هل يعتقد حمدوك أن القوات الجوية والبحرية والبرية الدولية قد تلزم حميدتي حدوده؟! 

 


 

عثمان محمد حسن
19 September, 2021

 

* الحقيقة التي لا تغيب عن الملمين بأحوال السوان أن أمر البلد لن يستقيم ما لم يتم (دمج) ميليشيا الجنجويد (في) الجيش السوداني، وليس (إدراج) الميليشيا (مع) الجيش، كما يريد حميدتي، قائد الميليشيا الذي لا تأتمر بأوامر أحد في السودان سواه..


* مَن مِن السودانيين لا يعرف أن المكوِّن العسكري هو من يشكِّل أزمات الثورة المجيدة.. وأن أُم الأزمات تكمن في ميليشيا الجنجويد التي يرفض حميدتي، قائدها الأوحد، (دمجها) في الجيش السوداني.. حيث يرى أنها  (مدرجة)  في الجيش، وخلاص!


* والعارفون بأوضاع المؤسسات العسكرية المعاصرة يعلمون أن (إدراج) ميليشيا الجنجويد وإقحامها في مهام الجيش وضع شاذ يتوجب تقويمه كي تستقيم الأوضاع في تلك المؤسسة العسكرية العريقة المفترض أن تكون ذات عقيدة عسكرية لا علاقة لها بعقائد المبليشيات والحركات المسلحة الإرتزاقية وغير الارتزاقية..


* إن من يقرأ، بعمق، ما في تلافيف كلمات دحمدوك الموجهة لحميدتي وميليشيا الجنجويد، في عقر دارهم، الاسبوع الماضي، سوف يجد ما يؤكد إصرار حمدوك على ذلك الدمج، وإن كان بدبلوماسية لا تخفى على فطنة القارئ..


* وقد قرأتُ بين سطور تلك الكلمات جملاً تكاد تقول:- " إياكِ واللعب  بالنار، فاسمعي يا ميليشيا!".. إذ أشار حمدوك إلى أن  إصلاح القطاع الأمني والعسكري هو القضية المفتاحية (passkey ) لكل قضايا الانتقال وبدون إصلاحه يستحيل حل القضايا الأخرى، بما فيها قضية تحويل الدولة إلى دولة مدنية والجيش إلى جيش وطني موحد”..


* والمعلوم أن اصلاح القطاع الأمني والعسكري، في السودان الحالي، لا يتم إلا بدمج جميع الميليشيات في الجيش، وعلى رأس الميليشيات ميليشيا الجنجويد..

* حمدوك يعلم أن حميدتي لا يريد أي إصلاح يتم عبر الدمج للانتقال بالسودان إلى الديمقرطية والمدنية، بحكم ضيق فهم حميدتي لمدلولات الكلمتين، وحصره لهما في حدود صناديق الانتخابات..


* ومن قراءة ما قال حمدوك، أثناء زيارته لمقر الجنجويد، وقراءة ما قاله حميدتي،  نجد أنهما كانا على طرفي نقيض.. حيث يقول حمدوك أن عدم دمج الجنجويد في الجيش السوداني يعطل الاصلاح العسكري والأمني.. وأن في ذلك تهديد بتعطيل "كل قضايا الانتقال"! وفي تعطيل تلك القضايا تهديد للأمن والسلام في السودان..


* إن ما ألمح حمدوك إليه عن تعطيل "كل قضايا الانتقال" هي الحقيقة  بينما يعتقد حميدتي أن كل شيئ على ما يرام حالياً..


* وما يمكن فهمه من كلام حمدوك أن دمج الجنجويد في الجيش من أوجب واجبات المرحلة الانتقالية.. خاصة إذا علمنا أن الحركات المسلحة الموقعة على سلام جوبا وافقت، سلفاً، على الاندماج.. أما الحركة الشعبية، جناح الحلو، وهي إحدى أقوى حركتين مسلحتين، فتشترط دمج قوات الجنجويد في الجيش السوداني.. ووضعت هذا الشرط على طاولة التفاوض المعلق مع الحكومة حالياً..


* هذا، ولمجلس الأمن رأي في ما يجري في السودان من انتهاكات وقلاقل وغياب العدالة والمساءلة، وتدهور الوضع الاقتصادي.. وسلام جوبا المنقوص..


* يقول رئيس لجنة الجزاءات المعنية بالسودان في مجلس الأمن:- " الحركات الموقعة على اتفاق سلام جوبا،  عادت إلى دارفور، وانخرط بعضها في عمليات تجنيد للأفراد، وفي نفس الوقت احتفظت ببعض جنودها وأسلحتها في ليبيا...".. وذكر أن أكثر من 400 ألف شخص نزحوا بسبب النزاع والهجمات المسلحة،

خلال يناير- أغسطس 2021، "والتي تتم، بشكل أساسي، في دارفور وأجزاء من ولايتي كردفان والنيل الأزرق.."

* إن قلق مجلس الأمن لن يكون في مصلحة السودان عموماً، ومصلحة ميليشيا الجنجويد على وجه الخصوص.. فالسلام الشامل غير منظور في المدى القريب طالما ميليشيا الجنجويد تصر على رفض دمجها في الجيش السوداني.. وهذا قد يلجيئ مجلس الأمن لاتخاذ خطوات دراماتيكية تعيد السودان إلى الفصل السابع منقولاً من الفصل السادس..

* وربما فرض مجلس الأمن تنفيذ الدمج بالقوة، إذا ارتآى أن في رفض الدمج مهددات للسلم والأمن الدوليين، خاصة وأن موقع السودان الاستراتيجي لا يسمح بحدوث قلاقل ربما اتسعت وشملت دول الجوار..

* وربما دفع قلق المجلس هذا إلى نقل السودان من (الفصل السادس) إلى (الفصل السابع) من ميثاق الأمم المتحدة، إعتماداً على المواد 33 و34 و36 و37 من الفصل السادس من الميثاق، بما قد يفضي إلى احتمال استخدام المادة 42 من الفصل السابع، من الميثاق، ضد السودان إذا ارتآى المجلس أن الأوضاع فيه تعرض الأمن الدولي للخطر، بالفعل..

* ومواد الفصل السادس المذكورة هي:

المادة 33

يجب على أطراف أي نزاع من شأن استمراره أن يعرض حفظ السلم والأمن الدولي للخطر أن يلتمسوا حله بادئ ذي بدء بطريق المفاوضة والتحقيق والوساطة والتوفيق والتحكيم والتسوية القضائية، أو أن يلجأوا إلى الوكالات والتنظيمات الإقليمية أو غيرها من الوسائل السلمية التي يقع عليها اختيارها.

ويدعو مجلس الأمن أطراف النزاع إلى أن يسووا ما بينهم من النزاع بتلك الطرق إذا رأى ضرورة ذلك.

المادة 34


لمجلس الأمن أن يفحص أي نزاع أو أي موقف قد يؤدي إلى احتكاك دولي أو قد يثير نزاعا لكي يقرر ما إذا كان استمرار هذا النزاع أو الموقف من شأنه أن يعرض للخطر حفظ السلم والأمن الدولي.


المادة 36


لمجلس الأمن في أية مرحلة من مراحل نزاع من النوع المشار إليه في المادة 33 أو موقف شبيه به أن يوصي بما يراه ملائماً من الإجراءات وطرق التسوية.


على مجلس الأمن أن يراعي ما اتخذه المتنازعون من إجراءات سابقة لحل النزاع القائم بينهم.

على مجلس الأمن وهو يقدم توصياته وفقا لهذه المادة أن يراعي أيضاً أن المنازعات القانونية يجب على أطراف النزاع - بصفة عامة - أن يعرضوها على محكمة العدل الدولية وفقاً لأحكام النظام الأساسي لهذه المحكمة.

المادة 37


إذا أخفقت الدول التي يقوم بينها نزاع من النوع المشار إليه في المادة 33 في حله بالوسائل المبينة في تلك المادة وجب عليها أن تعرضه على مجلس الأمن.

إذا رأى مجلس الأمن أن استمرار هذا النزاع من شأنه في الواقع، أن يعرض للخطر حفظ السلم والأمن الدولي قرر ما إذا كان يقوم بعمل وفقاً للمادة 36 (أو يوصي بما يراه ملائماً من شروط حل النزاع.)

* (أو يوصي بما يراه ملائماً من شروط حل النزاع.) هو المزلقان لاستعمال المادة 42 من الفصل السابع..  وتقرأ:-

المادة 42

إذا رأى مجلس الأمن أن التدابير المنصوص عليها في المادة 41 لا تفي بالغرض أو ثبت أنها لم تف به، جاز له أن يتخذ بطريق القوات الجوية والبحرية والبرية من الأعمال ما يلزم لحفظ السلم والأمن الدولي أو لإعادته إلى نصابه. ويجوز أن تتناول هذه الأعمال المظاهرات والحصر والعمليات الأخرى بطريق القوات الجوية أو البحرية أو البرية التابعة لأعضاء "الأمم المتحدة".


* هل يفهم حميدتي أن ميليشياته موضوعة تحت المجهر الدولي، أم تراه يكابر معتمداً على الظروف والمتغيرات المحلية والإقليمية..


* حمى الله السودان من خبائث الجنجويد والحركات الارتزاقية


osmanabuasad@gmail.com

 

آراء