وداعاً نادر خضر

 


 

سارة عيسى
22 May, 2012

 




أعتدنا في الفترة الأخيرة على سكب الدموع وترديد كلمات الوداع  كلما ألمت بنا مصيبة الموت ، وفي الزمن الصعب يرحل عنا المبدعون تاركين خلفهم إرثهم الثقافي والحضاري الذي لا ينساه أحد ، وكنت كلما أرتحل عن أرض الوطن أروح نفسي بأغنية وردة الشهيرة :
مليت أنا ..مليت انا الغربة ..وقاسيت من الترحال
وُلدت في فرنسا من أم لبنانية وأب جزائري وعاشت في مصر وختمت رحلتها الأخيرة في مقابر العالية بالجزائر ، وحزنت لوردة عندما علمت أنها أصيبت بالإكتئاب قبل أن يداهمها توقف قلبها  الذي ظل نابضاً بكل قيم الحياة والجمال والحب  ، لم تحمل وردة الشرق عدم التواصل مع الجمهور وعاشت بعيداً عن الاضواء والضجيج ، وفي آخر لقاء معها في تلفزيون mbc بثت الفنانة وردة كلماتها الأخيرة وحكت عن مواجعها وأحزانها وكيف تسبب الفن في حرمانها من حنين الأبناء وجو الأسرة  ، ماتت على تسع وسبعين عاماً مثل الموسيقار محمد وردي الذي باغتته المنية ولم يكمل العقد الثامن . وكانت وردة الجزائرية مثل الجسر الذي يربط الشرق بالغرب وقد أحب فنها كل الناس .
بعد  رحيل الفنانة وردة بيوم رحل عنا  فنان الشباب نادر خضر ، فقد كان وفياً للفن حتى اللحظات الأخيرة ، فمعظم جمهور الراحل نادر خضر كان من طلاب الجامعات ، رحل الفنان نادر من غير أن يبوح بكلمات الوداع ، فقد أختصر طريق التحدي مشواره الفني الذي كان حافلاً بالعطاء والجود ، رحل عنا ولكن سيظل الشباب والشيب يبكونه ردحاً من الزمن ، فقد ترك بصمة مميزة في عالم الغناء  السوداني ، كان أنيقاً ويهتم بمظهره لأبعد الحدود ، ومن خلال متابعتي له في برنامج أغاني واغاني كان لا يشارك في الحوار إلا عندما يُطلب منه ، وقد كان خفيض الصوت ولا تسمع له جلبة ، وكان الجمهور يتشوق ليسمع أغانيه ، لكنني على عكس الناس كنت أحس بنبرة حزن تطغى على صوته ، وقد كنت أحس بأنه يبكى في دواخله شيئاً غالياً  ، وكنت أحس أنه يعالج ألما دفيناً وحزناً يخرج في طيات أنغامه ، وربما أكون قد  توهمت هذه الأشياء بحكم أنه أختار لوناً غنائياً فيه الكثير من الشجن  والحنين ، تماماً كما حدث للذين كان يقرأون كتابات المرحوم يوسف السباعي ، فقد كانوا يحسون بطيفه في كل السطور ، وعندما رحل فجأة في عام 78 وفي حادث مأساوي حيث قُتل في قبرص بالرصاص هرع قرأئه ومحبيه إلى كتبه لعلهم يجدون السر الخفي في كاتب ( رد قلبي ) و ( مبكى العشاق في موكب الهوى ) و ( إني راحلة ).
أقدم رجائي وإلتماسي لكل الذين يحبون نادر خضر أن يعمدوا إلى تعليق برنامج أغاني وأغاني لهذا العام ،  ففي هذا  التعليق  مراعاة لشعور اسرته وجمهوره الذي أحبه ،  اللهم أرحمه وأغفر له ، وكلنا للفناء ولا يسعنا غير ذرف الدمع الهتون والدعاء له بالرحمة والمغفرة

sara issa [sara_issa_1@yahoo.com]

 

آراء