وداعاً نجاة صالح .. نصيرة معاقي الحرب في السودان … بقلم: د. تيسير محي الدين عثمان
27 February, 2010
في السودان تبرز كثير من النساء في شتي المجالات الإنسانية ومجالات العمل العام وفيهن من يقدم الكثير ولكن يفضلن أن يكونوا بعيداً عن الأضواء والإعلام والشهرة وخاصة إذا كانت امرأة لرجل معروف ومشهور في دنيا السياسة والإعلام والعمل العام... ومن هذه النماذج الراحلة والفقيدة نجاة صالح بنت الشيخ الراحل صالح مصطفي وزوجة الدكتور محمد مندور المهدي... هذه المرأة التي ذهبت إلي ربها راضية مرضية في يوم الجمعة 26/2/2010م أثر علة مفاجئة أقعدتها قبل حوالي الأسبوع من رحيلها تاركة خلفها أرث من الجهد والإنجاز والعمل يعرفه كثير من أصحاب وذوي الاحتياجات الخاصة في السودان وكثير من المهتمين بضحايا الحروب ومكافحة الألغام ونجاة صالح هي الأمين العام للمنظمة السودانية لرعاية معاقي وضحايا الحروب ومكافحة الألغام... هذه المنظمة والتي عرفت بمنظمة أبرار والأستاذة الراحلة هي قانونية نذرت نفسها و وقتها وجهدها لخدمة معاقي وضحايا الحروب في السودان منذ العام 1998م وكانت من المؤسسين والمشاركين في قيام هذه المنظمة الإنسانية العملاقة ولعبت نجاة صالح دوراً رئيسياً وأساسياً لقيام هذه المنظمة ولم تدخر جهداً أو تبخل بوقتها في سبيل قيام هذه المنظمة وإنجاح برنامجها ولقد تشرفت بالعمل معها متطوعاً من خلال المكتب التنفيذي ومن ثم أخيراً عضوا بمجلس أمناء هذه المنظمة...
نجاة صالح مصطفي كانت أخت للجميع وتحترم كل الناس ومتواضعة جداً وتقدر الجميع وكانت ترفض في مجال العمل أن تعرّف بزوجها بل تقول عرفوني بأسمى فقط وذلك حتى يعاملها الناس بطريقة عادية وخاصة أن زوجها الدكتور محمد مندور المهدي رجل معروف من خلال حزب المؤتمر الوطني والسلطة...
نجاة صالح امرأة نشأت في بيت دين وتدين وتصوف ونعيم ولم تشاء أن تعيش حياة الراحة والدعة و النعيم ورغد العيش وكل الظروف متوفرة لها لمثل هذه الحياة ولأنها كانت صاحبة رسالة وامرأة تؤمن بالله وبأن في الحياة رسالة وعمل لذا بذلت كل الجهد في سبيل خدمة الضعفاء وذوي الاحتياجات الخاصة واهتمت بمجال مكافحة الألغام وضحايا الحروب ولم تدخر جهداً في ذلك بل وحتى لا تكون شهادتي مجروحة ولا ينقص ذلك الأمر من أجرها عند الله سبحانه وتعالي فأني أعرف أنه في أحد المرات وحينما مرت المنظمة بأزمة مالية ولم يوجد مال لتسيير العمل قامت الراحلة نجاة صالح ببيع بعض من حليها الذهبية حتى توفر بعض المال لتسيير العمل وطلبت أن لا يُعرف هذا الأمر وأن لا يُقال ولكن بعد رحيلها وجب علينا ذكر ذلك حتى يعرف الآخرين قدر هذه المرأة العظيمة والإنسانة وما كانت تقوم به في سبيل نصرة قضية وآهات ضحايا الحروب والمعاقين وبكل صبر وجهد متواصل ولا ينقطع وخصماً من وقت أسرتها وبيتها....
استطاعت الفقيدة نجاة صالح الخروج بالمنظمة إلي أطار الإقليمية والعالمية وأصبحت أبرار جزء من منظومة برامج الأمم المتحدة في السودان وأصبحت تشارك في كثير من المناسبات و المؤتمرات العالمية وتساهم بشكل كبير في مكافحة الألغام وأصبح للمنظمة إسهام واضح في كثير من بقاع السودان ولها متطوعين كثر من أبناء الجنوب والشمال ومختلف أنحاء السودان.
نترحم علي روح هذه الفقيدة الجليلة أخت كل من الدكاترة الجنيد والغزالي بدولة قطر وكمال وعبد العظيم وأخواتهم هويدة وآمنة و زينب ونسال الله أن يلهمهم الصبر وحسن العزاء...
كذلك نسأل الله أن يلهم الصبر وحسن العزاء رفيق دربها وأب عيالها الدكتور محمد مندور المهدي ويحفظ أبنائها المهندس مندور وأخوه عبد المجيد وأخواتهم رزان و لدن ولينة.....
اللهم إنا نسألك لأختنا نجاة موجبات رحمتك وعزائم مغفرتك والسلامة من كل إثم والغنيمة من كل بر والفوز بالجنة والنجاة من النار وأن تجعل كل قضاء قضيته لها خيراً لها ....آمين
tayseer marawe [tmarawe@gmail.com]