(نصيحة لوجه الله لإخوتنا في المؤتمر الوطني ، وللوطن ، والدين النصيحة . نصيحة مستوحاة من مقال لأحد الأخوة يقول اتركوا حزب المؤتمر الوطني لشأنه ) .
عزيزي عضو المؤتمر الوطني الذي كتب ذلك المقال ، الفاتحة ، "فقد غطسنا حجر السودان".
اريد ان انصحك يا اخي وانصح حزبك المحترم ، المؤتمر الوطني اولا والاحزاب بعده ونحن جميعا ، اننا إن لم يدرك الى الآن ونعترف بأننا جميعا ، " *بأننا سقطنا حجر السودان" ،* فإن الوعي بذلك سوف لن يسعفنا ،بعد فوات الاوان بأكثر مما نحن فيه ، وعلينا ان نعترف جميعا والمؤتمر الوطني بحالته الحالية في اولنا ، والحركة الاسلامية ثانينا ، والمعارضة ثالثنا ، والطائفية رابعنا ، والتكنوغراط الممتنع خامسنا بأننا يجب ان نعترف بأننا :-
1- قد أدركنا وبعد فوات الاوان أنه من الخطأ القاتل ان يفكر السودانيين بأن السودان في ظل تكتلات عالمية واقليمية ومحلية ، لها صراعها الفكري والعقدي والايديولوجي ، ولها صراعاتها الاقتصادية والدينية والاثنية ، *أن يحكم السودان بحزب واحد ، وتوجه واحد وملة واحدة* وسباب هذا الادراك المتأخر لا تعد ولا تحصى ، لكن اوضحها هو ما آل اليه السودان الان.
2- ادركنا ومنذ زمان أن السودانيين لا يعرفون كيف يتفقون (بالذات على ادارة وطن، كما قال احد الضباط الانجليز وهو يودع السودان عندما سأله الأزهري ، هل تستطيع ان ندير وطننا ، فأجاب الضابط ، نعم ، *يمكنكم الآن ان* *تديروا ناديا ثقافيا كبير* ) ولعمري فإن الضابط قد صدقنا ايما صدق.
3- ادركنا ان ذلك الضابط قد رحلت معه ادارة السودان بالجودة والخبرة والطريقة التي يستحق ، إذ ان الانجليز تركوا
- ناديا ثقافيا كبير يؤمه تكنوقراط وأكاديميين ورثقوا الثقافة والاكاديميا ولم يرثوا رؤية او طريقة لإدارة وطن ، ولم يقوموا من أنفسهم بعمل (ميثاق حرية freedom charter) ، يسميه الغير في عالم الديمقراطيات ، دستور ، تتنزل منه ادارة دولة وقوانيين اداء ولوائح اخلاقية وضوابط مراقبة ومحاسبة ومؤسسية ، لأننا وبكل احزابنا وببساطة ، بل كل شخص في السودان يحمل في رأسه دولة ما ، وكل حزب بما لديهم فرحون.
- الانجليز اخذوا معهم تجويد الاداء والانتاج وكيفية توظيف وادارة الانتاج لصنع اقتصاد ، ونحن الان وصلنا لحالة الا اقتصاد والا مؤونة او معين كما ترى.
- الانجليز اخذوا معهم علاقات خارجية كانت تدار من بريطانيا العظمى حينها والتي كانت تملك او توجه كل دول العالم وسياساتها وعلاقاتها وانتاجها بصورة مباشرة او غير مباشرة ، وعندما ذهبوا ، تركوا بلدا صغيرا في عمر حريته ، وصغيرا في علاقاته ومحدد التوجه تحت التاج البريطاني ، من بيوتهم من لندن.
- والانجليز عندما خرجوا اخذوا معهم كمية الانتاج وتنافس السودان في السوق الخارجية ، "بإنتاج استعمار" وانتاج الاستعمار كان نهبا لمقدرات الوطن لمساعدت المستعمرات البريطانية في الهند والصين وجنوب افريقيا وفي كل مكان وتغذية اقتصاد استعمارها البريطاني واداراتها.
4- ادركنا انه عندما نلنا استقلالنا تركنا المستعمر في حالة ، اللا هوية ، واللا وحدة في الفكر والوجدان ولا رؤية وطنية موحدة ، وترك هنالك عدة دويلات داخل دولة واحدة تسمى السودان ، كانت تلك الدويلات هي :-
- دولة حزب الامة
- دولة حزب الاتحادي الديمقراطي
- دولة التكنوغراط (الوطني الاتحادي)
- دولة اليساريين
- ثم *تولدت* دولة الإسلاميين من تلك الاحزاب ، والتي تفردت بالحكم الان.
- ثم حصلت الانشطارات الى اكثر من مئة حزب كما نرى.
*ثم وصلنا لما نحن عليه الان*
عملت الايدولوجيا في التسرب والتسري مع تلك الاحزاب المئة ونيف فبرزت
- ثم ظهرت دولة العلمانية (التي تنادي بعلمنة الدولة ،الحالية (تشربت بها كل الاحزاب مما ذكرنا.
- ثم تشظت دولة العلمانية لتتفتت هي نفسها لعشرات الاحزاب والحزيبات.
ثم دال الوطن لدولة الإسلاميين ، ثم تشظت هي الاخرى لعشرات التكتلات ، وتشظت داخليا.
*الناظر للأمر من ناحية اطارية ، يرى دولة علمانية تولت المعارضة ودولة اسلامية تولت ادارة الدولة الان ، كما تولتها العلمانية ايام نميري. لكن الواقع ان هاتين الدولتين تتشظيان في داخلهما لعدة دويلات وتتحارب داخلها وتتفارق داخلها بصورة يومية ، لكنك تشعر بأثر المعارك بين الايدولوجيتين في معركة ، يعد الوطن بمواطنيه وخيراته هو الخاسر الوحيد.*
والآن :-
- العراك على اشده بين تينك الدولتان ، الدولة العلمانية والدولة الاسلامية.
- دب الطائفية ،ما تبقى من دولة حوب الامة ، ودولة حزي اتحادي وما بينهما من تكنغراط ، اصبحت حركته السياسية والبنيوية تشابه حركة وهيكل دب مريض ، "يعافر احيانا" سياسيا حتى يثبت وجده ( *الذي عفى عنه الزمن في ظل تقاسم الاقليم ايدولوجيا وسياسيا بين اسلاميين وعلمانيين ، الان يقتتلون في كل الاقليم وفي كل دوله ويريد كل واحد فيهما ان يطغى على الاخر فيتوجه الاقليم بتوجهه )*
- والان فإن الغلبة الظاهرة في توجيه الاقليم وادارة دوله ، تعمل لصالح اليسار والعلمانية.
- والان تنحسر قدرة الاسلاميين وتتشتت وحدتهم ويتشظون.
- *هذا التشظي وهذا الانحسار وهذا التشتت هو السمة العامة لدولة المؤتمر الوطني الأن*
ومهما تك من اسباب ومن نوايا ومن قوة داخلية لدولة المؤتمر الوطني وما يبديه من تماسك ، فإن القراءة العامة تقول:-
كتلة ودقة المعادلة السياسية العالمية والاقليمية والداخلية ، هي أكبر من إقتدار حزب واحد لإدارة وطن مثل السودان ، بخيره وعظمة انسانه (عظمة فردية تحتاج لإدارة جمعية وجامعة ، سمها ديمقراطية محلية ، سمها حكم وطني ذاتي).
وعظمة التغيرات السياسية الاقليمية والعالمية والمحلية اليومية ، وما نراه من اطماع خارجية واقليمية واطماع المئة حزب ونيف في ادارة السودان تجعل من المستحيل ادارة حالة السودان وسط هذا المحيط المتلاطم من السودان مجتمعا ناهيك عن حزب واحد ، كل يوم هو في شأن وكل يوم هو في تجريب وكل يوم يمسك بقشة لإنقاذ نفسه ، وكل يوم تصبح فيه الشمس لا يدري ذلك الحزب ولا السودان كله ، اين يتجه وكيف يتجه ولماذا يتجه ، ولمن يتجه !!!
فكيف تقل يا هداني وهداك الله ان على الاحزاب ان تركوا حزب المؤتمر الوطني لحاله؟
نحن نريد انقاذا للسودان من الزاوية التي انحشر فيها السودان ونريد ان نجد حلولا بحكمة وطن وبمستحقات وطن ولأجل وطن ، ادركنا الان ، اننا جميعا ساهمنا فب اغراقه سواء قصدنا ام ام نقصد ، سودان يعمل برزق اليوم لليوم ، تاهت "اباعره" وضلت ، وماتت قدرته وانشلت ، فكيف تقول للأحزاب ان تترك حزب المؤتمر الوطني لحاله، وكل الوطن الان مرهون لرؤيته وكيفية ادارته وحاضر الوطن ومستقبله مرهون لتفكير حزب واحد وقدرة حزب واحد ، حتى وان اراد خير للسودان فإن فعل الخير وادراك وملافاة ما تبقى من السودان يحتاج لمزيد من الانفتاح في الرؤية ويحتاج لعلاقات داخلية وخارجية استثنائية ، ويحتاج لخطة وطنية استثنائية ولتفكير استثنائي ، ولحكمة وعقل استثنائيين ولمرجعية تخرجنا من حالة "الكنكشة" من حزب واحد ومن حالة "الجبد وتوسيع القدود" من الاخرين .
كيف تقول اتركوا حزب المؤتمر الوطني لحاله؟
يا هداني الله وإياك.
rafeibashir@gmail.com