هل نرى الطيب مصطفى ذات يوم يخطب فى جامعات جوبا وكنائسها! … بقلم: تاج السر حسين

 


 

 

 – royalprince33@yahoo.com

قال الله تعالى فى محكم تنزيله :-

"وَلَهُ أَسْلَمَ مَن فِى ٱلسَّمَـٰوَاتِ وَٱلأَرْضَ طَوْعًا وَكَرْهًا وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ"

صدق الله العظيم.

سبحان مغير الأحوال .. فمن كان يظن فى يوم من الأيام أن يأتى الدكتور الترابى الى جوبا حاضرة الأقليم الجنوبى مسالما وطائعا مختارا دونما سلاح أو جيش عرمرم  يحرسه أو مليشيا جهاديه ينظر اليها من نظارات مكبره وهى تحارب جنبا الى جنب مع القرده التى تكبر وتساعد المجاهدين فى فتح مدينة جوبا الباسله وتدخلها ضمن الدوله الأسلامويه الكبرى الممتده من اسكندريه الى نمولى .. نعم اعنى ذلك من أسكندريه وحتى نمولى وليت اخواننا المصريون يدركون ما اقول !!

فالعمل لذى كان يقوم به الدكتور الترابى فى اول ايام الأنقاذ لم يكن عملا سودانيا خالصا بل كان يتبع لأرشادات وتوجيهات التنظيم العالمى للأخوان المسلمين و لا أظن ان هذه العلاقه انفصم عقدها بين ذلك التنظيم وبين تلاميذ الشيخ الذين تنكروا له واذا لم يلتقوا فى مصر فانهم يعرفون اين يلتقون وعلى ماذا يتفقون وأرض الله واسعه !!

لا ادرى لماذا كل هذه الكتابات المتشنجه والغاضبه والحاقده التى يبثها الطيب مصطفى فى كل يوم ضد الحركة الشعبيه وقيادتها وبصورة مركزه على شخص السودانى الوحدى الأصيل (باقان اموم)، الذى نشتم فيه عبقا من رائحة ابن السودان البار الراحل المقيم (جون قرنق)؟.

لم استمع فى اى يوم  من الأيام الى باقان أموم الا وتحدث عن السودان الواحد الموحد لكنه ليس موحدا على طريقة الطيب مصطفى التى عفى عليها الزمن ولا يمكن ان يرجع ذلك الزمن للوراء اربع عشرة قرنا بكاملها!

هذا زمان السودان الجديد .. وفكر السودان الجديد الذى ظلت تبشر به الطفرات الفكريه والثقافيه فى السودان منذ ان كان المرحوم/ محمد أحمد محجوب كاتبا عاديا لا سياسيا محنكا أو قائدا فى حزب الأمه.

عثرت على وثيقه تاريخيه هامه للغايه فى دار الوثائق المصريه لمحمد أحمد محجوب عام 1943 على صحيفة السودان الجديد  بعنوان (السودان الجديد) ومكتوب تحت العنوان اسم المرحوم المحجوب (الكاتب المعروف الأستاذ محمد أحمد محجوب) لا السياسى أو رئيس الوزراء.

يقول المحجوب فى تلك الوثيقه الهامه ما يلى:-

"الماضى والحاضر والمستقبل تراث أجيال من الوراثه التكوينيه والخلقيه وجهاد السواعد القويه والأفكار النيره والعقائد الثابته والنفوس الطموحه فى الماضى القريب والحاضر المشاهد وارهاصات المستقبل وتوق النفوس وتطلعها الى شمس الغد المنيره كل تلك مجتمعه يتكون منها "السودان الجديد".

ثم يقول:-

" هذا هو السودان الجديد ، وهذه ارضه  السحريه جمعت كل عنصار البقاء من اراض زراعيه خصبه وصحارى مد البصر يشع فيها القمر سلاسل نوره الفضى وغابات وأدغال وجبال وتلال والنيل السعيد كسلك العقد يضم هذه الألى والحزازات ويحى الموات وويزيل الجدب عن البلاد كلما هددها الجدب".

ثم يقول:-

" وعلى ابناء السودان الحاضر الا يعوقوا سير السودان الجديد بخلافاتهم وحزازاتهم الشخصيه، عليهم ان يتفقوا فى الهدف مهما اختلفوا فى الوسائل المؤديه اليه ولا يمكن ان يكون هدف بلاد كهذه متعددا انه واحد مفرد:

التحرر والخلود. وكل سودانى يعمل لهذه الغايه مهما كانت وسائله علينا ان نحبه ونحترمه ونساعده".

ثم يقول:-

ماذا علمتنا حوادث الماضى فى بلادنا وغير بلادنا ؟ ماذا علمتنا حوادث هذه الحرب فى البلاد الأوربيه وغير الأوربيه؟ الم تعلمنا أن العدل اساس الملك وأن الوجود لا معنى له بغير هذا العدل؟".

حتى يقول:-

"ولنكن عادلين كما نحب ان يكون الناس عادلين معنا ولنتمتع بالحريات الرئيسيه التى يكفلها لنا القانون الطبيعى والقانون الوضعى كما نكفل لغيرنا التمتع بحرياتهم".

تلك روئة المحجوب الثاقبه فى عام 1943 جاء بعده الراحل قرنق ليستلهم من مثل تلك الأفكار النيره ويضيف اليها من فكره العميق ومن متطلبات العصر  مما يجعل السودان الجديد اكثر جمالا، فمن يستطيع الوقوف فى طريق هذا السودان الجديد الذى حلم به المفكرون وغنى له الشعراء والمادحون .. انه  قادم لا محاله ابى من ابى ورضى من رضى، ومن يقف امام عجلات قطاره سوف تدهسه وتمشى على جسده دون ان يتذكره  الناس او يفتقده احد.

فاذا كان هذا الأمر ضربة لازب وما منه بد فهل يا ترى نرى يوما من الأيام الطيب مصطفى يخطب فى جامعات جوبا وكنائسها عن السلام وعن الوحدة والمساواة وحقوق الأنسان وأحترام الأديان كلها والقبول بالدوله المدنيه التى يتساوى فيها الناس جميعا مثلما فعل الدكتور الترابى، ام لا يزال مصر على أن السودان فقط بلد (عربى مسلم) لا حقوق لغيرهم فيه الا كذميين أو مؤلفة قلوبهم يتعطف عليهم الآخرون بفضلات الصدقه وبيوت الزكاة وبخلاف ذلك لا امان لهم الا اذا دفعوا الجزيه عن يد وهم صاغرون؟

آخر كلام:-

ابيات من قصيده (نشيد السودان الجديد) لشاعر غير معروف كتبت عام 1943

وحدة ضمت شمالا وجنوبا

غابة عذراء أو سهلا طروبا

تنثنى الأحداث عنها وتذوبا

وحدة الأحرار اذ هموا وثوبا

 

آراء