واجب السودانيين المباشر فى هذه الفترة الحرجه. … بقلم: تاج السر حسين
30 November, 2009
أنشغل السودانيون خلال الأيام الأخيره بمواجهة الأعلام المصرى دون تمييز بين شرفاء مصر الذين كانوا ولا زالوا يكنون للسودان كل حب وتقدير وبمن هم لا يعرفون السودان ويتعاملون معه بسطحية وعنجهية وعدم تقدير ومن خلال نظرة السيد لخادمه والتابع لمتبوعه.
والتقى فى ذلك الهجوم المكثف دون وعى أو تريث اعلام النظام مع اعلام المعارضه فى كثير من الجوانب.
وحتى لا يستغل النظام الظالم المتهالك المتهافت هذا الوضع يجب ان نبين الأمور ونضعها فى نصابها الصحيح.
وهنا لابد ان نعترف بأنه لولا التصريح (المستفز) شديد اللهجه الذى صدر من القاهرة ونقله الأعلام المصرى ووصل للسلطات السودانيه على اى درجة، ليلة حادثة التعرض لحافلات الفنانين والممثلين المصريين التى ضلت الطريق وخرجت عن مسارها المحدد لها بواسطة سلطات الأمن السودانيه بعد لقاء مصر بالجزائر، لما استجابت سلطات النظام السودانى على وجه السرعه وقامت بأجلاء جميع المشجعين المصريين دون ختم جوازاتهم من سلطات المطار، على نحو مهين ومذل، وهذا يعنى ان الدوله راجفه وفاقده للقوة فى ادنى درجاتها التى تجعلها نديدة للأنظمه المجاوره، وهذا خطر ما بعده خطر، خصوصا اذا علمنا تنامى حجم الأستثمارات بين البلدين وتعداد مواطنى الدوله القويه المقيمين فى الدوله الضعيفه، ثم لا ننسى وجود قوات عسكريه مصريه مهما كان حجمها ضئيلا تشارك ضمن قوات ما سمى (باليونيميد) وهى فى الأول والآخر قوات (دوليه) ولا ندرى هل كانت سوف تستخدم تلك القوات المصريه لو تصاعدت حدة التوتر بين البلدين الى ابعد من ذلك أم لا، رغم اننا نشهد للنظام المصرى بالتصرف الحكيم وضبط النفس فى كثير من المواقف وكمثال لذلك عند محاولة اغتيال الرئيس المصرى الفاشله فى يونيو 1995 بأديس ابابا، والتى تورط فيها نظام الأنقاذ وعلى راسهم قادة لا زالوا يجعجعون لا أدرى متى يأتى اليوم الذى يحاسبون فيه عما ارتكبوه وسبب ضرر كبير لبعض السودانيين؟!
ولعلنا جميعا تابعنا حينما اعلنت الهند عن نفسها كقوة نوويه من خلال تجربة عمليه، فعلت الباكستان نفس الشئ وفى اليوم الثانى مباشرة، وبذلك هدأت المشاكل والمناوشات بين البلدين حول منطقة كشمير التى يتنازعان عليها منذ فترة طويله من الزمن.
اذا القوة .. لا العنف - والفارق كبير بين الأثنين - هى التى جعلت الدولتان الجارتان تلجاءان للتصرف بعقلانيه وحكمه وأن يحترم كل منهما الآخر.
والنظام السودانى للأسف يفتقد للقوة فى ادنى درجاتها ولا يستخدمها الا ضد شعبه الأعزل ويفتقد للقدرة على اتخاذ اى قرار يحمى به نفسه ومواطنيه داخل السودان أو خارجه طالما رئيسه مطلوب للعدالة الدوليه ومهدد بالقبض عليه فى اى دوله الا اذا رأت تلك الدوله خلاف ذلك، وسوف يأتى يوم قريب لا تستطيع فيه اى دوله مخالفة قرارات الشرعيه الدوليه وسوف يبقى الرئيس يحكم وهو محاصر داخل حدود بلده بل ربما من قبو تحت الأرض!
والنظام السودانى لا يمارس العدل بين مواطنيه ولا المساواة والعدل المطلوب ليس المعنى به الأحكام التى تصدرها النيابات والمحاكم، فمفهوم العداله يتجاوز ذلك بكثير، ويشمل التوزيع العال للثروة لا تركيزها فى ايدى قليله من المحاسيب والأنصار، ويشمل اتاحة الفرص فى تقلد الوظائف الدنيا والعليا مدنيه وعسكريه وفى مساواة تامه بين المواطنين بغض النظرعن دينهم وقبيلتهم وانتماءاتهم الحزبيه وافكارهم، وان يكون المعيار الكفاءة وحدها.
وما نلاحظه وظلت تتبعه الأنقاذ منذ ان اغتصبت السلطه حتى فى المؤسسة الواحده وفى الدرجة الوظيفيه الواحده مدنيه أو عسكريه هناك فرق فى المعامله تحت ظل هذا النظام فى الحوافز والمخصصات بين من ينتمى للنظام شكلا وموضوعا ويدخل ضمن هؤلاء المنافقين و(الأرزقيه) داخل السودان وخارجه وبين المواطن السودانى العادى البسيط رجلا كان أم أمراة!
وظهر التمميز بصورة واضحه حتى فى المحاكم حينما ارجئ جلد الصحفيه (لبنى أحمد حسين) بل بدلت عقوبة الجلد بغرامه سددها اتحاد الصحفيين الأنقاذى بدلا عنها ودون مشاورتها لأنها اولا صحفيه اقامت الدنيا ولم تقعدها وسببت للنظام الكثير من الأزعاج ، ولأنها كانت تعمل فى احدى المنظمات الدوليه (الكافره) بينما تم جلد ومعاقبة زميلاتها وهن قصر وغير مسلمات أشتركن معها فى نفس القضيه (الفارغه) عديمة المحتوى !!
ثم جاءت مباراة مصر والجزائر فى كرة القدم لتؤكد ان التشريعات (الأسلامويه) التى يطبقها نظام الخرطوم منذ سبتمبر 83 لا يونيو 89 تميز بين جنس وجنس آخر، فالملابس التى كانت تردتديها (لبنى) وحولت بسببها للمحكمه مقارنة بما كانت ترتديه بعض المصريات والجزائريات يعد (نقابا) لا حجابا !!
هذه الأمثله البسيطه تؤكد بكل وضوح ان الدوله السودانيه ضعيفه ومهترئه وانها لا تمارس العدل والمساواة بين ابناء شعبها، وحق المواطن السودانى الشريف العفيف النزيه مهضوم.
فاذا كان الأمر كذلك فما هو الواجب المباشر للمثقف السودانى الذى تقع عليه مسوؤلية تنوير الراى العام الداخلى والدولى مثلما تقع عليه مسوؤلية تبصير الأميين والبسطاء داخل السودان خاصة فى هذه المرحله التى يجرى فيها الأعداد لأنتخابات مظهريه وديكوريه لا ولن تتسم بالنزاهة والشفافيه والغرض منها (شرعنة) نظام الأنقاذ الفاقد للشرعية لأكثر من عشرين سنه واضيف لذلك الغرض اظهار الرئيس البشير بأنه مؤيد من شعبه وأن ذلك الشعب لا تهمه جرائمه الفظيعه فى دارفور ومن قبل ما حدث فى الجنوب وقبل ذلك كله ما حدث للضباط الأحرار خلال شهر رمضان المقدس عند المسلمين وما ظل يحدث للشرفاء فى بيوت الأشباح من تعذيب يتبعه تشريد من الوظائف ومضايقات فى الأسواق طالما ظل ذلك الرئيس يردد (الله أكبر .. الله أكبر) بلسانه فقط فارغة المحتوى وغير مطبقة فى واقع الناس.
الواجب المباشر هو كشف زيف هذه الأنتخابات وعدم نزاهتها طالما يشرف عليها هذا النظام الفاقد للمصداقيه والمطالبه بحكومه قوميه ومراقبة دوليه تشرف عليها وعندها كلى ثقة بأن هذا النظام سوف يسقط سقوطا داويا لا يصدقه اى انسان فى العالم.
والواجب المباشر هو التوضيح بان اجهزة الأعلام فى السودان تحت ظل هذا النظام لا يمكن ان تكون محائده ولا يمكن أن تمنح الفرص لكآفة الوان الطيف السودانى متحزبين ومستقلين للتعبيرعن ارائهم بكل حرية، فحتى التعليق على احداث لقاء مصر والجزائر الكرويه هيمن عليه اتباع النظام وكذبوا وزيفوا الحقائق وهم لا علاقة لهم بما يدور فى مجال الرياضة وكرة القدم ولا يحيطون بتفاصيل الأحداث الدقيقه منذ ان لعبت مصر أمام الجزائر مباراتها الأولى فى أرض الأخير.
نخلص من هذا ألى ان الدوله السودانيه فى ظل نظام الأنقاذ ضعيفه للدرجة التى لا تستطيع فيه عسكريا مواجهة دوله مثل تشاد التى لا تملك طيرانا مدنيا أو تجاريا دعك من عسكرى وممثل حزب المؤتمر الوطنى فى القاهرة يدعى كذبا بأن السودان يمتلك الآن مصنعا للطائرات التى تطير بدون طيار!!
وهو دون شك مصنع يصرف عليه دون جدوى من مال الوطن ومن مدخرات اجياله الحاليه والمستقبليه.
مثلما حدث فى سد مروى الذى صرفت عليه قرابة الثلاثه مليار دولار، وفى نهاية المطاف اقسم مدير الهية القوميه للكهرباء (الأنقاذى) بعد اقالته انه لن يدخل الشبكه القوميه حتى لو دخل الجمل فى سم الخياط !!
ونخلص الى انها دوله لا يوجد فيه حق ولا عدل رغم تشدقها بالقيم والشعارات الأسلاميه، وهم ابعد الناس عن الأسلام وهم يعلمون ما قاله احد الأئمه ( ان الله ينصر الدوله العادله وان كانت كافره ولا ينصر الدوله الظالمه وان كانت مسلمه).
ونخلص الى ان الواجب المباشر الذى يقع على عاتق كل مثقف سودانى لا محاولة اظهار الوطنيه من خلال مواجهة اعلامى هنا و هناك اساء للسودان بسبب ضعف دولته ونظامه، بل الواجب هو محاولة التخلص من هذا النظام بجميع الوسائل وتنوير المواطنين بأنه المسوؤل الأول عن جلب تلك الأهانات والشتائم والأستفزازات لبلد صاحب حضاره وتاريخ مثل السودان.