والي الخرطوم وإضعاف الحزب الحاكم

 


 

 


tayseer marawe [tmarawe@gmail.com]
عبد الرحمن أحمد الخضر الدكتور البيطري و والي الخرطوم الحالي وهو من جيل الإسلاميين الذين تخرجوا من جامعة الخرطوم من مجمع شمبات والذي كان يضم كليتي الطب البيطري والزراعة ومن أبناء جيله الدكتور فيصل حسن إبراهيم الوزير الحالي للثروة الحيوانية ودكتور عبدالرحمن رجل قدمته الإنقاذ في بداياتها كمحافظاً للضعين بدارفور خلفاً للدكتور البيطري الآخر عبدالله محمد سيد أحمد الوالي الأسبق للنيل الأبيض والوزير الأسبق للثروة الحيوانية ومن بعد ذلك ذهبت به الإنقاذ للولاية الشمالية وزيراً للزراعة والثروة الحيوانية ونائباً للوالي الدكتور مهندس الحاج أدم يوسف والأخير أصبح من كوادر حزب المؤتمر الشعبي.
 بعد عمله في الولاية الشمالية غادر عبد الرحمن الخضر لولاية القضارف والياً عليها وفي فترة حكمه لولاية القضارف شهدت الولاية صراعه الشهير مع واليها الحالي كرم الله عباس والذي كان في ذلك الوقت رئيس المجلس التشريعي لولاية القضارف مما أدي الي دفعهما من قبل الحزب لأن يقدما إستقالتيهما وحقناً للصراع وحلاً للإشكال والذي أوشك أن يعصف بالإستقرار السياسي في الولاية وشكل صراعاً بغيضاً بين مؤسسات الحزب المختلفة في ولاية القضارف ويقال إن الإستجابة السريعة للدكتور عبدالرحمن الخضر للتعليمات من قبل حزبه المؤتمر الوطني وتقديمه للإستقالة كان السبب لمكافئته بتوليه أمر ولاية الخرطوم لاحقاً وكما يقول المثل قدم السبت فوجد الأحد!!!
سكن عبدالرحمن الخضر بمدينة الصافية ببحري وكان يمتلك شركة أدوية بيطرية تعمل في إستيراد وبيع الأدوية البيطرية عرفت بشركة اليمامة وكان موقعها بشارع الجمهورية في الخرطوم وكان ذلك قبل توليه أعباء العمل التنفيذي وقبل الإنقاذ...
قدم عبد الرحمن الخضر لولاية الخرطوم خلفاً للدكتور عبد الحليم أسماعيل المتعافي وأعيد إنتخابه والياً للخرطوم في الإنتخابات التي جرت مؤخراً والمعروف أن ولاية الخرطوم هي نموذج مصغر للسودان الكبير وتحتاج لجهود كبيرة وعمل مضني وإمكانيات وهذا الوالي مطلوب منه الكثير وخاصة في مجال البنيات الأساسية وتحسين صورة البيئة المتردية جداً وخاصة في أطراف الخرطوم وكذلك تنظيم الأسواق ومواقف السيارات ودرء التلوث والذي تتسبب فيه بمقدار كبير بعض المصانع والتي تم إنشائها في بعض الأحياء السكنية بتصاديق وتصاريح من محليات الولاية وفي غير محلها ولم يراعي فيها صحة المواطن وسلامة بيئته السكنية وفيها بعض المخالفات لقانون البيئة والصحة العامة والذي يجهله غالبية المواطنين وتمرر هذه التصديقات عن طريق بعض ضعاف النفوس من الإداريين وضباط الصحة وهذه الامور بدأت منذ عهد الوالي السابق ومازالت مستمرة في عهد هذا الوالي وهو أمام تحدي كبير في الفشل والتردي و الذي يحدث الأن لمشروع نظافة الخرطوم حيث فشل هذا المشروع وتراجع وأصبحت أكوام الأوساخ والقمامة تملأ الشوارع والطرقات بشكل مقزز وغير حضاري ولا يليق بمدينة أو قرية ناهيك عن عاصمة ولاية وعاصمة دولة !!!
هذا الوالي وأمام هذه التحديات الكبيرة والتي تتطلب عملاً دؤباً وجهداً متواصلاً وتوظيفاً للإمكانيات نجده يسخر بعض من مجهودات هذه الولاية وإمكانياتها وأموالها للعمل السياسي الغير مفيد في هذه المرحلة والذي لا يخدم أهل الولاية بالدرجة الأولي ويذهب هذا الوالي للجنوب وفي الوقت الذي يتجه فيه الجنوب للإنفصال عن بقية السودان وتصدر منه تصريحات وأقوال تناقض بعض ما ذهب اليه قيادات وممثلي حزب المؤتمر الوطني حول وضع الجنوبيين بعد الإستفتاء وبعد الإنفصال وعلي عكس ما قاله دكتور نافع علي نافع نائب رئيس الحزب للشئون التنظيمية والذي أشار الي أن الجنوبيين إذا إختاروا الإنفصال سيسمح لهم بالبقاء فقط لحين ترتيب أوضاعهم وأيضاً ضارباً بكلام الدكتور كمال عبيد وزير الإعلام عرض الحائط والذي أوضح سابقاً بأن الجنوبيين سيفقدون حق المواطنة إذا إنفصل الجنوب وسيخضعون لقانون جديد يحكم إقامتهم بالشمال وهذا التصريح أمن عليه دكتور لام أكول والذي ينتمي لجنوب السودان وخاصة ما يتعلق بالجوانب القانونية لتصريح كمال عبيد حول أحقية الجنوبيون بعد الإنفصال في البقاء بدولة شمال السودان وخضوعهم لقانون ينظم ذلك .
ولكن يخرج علينا والي الخرطوم بتصريحات أوردها الموقع الرسمي لحكومة ولاية الخرطوم علي الشبكة العنكبوتية وبعض أجهزة الإعلام والصحف وذلك إلحاقاً بالخبر الذي يفيد بأن والي الخرطوم وقع علي إتفاق توأمة بين ولاية الخرطوم و ولاية الإستوائية الوسطي وصرح قولاً بأن مسألة الوحدة أو الإنفصال يقررها المعنيون بالإستفتاء حسب نص إتفاقية السلام التي نلتزم بها وأن الولاية ستعمل علي تأمين الداعين إلي الوحدة أو الإنفصال معاً وأن الجنوبيون أحرار في البقاء بالخرطوم بعد الإنفصال...إنتهي تصريح السيد الوالي!!!؟؟؟
قد يكون من المنطقي في تصريحات هذا الوالي مسألة حديثه عمن يقرر مسألة الوحدة والإنفصال و بنص الإتفاقية وكذلك من المعقول حديثه عن تأمين المواطنين وخياراتهم ودعواتهم قبل الإستفتاء ولكن أن يتحدث عن حق الجنوبيون بالبقاء في الخرطوم وحريتهم في هذا الأمر إذا إختار الجنوبيين الإنفصال هو حديث غير موفق ومستبق لشكل القانون والتشريعات والتي ستنظم العلاقة مع الجنوب إذا صار دولة أخري وكذلك هذا الحديث يناقض حديث من سبقوه من قيادات المؤتمر الوطني في هذا الشأن إبتداءً من الأستاذ علي كرتي وزير الخارجية ومولانا أحمد إبراهيم الطاهر رئيس البرلمان السوداني و دكتور كمال عبيد وزير الإعلام ودكتور مصطفي عثمان مستشار رئيس الجمهورية ومن قبله حديث المسئول عن الشئون التنظيمية للحزب الحاكم الدكتور نافع .
هذا التصريح للوالي يقدح في مؤسسية الحزب الحاكم ويظهر حالة من التناقض الواضح في المواقف وفي تصريحات القيادات لهذا الحزب ويظهر الحزب بشكل متصدع وغير متماسك وغير منسجم مما يربك جماهير هذا الحزب ويجعلهم في حيرة من تناقض الأقوال في القيادة مما يؤثر علي شكل الإنتماء الحزبي لهذه الجماهير ويظهر لهم قياداتهم بشكل مرتبك وغير متزن وتغيب المؤسسية والإلتزام ومعروف أن الحزب هو الذي يقود الدولة وليس العكس ولذا يجب علي حزب المؤتمر الوطني إلزام التنفيذيين من عضويته بعدم القفز فوق الحزب والمراحل و عدم التصرف والتصريح كما يشأؤن وحتي لا يضار حزبهم القائد لهذا الوطن الرائد كما يرفع الحزب شعاره؟؟
وليعلم هذا الوالي أنه ليس الشخص المعني بموضوع بقاء الجنوبيين وحريتهم في عاصمة البلاد في حالة الإنفصال وأن الموضوع سيحدده القانون وجهات أخري معنية بالتشريع!! وعليه الإلتزام بخط الحزب ونهجه العام ومكتبه القيادي ورئيسه ونوابه وحتي لا يضعف حزبه وإذا أراد خيراً لهذه الولاية عليه برعاية مواطنيها وتغيير شكلها البيئي القبيح هذا والإجتهاد في بناء بنيات أساسية مطلوبة والعمل علي تخيف أثار غلاء المعيشة علي مواطني الولاية ودعم الأسر المنتجة وغيرها.
 وهذا الوالي حر في أمر التؤامة مع من يريد من المدن والعواصم في كل العالم ولكن ليعلم أنه ليس هو من يقرر بقاء وإقامة الأجانب بالعاصمة أو في السودان ولأن هناك قانون يحكم ذلك وهذه الأمور مرتبطة بوزارات سيادية يديرها غيره وكذلك فليعلم أنه غير مطالب بمغازلة الجنوبيين سياسياً وقد تكون مقبولة من رئيس الجمهورية أو نائبه ولأنهما مسئولان عن ذلك وحتي قيام الإستفتاء أقلها وحتي يتضح أمر وحدة أو إنفصال الجنوب ولا يظن هذا الوالي أن حديثه وتصريحه والذي أتي في هذا الوقت سيجعل الجنوبيين يصوتون للوحدة أو يؤثر علي خيارهم.
 ولذا يجب علي هذا الوالي التفريق بين الكلام والخطاب الحماسي والخطاب الأخر السياسي والذي يجب أن يكون محسوباً ودقيقاً ويراعي الزمن والظروف والمرحلة ولا يحرج غيره من رفاق حزبه وكذلك يجب علي قيادة المؤتمر الوطني ضبط تصريحات مسئوليها وخاصة في هذه المرحلة الحساسة من تاريخ البلاد والحزب وحتي لا تساهم في تصدع هذا الحزب وإضعاف مواقفه وكذلك يجب عليهم إعمال مبدأ المحاسبة والإنضباط وحتي لا يتكرر مثلما حدث من والي الخرطوم والذي أثار إستهجان كثير من المنتمين للمؤتمر الوطني وبعض أبناء الوطن وفي نظرهم أحرج بعض من قادة حزبهم وأن مثل هذه الأمور ستقود إلي إضعاف حزبهم وإظهار بعض التناقض في أقوال قياداتهم وأنهم كعضوية في هذا الحزب أحوج ما يكونون إلي خطاب متفق عليه ومتوازن ويخدم قضايا الجماهير والوطن.
 

 

آراء