ورقة بحثية بعنوان: الأبعاد الأيدولوجية فى حكم السودان .. إعداد وتقديم: عاصم فتح الرحمن أحمد الحاج
بسم الله الرحمن الرحيم
ورقة بحثية بعنوان
الأبعاد الأيدولوجية فى حكم السودان
عاصم فتح الرحمن أحمد الحاج
باحث وخبير إستراتيجى فى الشأن الإفريقى
مايو 2013 م
تمهيد:
أيدلوجيا كلمة تتكون من مقطعين، المقطع الأول (Idea) ويعنى فكرة، والمقطع الثانى (Logo) ويعنى علم، وكلمة أيدلوجيا ظهرت فى القرن الثامن عشر حيث إستخدمها أول مرة العالم الفرنسى (دوتراسِ) ليعنى بها علم الأفكار ، ومصطلح أيدلوجيا منذ ذلك الوقت أصبح يشير إلى نسق من الأفكار والمفاهيم والقيم والمعتقدات يسعى إلى تفسير الظواهر الإجتماعية من خلال إطار يعمل على إيجاد حلول مناسبة للموضعات الإجتماعية والسياسية التى تخص الأفراد والجماعات، وفى الفكر السياسى المعاصر الأيدلوجيا تهدف إلى التعبير عن مجموعة من الأفكار تحتوى على رؤى تعمل على إحداث تغيير إجتماعى، أى هى تعبر عن أنماط من التفاعلات السياسية التى تعمل على إبراز بعض المعايير فى الحياة السياسية تتضمن رؤى حول طبيعة العلاقة بين الفرد والمجتمع والدولة، والعلاقة بين الإقتصاد والسياسة والمجتمع، وفى البحث عن قضايا الحكم نجد أن السلطة السياسية فى الدولة هى الجهة الوحيدة التى تمارس أعمال السيادة على سكانها وفى نطاق إقليمها، أى أن الحكام هم من يمارسون مظاهر السيادة على سكان إقليمهم، هؤلاء الحكام لابد لهم من تبنى منهج وإسلوب عمل يتضمن رؤى حول طبيعة العلاقة بين الفرد والمجتمع والدولة، والعلاقة بين الإقتصاد والسياسة والمجتمع حتى يتمكنوا من إحداث التغيير المطلوب فى إطار إقليمهم من أجل خدمة مصالح شعوبهم، وربما يتم تبنى نموذج حكمهم إذا نجحت معاييره فى تحقيق رفاهية شعوبهم من قبل حكام فى دول أخرى مجاورة أو بعيدة، وبهذا تصبح رؤاهم بمثابة مذهب فكرى عابر للحدود ، وعليه تتبنى معظم نظم الحكم والحركات السياسية النشطة أيدلوجيا تقودها وتتقيد بمنهجها لتحقيق أهدافها على المستوى الداخلى والخارجى.
مقدمة منهجية:
هذه الورقة البحثية تهدف إلى قراءة البعد الأيدلوجى وتأثيره على مسارات أحداث السياسة السودانية وتشكيل منهج وإسلوب عمل الجماعات السياسية السودانية النشطة التى تولت نظام الحكم فى السودان بعد أن نال السودان إستقلاله من الحكم الإنكليزى المصرى فى الأول من يناير من العام 1956 م، وتحاول هذه الورقة عبر المنهج التحليلى الوصفى أن تعمل على توضيح الحقائق التى أسهمت فى أن يلعب البعد الأيدلوجى أدواراً محورية فى حكم السودان، وتنبع أهمية هذه الورقة البحثية أن السودان قبل وبعد إستقلاله فى يناير من العام 1956 م أخذ يتأثر بالمتغيرات والأحداث العالمية، وأصبحت الأيدلوجيا (خاصة تلك الأيدلوجيات العابرة للحدود) تلعب أدواراً محورية فى التأثير على عقول النخب التى حكمت البلاد بعد الإستقلال، كما أسهمت فى تكوين إستقطاب حاد بين هذه النخب السياسية أدى لتعميق الإختلافات بينها، مما أسهم فى خلق مناخ سياسى ساد فيه منهج الإقصاء الذى عمق من أزمات الحكم فى السودان، بدلاً من منهج التوافق الذى يعمل على تحقيق إستقرار ورفاهية السودان، وعليه تشكلت فى السودان حكومات ديمقراطية وأخرى عسكرية لعب فيها البعد الأيدولوجى دوراً محورياً، أسهم فى إحداث تغييرات سياسية وإجتماعية وإقتصادية مستمرة نتج عنها أخيراً إنفصال جنوب السودان فى التاسع من يوليو 2011 م، وزيادة رقعة الحرب الداخلية فى دارفور والنيل الأزرق وجبال النوبة، وجعل من قضايا السودان الداخلية أن تكون لها أبعاداً إقليمية ودولية، وعليه تستخدم هذه الورقة المنهج الوصفي التحليلي والإسلوب المقارن للوصول إلي نتائجها، كما تبحث هذه الورقة فى تداعيات الأحداث والإستقراءات التاريخية فى السودان لترتيب الأحداث وتصنيفها ومن ثم تحليلها وفق المنهج التحليلى الوصفى.
الإطار النظرى للورقة:
أى نظام سياسى فى أى مجتمع ينقسم إلى طائفتين، إحداهما لها حق قيادة المجتمع وإدارة أموره السياسية، وأخرى عليها حق طاعة قيادتها السياسية، وتتعدد نظم الحكم فى الجماعات المختلفة، حيث أن لكل جماعة نظام حكم يميزها من الجماعات الأخرى، ومن الملاحظات التاريخية نجد أن النظم السياسية داخل المجتمعات المتعددة تتغير بإستمرار نتيجة لأسباب وعوامل مختلفة تدفع هذه المجتمعات نحو تحديث نظم حكمها وتعددها، كما أن النخب السياسية والأفراد الناشطين فى أى دولة يختلفون فى رؤيتهم السياسية (المذاهب الفكرية التى تقود توجهاتهم السياسية) ، فمنهم من يرى أن خير بلادهم ومجتمعاتهم لا يتحقق إلا بالعودة لتقاليد وأعراف الماضى، وهولاء يطلق عليهم الرجعيون (Reactionaries)، ومنهم من يتمسك بالواقع ويرفضون تغييره وهوؤلاء يطلق عليهم المحافظون (Conservatives)، وفئة أخرى ترى أن الواقع قابل للتطور تدريجياً حسب الظروف المحيطة وهوؤلاء يطلق عليهم الأحرار (Liberals)، بينما الفئة الأخيرة ترى أن التطور يجب أن يتم بشكل جزرى وشامل وهؤلاء أطلق عليهم إسم المتطرفين (Radicals)، وعليه من البديهى أن تسعى هذه الجماعات السياسية النشطة فى المجتمع إلى تحقيق أهدافها وفرضها على المجتمع فى إطار النظام السياسى القائم، وأن تتصارع هذه الجماعات التى تختلف فى أصولها وفلسفتها للوصول لكراسى السلطة لتطبيق فكرها ومذهبها.
والسودان كغيره من الدول المكونة للمنتظم الدولى، وحدة سياسية تحدث فيها تفاعلات داخلية بين القوى السياسية المختلفة فى أصولها وفلسفتها بغرض الإستحواذ على السلطة، هذه التفاعلات الداخلية فى عالم اليوم أصبحت تؤثر وتتأثر بمجريات الأحداث العالمية وذلك لأن البئية الدولية أصبحت أكثر حركية نتيجة لتقدم وسائط الإتصالات المسموعة والمرئية، مما أسهم فى أن تكون ردود الأفعال والإستجابة للأحداث الداخلية والخارجية سريعة نتيجة لوجود شبكة كبيرة من الناشطين السياسيين ، والسودان كأحد الوحدات السياسية المكونة للمنتظم الدولى وفقاً لهذه البئية الحركية النشطة أصبح ماهو داخلى فيه من أحداث يؤثر ويتأثر بما هو خارجى، عليه أصبح البعد الأيدلوجى بكل مظاهر التعصب التى ترتبط به يتغلل فى الوسط السياسى السودانى، ومن ثم تشكلت نظم الحكم فى السودان على أساس المؤثرات المذهبية الوطنية أو عبر القومية.
الإطار التاريخى للورقة:
إكتسبت الدولة السودانية الحديثة إسمها الحالى فى عهد محمد على باشا 1821 م ، حيث شهدت هذه الفترة توحيد أقاليم السودان وتحديث نظم الحكم والإدارة فيه، ثم جاءت الثورة المهدية 1885 م، معبرة عن إتجاه ثورى أيدلوجى دينى شكل أول حركة وطنية سودانية إسلامية تهدف لإعادة حكم السودان بالمنهج الإسلامى ومحاربة النفوذ الغربى، ثم جاء الحكم الثنائى الإنكليزى المصرى 1898 م – 1956 م، ليقضى على الثورة المهدية حاملاً بين ثناياه الفكر الأيدلوجى الرأسمالى الغربى الذى أفرز الظاهرة الإستعمارية الأوربية، وبالتالى كان غزو السودان فى أعمق دلالاته ليس فقط من أجل القضاء على الثورة المهدية، وإنما السعى لإستثمار الأموال، وإعادة صياغة المجتمع السودانى ليستقبل رأس المال الجديد عبر فتح الأسواق وزيادة الإنتاج، وبعد أن نال السودان إستقلاله من الحكم الثنائى الإنكليزى المصرى 1956 م، توالت على حكم السودان أنظمة حكم ديمقراطية وأخرى عسكرية، كل تلك الحكومات كانت تحركها دوافع أيدلوجية (مذهبية) لتحقيق طموحاتها وأهدافها، وعليه تأثر السودان منذ تشكله بأحداث داخلية وأخرى خارجية كانت لها عظيم الأثر فى تشكيل رؤية قياداته التى أدارت نظم الحكم المتعاقبة فيه، فإنبثقت العديد من الرؤى التى تحمل بين طياتها نماذج لحكم السودان، منها ما هو يسعى لتطبيق ما تأثر به من قيم الأيدلوجيات العابرة للحدود، كالنموذج الليبرالى الغربى والنموذج الشيوعى الإشتراكى، ومنها ما يسعى لإحياء الأصولية الإسلامية للحفاظ على قيم المنهج المعرفى الإسلامي والعقيدة الإسلامية لمواجهة هذه الأيدلوجيات الغربية والإشتراكية، هذا الصراع العقدى والمذهبى أصبح أحد مرتكزات التنافس بين الأحزاب السياسية السودانية التى تشكلت قبل وبعد إستقلال السودان، لكن بدلاً من أن يكون هذا التنافس والصراع منظم على أسس ديمقراطية عبر صندوق الإقتراع من أجل الوصول للحكم وتحقيق مصالح شعب السودان وبناء سودان يحقق تطلعات الأجيال القادمة، إتجه ليأخذ أشكالاً أخرى منها الإنقلابات العسكرية والعنف المسلح من أجل إقصاء الآخر، هذا الصراع الأيدلوجى العنيف بين الفاعلين فى مجال السياسة فى السودان أهدر طاقات السودان السياسية والإقتصادية والعسكرية، وأصبح من أحد العوامل الرئيسية التى تهدد سلامة ووحدة الدولة السودانية.
الأيدلوجيا وإنبثاق الأحزاب السودانية (1924 م – 1952 م):
إنبثقت الأحزاب السودانية من رحم مؤتمر الخريجين الذى تأسس فى 12 فبراير 1938 م، والذى برز إلى حيز الوجود نتيجة لتشكل الجمعيات الأدبية السودانية فى الفترة ما بعد العام 1924 م، وبداية الثلاثينات من القرن الماضى، وكانت هنالك بعض الإختلافات الأيدلوجية بين الجماعات المكونة لمؤتمر الخرجيين، حيث كان البعض معادى للطائفية ولديهم قناعات أنها عامل يؤدى إلى إنقسام المجتمع، بينما تبنت بعض جمعيات مؤتمر الخريجين (جمعية أبوروف والفجر) أطروحات ذات توجهات إشتراكية تهدف لتحقيق مبادئها فى السودان، كما كان هنالك تباين كبير بين مجموعة أبوروف والفجر حيث أن الأولى كانت أقرب لإقامة علاقات راسخة مع مصر وتوجهاتها الفكرية توجهات قومية عربية معادية للإستعمار، بينما الثانية كانت تتطلع لتحقيق إستقلال السودان، ونتيجة لتطورات الأحداث الداخلية والخارجية تطور مؤتمر الخريجين ليصبح حركة جماهيرية يقود الخريجين من خلالها الجماهير السودانية لإختيار نظام حكمهم وتقرير مصير بلادهم، وبالرغم من أن التصورات التى تبناها الخريجين كانت تعمل على أن يكون زعماء المؤسسات الدينية السودانية التقليدية خارج لعبة السياسة، وأن يكون المؤتمر هو الجهة الوحيدة للنضال السياسى من أجل تحقيق إستقلال السودان، إلا أن الصراعات داخل مؤتمر الخريجيين جعلت من الأطراف المتصارعة أن تبحث عن مؤيدين لمواقفها فى القطاعات الشعبية التى كانت تحت تأثير الزعيمان على الميرغنى وعبد الرحمن المهدى، وعليه إنبثقت من بين ثنايا مؤتمر الخرجيين الأحزاب السياسية السودانية المتأثرة بغايات وأهداف طائفتى الختمية والمهدية التى دعمت أطراف الصراع فى مؤتمر الخريجين، فتشكل فى عام 1944 م حزب الأشقاء، وفى عام 1945 حزب الأمة الذى يرفع شعار السودان للسودانيين، وفى عام 1946 م الحزب الشيوعى السودانى، وفى عام 1952 م تشكل الحزب الوطنى الإتحادى نتيجة لإندماج الأحزاب الإتحادية (الأشقاء، الإتحاديين، الأحرار، وحدة وادى النيل) التى تنادى بالوحدة مع مصر.
تأثيرات الأيدلوجيا على نظم الحكم المتعاقبة فى السودان (1956 م – 2013 م):
بعد إعلان إستقلال السودان فى الأول من يناير من العام 1956 م، تشكلت حكومة قومية فى الثانى من فبراير من العام 1956 م، وذلك نتيجة لضغوط من زعيم طائفة الختمية على رئيس الوزراء الأسبق آنذاك السيد إسماعيل الأزهرى الذى إعتبره أنه يقود خط راديكالى يعمل على إبعاد رموز المؤسسة الدينية من التأثير على سياسات الحزب، هذا الصراع بين الأزهرى ذو التوجهات الراديكالية العلمانية وعلى الميرغنى الزعيم الدينى لطائفة الختمية أدى فى نهاية المطاف إلى إنبثاق حزب الشعب الديمقراطى بمباركة من الزعيم على الميرغنى، ومن ثم تشكل تحالف بين طائفة الختمية والأنصار (حزب الأمة وحزب الشعب الديمقراطى) إستطاع فى نهاية يونيو من العام 1956 م من إزاحة الأزهرى من السلطة عبر دفعه لتقديم إستقالة من منصبه كرئيس وزراء، وتشكيل إئتلاف جديد بين حزب الشعب الديمقراطى وحزب الأمة بقيادة عبدالله خليل، أدى لإخراج الحزب الوطنى الإتحادى خارج السلطة، وبالتالى إتجه الحزب الوطنى الإتحادى لتكوين جبهة عريضة ضمت إتحاد المزارعين، وإتحاد العمال، وإتحاد الطلاب، والحزب الشيوعى السودانى، والحزب الفيدرالى فى مواجهة إئتلاف حزب الأمة وحزب الشعب الديمقراطى بزعامة زعيمى طائفة الأنصار والختمية، ومن ثم جاءت إنتخابات 1958 م، لتعبر عن إنتصار إئتلاف حزب الأمة وحزب الشعب الديمقراطى (التيار الدينى التقليدى الطائفى) فى مواجهة الحزب الوطنى وجبهته العريضة (التيار الراديكالى العلمانى)، كما أفرزت إنتخابات 1958 م أيضاً الكتلة الفيدرالية من جنوب السودان لتعبر عن جناح جنوبى راديكالى متشدد نتيجة لرفض توصية الحكم الفيدرالى فى جنوب السودان.
لم يستمر إئتلاف حزب الأمة وحزب الشعب الديمقراطى طويلاً، نتيجة للإختلاف حول قبول المعونة الأمريكية (البعد الأيدولجى الخارجى)، التى كان حزب الشعب الديمقراطى يرفضها، وحزب الأمة يرى عدم رفضها، هذا جعل من حزب الأمة أن يشكل إئتلاف مع حزب الوطنى الإتحادى فى 16 نوفمبر 1958 م) أريد له أن يعلن عنه فى البرلمان فى 17 نوفمبر 1958م، ولكن فى إطار الصراع حول السلطة إستبق رئيس وزراء السودان أنذاك عبدالله خليل إئتلاف حزب الأمة والوطنى الإتحادى بتحضيره لإنقلاب عسكرى قاده الفريق عبود ليستولى عبره على السلطة فى صبيحة 17 نوفمبر من العام 1958 م ، هذا الإنقلاب نال رضا السيد عبدالرحمن المهدى، وفى عهد عبود لعبت الطائفية (البعد التقليدى الدينى) أدواراً مختلفة ليكون لها تأثير على مجريات إدارة حكم البلاد، فتغير موقف طائفة الأنصار المؤيد لنظام عبود من مارس 1959 م، وبدأت تأخذ موقفاً سلبياً من نظام الفريق عبود العسكرى نتيجة لإقصائه بعد رموزها، بينما تم تقارب بين طائفة الميرغنية ونظام الفريق عبود نتيجة لتحرك الأميرلاى عبدالرحيم شنان قائد منطقة شندى، والأميرالاى محى الدين أحمد عبدالله قائد منطقة كسلا (مناطق نفوذ طائفة الختمية)، ومطالبتهما بإعادة تشكيل المجلس الأعلى الذى كانت الغلبة فيه لضباط من طائفة الأنصار (اللوء أحمد عبد الوهاب) لصالح طائفة الختمية، مما شكل بداية لتسييس المؤسسة العسكرية من قبل القيادات الدينية التقليدية.
فى عهد عبود تصاعد الصراع فى الجنوب نتيجة لسياسة التعريب التى إنتهجها حكمه، ولذلك تشكل تنظيم (الإتحاد الوطنى للسودان الإفريقى- سانو) فى أبريل من العام 1963 م، وكان الهدف من إنشاء التنظيم الإستقلال عن السودان، حيث إنضم هولاء لقوات الأنانيا التى تمردت فى عام 1955 م، ودخلت الجماعات التبشرية المسيحية فى الصراع لصالح الجماعات المتمردة فى جنوب السودان (البعد الدينى فى الصراع) نتيجة لضرد نظام عبود للقساوسة المسيحيين فى عام 1964 م، وفى جانب آخر ساهمت القوى الراديكالية السودانية فى زيادة الضغط على نظام عبود من أجل التنازل من السلطة لصالح القوى المدنية، فتشكلت جبهة الهئيات من القوى الراديكالية وإستطاعت أن تسقط نظام عبود عبر المظاهرات والعصيان المدنى مما أدى إلى إعلان المجلس العسكرى حل نفسه فى 27 إكتوبر 1964 م، وتشكيل حكومة إنتقالية فى 31 نوفمبر 1964 م ضمت سبعة وزراء من جبهة الهئيات ووزير من حزب الأمة والحزب الوطنى وحزب الشعب الديمقراطى وآخر من الحزب الشيوعى السودانى، وفى 15 نوفمبر 1964 م تم إقصاء الفريق عبود من الحكم، لم تدوم الحكومة الإنتقالية نتيجة للمواجهة التى نشأت بين المؤسسات التقليدية عبر أحزابها القديمة (جبهة الأحزاب) والقوة الثورية التى أسقطت نظام عبود (جهة الهئيات)، و بعيد ذلك جرت إنتخابات أبريل من العام 1965 م، التى تمكن الحزب والوطنى الإتحادى وحزب الأمة من خلالها إحراز أغلبية فى البرلمان، ومن ثم عادت المواجهات بين المؤسسات الدينية والجماعات الراديكالية، مما أسهم فى إستلام الرئيس نميرى لزعامة البلاد (متبنى الأيدلوجيا الإشتراكية) ومتحالفاً مع اليسار.
إستحوذ الرئيس الأسبق للسودان جعفر نميرى على السلطة فى الخامس والعشرون من مايو من العام 1969 م، بعدأن فشلت الديمقراطية الثانية فى الإتفاق على برنامج وطنى لحل أزمات البلاد، ونتيجة لتأزم العلاقة بين الأحزاب الدينية والأحزاب العلمانية، وتُشكل إستقطاب حاد بينهما، وفى إطار منهج إقصاء الآخر والسعى للسيطرة على السلطة تحالف الرئيس الأسبق نميرى مع الحزب الشيوعى (أيدلوجيا إشتراكية)، وسيطر على مقاليد السلطة فى السودان فى 25 مايو 1969م، ووجد الدعم من المعسكر الشرقى بقادة الإتحاد السوفيتى السابق، ولكن الإختلاف الفكرى قاد أنصار الحزب الشيوعى للقيام بمحاولة تصحيحية فى يوليو 1971 م (إنقلاب هاشم العطا)، كان القصد منها عزل الرئيس نميرى وتمكين الحزب الشيوعى من قيادة البلاد وتطبيق النموذج الإشتراكى فيها، لكن فشلت المحاولة، ومن ثم تحول نميرى لطلب الدعم من المعسكر الغربى بقيادة الولايات المتحدة الأمريكية (أيدلوجيا ليبرالية رأسمالية)، وتكتلت فيما بعد الأحزاب الدينية (الأمة، الإتحادى، الأخوان المسلمون) فى تحالف سمى بالجبهة الوطنية وقامت بمحاولة مسلحة لإسقاط نظام نميرى فى يوليو 1976 م بقيادة محمد نور سعد (عرفت بإسم المرتزقة)، التى لقيت الدعم من قبل النظام الليبى والأثيوبى ذوى التوجهات الإشتراكية التى تسعى لإزاحة نظام النميرى الذى إنحاز للمعسكر الغربى فى إطار صراعه الداخلى مع الحزب الشيوعى، بينما تكتلت الأحزاب الراديكالية والعلمانية فى تحالف آخر قاد نشاط سرى ضد نظام النميرى، وبالرغم من إتفاق المصالحة بين أحزاب الجبهة الوطنية ونظام النميرى، إلا أن شدة المقاومة ضد نظام نميرى، وتمرد الحركة الشعبية لتحرير السودان (المدعومة من قبل أثيوبيا التابعة للمعسكر الشرقى) بقيادة جون قرنق، نتيجة لإلغاء الحكم الفيدرالى فى 5 يونيو من العام 1983 م ، وإعلان قوانين الشريعة الإسلامية فى سبتمبر من العام 1983 م، وإنقلاب النميرى على حركة الأخوان المسلمين المتحالفة معه ووضعهم فى السجون، كل هذا قاد لإنتفاضة شعبية أسقطت حكم الرئيس النميرى فى السادس من أبريل من العام 1985م .
إنحازت القوات المسلحة لصالح الشعب فى إنتفاضة أبريل 1985 م، وتشكل مجلس عسكرى إنتقالى بقيادة المشير سوار الدهب، وحكومة إنتقالية مدنية برئاسة الجزولى دفع الله، ومن ثم جاءت إنتخابات 1986 تحمل بين طياتها إستقطاب وتنافس بين الأحزاب الدينية والأحزاب العلمانية، وبين الأحزاب الدينية فيما بينها، وبرزت الجبهة الإسلامية القومية كأحد أقطاب الصراع المنافس للزعامات التقليدية الدينية، وحازت على قدر كبير من مقاعد البرلمان مكنها من أن تشكل مناورات إئتلافية مع الحزبين التقليدين الحزب الإتحادى الديمقراطى وحزب الأمة، ولكن تخوف الزعامات التقليدية الدينية والأحزاب العلمانية الأخرى من تنامى نفوذ الجبهة الإسلامية القومية، أدى إلى تكالب الأحزاب الدينية التقليدية لإقصائها من منظومة الحكم، هذا التكالب بإلإضافة لإستفحال الحرب فى الجنوب وضعف الديمقراطية الثالثة قاد إلى إستلام الرئيس البشير لمقاليد الحكم فى السودان فى الثلاثين من يونيو من العام 1989 م بإيعاز وتخطيط من الجبهة الإسلامية، ومن ثم نتجت مقاومة شديدة لنظام الإنقاذ من الأحزاب التقليدية الدينية والأخرى العلمانية، تمخض عن قيام تحالف المعارضة فى 1995 م (مؤتمر أسمرا للقضايا المصيرية)، الذى تشكل من الأحزاب الطائفية والعلمانية والحركة الشعبية لتحرير السودان وتنظيمات أخرى راديكالية إنبثقت فى ذلك الوقت، هذا الإستقطاب الحاد والتنافس بين الحكومة والمعارضة قاد لصدام سياسى عسكرى بينهما أهدر طاقات السودان وأسفرت نتائجه عن تأزم الأوضاع فى دارفور منذ العام 2003 م، وإنفصال جنوب السودان فى التاسع من يوليو من العام 2011 م، وتشكل عمل عسكرى مسلح جديد فى النيل الأزرق وجنوب كردفان من قبل الحركة الشعبية جناح الشمال (مذهب إشتراكى علمانى) التى تحالفت مع أحزاب المعارضة فى كمبالا مؤخراً فى الربع الأول من العام 2013 م منتجة تحالف الجبهة الثورية الذى يقود العنف المسلح المستمر حتى الآن من أجل تغيير النظام الحالى الممسك بنظام السلطة فى السودان.
المظاهر السالبة للأيدلوجيا فى حكم السودان:
من خلال التحليل المنهجى الوصفى لتاريخ الحركة السياسية السودانية منذ إنبثاقها ما قبل الإستقلال عند تكوين مؤتمر الخريجين الذى تأسس فى (12 فبراير 1938 م)، وتشكل الأحزاب السودانية من بين ثناياه لتقود الحركة السياسية السودانية قبيل وبعد إستقلال السودان فى الأول من يناير من العام 1956 م، يلاحظ أن هنالك إختلافات بين الأحزاب السياسية السودانية فيما بينها، وبين الجماعات المكونة للأحزاب نفسها حول منهج وإسلوب الحكم الذى من المفترض أن يتبع، هذا المنهج وإسلوب العمل من المفترض أن يكون الدستور (القانون الأساسى للدولة) هو الذى يقيد الأحزاب المختلفة لتعمل وفق نصوصه المتراضى عليها، إلا أن التعصب الأيدلوجى والولاء الأعمى للحزببية، والإختلافات العميقة فى وجهات النظر داخل عضوية الأحزاب نفسها، عمق الإنقسام داخل الحركة السياسية السودانية ذات التوجهات الدينية والأخرى ذات التوجهات العلمانية، وفى نفس الوقت أنتج إختلافات بين الرادكاليين والتقليدين فى الأحزاب الطائفية، كل هذا أدى إلى غياب منهج التراضى وتنظيم الإختلاف بين هذه الأحزاب، ووضع دستور متفق عليه يعبر عن آمال وتطلعات الشعب السودانى، مما قاد إلى إتباع منهج الإقصاء الذى أنتج الإنقلابات العسكرية، الذى أجهض تجربة الديمقراطية فى السودان لثلاثة مرات متتالية (1958م ، 1965م ،1986 م)، وولد مررات أدت إلى إنبثاق ظاهرة العنف المسلح فى السودان، وتشكل حالة من الإستقطاب الحاد والمنافسة عبر أدوات العنف المسلح لتحقيق التغيير السياسى، وبالتالى تعطلت طاقات الدولة السودانية نتيجة لإنتشار الصراعات المسلحة التى تهدف لتحقيق مطالبها (الأيدلوجية أو الإثنية) عبر فوهة البنادق، وعليه تفاقمت أزمات السودان نتيجة لغياب منهج الحوار وتطبيق منهج الديمقراطية من أجل الوصول للسلطة عبر الإقتراع الشعبى الذى ينظمه الدستور، ونتيجة لعدم الإعتراف بالآخر وبروز المنهج الإقصائى، قاد التعصب الأيدلوجى والإختلافات بين (الرادكاليين والتقليديين) داخل الأحزاب السودان لمآلات نتج منها الصراع فى دارفور 2003 م، وإنفصال جنوب السودان 9 يوليو 2011 م، ومن ثم تصاعد العنف المسلح فى الحدود الجنوبية للسودان بقيادة الحركة الشعبية جناح الشمال منذ 2011 وحتى الأن، وتشكلت الجبهة الثورية من أحزاب المعارضة والحركة الشعبية جناح الشمال وحركات دارفور لإسقاط النظام عبر العمل العسكرى، فغاب منهج التفاوض والحوار، وأصبح الكل يستخدم التكيك فى المفاوضات لكسر عظم الآخر بدلاً من الإتفاق على حلول تقود السودان للخروج من أتون الحرب عبر التداول السلمى للسلطة، وبالتالى النهوض بالطاقات الوطنية السودانية من أجل تحقيق رفاهية إنسان السودان الذى عانى الكثير من ويل الحروب.
الأيدلوجيا ومستقبل الحكم فى السودان:
عبر تتبع تاريخ الحركة السودانية منذ نشأتها، وتحليل الإختلافات بين الفاعلين السياسيين فى الدولة السودانية عبر إتباع المنهج التحليلى الوصفى، وجدت هذه الورقة أن المشكلة الأساسية فى عدم إستقرار الدولة السودانية منذ نشأتها يتمثل فى عدم قدرة الأحزاب السودانية والنخب التى تقودها فى حسم مشكلة الصراع على السلطة وإرساء منهج ديمقراطى يحسم مسألة تداول السلطة عبر الوسائل الديمقراطية التى يحددها دستور يتراضى عليه الجميع، وأن هنالك عدم إحترام للآراء بين هذه النخب السياسية نتيجة لتعصبهم لأفكارهم وتوجاهاتهم الأيدلوجية، وبالتالى هذه الورقة ترى أن مسالة التعدد السياسى، وتبنى النخب السودانية لرؤى مذهبية مختلفة شىء طبيعى يحدث فى كل المجتمعات العالمية، وأن التاريخ يحدثنا أن المجتمع الواحد لا يعيش تحت نظام واحد إلى مالا نهاية بل أن هذه النظم تتغير نتيجة للعديد من الأسباب والعوامل وهذا أمر يساعد على تطور النظم وتعددها ، وبالتالى يمكن أن تساهم النخب السودانية التى تقود العمل السياسى فى البلاد بالرغم من إختلافاتها المذهبية فى حسم قضية التداول السلمى للسلطة عبر تنظيم إختلافاتهم والإتفاق على منهج وإسلوب عمل لحكم السودان (المصلحة العليا) عبر التراضى على دستور يطرح على الشعب ليأخذ صفة أنه دستور ديمقراطى يعمل على تأسيس السلطات المختلفة وتنظيم العلاقة بينها، وعلى تنظيم العلاقة بين السلطات فى الدولة والأفراد، وعليه يكون واجباً على كل حزب سياسى يتولى مقاليد الحكم عبر الإنتخاب أن يعمل على خدمة البلاد عبر نصوص الدستور، هذا هو المخرج من دائرة الصراع والعنف المسلح الذى أصبح أحد أدوات تغيير السلطة فى السودان، وهو بلا شك إذا إستمر لفترة طويلة بدون حسم، سوف يؤدى إلى تدمير الشعب السودانى وتفتيت بناءه الإجتماعى، ويفتح الباب للمزيد من التدخلات الخارجية، وعليه يجب أن تعمل النخب السياسية السودانية عبر الحوار الجاد والبناء على إنهاء أزمة الحكم فى السودان، عبر التراضى على دستور ينظم مسألة تداول السلطة فى السودان عبر الوسائل الديمقراطية السلمية، وأن تكون الأحزاب التى تصل للسلطة فى خدمة الدستور والشعب الذى تم إستفتائه عليه، وأن تكون أحزاب المعارضة أحزاب بناءة تعمل على فضح سلبيات النظام من أجل معالجتها إلى أن تأتى للسلطة لتقدم الأفضل للبلاد من ما قدمته ما سبقتها من أحزاب، هذا المنهج فى التداول السلمى للسلطة هو المخرج الوحيد لتحقيق الإستقرار فى السودان وتفجير طاقات الوطن فى جميع المجالات السياسية والإجتماعية والإقتصادية والتنموية، وبزوغ نجم الدولة السودانية على المستوى الإقليمى والدولى.
الخاتمة:
السودان ظل يعانى منذ حقبة الإستقلال وحتى عصرنا الحالى من عدم الإستقرار السياسى نتيجة لعدم تراضى التيارات المؤثرة فى السياسة السودانية حول منهج وإسلوب حكم يحقق مصالح السودان العليا، وقد لعبت الإنتماءات المذهبية دوراً فى تعميق أزمة الحكم فى السودان بدلاً من تحقيق الإستقرار وتفجير طاقاته لينهض كقوة رائدة إقليميا ودولياً، وعليه الوعى السياسى بهذه الإخفاقات التى تسببت فيها العصبية المذهبية والإنحياز لصالح تحقيق مصالح الحزبية الضيقة دون مصالح الوطن العليا مهم، لأنه تسبب فى إحداث جروح عميقة فى جسد الأمة السودانية لا زال الوطن يعانى منها حتى الآن، وعليه القراءة فى الأبعاد الأيدلوجية فى حكم السودان تساعد فى قراءة ماضى التفاعلات السياسية وأوجه القصور فيها، ومن ثم تحديد هذه السلبيات والعمل على معالجتها عبر منهج إستشرافى يساهم فى إزالة تأثيراتها على مجمل تفاعلات الحياة السياسة المستقبلية، عبر التراضى على دستور يحقق تطلعات كل أبناء السودان ويعمل على تقدم المجتمع السودانى وضمان تحقيق أمنه وإستقراره وتحقيق بئية آمنة ومستقرة لأجياله القادمة.
والله ولى التوفيق
نتائج وتوصيات الورقة
النتائج:
1. التعصب المذهبى فاقم من المشكلات السياسية والإجتماعية السودانية وعدم إستقرار السودان سياسياً.
2. النخب السياسية منذ عهد الإستقلال فشلت فى الإتفاق فيما بينها على وضع دستور يعمل على تحقيق مصالح الشعب السودانى وتحقيق الإستقرار السياسى فى السودان نتيجية لتقديم ولائتهم الحزبية على الولاء للوطن.
3. فشل الأحزاب السودانية فى تحقيق التجانس بين مكونات الأمة السودانية، وتشكيل كيان سودانى يدير التنوع العرقى فى السودان.
4. إنتشار مبدأ عدم الإعتراف بالآخر عزز من فرص الإنقسام والتشرذم بين النخب السياسية التى تقود الأحزاب السياسية.
5. تطورت النزاعات الجهوية والإثنية والقبلية نتيجة لعدم قدرة النخب السياسية السودانية فى بناء أمة موحدة.
6. تميزت العلاقات بين النخب التى تدير الأحزاب السياسية بعدم الأمانة والمناوارات من أجل السيطرة على مقاليد الحكم، وليس لمصلحة إستقرار النظام السياسى.
7. تصاعد ظاهرة العنف المسلح وإنتشار الحروب.
التوصيات:
1. قراءة تاريخ النظام السياسى الوطنى يمكن من معرفة أسباب النزاع فى السودان ومن ثم معالجة جذور الأزمة.
2. نبذ التعصب الأيدلوجى والإهتمام بالإتفاق على تحقيق مصالح الوطن العليا عبر التداول السلمى للسلطة.
3. الإتفاق على دستور لحل الأزمة السياسية السودانية وتحقيق الإستقرار السياسى فى السودان.
4. ترسيخ مبدأ الإعتراف المتبادل والإحترم والتسامح بين النخب السياسية والمكونات الإجتماعية التى تساندهم.
5. تسوية الإختلافات بين النخب السياسة بواسطة الحوارات والمناقشات.
6. الإعتراف بالتنوع والحكم الفيدرالى لتوسيع مظلة المشاركة السياسية وترسيخ مبدأ الديمقراطية.
7. إعتماد السلام كخط إستراتيحى لتسوية النزاعات فى السودان.
8. الإهتمام بنشر ثقافة السلام.
قائمة المراجع والمصادر
المراجع العربية:
1. السودان (عوامل التغير ومطلوبات الإصلاح)، المركز العالمى للدراسات الإفريقية، الخرطوم، السودان، ديسمبر 2011 م.
2. إسماعيل صبرى مقلد، العلاقات السياسية الدولية – دراسة فى الأصول والنظريات، المكتبة الأكاديمية، القاهرة، مصر، طبعة خاصة، 1991م.
3. ضرار صالح ضرار، تاريخ السودان الحديث، مكتبة الحياة، بيروت، لبنان، الطبعة الرابعة، 1968 م.
4. عاصم فتح الرحمن أحمد الحاج، هل هنالك إنبثاف لأيداوجيا أفريقيا تهدف لمعالجة قضايا القارة الإفريقية؟، جريدة سودانايل الإلكترونية، www.sudanile.com،الأربعاء 01 أيار/مايو 2013 18:42.
5. عاصم فتح الرحمن أحمد الحاج، تغيير موازين القوة فى القرن الإفريقي ، سلسلة قضايا المستقبل، الخرطوم، السودان، أغسطس 2012 م، ص 28.
6. عمر عوض الله قسم السيد، الفيدرالية كأداة لإدارة النزاع فى المجتمعات متعددة الأغراض- حالة السودان، مركز عبد الكريم ميرغنى الثقافى، الخرطوم، السودان، ط1، أبريل 2010 م.
7. مجلة دراسات المستقبل، العدد الثانى – المجلد الخامس، مركزدراسات المستقبل، الخرطوم، السودان، ديسمبر 2012 م.
8. محمد الشافعى أبوراس، نظم الحم المعاصرة- دراسة مقارنة فى أصول النظم السياسية، الجزء الأول، عالم الكتب، مصر، القاهرة، ط1، بدون تاريخ.
المراجع الإنكليزية:
1. Advocacy In Conflict Seminar, The Fletcher School of Law and Diplomacy, Poston, U S, February 28 – March 1, 2013.
2. Flint, Julie and Alex de Waal, Darfur: New History of A long War, London Zed Books, 2008.
3. John Young, the Fate of Sudan: The Origins and Consequences of a Flawed Peace Process, London, Zed Books, 2012.
4. Kevin Shillington, History of Africa, Third edition, Palgrave Macmillan, New York, U.S. 2012.
Asim Elhag [asimfathi@inbox.com]