والٍ آخر بمَكَنة رئيس: ماذا فعلت أيها الوالي حتى ينجب البدو العباقرة ؟! .. د. بقلم: محمد وقيع الله
1 July, 2009
أيها السيد الوالي:
أنت لم تنس وما غابت عن ذاكرتك وعود السيد رئيس الجمهورية وعهوده عندما زار إقليمكم العامر الواعد.
ولكنا نذكرك - لا عن نسيان - ببعض ما قال!
لقد ألقى السيد رئيس الجمهورية في زورته لإقليمكم خطابا مدويا أثار كثيرا من الفخر وسط مواطني البلاد، تناول الشأنين العام والخاص.
من سنار إلى العالم أجمع:
ما تناوله رئيس الجمهورية من الشأن العام أعاد فيه، بلهجة الفخر الرجولي، والإباء الوطني القول، وكرره بتعهده القاطع، برفض بلادنا التعامل، على أي مستوى من المستويات، مع ما كان يسمى بالمحكمة الجنائية الدولية، التي تتربص ببلادنا وتريد أن تقضي على أمنها، ونظامها، وإنجازاتها.
وقد بلغت كلمات رئيس الجمهورية تلك المنطلقة من إقليمكم العامر مسامع العالم أجمع، وأسهمت في توعية الناس، وتعبئتهم لمناصرة الحق، فاقتنع الشرفاء، أنى كان هنالك شرفاء، بأن هذه المحكمة إنما هي محكمة مسيَّسة تتربص ببلادنا، بغير مبرر، وأنها لا تبتغي إلا بث الفوضى، والفساد في بلادنا، وقد أصبح الكرام الخلص في كل أنحاء الأرض يساندون بلادنا، ويتعاطفون معها، ويدينون ألاعيب الرعب والكيد الدولي.
وقد بلغت تلك الكلمات الأبيات المنطلقات من إقليمكم العامر، مسامع المحكمة، ومدعيها ومستخدميها، وأجرائها، فأخذوا في ريبهم يترددون، وعن مخططاتهم يتراجعون، وجاء من جاء منهم من الخارج ليساوم بلادنا، ورئيسها، ببعض معاونيه، وهيهات لرئيسنا أن يبيع معاونيه، أو يبيعوه، فكلهم جند لله تعالى، يبتغون الميتة (المجيَّهة)، أو الحياة (المجيَّهة)، في سبيل الله تعالى!
وقد مضى رئيسنا على تصميمه الحازم، ورفع رؤوسنا أمام البرية بأسرها، وأثلج صدورنا، بترويعه لخصومه، وإسقاطه لتهديداتهم له، باستهانته بهم، وخروجه الباسل لزيارة دول الجوار، وغيرها، وانطلاقه لحضور مؤتمرات الدوحة، وهراري، وسرت، وغيرها، وهكذا أصبحت المحكمة الجنائية كما قال عنها الدكتور كمال عبيد في حديث له حديث: في خبر كان!
على متن الهم العام:
هذا ما جرى على الصعيد القومي العام، وهو ولا شك فخر لكم، ولولايتكم، وللوطن بأسره.
ولكنا على متن هذا الهم العام، وعلى أصله الآصل، وليس على هامشه العرضي، نذكركم بما قاله رئيس الجمهورية، ووعد به، يوم زار دياركم. وبشر بإنجازه وشيكا، وهو عهد مهم لا نريد له أن يطمره النسيان، هذا النسيان الذي يطرأ عادة - شئنا أم أبينا - مع تقادم هذه العهود والأزمان.
لقد أبهج المواطنين في محتوى خطاب الرئيس ببلادكم تجديده العهد من أجل العمل لخدمة المهمشين الفقراء، وتنمية الريف، واتخاذ ذلك كله في مقدمة أجندة دولة الإنقاذ، حتى تصبح عن استحقاق اسما على مسمى من مسعاها هذا الدائم في إنقاذ من يستحقون الإنقاذ.
وقد وأشار الرئيس في خطابه إلى أن الإنقاذ منذ مجيئها تمت محاربتها، لأنها اتجهت إلى إنقاذ البلاد، وتحريرها، واستخراج بترولها. وقال: " عندما قلنا طلعنا البترول قالوا أحلام زلوط فهذه ثروة الأحلام ". وقال: إن الانقاذ جاءت لإنصاف المظلومين، وليس لسكان المدن. ووعد مهمشي منطقتكم باعطائهم حقوقهم كاملة، مشيرا إلى أنه لا يحمل عصا موسى!
ودعا مواطني منطقة منطقتكم إلى المحافظة على التمازج والتعايش السلمي فيما بينهم، وقفل الباب أمام من سماهم بشياطين الإنس، ووعد المواطنين وعدا جازما بالبدء في تنفيذ الطريق المسفلت، وقال إن القرار بذلك قد صدر بالفعل، وأن تنفيذه سيبدأ قريبا، وتعهد بايصال المياه الى منطقة الدالي، بعد أن وصلت إلى منطقة المزموم وبأن يتم توقيع عقد توصيل المياه قبل نهاية العام (الماضي).
تعليم الرحل:
وتحدث الرئيس البشير يومها عن الاهتمام بتعليم المواطنين الرحل، وضرورة فتح المدارس لاستيعاب أبنائهم، على امتداد مساراتهم وُدمرهم. وقال إن الآخرين لم يكونوا يعرفون مناطقهم هذه إلا من خلال مواسم الحصاد لجمع الضرائب، والزكاة والعشور، ولكن الإنقاذ جاءت لتخدمهم وتنصفهم وترفع عنهم كل حيف.
والٍ بمَكَنة رئيس:
وهذه الوعود التي بذلها الرئيس نرجو أن تكون قد نفذت كلها، أوجلها. أو قد بدأ تنفيذها على أقل تقدير.
وفي حدود تنفيذ هذه المطالب السامية سيرى الناس في الأخ الأستاذ المهندس أحمد عباس واليا بصلاحيات رئيس، فهو المسؤول عن التنفيذ والمتابعة، وله في ذلك كله سلطات الرئيس، لأنه يتكلم بكلام الرئيس، ولا يأت بكلام من عنده، وينفذ وعود الرئيس، لا وعوده هو!
وهذا شرف عظيم للوالي، وشرف عظيم لولايته، استمده هو، واستمدته ولايته من الرئيس مباشرة، وعلى مرأى ومسمع من جميع الأشهاد. وإن أحسنا القول قلنا من مكانة أهل سنار والدالي والمذموم عند السيد الرئيس.
أيها السيد الوالي:
إنني لا أعرفك شخصيا يا سيادة الوالي، وأنت ولا شك لا تعرفني شخصيا، وأنا لست من أهل هذا الإقليم، وإن كان يشرفني أن أكون من أهله، فاهتمامي به ليس به شبهة إذن، وإنما هو اهتمام بأمر من يلقون الظلم الإهمال من المواطنين الضعفاء، وهم الذين اهتم بهم الرئيس، وأوكل أمرهم إليك، فيما فهمت من خطابه يوم ذاك، ولذلك قلت لابد أن أسائل هذا الوالي عن هذا الأمر حينا بعد حين، وهذا هو أول الحين.
ابدأ بالبدو:
ولا شك أن الرئيس أصاب المحزَّ تماما عندما ركز اهتمامه على البدو الرحل، وقد أصبح هؤلاء البدو أولى من يبدأ بهم الوالي، فيشيد لهم المدارس، وهذه المدارس كما أوحى الرئيس، وفهم الوالي، هي أولى مصادر الحضارة، وأقوى دوافع التوطن، والتمدن، والتقدم.
ومن أبناء هؤلاء البدو الرحل، نطمع أن ينبثق العباقرة والجهابذة. ألم يقل إمام علم التاريخ وعلم فلسفته الشاهق، آرنولد توينبي: إن خير من يستجيبون لتحدي الحضارة هم أنآهم عنها؟!
فهذه ثروة باذخة للوطن، نأمل أن تُنبتها مدارس، تنشئها للبدو، يا معالي الوالي، فابدأ بهؤلاء، وانصرهم، ينصر دينك، وقد صحَّ عن رسول الله، صلى الله عليه وسلم، أنه قال:" هل تنصرون وترزقون إلا بضعفائكم ". رواه البخاري.