله، بعد نجاح ثورة ديسمبر المجيدة؟ ثم ضاع الأمس مني وإنطوت في القلب حسرة.
والآن، تلوح في الأفق فرصة عظيمة قادرة علي خروج هذا الوطن العظيم من كبوته..ونعني بذلك[ منبر جدة ]..وكل الخوف ضياع هذه الفرصة ونصبح من النادمين..فالأمر يحتاج من. قادتنا الكرام ...الخروج من دائرة المكاسب الآنية و(ابطلها الاشاوس ), بل ضرورة التفكير في أمن واستقرار ومستقبل السودان....وذلك هو الفوز والنصر الكبير لكل أهل السودان..
غدا ..سوف تهدأ جراح غزة..ويعود أبطالها مكللين بأقواس النصر مهما كانت نتائج التضحيات علي الأرض..يعودون مرفوعو الرأس بما قدموا من تضحيات في سبيل القضية الكبري...قضية الوطن المغتصب أرضه.. فقد تناسعوا خلافاتهم التنظيمية فكانوا علي قلب رجل واحد أمام العدو المشترك..
هذا ما نريده من قادتنا المتحاورين في [ منبر جدة ] ..لن نقلل من قيمة ووطنية أحدا...فالكل سواسية أمام محنة الوطن..والكل مسؤول عن سلامته،ووقف الحرب فورا،والتفكير في تضميد جراحه والتفكير بعقلانية في إعادة إعماره....كما دمرتوه اول مرة.
منبر جدة...هي فرصتنا الأخيرة في استعادة كلمة وطننا الحبيب واسترداد مكانته التي فقدها بين الشعوب ،بسبب تلك الحرب البربرية التي لم يعرفها السودان في تأريخه الحديث.
فإذا كانت خطايا الاجيال السابقة من السياسيين ،هي ضياع الفرص الثمينة في بناء الوطن...فيجب ألا يكون من أخطاء الجيل الحالي من القادة العسكريين والمدنيين..الوقوع في ذات الخطأ المشين..حتي لا تلاحقنا لعنات اجيالنا القادمة ونصبح من النادمين.
د.فراج الشيخ الفراري
f.4u4f@hotmail.com

 

آراء