هل يعتذر سعادة المستشار للشعب السوداني ؟؟ …
سارة عيسى
19 March, 2009
19 March, 2009
أدخل سعادة المستشار مصطفى عثمان إسماعيل نفسه في جدل كان في غنى عنه ، فهل هو قال: أن الشعب السوداني كان مثل الشحاذين قبل مجئ ثورة الإنقاذ- أم أنه قال – أن الشعب السوداني كان يقف في طوابير الخبز والسكر مثل الشحاذين ، من وجهة نظري لا أرى فرقاً بين الوصفين ، كان من الممكن أن يقول أن الشعب السوداني كان يعاني من ضائقة معيشية صعبة ، ولا أعلم لماذا زج بكلمة الشحاتين في مجري السياق ، فالناس في مصر والعراق ومصر وإيران ، حيث يوجد تقنين للمواد الغذائية ، تقف في طوابير طويلة لشراء تلك السلع ، وهذا لن ينقص من قدر هذه الشعوب ، وإن قال السيد/عثمان أن شعب السودان أصبح الآن مثل الشحاتين لصدقته ، والدليل على ذلك تدفق المساعدات الإنسانية من مختلف دول العالم علي الجنوب ودارفور وكردفان ، والتصريحات الشاذة هي من طبيعة المستشار ، فقبل ذلك وصف دارفور بأنهم : كُتار في الخرطوم مثل القمل ، لكن قد لاقى تصريحه الأخير صدىً كبيراً في المنتديات ، والسبب في ذلك لأن سعادة المستشار حاول ممارسة قبلية على صحيفة مرموقة وذات مصداقية عالية ، ويقبل على شرائها معظم السودانيين ، وهي صحيفة الشرق الأوسط ، هذه الصحيفة قد أستضافت باقة من الأقلام السودانية مثل المرحومين حسن ساتي ومحمد الحسن أحمد ، كما كان يكتب فيها الأب الحقيقي للدبلوماسية الدكتور منصور خالد ، و أزمة حكومة الإنقاذ مع صحيفة الشرق الأوسط يدخل فيها البعد الشخصي أكثر من الخلاف حول وجهات النظر مثل أزمتها مع أوكامبو ، فهم لا يروق لهم قلم الأستاذ/ عبد الرحمن الراشد والذي أنصف أهل دارفور بأكثر من مقال ، صحيفة الشرق الأوسط لن تكون مع حكومة الإنقاذ في خندق واحد ، فهي مؤسسة صحيفة قائمة على حرية التعبير وإحترام التعدد وليس من مهامها تسويق لغة الخطاب العنيف الذي يسود في السودان الآن بسبب حمى أوكامبو .
ومهما حاول سعادة المستشار أن يبرر مقولته فهو في الأخير قدم خدمة جليلة للذين يقدحون في صفات السودانيين وينعتوهم بالكسل ، فقد أضاف لنا سعادة المستشار خصلة جديدة وهي الشحذة والوقوف أمام أبواب المتصدقين ، وهناك مفردة وردت في سياق الحديث لم أجد لها مصدراً وهي : أن الشعب السوداني يشرب الشاي " بالجكة " !! ويبدو أنني تسرعت في مقالي السابق عندما حسبت أنه يقصد " العجوة " ، فقد وصلتني عدة رسائل تصحيح ، منها أنه يقصد " الجردقة " وهي نوع من التربة المعدنية يستخدمها السودانيون لعلاج مرض البطن ، وهناك من زعم أنه يقصد " الجكا " وهي نوع من المشي يتراوح بين الإسراع والتمهل ، مثل الرياضة التي يمارسها الأوربيون في الحدائق ، وقد حار الناس في فك طلاسم كلمات المستشار والذي يبدو أنه أستخدم لغة دبلوماسية لم تصل بعد إلي مسامع العالم ، وما يحيرني أن بعض الحضور كانوا يصفقون له عندما وصف سعادة المستشار شعبه بكونهم شحاذين قبل مجئ الإنقاذ ، ولو كان بالفعل أن حكومة الإنقاذ نقلتنا بهذه القفزة الكبيرة لما بقى هولاء الناس يعيشون في بلاد الغربة ، فإن صلحت الحال وأن السودان بالفعل أصبح جنة عدن لماذا لا يشد هؤلاء السودانيين الذين خاطبهم سعادة المستشار رحالهم إلي وطنهم لينعموا بالمن والسلوى والرغيف الذي يصنعه الآن الأتراك ويبيعونه لسراة القوم .
كان الدكتور مصطفى عثمان مغموراً في الحركة الإسلامية ، صحيح أنه حصد نتائج وصولها للسلطة ، لكن في أيام تكوينها لم يكن له أي دور يُذكر ، وقد ولج إلي باب الإستوزار بواسطه حضوره للجلسات الإيمانية التي كان يقيمها الدكتور حسن عبد الله الترابي في منزله ، لذلك كان في أيام المفاصلة متذبذباً بين الحبلين إلي أن تأكد له أن تيار الرئيس البشير هو الغالب ، وتشبث الدكتور مصطفى عثمان بمنصبه كوزير للخارجية حتى أقصته منه رياح إتفاقية نيفاشا ، لكن الرجل حافظ أيضاً على دوره في الوزارة حينما تم تنصيبه كمستشار ، وهو وزير خارجية تحت الظل ، وأذكر جيداً أنه عندما تعيينه أميناً لمجلس الصداقة العالمية عرضت إذاعة أمدرمان جائزة لمن يعرف الإجابة الصحيحة ، والسؤال كان هو : من هو أمين مجلس الصداقة الشعبية العالمية ؟؟ والجائزة المعروضة كانت بمبلغ 50 ألف جنيه وهو مبلغ كان يكفي لشراء عشرين جوالاً من سلعة السكر ، والمصيبة أن كل المتصلين كانوا يعرفون الإجابة الصحيحة . ومفارقة أخرى أن الدكتور مصطفى عثمان يحمل جواز سفر بريطاني ، ولا أظن أنه سوف يسلم هذا الجواز لأصحابه بعد أن أتضح جلياً للإنقاذ أن بريطانيا وتقف من خلفها كل من فرنسا وأمريكا وإسرائيل ، تعمل على على إعادة إستعمار السودان .
سارة عيسي
sara_issa_1@yahoo.com;